ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة الأدب والأخبار (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=4)
-   -   بيت شعري واحد يفضح ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة ! (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=14480)

عامر الرقيبة 11-11-2018 02:30 AM

بيت شعري واحد يفضح ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة !
 
كتاركةٍ بيضَها بالعراء * ومُلحفةٍ بيضَ أخرى جناحا

هذا البيت نسبه الدكتور فاروق أسليم إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في ديوانه، حيث اعتمد في تخريجه فقط على شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المتوفى سنة 656 هـ فقال في الهامش : كتب معاوية الى زياد بن أبيه كتابا يستميله فيه، ويغريه بالحاقه بنسب أبي سفيان بن حرب، وكان زياد مع علي بن أبي طالب، ومما جاء في كتاب معاوية: " وشتّان ما بيني وبينك، أطلب بدم ابن أبي العاص (عثمان بن عفان) وأنت تقاتلني، ولكن أدركك عِرق الرخاوة من قبل النساء، فكنتَ – البيت " (شرح نهج البلاغة 4/807).

المناقشة:
أولاً: مجرّد ذكر معاوية للبيت كما جاء في سياق القصّة لا يدلّ بالضرورة على أنه هو الذي قاله وإنما يكثر عند العرب استشهادهم بأبيات شعراء في ثنايا كلامهم. وسياق القصة التي رواها ابن أبي الحديد من هذا القبيل. فما الذي دفع الدكتور سليم ليعزو البيت لمعاوية بهذه السرعة دون أن يتحقق من بقية كتب التراث؟
ثانياً: يفصل بين سنة وفاة معاوية رضي الله عنه (60 هـ) وسنة وفاة ابن أبي الحديد (656 هـ) ما يقارب ستة قرون ، لم يذكر فيها أحدٌ من المصنّفين في هذه القرون الستة أنّ هذا البيت لمعاوية.
ثالثاً: في هذه القرون الستّة جاء ذكر البيت في 35 مصنَّف كلّها تنسبه لابراهيم بن هرمة القرشي المولود سنة 70 هـ أو 90 هـ على اختلاف في الروايات والمتوفى سنة 176 هـ . فكيف لم يهتدِ الدكتور فاروق أسليم لمصنَّف واحد على أقلّ تقدير من هذه المصنّفات على كثرتها؟
رابعاً: لو تأملنا في تاريخ وفاة معاوية وتاريخ مولد الشاعر ابن هرمة فإننا لن نحتاج لعناء كبير لنستنتج أن قصة ابن أبي الحديد التي اعتمد عليها الدكتور فاروق في نسبة هذا البيت الشعري لمعاوية قد اختلقها أحد الكذّابين وربّما اختلقها ابن أبي الحديد نفسه والله أعلم. فبالرغم من وجود روايتين مختلفتين في مولد ابن هرمة ، فإنّه وُلد بعد موت معاوية بعشر سنين أو بثلاثين سنة . فكيف يُعقَل أنّ معاوية يستشهد ببيت شاعر لم يُولد بعد؟
خامساً: إذا أصرّ البعض على أن قصّة ابن أبي الحديد صحيحة وغير مكذوبة فنطلب منهم أن يثبتوا لنا عدم صحّة نسبة هذا البيت الشعري لابن هرمة في 35 مصنَّف نسبت البيت له وسبقت شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، وهيهات ! وإليكم هذه المصنّفات:
1. الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلّام (ت 224 هـ)
2. البخلاء للجاحظ (ت 255 هـ)
3. الحيوان للجاحظ (ت 255 هـ)
4. الشعر والشعراء لابن قتيبة (ت 276 هـ)
5. المعاني الكبير لابن قتيبة (ت 276 هـ)
6. عيون الأخبار لابن قتيبة (ت 276 هـ)
7. غريب الحديث لابن قتيبة (ت 276 هـ)
8. المحاسن والمساوئ لابراهيم بن محمد البيهقي (ت 320 هـ)
9. التشبيهات لابن أبي عون (ت 322 هـ)
10. عيار الشعر لابن طباطبا (ت 322 هـ)
11. العقد الفريد لابن عبد ربه (ت 328 هـ)
12. الأمالي لأبي القاسم الزجاجي للزجاجي (ت 337 هـ)
13. الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني (ت 356 هـ)
14. حماسة الخالديين لمحمد الخالدي (ت 380 هـ) ولسعيد الخالدي (ت 371 هـ)
15. المصون في الأدب لأبي أحمد الحسن بن عبد الله العسكري (ت 382 هـ)
16. الموشح في مآخذ العلماء على الشعراء للمرزباني (ت 384 هـ)
17. الصناعتين لأبي هلال العسكري (ت 395 هـ)
18. جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري (ت 395 هـ)
19. البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي (ت 400 هـ)
20. الإعجاز والإيجاز لأبي منصور الثعالبي (ت 429 هـ)
21. التمثيل والمحاضرة لأبي منصور الثعالبي (ت 429 هـ)
22. ثمار القلوب في المضاف والمنسوب لأبي منصور الثعالبي (ت 429 هـ)
23. لباب الآداب لأبي منصور الثعالبي (ت 429 هـ)
24. الفرق بين الفرق لعبد القاهر الأسفراييني ، أبو منصور (ت 429 هـ)
25. اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي لأبي العلاء المعري (ت 449 هـ)
26. الأمثال والحكم لأبي الحسن الماوردي (ت 450 هـ)
27. سرّ الفصاحة لأبي محمد عبد الله الخفاجي الحلبي (ت 466 هـ)
28. فصل المقال في شرح كتاب الأمثال لعبد الله البكري الأندلسي (ت 487 هـ)
29. تفسير أبيات المعاني من شعر أبي الطيب المتنبي لأبي المرشد سليمان بن علي المعري (ت 492 هـ)
30. محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء للراغب الأصفهاني(ت 502 هـ)
31. الإبانة في اللغة العربية لسلمة بن مسلم العوتبي الصحاري (ت 511 هـ)
32. مجمع الأمثال لأبي الفضل الميداني النيسابوري (ت 518 هـ)
33. الأفضليات لابن الصيرفي (ت 542 هـ)
34. التذكرة الحمدونية لابن حمدون البغدادي (ت 562 هـ)
35. شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم لنشوان بن سعيد الحميري(ت573 هـ)

سادساً: ستة من هذه المصنفات قد استقى منها ابن أبي الحديد في شرحه كثيراً من النصوص كما قرر ذلك وأحصاه الدكتور يحيى رمزي محسن في كتابه (موارد ابن أبي الحديد في كتابه شرح نهج البلاغة) وهي عيون الأخبار وغريب الحديث لابن قتيبة والصناعتين لأبي هلال العسكري والحيوان للجاحظ والأغاني للأصفهاني والبصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي. فهل من الجائز أنّ ابن أبي الحديد لم يلاحظ في هذه المصنّفات نسبة البيت الشعري الى ابن هرمة؟ وهل من الجائز أنه لم يكن عارفاً بتواريخ وفيات الأعلام والأعيان؟
---------------
قراءة ومراجعة : عامر الرقيبة


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 04:55 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ