ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة العلوم الشرعية (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=15)
-   -   نصيحة نافعة طلب نشرها الشيخ صالح السحيمي (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=13722)

أم محمد 07-04-2017 09:14 PM

نصيحة نافعة طلب نشرها الشيخ صالح السحيمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم


السؤال:
يقول السائل الكريم: جئتُ للعمرة من أندونيسيا...، وسؤالي: بعض الشباب عندنا الذين ينتسبون إلى العلم يتكلَّمون في بعض المشائخ -خاصة الشيخ (فلان) و(فلان)-!
فما نصيحتكم؟

جواب الشيخ صالح السحيمي حفظه الله:
نصيحتي: أن يطلبوا العلم، ويتركوا بُنيَّات الطريق -أيًّا كان المشايخ المتكلَّم عليهم-..؛ فعليهم أن يلزموا الطريق، وأن يشتغلوا بالعلم، وأن يشتغلوا بالعبادة.

وتذكر -يا عبد الله-.. قل لهم يتذكروا الجنة والنار والثواب والعقاب، ويتذكروا قول الله تبارك وتعالى: ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))، وقول الله سبحانه وتعالى: ((وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا))، وقول الله تبارك وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا))، وقولَ النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليقلْ خيرًا أو ليصمت"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المرءَ ليتكلمُ بالكلمة لا يُلقي لها بالًا تهوي به في جهنم سبعين خريفًا، وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: "أمسكْ عليك هذا"، قال: أو نحن مؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ قال: "ثكلتكَ أمك يا معاذ! وهل يكب الناسَ في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه؛ أضمن له الجنة".
فإيَّاك أن تدخل في هذه الفتنة التي وقع فيها كثيرٌ من الناس الذين لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، والذين يلِغون في أعراض العلماء الربانيين -ومنهم من شابت ناصيتُه وهو يدعو إلى الله على بصيرة-.

فانتبه - يا عبد الله- إلى أمثال هؤلاء، وابعد عنهم، واطلب العلم، واشتغل بما ينفعك في أمر دينِك ودنياك، وأبلِغهم مني السلام، وقل لهم عليهم أن يتقوا الله تبارك وتعالى..
فكم من خير حرَموا منه كثيرًا من الناس!
وكم من دورة علميَّة أُجهضت بسبب ولوغهم في أعراض إخوانهم!
وكم من عِرضٍ أكلوه!
وكم من بريء تكلموا فيه!
وكم من شخص آذوه!
(وعند الله تجتمعُ الخصومُ).

فانتبه لهذا -يا عبد الله-، واترك ما يدور في الساحة من الهراء -ولا سيما بعض المناطحات والمطاحنات التي تحصل بين بعض الإخوة السلفيين-؛ فإن العصمة للرسل عليهم الصلاة والسلام، وإيَّاك أن تخوض فيها.

وسبق أن بيَّنا ضوابط للمخطئ كيف يُتعامل معه، وحتى من أخطأ منهم.. قد سمعتم الآن الخطأ الذي وقع فيه بعض الصحابة، كلمات عظيمة جدًّا خطيرة لو كانت في أيامنا هذه لطار بها المتسرعون في كل مكان، وحذَّروا من إخوانهم وآذوهم بسبب هذه الكلمات! وهذه الكلمة أعظم مما قد يُنسب إلى بعض الإخوة الذين يحَذَّر منهم.
فعلينا أن ننتبه!
والله؛ في هذه -قصة عائشة- عبرة، عبرة لمن اعتبر، وفيها دروس، فيها دروس عظيمة للمؤمن المتجرد من الهوى، ومن التعصب، ومن حب النفس، ومن حب الذات، ومن مرض الانتقام، ومن مرض الإسقاط.
انتبه -يا عبد الله-.. انتبه!
لا تَخُض في ذلك، وابتعد عن الذين لا تُحيا مجالسهم إلا بالولوغ في أعراض إخوانهم المشايخ أو طلاب العلم.
بعضهم ما سلم منهم حتى كبار المشايخ!!
فقد سمعتُ أحدهم يغمز شيخنا الشيخ محمد الصالح العثيمين وشيخنا الشيخ عبد المحسن العباد البدر في مواقعه الخطيرة؛ يقول أنهم لا يعرفون المنهج الحق؛ يعني يُسأل عن المنهج غيرهم!!.. ومن الذي يعرف المنهج إن لم يعرف هؤلاء المنهج!!؟
فالأمر جد خطير!
احفظ لسانك قبل أن يكون يوم لا درهم فيه ولا دينار، قبل أن تكون من المفلِسين، احفظ لسانك قبل أن تكون من المفلسين!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أتدرون من المفلس؟"، قالوا: يا رسول الله! المفلس من لا درهم عنده ولا متاع، قال: (المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وأعمال صالحة، فيؤخذ لهذا من حسناته، ويؤخذ لهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فطُرحت عليه فطرح في النار" -والعياذ بالله-.
فإيَّاكم والمذاييع!
وإيَّاكم ونقلة الأخبار المتسرعين!
وإيَّاكم أن تصدقوا مَن يفتنون بين طلبة العلعم بدعوى أنهم ثقات!
وإيَّاكم أن تلغوا في أعراض المسلمين -ولا سيما العلماء-!

يقول الله عز وجل: ((وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ))، ويقول جل وعلا: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)).
إذا أردت أن تتكلَّم في أخيك تذكر الموت، تذكر الجنة، تذكر النار، تذكر الحساب، تذكر العقاب، تذكر الصراط، تذكر العبور على الصراط الذي تكتنفه كلاليب عن اليمين وعن الشمال تختطف المجرمين، وتكردسهم في النار.
تذكر أنك مسؤول عن كل كلمة تنطق بها أو تقولها.. تذكر أن (لحوم العلماء مسمومة، وأن سُنَّة الله في منتقصهم معلومة).
البعض من الناس في البلاد التي فيها أقليَّات -في أوروبا وفي أمريكا- لا همَّ لهم إلا الولوغ في أعراض طلبة العلم، ويصنفونهم كما يشاؤون! ويصنفونهم بأوصاف غير صحيحة -بل ويلزمونهم بإلزامات غير صحيحة-!
ويترتب على هذا من الفتن ما الله به عليم!
وقد يكون الذي تولى كِبر ذلك كلمةٌ قالها شخص فانتشرت كانتشار النار في الهشيم!
فاحذر -يا عبد الله-.. احذر من هذا الأمر!
واعلم أن لديك ملكَين عن اليمين وعن الشمال يكتبان ما تقول من خير أو شر، والله عز وجل يعلم ذلك، لكن كل هذا لإقامة الحجة على بني آدم.
فاتق الله! وصُن لسانك!
وللتنبيه أقول:
لا يفهم أحد مني -بناء على هذا النصح من الولوغ في أعراض طلبة العلما والعلماء والمشايخ-.. لا يفهم أحد.. لأن أحيانًا الكلام قد يؤوَّل، وقد يُحمل على غير مراد صاحبه -والعياذ بالله-.. لا يفهم أحد مني أنني أنهى عن الرد على المبتدعة الذين أُصِّلوا في البدعة، والذين نشؤوا في البدعة، والذين ضاعوا بين الأحزاب والجماعات المختلفة المتناحرة، الذين هم ((كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)).. لا -واللهِ-يا عبد الله- لا أقصد هؤلاء؛ بل هؤلاء يجب الرد عليهم بـ(قال الله، قال رسوله) وآثار السلف الصالح، ودمغ أباطيلهم بالحجج و القاطعة من كتاب الله تبارك وتعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مع البعد عن التفحُّش في القول، والسب والشتم.
إذا كنا نُهينا عن سبِّ المشركين إذا خُشي أن يؤدِّي ذلك إلى سبِّ الله ورسوله؛ فكيف بِسَبِّ من وقع من المسلمين في بعض المخالفات؟!
نعم؛ نرد عليه.. الرد يجب، ولكن قبل الرد: النصح.. قبل الرد النصيحة؛ لأن الهدف هو إعادة الناس إلى الجادة وإلى الحق وإلى الصواب، ليس الهدف الإسقاط.. الهدف إعادة الناس إلى الصراط المستقيم.
فإن أصر على مخالفته، وإن أصر على بدعته وعلى الاستمرار مع أهل البدع؛ فيجب الرد عليه بالردود الشرعية المَبنيَّة على كتاب الله عز وجل وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لكن -يا عبد الله-: احذر من البتر.. من بتر الكلام!
احذر من الإلزام!
(واللهِ؛ فلان شفناه يمشي مع فلان! إذًا هو مبتدع)!!
لا -يا عبد الله-! الرسول [صلى الله عليه وسلم] كان يزور القبائل الكافرة المشرِكة.
(فلان رأيناه يماشي فلانًا.. فلان رأيناه قد زار [فلانًا]..)! وقد تكون الزيارة لأمر ولمصلحة أعظم مما تتصور أنت! فانتبه!
نعم -واللهِ- إذا كان يماشيهم، ويشاركهم في طقوسهم، ويذب عنهم، ويكثِّر سوادهم..؛ لا -واللهِ-.. يُرد عليه -ولا كرامة-.
لكن؛ إيَّاك -أنت- أن تُلزم أخاك بما لا يلزمه!
إيَّاك أن تبتر كلامه!
إيَّاك أن تقوِّله ما لم يقُل!
إيَّاك أن تفتري عليه!
إيَّاك أن تصدق المذاييع البُذُر!
إيَّاك أن تصدق سرعان الناس!
عليك بالتثبت!
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ))..
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)).. تبتغون الشهرة.. تبتغون (خالِف تُعرف)!
إذا كنتَ تجد أي محمل تحمل عليه كلام أخيك؛ فاحمله عليه؛ كما قال عمر رضي الله عنه: (عليك أن تلتمس لأخيك عذرًا ما دمت تجد لكلامه محملًا).
فاتقوا الله تبارك وتعالى، واحفظوا ألسنتكم من الولوغ في أعراض المسلمين، واحذروا من الوقوع في أعراض طلبة العلم والعلماء الربانيين الذين ينفون عن كتاب الله عز وجل تحريف الغالين، وانتحال المبطِلين، وتأويل الجاهلين.
احفظ لسانك؛ (إنما المرء بأصغريه: قلبه ولسانه).
طهِّر قلبك للمؤمنين، واحفظ لسانك من الولوغ في أعراضهم، واجعل تقوى الله عز وجل نصب عينيك إذا أردت أن تتكلم بكلام، أو طُلب منك أن تتكلم بكلام، أو نقل إليك أحد كلامًا في إخوانك المسلمين -ولا سيما طلبة العلم والعلماء الربانيين-.

وأرجو من الإخوة أن ينشروا هذا السؤال وجوابه -بصيغته التي تكلمتُ بها دون زيادة أو نقصان..-، السؤال مع كامل الجواب -سؤال الأخ الذي سأل من أندونيسيا -جزاه الله خيرًا- مع كامل الجواب.. أرجو أن يُنشر ذلك عاجلًا غير آجل؛ لنصيحة إخواننا وأبنائنا وشبابنا الذين ابتُلوا بمثل هذه التسرعات.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.

[فرغته من فتوى صوتية في موقع الإسلام العتيق].


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 02:40 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ