ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة البلاغة والنقد (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=13)
-   -   لِمَ عُرِّفت « السفينة » في سورة الكهف ، ونُكِّر « الغلام » ، و « القرية » ؟ (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=1575)

فيصل المنصور 26-04-2009 11:32 PM

لِمَ عُرِّفت « السفينة » في سورة الكهف ، ونُكِّر « الغلام » ، و « القرية » ؟
 
لِمَ عُرِّفت « السفينة » في سورة الكهف ، ونُكِّر « الغلام » ، و « القرية » ؟

قالَ تعالى : (( فانطلقا حتى إذا ركِبا في السفينة خرقَها قال أخرقتَها لتغرقَ أهلَها )) [ آية 71 ] ؛ فعرَّفَ « السفينة » .
وقالَ : (( حتى إذا لقيَا غلامًا فقتلَه )) [ آية 74 ] ، وقالَ : (( حتى إذا أتيَا أهل قريةٍ استطعما أهلَها )) [ آية 77 ] ؛ فنكَّرَ « الغلام » ، و « القرية » .
فكيف فرَّقَ بين هذه الثلاثةِ ؟ وكيف عرَّف « السفينة » ولم يتقدَّم لها ذكرٌ ؟

ينبغي أن نعلمَ أولُ أنَّ التعريفَ ، والتنكيرَ مبحثٌ نحويٌّ متصِلٌ بعلم المعاني ، من قِبَل دورانِ الكلمةِ بينَ هاتين الحقيقتينِ دورانًا ربَّما أشكلَ الفصلُ فيه على المتكلِّم غيرِ البصيرِ بمواقعِ الكلام ، ووجوهِ الخِطابِ ، ودقائقِ الأحوالِ . ينبيك بهذا قولُ امرئ القيس بن حُجْرٍ :
مِسحٍّ إذا ما السابحات على الونَى *** أثرن الغبار بالكَديد المركَّلِ
فقد روى جمهور الرُّواة : ( الغبار ) ، وروى الأصمعيُّ : ( غُبارًا ) .
وقولُه :
فعنَّ لنا سِربٌ كأنَّ نِعاجَه *** عذارى دوار في مُلاءٍ مذيَّلِ
فقد روى جمهور الرواة : ( ملاءٍ ) ، وروى الأصمعيُّ : ( الملاءِ ) .

ولا شكَّ أيضًا أنك ترى مقدارَ الاختلافِ بينَ نُقَّاد القصائدِ ؛ فمنهم من يدَّعي أن التنكير في موضعٍ مَّا للتحقيرِ . ومنهم من يقولُ : هو للتعظيمِ . ومنهم من يقول : هو لا يفيدُ هذا ، ولا ذاك . ثم لا تجدُهم يُبدونَ لك عن معيارٍ منصوبٍ تستطيعُ أن تحتكم إليه ، وترضَى بقضائه .

من أجل ذلك كانَ معرفةُ الفصلِ فيه من آياتِ البلاغةِ التي لا يُهدَى إليها إلا مَن راضَ نفسَه بمحاسنِ الكلامِ ، وعوَّدَها طُرُقَ الإصابةِ ، وأوتيَ من الذوقِ ، ولُطفِ الحِسِّ ما استغنى بهِ عن الأصولِ الموضوعةِ ، والقواعدِ المستحدَثةِ .
فأمَّا الذي لا يَزال بحاجةٍ إلى أصولٍ يضبطُها تكونُ له مرجعًا في ما يعرِضُ لهُ من المسائلِ ، فنذكرُ له إن شاء الله حقيقةَ هذا البابِ بما نرى فيه القصدَ ، والسَّدادَ ، ونبيِّن علاقتَه بالبلاغةِ ، ثم نلتفِت إلى الآية الكريمة ، فبيتي امرئ القيس المتقدِّمين .

الأصلُ في الكَلِم هو التَّنكيرُ ؛ وذلك أنَّ الألفاظَ الموضوعةَ لتكونَ دلائلَ على الأشياءِ إنما وُضِعت لتكونَ شامِلةً لكلِّ فردٍ من أفرادِ الجنسِ ما توفَّرت فيهِ حقائقُ معيَّنةٌ لا تقومُ ماهيَّتُه إلا بها ؛ فإذا قلتَ : ( كتاب ) ، دخلَ في هذا كلُّ ما كانَ مؤتلِفًا من أوراقٍ على نحوٍ معلومٍ ، ولم يستبن فردٌ منها عن فردٍ ؛ فاحتاجت العربُ إلى الفصلِ بينها ، وتمييز بعضها من بعضٍ ، فلجأت إلى طرائقَ مختلِفةٍ ؛ كلُّها يجمعُها اسمُ التعريفِ ؛ منها التعريف بـ « أل » ؛ فألحقتها أوائلَ الكلِمِ لتَدلَّ على أنَّ هذا الشيءَ معروفٌ عندك أيُّها المخاطبُ ، وأن لك به سابقَ علمٍ ، وأنه ليس كسائرِ الأفرادِ . والسبيلُ إلى معرفةِ هذا الفرْد المعرَّفِ أن يَّكونَ أوَّلاً مشارًا إليهِ ، كما لو قالَ لك قائِلٌ : ( اقرأ الكتاب ) ، وأعطاكه بيدِه ؛ فهو معرِفةٌ عندَك بالحالِ . فإن عِدمتَ هذا ، ففتِّش عن الكلمةِ المعرَّفةِ في ما مضى من الكلامِ ؛ فإذا وجدتَّها سبقت ، فهي المراد تعيينُها . ومن ذلك قوله تعالى : (( كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً * فعصى فرعون الرسولَ )) ؛ فإنَّ قولَه : (( الرسول )) مقتضاه أنَّه معروفٌ لديكَ ؛ فلمَّا عدِمتَ دَِلالة الحالِ ، انتقلتَ إلى الكلامِ . فإذا عدِمتَ دَِلالة الكلامِ ، ولم تجِد لها ذكرًا سابقًا ، انتقلتَ إلى دَِلالة العهدِ ؛ فقد يكونُ بينَك وبينَ المتكلِّم عهدٌ فيها ، كما لو قال لك : ( قد وجدتُّ الرجلَ ) يريد رجلاً قد حدَّثك عنه من قبلُ . فإذا وجدتَّ المخاطبَ عرَّف لك الكلمةَ ، ولا حالَ تشيرُ إليها ، ولا كلامَ تقدَّمها ، ولا عهدَ بينك وبينه فيها ، فاعلمْ أنَّه أرادَ تعريفَ فردٍ غيرِ معيَّنٍ ؛ وهو ما يسمّونه تعريفَ الجنسِ . ولا يكون إلا مجازًا . ويأتي الحديث عنه مفصَّلاً .

فـ « أل » إذن لا تفارقُ التعريفَ في أصل وضعها . ولا يصِحُّ تقسيمُها إلى جنسيَّةٍ ، وعهديَّةٍ ، ثم تقسيمُ الجنسيَّة إلى دالَّة على الحقيقة ، ودالَّة على الاستغراقِ ، ثم تقسيمُ العهديَّة إلى ذكريَّة ، وعلميَّة ، وحضوريَّةٍ ؛ بل كلُّها للتعريفِ ، وحقيقتُها واحدةٌ لا تختلِف ؛ وإنما الاختلافُ بينَها في المراجِع التي يرجِع إليها التعريفُ وحسبُ . وهي في هذا تُشبِه الضمير ؛ فكما أنَّ رجوعَه قد يكون إلى اسم يتقدَّمه ، وقد يكون إلى المفهوم من فعلٍ سابقٍ له ، وقد يكون إلى ما لا ذكرَ له في الكلامِ ، وهو مع ذلكَ لم يُقسَّم من هذا الوجه ، فكذلك المعرَّف بـ « أل » .

فأمَّا ما استحَقَّ التعريفَ من الكَلِم ، فلا يجوز تنكيرُه بحالٍ ولو مجازًا ؛ وإنما تنكِّرُه العربُ باسم الإشارةِ مع التعريفِ بأل ؛ فأمَّا التعريفُ بأل ، فللتمييز من سائر الأفراد . وأما الإشارة ، فلبيانِ أنَّه نكِرةٌ حتى معَ تعريفِه ؛ فهو يحتاج إلى تعريفٍ آخَرَ .

وأمَّا ما استحقَّ التنكيرَ ممَّا لا يُراد بهِ فردٌ معيَّنٌ ، فلا يُعرَّف إلا لغرضٍ بلاغيٍّ كما سيأتي .
واعلمْ أنه لا يمكن أن يأتيَ التنكيرُ لغرضٍ بلاغيٍّ البتةَ ، لأن التنكيرَ هو الأصلُ ، وهو الذي اقتضاهُ المعنَى . ومن شرط صحَّة العلَّة أن يتعلَّق الحُكْم بها وجودًا وعدمًا . وهذه لو أبطلنا العلَّة فيها ؛ وهي إرادة الغرضِ البلاغيّ ، لما زالَ الحُكْم ؛ وهو التنكيرُ .

وهذا الذي ذكرتُ من أحكام التعريف بـ « أل » إنما هو نبذة مختصرة مهَّدتُّ بها لما بعدَها . ونأتي الآنَ إلى الآية الكريمةِ ؛ فننظر لِمَ عُرِّفت ( السفينة ) دونَ ( الغلام ) ، و ( القرية ) ؟

ليس في هذه الآية دليلُ حالٍ ، ولم يجرِ للسفينة ذِكر ؛ فيعودَ التعريف إليها ؛ فيبقَى إذن احتمالانِ :
الأول : أن يقال : إنَّ في قوله تعالى قبلُ : (( وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبًا * فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سرَبًا )) [ آية 60 ، 61 ] ما يُشبِه الذكر للسفينةِ ؛ ذلكَ أنَّه ذكرَ أن موسى عليه السلام بلغَ البحرَ . وهذا يجعلُ السامعَ كالمنتظرِ لذكر ما يحملُهم في البحرِ ؛ وهو السفينةُ ؛ فعلى هذا يكون مرجِعُ « أل » مفهومًا من ذِكْر غيرِهِ ؛ فلذلك عرَّفَها . أما الغلام ، والقرية ، فلم يتقدَّم قبلَهما ما يؤذِن بذكرِهما .
الثاني : ألا يكونَ ثمَّةَ مرجِعٌ لـ « أل » ؛ فيكون تعريفُها تعريفًا لفردٍ منها غيرِ معلومٍ لدى السَّامعِ من طريقِ المجازِ ( استعارة مكنيَّة ) ؛ كأنَّه يخبِرُك أنَّ هذا الشيءَ معروفٌ لديك ، ويدعوك إلى تذكُّر صفاتِه ؛ كأنَّه قالَ : ( أرأيت هذا الشيءَ المعروفَ بعظمتِه ، وبحملِه الأثقالَ ، والبشرَ ، فإنَّ الخضِر خرقَه ) . وذلك كثيرٌ في مقامات التهويل ، أو التعظيم . وإنما ذلك ليبيِّن عِظم ما فعلَه من خرقِها في عين موسى عليه السلام . وآية ذلك أنه قال بعدُ : (( لقد جئت شيئًا إمرًا )) ؛ و ( الإمر ) أشدُّ من ( النُّكر ) ؛ ولهذا عرَّف ( السفينة ) ولم يعرِّف ( الغلام ) ؛ إذْ كان خرْق السفينة سببًا لهلاكِ نفوسٍ كثيرةٍ ، وقتلُ الغلام إنما هو هلاكُ نفسٍ واحدةٍ . هذا مع كونِ أصحابِ السفينة محسنينَ بحملِهم فيها بغير أجرٍ كما قيلََ ، وكونِهم مساكينَ أيضًا كما ذكرَ الله تعالى بعدُ .

وزعمَ الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور أنَّ لامَ ( السفينة ) للعهد الذهنيِّ [ التحرير والتنوير 6 / 375 ] ، ومثَّل لها بـ « وأخاف أن يَّأكله الذئب » ، وذكرَ في هذه الآية الأخيرة آيةِ يوسفَ أنَّها لتعريف الجنسِ [ السابق 5 / 231 ] ؛ فإن كان يريدُ بلام ( السفينة ) العهدَ الذهنيَّ كما قال في موضعها ، فإما أن يَّكون قصدُه بالعهدِ الذهنيِّ أن يكونَ بين المتكلِّم والمخاطَب عهدٌ سابِقٌ فيه ؛ فيكونُ الشيخُ لم يبيِّن في لامِ السفينة كيفَ هذا العهدُ أوَّلاً ، ويكونُ هذا المعنى ثانيًا غيرَ صالحٍ إجراؤُه في الآيتين ، ويكون قد ناقضَ كلامَه ثالثًا ، لأنَّ لامَ الجنس أو الحقيقة غير لامِ العهدِ . وإن كان قصدُه بالعهد الذهنيِّ أن يكونَ المتكلِّم يريدُ بهِ فردًا مبهمًا من أفراد الحقيقة من حيث عهدُه إيَّاه في ذهنِه ، فهذا أوَّلاً معنًى لا يصِحّ ، لأنَّه حين إذٍ ليس معرفةً حقيقةً ، ولا مجازًا ، وثانيًا لو قدَّرنا أنَّه معرفةٌ في ذهنِ المتكلِّم ، فليس بمعرفةٍ عند المخاطبِ ؛ والتعريفُ إنما هو للمخاطبِ ، لا للمتكلِّم ، كما أنك لا تأتي إلى رجلٍ خالي الذهن ، وتقول له : اشتريتُ الكتاب ، وقرأتُه ، إذا كان لا يدري أيُّ كتابٍ هذا الكتاب . ولا ينفعُك أن يكون معروفًا عندكَ إذا كانَ مجهولاً عندَه . ومثل هذا الضميرُ ؛ فإنَّك لا تقول لخالي الذهنِ أيضًا : ( جاء إليَّ ، فأكرمته ) إذا كان لا يعرفُ هذا الذي أضمرتَ عنه . وثالثًا يكون ناقض كلامَه السابقَ ؛ إذ جعلَ لام ( الذئب ) للجنس ؛ والجنسُ كما ذكرتُ غيرُ العهدِ . ويكون رابعًا غيرَ مزيلٍ للإشكالِ ، ولا كاشفٍ عن وجه البلاغةِ ؛ إذ لِمَ لمْ يُعرَّف ( الغلام ) أيضًا ، و ( القرية ) بهذا القصد ؟
وإن كان يريدُ بلام ( السفينة ) الجنسَ ، فهو أولاً لم يبيِّن وجه البلاغة فيهِ ، ولا علةَ التفرقة بينه وبين ( الغلام ) ، و ( القرية ) ، وسمَّاه بغير اسمِه ثانيًا ، ولا يصِحُّ ثالثًا أن يسمَّى تعريفًا للجنس ، لأنَّ المعرَّف إنما هو فرْد من أفرادِه .

وزعمَ الدكتور فاضل السامرائيُّ أن سبب تعريف ( السفينة ) أنَّه جاءت سفينةٌ مارّةٌ ، فناداها الخضرُ ، وموسى ، فعرفوا الخضرَ ، فحملوهما بدون أجر [ لمسات بيانية في نصوص من التنزيل 41 ] . أما الغلام فإنهما لقياه في طريقهم ، وليس غلامًا محددًا معروفًا . والردُّ على هذا هو ما ذكرنا آنفًا من أن مقتضى التعريفِ أن يَّكون معروفًا للمخاطبِ ، لا للمتكلِّم .


وأمَّا بيتا امرئ القيس ، فأولهما قولُه :
مِسحٍّ إذا ما السابحات على الونَى *** أثرن الغبارَ بالكَديد المركَّلِ
وهذه هي الرِّواية الحُسنى ؛ فقد أراد أن يصِفَ سرعةَ جريِ فرسِهِ ، وأنَّه إذا كان بينَ الجِيادِ السابحاتِ ، وقد بلغَ منهنَّ الإعياء مبلغَه ، وجعلن يُثرن الغبارَ لسرعةِ جريهنَّ ، وكرمِهنَّ ، وجدتَّ فرسَه ينصبُّ في جريه انصبابًا ، ولا يقصِّر عنهنَّ . و كانت ( الغبار ) بالتعريفِ أحسنَ ، وأبلغَ ، لأن هذا موضِع تهويلٍ ، وتوكيدٍ ؛ كأنَّه يريدُ أن يردَّك إلى تذكُّره بحقيقتِه ؛ فكأنه يقول : إنهنَّ يُثِرن الغبارَ المعروفَ من غيرِ تجوُّزٍ . وهذا أبلغُ في الدّلالة على سرعة جريِهنَّ ، ثم الدلالة على سرعة جريِ فرسِهِ .

وأما الآخَر ، فقولُه :
فعنَّ لنا سِربٌ كأنَّ نِعاجَه *** عذارى دوار في ملاءٍ مذيَّلِ
وهذه هي الرِّواية الحُسنَى ، وذلك أن الشاعرَ أرادَ أن يصفَ قطيعَ البقرِ الذي صادفه في صيدِه ؛ فشبَّهَه بالعذارى إذا لبِسنَ ملاءً ؛ وهو ضربٌ من اللِّباس يُلتحَف بهِ ، وكان هذا المُلاء مذيَّلاً ؛ أي سابغًا ، في حالِ طوافهنَّ حولَ ( دَوَار ) ؛ وهو صنم من أصنامهم . وذلك أنَّ البقرَ تكون بيضَ الظُّهور ، سود القوائم ؛ وكذلك العذارى في الملاءِ المذيَّل ، وأنَّ البقرَ يلوذ بعضها ببعضٍ ؛ وكذلكَ العذارى حولَ الصنمِ .
وإنما كان التنكير هنا أحسنَ ، لأنَّ المَقام ليس مَقام تعظيمٍ أو نحوِه ؛ وإنما هو وصفٌ مجرَّد لا مبالغةَ فيه ، وليس ذِكرُ ( المُلاء ) على العذارى بالذي يدعو إلى العجبِ ، وليس تعريفُه بالذي يخدُم غرضَ الشّاعر ، ومقاصِده في شعرِه . والبلاغة ليست كلُّها في المبالغة ، أو التهويلِ ؛ وإنما البلاغة أن تضعَ كلَّ شيءٍ موضعَه ، وتخاطبَ كلَّ امرئٍ بما يعقلُه .



فيصل المنصور

أبو الفضل 27-04-2009 03:55 PM

جزاك الله خيرا شيخنا لقد أبدعت وفقك الله لمحابّه و مرضاته

منذر أبو هواش 27-04-2009 10:35 PM

تعريف السفينة لوجودها المقدر في الكلام المختصر ...
 
تعريف السفينة لوجودها المقدر في الكلام المختصر ...

قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71)

بين الانطلاق وركب السفينة أحداث وتفاصيل كثيرة تجاوزها القرآن الكريم اختصارا على عادته في اختصار القصص القرآني، وفي الانتقال من مشهد إلى مشهد، وذلك لأن تلك الأحداث والتفاصيل بين المشهدين تعتبر من الإطناب الذي لا داعي له، ويمكن تقديره كما قدره الدكتور فاضل السامرائي الذي قال إن (سفينة) مرت، فناداها الخضرُ، وموسى، فعرفوا الخضرَ، فحملوهما، فركبا في (السفينة) ...

فالسفينة موجودة تقديرا فيما مضى من كلام جرى تجاوزه اختصارا، فكان تعريف السفينة مثل تعريف الرسول في قوله تعالى : "كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً * فعصى فرعون الرسولَ"، ومثل تعريف المصباح والزجاجة في قوله تعالى: "اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ..." (النور 35).

فيصل المنصور 28-04-2009 01:08 AM

أخي المبارك / أبا الفضل
شكرًا لك . وبارك الله فيك .

أخي الحبيب الأستاذ / منذر أبو هواش
أشكر لك تعقيبَك .

ما ذكرتَه من أن سبب تعريف ( السفينة ) هو ذكرها المقدَّر ، لا يستقيمُ ، للعلة التي بيَّنتُها قبل ؛ وهي أنَّ التعريفَ إنما هو للمخاطََب ، لا للمتكلِّم . ولعلَّك لم تقرأها .

اقتباس:

والتعريفُ إنما هو للمخاطبِ ، لا للمتكلِّم ، كما أنك لا تأتي إلى رجلٍ خالي الذهن ، وتقول له : اشتريتُ الكتاب ، وقرأتُه ، إذا كان لا يدري أيُّ كتابٍ هذا الكتاب . ولا ينفعُك أن يكون معروفًا عندكَ إذا كانَ مجهولاً عندَه . ومثل هذا الضميرُ ؛ فإنَّك لا تقول لخالي الذهنِ أيضًا : ( جاء إليَّ ، فأكرمته ) إذا كان لا يعرفُ هذا الذي أضمرتَ عنه .
وأزيدُ في البيان ؛ فأقول :
هل يصِحُّ أن تقولَ لرجلٍ خالي الذهنِ ليس بينك وبينه عهدٌ سابِقٌ :
ذهبت إلى السوق ، حتى إذا سلمت على الرجل ، دعاني إلى بيته ؟
ويكون التقدير : ( فصادفت رجلاً أعرفه ، حتى إذا سلمت على الرجل ، دعاني إلى بيته ) .

هل يصِحّ هذا الكلام معَ أنَّ هذا التقدير إنما هو في ذهنِك ، ولا يعلم به السامع ؟

إنَّ هذا الكلام بهذا التقدير كلامٌ فاسدٌ لا يقوله عربيٌّ ، فضلاً عن أن يَّقع في كلام الله تعالَى .

مع الشكر ، والتقدير .

أبو الفضل 28-04-2009 09:03 AM

ابداع على ابداع وفقك الله شيخنا

عبد العزيز 28-04-2009 11:11 AM

أحسن الله إليك شيخنا فيصل ، قلتَ :

"الأصلُ في الكَلِم هو التَّنكيرُ ؛ وذلك أنَّ الألفاظَ الموضوعةَ لتكونَ دلائلَ على الأشياءِ إنما وُضِعت لتكونَ شامِلةً لكلِّ فردٍ من أفرادِ الجنسِ ما توفَّرت فيهِ حقائقُ معيَّنةٌ لا تقومُ ماهيَّتُه إلا بها ؛ فإذا قلتَ : ( كتاب ) ، دخلَ في هذا كلُّ ما كانَ مؤتلِفًا من أوراقٍ على نحوٍ معلومٍ ، ولم يستبن فردٌ منها عن فردٍ ؛ فاحتاجت العربُ إلى الفصلِ بينها ، وتمييز بعضها من بعضٍ ، فلجأت إلى طرائقَ مختلِفةٍ ؛ كلُّها يجمعُها اسمُ التعريفِ ؛"

الذي يظهر لي والله أعلم أن العكس هو الصحيح ، وهو الذي يدل عليه العقل ، فإن الاسم ابتداء يكون علما للمسمى ، ثم بعد وجود مثيله يصبح دالا على جنسه ، وهنا يلزم تمييزه عن غيره بالتعريف ... فلو وجد جهاز ينقل صورا متحركة فسماه أحدهم تلفازا لكان علمًا له، فإذا وجد مثله أصبح دالا على جنسه ، ولزم تعريفه ( التلفاز ، تلفاز فلان ، تلفازه ...)

بارك الله فيك ونفع بك

محبك عبد العزيز

طالب طب 28-04-2009 05:54 PM

بارك الله فيكَ أبا قصي

فيصل المنصور 29-04-2009 01:30 PM

بارك الله فيكم .

أخي الحبيب / عبد العزيز
لعلك تبيِّن كيف كان العقلُ دالاًّ على أن الاسم يكون ابتداءً علمًا للمسمَّى ؟
ولِم لا يكون العقلُ دالاًّ على أنَّ الأصل التنكير ؟
ثمَّ إن لم يوجد مثيلٌ للعلم هذا ، أفيبقَى على علميَّته أم لا ؟
وما فرق ما بين ( رجل ) قبل أن يكون اسم جنس ، و بين ( زيد ) ؟
ثمَّ أوليس كون الأسماء أعلامًا في أوَّل وضعِها منافٍ لكونها من بعدُ أسماءَ أجناس ؟ لأن العلمَ في حقيقته لا يتعدَّد إلا بالتعيين ؛ أي : بتعيين كلِّ فردٍ ؛ فكيفَ يكون اسمَ جنس لأفرادٍ غير محصورةٍ من غير تعيين لكلّ فرد منها كما تُعيَّن الأعلامُ ؟
وهل في ذهن الواضع يومَ سمَّى أولَ ( تلفاز ) رآه ( تلفازًا ) أن يخصَّه بما رآه بعينه ، أم كانَ سمَّاه ( تلفازًا ) لأنه آلةٌ تنقلُ الصورَ المرئيَّةَ على هيئة معيَّنة ؛ فلو وُجِد آخرُ مثلُه ، لكانَ اسمُه أيضًا ( تلفازًا ) بالوضع ، لا بالتعيين ؟

- أردتُّ من هذه الأسئلة زيادةَ البيان لما ذكرتَ ، حتى تُمكن مناقشتُه .

ولك خالص المودة ، والشكر .

عبد العزيز 29-04-2009 06:38 PM

شيخنا فيصل منصور !!،

لو كنت أعلم أن منازعتي ستجلب لي كل هذه المشاكل لأمسكت ، لم تكن منازعتي ردا على كلامك، بل طرحت بين يديك ما ظهر لي ودلني عليه العقل قاصدا بذلك الإفادة منكم ، وإذا تبين قصدي ففيه مسلك آمن للهروب مما أحطتني به ، خاصة وأنا في سباتٍ عميق لم أفق منه بعد !

ومع ذلك فسأحاول محاولة التلميذ الكسول الذي إن أجاب فبجواب بينه وبين المطلوب بعد السماء والأرض ، وهذه محاولتي بين يديك :

1- لعلك تبيِّن كيف كان العقلُ دالاًّ على أن الاسم يكون ابتداءً علمًا للمسمَّى ؟

لأن الواضع ليس أمامه إلا شيء واحد يريد وضع لفظ دال عليه يغنيه عن ذكر شكله ولونه وحجمه وطوله وعرضه وما يميزه به عن غيره، فإذا ذكر اللفظ دله على المسمى ، وإذا ذكرت الأوصاف كاملة أو بعضها علم الاسم ، وهذا حد العلم "اسم يعين المسمى مطلقا"

2- ثمَّ إن لم يوجد مثيلٌ للعلم هذا ، أفيبقَى على علميَّته أم لا ؟

أجازف فأقول نعم، مع أن السؤال ملغوم (أي فيه ألغام)

3-وما فرق ما بين ( رجل ) قبل أن يكون اسم جنس ، و بين ( زيد ) ؟

لا فرق بينهما ، لو كان في الدنيا رجل واحد ، لكان لفظ رجل علما له ، فلما شركه في هذا الوصف غيره صار من اللازم فصله عن غيره بمثل زيد وعمرو ، كما هو الشأن في (زيد) ، لو أن كل رجل في قبيلة يدعى زيدا للزم فصل زيد عن زيد بمثل زيد الطويل وزيد بن عمرو

4-ثمَّ أوليس كون الأسماء أعلامًا في أوَّل وضعِها منافٍ لكونها من بعدُ أسماءَ أجناس ؟ لأن العلمَ في حقيقته لا يتعدَّد إلا بالتعيين ؛ أي : بتعيين كلِّ فردٍ ؛ فكيفَ يكون اسمَ جنس لأفرادٍ غير محصورةٍ من غير تعيين لكلّ فرد منها كما تُعيَّن الأعلامُ ؟

أعتقد أن هذا هو الفاصل بين اسم الجنس والعلم ، فكلاهما دال على ذات ، لكن لما كان الأول شائعا في جنسه احتيج لما يميز الذات عن شبهها في جنسها ، ولو شاع الثاني في جنسه مثل الأول لصار مثل الأول واحتيج لما يميز به الذوات عن شبهها في (جنسها).

5-وهل في ذهن الواضع يومَ سمَّى أولَ ( تلفاز ) رآه ( تلفازًا ) أن يخصَّه بما رآه بعينه ، أم كانَ سمَّاه ( تلفازًا ) لأنه آلةٌ تنقلُ الصورَ المرئيَّةَ على هيئة معيَّنة ؛ فلو وُجِد آخرُ مثلُه ، لكانَ اسمُه أيضًا ( تلفازًا ) بالوضع ، لا بالتعيين ؟

الذي يظهر لي والله أعلم أنه أراد تخصيصه بمسمى يغنيه عن ذكر وصفه ويفصله به عن غيره ، وهذا حد العلم.


شيخنا فيصل منصور أرجو منك أن تعذرني، وأن تغض عن الزلات والهفوات وأن تأتي في المسألة بالقول الفصل فأنا في حالة كسل ونوم، ومن كانت هذه حاله أتى بالعجائب ...

محبك عبد العزيز

عمار الخطيب 29-04-2009 11:05 PM

جزاكم الله خيرا.

قال سيبويه ( الكتاب 1 / 223 ) :
" واعلم أنَّ النكرة أخفُّ عليهم من المعرفة ، وهي أشدُّ تمكنا ، لأن النكرة أول ، ثم يدخل عليها ما تُعَرَّفُ به...".

وقال المبرد ( المقتضب 4 / 276 ) :
" وأصل الأسماء النكرة وذلك لأن الاسم المنكر هو الواقع على كلِّ شيء مِنْ أُمَّتِه..".

وقال أبو حيان ( ارتشاف الضرب 2 / 907 ) :
" والنكرة هي الأولى ، والمعرفة طارئة عليها ، هذا مذهب سيبويه ، وقال الكوفيون ، وابن الطراوة: من الأسماء من لزم التعريف كالمضمرات ، وما التعريف فيه قبل التنكير نحو: مررتُ بزيدٍ وزيدٍ آخر ، وما التنكير فيه قبل التعريف ، وهذا التقسيم عندهم قالوا: يُبطل مذهب سيبويه.".

ونقل السيوطي عن صاحب (البسيط) أن النكرة سابقة على المعرفة لأربعة أوجه...( ينظر: الأشباه والنظائر: 2 / 47 ) ، وقال في ( همع الهوامع 1 / 186): " مذهب سيبويه والجمهور أن النكرة أصل ، والمعرفة فرع..."

ولعل الأستاذ الكريم أبا قصي - وفقه الله - يكرمنا بما عنده.

والله أعلم.

فيصل المنصور 01-05-2009 06:20 PM

أخي الحبيب المفضال / عبد العزيز


ما تفضلتَ به منتقَد من وجوهٍ :
الأول : أنك تفترِضُ أن يَّكون الواضعُ قد رأى فردًا من كلِّ جنسٍ قبلَ أن يَّرى سائِر الأفرادِ . وهذا افتراضٌ غيرُ مقبولٍ ، لأنَّ واضعَ اللِّسانِ الأوَّلِ هو الله تعالَى ، كما قال سبحانه : (( وعلَّم آدمَ الأسماءَ كلَّها )) ، سواءٌ كان هذا هو اللِّسانَ العربيَّ أم غيرَه . والله تعالَى يرَى الأشياءَ كلَّها ، ولا يسبقُ شيءٌ شيئًا في علمِه .

الثاني : لو سلَّمنا أنَّ الواضِعَ هو الإنسانُ ، فإنَّه ربَّما رأى من الجنسِ الواحدِ أفرادًا كثيرةً قبل التسميةِ . وإذا كان كذلك ، لم يصِحَّ أن تكونَ أعلامًا .

الثالث : أنَّك تتصوَّر أنَّ الواضعَ للأشياء الحديثة مثلاً إنما يضعُ الأسماء من غيرِ نظرٍ للمعاني . وهذا مخالِف للواقع ؛ فالذي سمَّى ( الرائيَ ) بهذا الاسم إنما سمَّاه بهذا لأنَّه آلةٌ على هيئةٍ معيَّنةٍ ، لا لأنه شيءٌ من الأشياءِ يحتاج إلى تمييزٍ .

الرابع : أنَّه لو صحَّ هذا ، لجاز لنا في الأشياء الجديدة أن نسميها بألفاظ مرتجلةٍ لا معانيَ لها ، كما جاز لنا أن نسمِّي الذواتِ بأعلامٍ لا معاني لها . وهذا لا يجوزُ .

الخامس : ممَّا يدُلّ على أنَّ الأصل في الأسماء التنكير ، وأنها موضوعة لجنس شائعٍ موجودٍ ، أو مقدَّر وجوده ، ( الشمس ) ؛ فهي واحدةٌ ، ومع ذلك ليست علمًا . ولو صَحَّ ما ذكرتَ ، لكانت علمًا . ولا يلزمُ من وجودِ فردٍ واحدٍ من جنسٍ من الأجناسِ أن يَّكون علمًا .

السادس : ممَّا يدُلُّ على أنها ليست أعلامًا أن الأعلام إنما تشيع بالتعيين لكلِّ فرد منها ؛ فمثلاً : ( زيد ) إنما شاعَ بين الناس ، وتعدَّد المتسمونَ به من طريق تسمية كلِّ فردٍ منهم بعينه . وإذا وجِد اثنان أو أكثر كلٌّ منهم اسمُه ( زيدٌ ) ، فإنما ذلك بالاتّفاقِ ، وليس بالوضع . ولو صحَّ ما ذكرتَ ، لكانَ يجِب تعيينُ كلِّ فردٍ من الجنسِ بنفسِه . ولا يجوز أن تتعيَّن الأعلام بالمشابهةِ ، كما لو أنك أسميتَ رجلاً ( محمدًا ) ، ثم رأيتَ رجلاً يشبهُه ، لم تسمِّه ( محمدًا ) لهذه العلَّةِ .

السابع : أنَّا لو افترضنا أنَّها صارت أعلامًا ، لما جاز أن تنكَّرَ لمجرَّد التوافق في اللفظ ، كما لا يُنكَّر اسم ( محمد ) مثلاً معَ كثرة من يتسمَّى به ؛ وإنما يُنكَّر العلمُ في مواضعَ أخرى معروفةٍ .


مع الشكر الجزيل .


---

وما أورده أخونا الفاضل الأستاذ / عمار ، فلعلَّه ليس الذي أنكره أخونا الأستاذ / عبد العزيز ؛ وإنما أرادَ أنَّ الأسماء في الأصل أعلامٌ ، ثم نُكِّرت ، ثم عُرِّفت ثانية .

وشكرًا لكم .

عمار الخطيب 01-05-2009 09:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل فيصل المنصور (المشاركة 7690)
أخي الحبيب المفضال / عبد العزيز


ما تفضلتَ به منتقَد من وجوهٍ :
الأول : أنك تفترِضُ أن يَّكون الواضعُ قد رأى فردًا من كلِّ جنسٍ قبلَ أن يَّرى سائِر الأفرادِ . وهذا افتراضٌ غيرُ مقبولٍ ، لأنَّ واضعَ اللِّسانِ الأوَّلِ هو الله تعالَى ، كما قال سبحانه : (( وعلَّم آدمَ الأسماءَ كلَّها )) ، سواءٌ كان هذا هو اللِّسانَ العربيَّ أم غيرَه . والله تعالَى يرَى الأشياءَ كلَّها ، ولا يسبقُ شيءٌ شيئًا في علمِه .

[b][font=traditional arabic][color=blue]

وما أورده أخونا الفاضل الأستاذ / عمار ، فلعلَّه ليس الذي أنكره أخونا الأستاذ / عبد العزيز ؛ وإنما أرادَ أنَّ الأسماء في الأصل أعلامٌ ، ثم نُكِّرت ، ثم عُرِّفت ثانية .

وشكرًا لكم .

جزاكَ الله خيرا ، وزادك مِنْ فضله.
ظهَرَ لي مُرادُ أخينا الأستاذ عبد العزيز بعد قراءة منازعته الثانية ، ولعله يُصَحِّحُ لنا إن كنا لم نفهم ما يعنيه.

كنتُ قد وقفتُ على كلام للغلاييني لعله يكون مفيدا ( جامع الدروس العربية 1 / 109 ):
" العلم: اسمٌ يدل على معين ، بحسب وضعه ، بلا قرينة...وإنما قلنا: " بحسب وضعه " ، لأن الاشتراك بحسب الإتفاق لا يضر ، كخليل المسمى به أشخاص كثيرون ، فاشتراكهم في التسمية إنما كان بحسب الإتفاق والتصادف ، لا بحسب الوضع ، لأن كل واحد من الواضعين إنما وضع هذا الاسم لواحد بعينه. أما النكرة: كرجل ، فليس لها اختصاص بحسب الوضع بذات واحدة ، فالواضع قد وضعها شائعة بين كل فرد من أفراد جنسها. وكذا المعرفة من أسماء الأجناس..." اهـ

وقال في باب العلم المرتجل والعلم المنقول ( 1 / 111 ) :
" العَلَمُ المرتجل: ما لم يسبق له استعمالٌ قبل العلمية في غيرها بل استُعمل من أول الأمر علما: كسعاد وعمر. والعلم المنقول: ( وهو الغالب في الأعلام ) : ما نقل عن شيء سبق استعماله فيه قبل العلمية. وهو إما منقول عن مصدر كفضل وإما عن اسم جنس: كأسد ، وإما عن صفة: كحارث...وإما عن فعل: كشمّر وأبان...وإما عن جملة: كجاد الحق ، وتأبط شرا. " اهـ

وفرق الشيخ الغلاييني بين علم الشخص وعلم الجنس ، فقال ( 1 / 112-113 ) :
" العَلَمُ الشخصي: ما خُصِّصَ في أصل الوضع بفرد واحد ، فلا يتناول غيره من أفراد جنسه: كخالد...ولا يضره مشاركة غيره إياه في التسمية...والعلم الجنسي ما تناول الجنس كله غير مختص بواحد بعينه: كأسامة ( علما على الأسد )...وقيصر ( على من ملك الرُّوم )...وعلم الجنس نكرة في المعنى..." اهـ
ومن أراد الاستزادة فلينظر في كتابه.

ويظهر لي من كلام أستاذنا الكريم أبي قصي - وفقه الله - أنَّه يرجِّحُ أنَّ اللغة توقيفية؟

جزاكم الله خيرا.

عبد العزيز 02-05-2009 10:10 PM

شكر الله سعيك يا شيخنا فيصل المنصور ،

وبارك في الأستاذ عمار الخطيب ،

وتقبلا تحياتي الحارة

عبد الله أبو أسامة 12-06-2009 07:21 PM

تعقيب
في أثناء هذا الحديث الصخم بين الأخ الفذ الفاضل أبي قصي والأخ الكريم عبد العزيز ، وقعت عبارة لأبي قصي قالها في منازعته( من مذاكرته الطيبة ـ وكل مذاكراته طيبة ـ : لم عُرفت السفينة) التي صدرها بقوله : أخي الحبيب/ عبد العزيز.
فقد جاءت هكذا : ثمَّ أوليس كون الأسماءأعلامًا في أوَّل وضعِها منافٍ لكونها من بعدُ أسماءَ أجناس ؟وأعاد الأخ عبد العزيز العبارة مقتبسة في منازعته ليعيد الأخ الفاضل أبو قصي قراءتها كرة ثانية ولم يفطنا ـ حفظهما الله ـ لما فيها ,وحاصله : أليس من حق كلمة ( مناف ) أن تكون منصوبة ؛ لأنها خبر ليس؟ هذا ما رأيته وظننت أني عرفته، فإن كان صوابا فصوبوني وإلا فقومومني .مع شكري

فيصل المنصور 13-06-2009 01:02 PM

إني وإن كنتُ أحِبُّ أن أكون جريتُ على المطردِ من كلامِهم ، المجمَعِ عليه من قوانينِهم ، لولا السَّهْوُ ، والغفْلةُ ، فإنَّ ما أوردتَّ من كلامي برفعِ ( منافٍ ) صحيحٌ عربيَّةً ؛ فقد أنشدَ سيبويهِ :
هي الشفاءُ لدائي لو ظفِرتُ بها *** وليس منها شِفاءُ الدَّاء مبذولُ
على أن يكون اسمُ ( ليس ) ضميرَ الشأن محذوفًا ، وجملة ( شِفاء الداء مبذول ) خبرها ، في محلّ نصبٍ .
وله أيضًا وجوهٌ من القياسِ أدعُها إلى موضعِها .

وأشكرُ لكَ هذا الاهتمامَ أخي أبا أسامة .


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 02:05 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ