ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة فقه اللغة ومعانيها (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=5)
-   -   أستاذنا الدنان والفصحى. . تقريظ ونقد (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=14162)

عبد الله بن محمد بن بدير 26-12-2017 10:45 PM

أستاذنا الدنان والفصحى. . تقريظ ونقد
 
البسملة1
السلام1
"أهمية منهج الفصحى ونتائجه المذهلة:

النتائج المباشرة:
1 - الطفل الذي يتعلم اللغة العربية بالشروط السابقة يستطيع أن يتقن اللغة العربية فهما وتعبيرا.
2 - تنشأ لديه رغبة قوية وجامحة للقراءة، لسهولة فهمه للكلام المكتوب، فهو كلام فصيح.
3 - يتذوق القرآن الكريم والنصوص الأدبية، ويدرك روعة بلاغتها، ويفهم دقائق معانيها.
4 - يتفوق دراسيا بشكل ملحوظ، حتى في المواد غير اللغوية كالرياضيات والعلوم.
النتائج غير المباشرة:
القضاء على الازدواج اللغوي:
إن الإفصاح بالعربية الفصحى يربط بين جانبي لغة المجتمع، الجانب الرسمي والجانب الدارج، مما يقضي في الأجيال التالية على مشكلة الازدواج اللغوي، أما "استعمال العامية في درس العربية -فضلا عن أنه يفقدنا شرطَ التغطيس الضروري في تعليم اللغات (الدرس السلوكي)- فإنه يجعل من مجتمع التعليم ميداناً خصباً للازدواج اللغوي، ويتخذ في قلوب أولادنا حقولا بكرا يستنبت فيها كافة الازدواجات السلوكية، التي تترسخ بعد ذلك في مجتمعنا الكبير.[2]"
القضاء على الازدواج الثقافي:
منهج الفصحى يعلم الأجيال بلغة القرآن والسنة ويغرس في وعيهم ثقافة السلف، فيربطهم بذلك "رباطاً وثيقاً عميقاً بثقافته الحقة، وتنشئ فيه روحا مشتركة تتصل بالرعيل الأول من المسلمين، وتُحسّ من كلام الله تعالى ما كانوا يُحسّون"[3].
وهو مع ذلك يتمثل جوانب الحياة المعاصرة بقدرته على التعبير عنها على وَفق الأصول اللغوية لعصر القرآن والسنة، وقدرته على التعاطي معها على وَفق الأصول الثقافية لذلك العصر الشريف، مما يخرج جيلا من الأمة متماسك الثقافة غير ممزق الانتماء.
تقريظ عبقرية الدنان ونقد إنجازاته:
كان عبد الله بن مصطفى الدنان هو الرجل الذي اكتشف هذه الفلسفة التجديدية، وعمل على تطبيقها على أولاده أولاً، ثم في حضانة تلو الأخرى بعد ذلك، وهو الذي كشف بالدليل العملي إمكانية نجاح التطبيق رغم هيمنة العامية على المجتمع العام، ثم وضع الأسس النظرية لهذه التجربة، مبينا شروط نجاحها.
من ثَم استحق أستاذنا عبد الله بن مصطفى الدنان أن تسخو له النفوس بلقب العبقرية والتجديد، لما أبانه بالتجربة من إمكانية تعليم الفصحى في سن المهد والطفولة المبكرة بالتلقي الشفوي، العفوي، والتعليمي، من أشخاص مدربين يتقنون استخدام اللغة في الحوار اليومي استخداما صحيحا، دونما حاجة إلى الدرس النظري، الذي لا يحسنه غير الكبار إن أحسنوه.
لقد اقتحم الدنان غمار الحل الذي كان يبدو مستحيلاً، وغيّر مفهوم تعليم اللغة العربية السائد برمته، وأبان أن المشكلة كامنة في حلولهم، مشكلة الضعف اللغوي كامنة في حلهم لهذه المشكلة بالدرس النظري، لماذا لا نرجع إلى بادية بني سعد لنتعلم اللغة في الطفولة بالمشاركة الحية في السلوك اللغوي الطبيعي الذي هو جزء من سلوكيات وحاجات الحياة؟
الدنان يواجه مشكلة مستعصية بمقاربة مرنة:

وأما عن المشكلة التي كانت تبدو مستعصية، وهي وجود بيئات عامية أقوى سيطرة على حياة المتعلم، مما يؤدي إلى إهدار جهود تعليم اللغة بالطريقة السلوكية، فإن الدنان أوجد الحل، فالطفل يتعلم أكثر من لغة، وعندما نوفر له الساعات الكافية لتعلم الفصحى فسوف يتعلمها جنبا إلى جنب بجوار العامية، وقد هيأ الله عقله الخطير لعدم الخلط بين قواعد كلتا اللغتين، وقد كان تفكيرنا قبْل الدنان يقف عند هذه النقطة لا يتجاوزها إلى إمكانية إيجاد حلول جديدة.
حالتنا البائسة قبل الدنان:
قبل الدنان كان بعث اللغة العربية حلماً صعب المنال، كانت هناك عدة مشكلات تحول دون تحقيق ذلك الحلم الجميل:

1- اعتماد تعليم اللغة على الدرس النظري.

2- سيطرة اللهجات العامية على لغة الحياة التقليدية.

3- سيطرة المصطلحات والأسماء الوافدة، والأساليب الأجنبية المترجمة؛ على لغة التعليم والثقافة.

فالطفل ينشأ في بيئته العامية ليتعلم عامية عشيرته، ثم يلتحق بسلك التعليم ويطالع قنوات الإعلام فيجد العلم والثقافة مصوغين بلغة أخرى هي خليط متنافر من لغة أمته ولغة مستعمريه!
ويبقى الطفل ثم الإنسان المسلم ممزقا بين لغتين وثقافتين لا رابط بينهما (العامية التقليدية، والعربية المعاصرة التي سيطرت على ألفاظها وأساليبها الصبغة الغربية الوافدة)، ثم هما جميعا تتجاذبانه بعيدا عن لغته وثقافته الحقة الأصيلة التي تعبر عن جذوره ووجهته، فبينما كانت الأولى (العامية) تغذي ملكاته - في المهد - بغير اللغة التي سيتلقى بها التوجيه من كلام ربه، ويتكيف بها مع دينه ونبيه؛ جاءت الثانية (العربية المعاصرة) لتوجهه - عبر قنوات التعليم والإعلام - إلى أوربة، وتعرضه على حياض ثقافتها.
وتبقى - لذلك - نصوص الكتاب والسنة بعيدة المرام عن إدراك المسلمين، وكلما قوي سلطان الثقافتين العامية والغربية ازداد المسلمون عن ذوق القرآن والسنة بعدا، والمراقب يرى أن سلطانهما آخذ في ازدياد.

نقد إنجازات الدنان:
ورغم انبهارنا بإنجازات الدنان، وتقريظنا لعبقريته، واحتذائنا خطاه؛ فإن ذلك لا يمنعنا من نقد عطائه، وتكميل إنجازاته العظيمة.
ما أهمله أستاذنا الدنان:
فأستاذنا الدنان لم يهتم بالمشكلة الثالثة وهي سيطرة الصبغة الغربية الوافدة على مفردات وأساليب العربية المعاصرة، بل لقد صاغ الرجل مفردات اللغة الوافدة وأساليبها في منهجه للفصحى - وإن هو لم ينص على ذلك - فما دام الكلام يأخذ مواقعه النحوية، ويضبط بما يجب ضبطه به نحوا؛ فهو فصيح! الأمر الذي يقتضينا النظر في بواعث هذا الأستاذ الكبير.

بواعث أستاذنا الدنان:

كان أستاذنا الدنان يقلقه حالة الضعف اللغوية والعلمية للطلاب العرب _وهو الرجل الذي أمضى أكثر من ستين عامًا في التربية معلمًا ومدرسًا وأستاذًا جامعياً_ واكتشف أن السبب هو وجود لغتين مختلفتين لدى الطالب العربي: لغة المهد (العامية)، ولغة الكتاب المدرسي (الفصحى المعاصرة)، ومن هنا سجل نقده الآتي:

"الواقع التعليمي واللغوي للتلميذ العربي يسير سيرا معاكسا لطبيعة الخلق، لأنه:

أولًا: لا يتقن لغة المعرفة وهي اللغة العربية، قبل السادسة، أي في الفترة الفطرية لتعلم اللغات.

وثانيا: لأنه يتعلم لغة المعرفة - وهي اللغة العربية - بعد بدء ضمور قدرة الدماغ الهائلة على تعلم اللغات، فيبذل جهدا كبيرا لتعلم لغة المعرفة، كما ينفق [في تعلمها] وقتا طويلا، هو بحاجة ماسة إليه لتعلم المعرفة.

وهكذا يبقى ضعيفا في اللغة العربية، وفي فهم المعرفة المكتوبة بهذه اللغة. انتهى.

إن الباعث على منهج فصحى الدنان هو تهيئة الطفل العربي لكتاب المدرسة، ليستطيع تلقي ما فيه من المعارف من غير أن تحول بينه وبين ذلك الصعوبات اللغوية، من ثم فهو يقول في أسى:"إن التلميذ العربي يشبه الصياد الذي ذهب إلى البحر ونسي شبكة الصيد".

وبرغم أن الرجل سجل بإعجاب شغف ابنته "لونة" في طفولتها الأولى بترداد آيات القرآن الكريم، وعزا ذلك إلى تعلمها للفصحى؛ إلا أنه لم يكن يؤسس لمنهج لغة عربية بمستوى لغة عصر التنزيل من حيث الأصالة، قابل للتطبيق في حوارات حياتنا اليومية الحية من حيث المعاصرة.

كان الدنان يريد تخريج الأطفال على المستوى اللغوي للكتاب المدرسي، ونحن نريد تخريجهم على المستوى اللغوي للكتاب السماوي، ولكنه أعطانا المفتاح الذي كان مفقودا.

ملخص نقدنا لأستاذنا الدنان:

ويتلخص نقدنا لأستاذنا الدنان في:

1 - اقتصاره على الجانب النحوي من اللغة، فهو يحتفل فقط بإعراب الكلمة في جملتها بما يقتضيه موقعها، مما أدى إلى قصور في جوانب أخرى كجانب قواعد الوقف والوصل مثلا.

2 - مبالغته في الجانب النحوي بما يَخرج عن عرف اللغة العربية أصلا، وذلك في وقفه على العبارة بإظهار الحركة التي يقتضيها الإعراب، والواجب أن يقف بالسكون.

3 - اقتصاره على عربية العصر الحديث، بغرض تأهيل الطفل لعربية الكتاب المدرسي، مما أخل بسائر المميزات الاصطلاحية للغة عصر التنزيل، مع كونها في غاية الأهمية لإنجاز حوار دارج بسيط كالذي يدعو إليه أستاذنا الدنان، فلم يُعن مثلا:

‌أ- بتصرفات اللغة ذكرا وحذفا وتقديما وتأخيرا هلم جرا. مثل: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ﴾ [النساء: 176]، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ.

‌ب- ولا بتعابيرها المسكوكة، مثل: صَهْ، وَىْ! حَسّْ!! مَهْيَمْ؟ صَكَّةُ الْأَعْمَى، إِمَّا لَا.

‌ج- ولا بعباراتها الوظيفية، مثل: لِيَهْنِكْ، وَيْحَكْ، هَلُمْ، سَوَّهْ! مُرّْ! وَإِنَّكَ لَهُنَاك؟! وَلَا زَعَماتِك!

‌د- ولا باختياراتها التعبيرية، مثل: أَخِّرْ عَنِّي، أَبْصِرْ شَأْنَكَ، دَعْنَا مِنْك! عَلَى رِسْلِك! مَا يُولِعُكَ بِكذا؟

‌ه- ولا بمسالكها التخاطبية، مثل: حُجَيَّاكَ ما في يَدي؟ إمَّا هَلَكَ الْهُلْكُ، بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ.

‌و- ولا بإسناداتها التركيبية، مثل: حَمِيَ مِنْ ذَلِكَ أَنَفا، لَمْ يَرُعْنِي إِلَّا...

‌ز- ولا بأساليب السَّوق والترصيف، مثل: البخاري (5224): "وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ"، ومسلم (537): "فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ". وأحمد (23388): "وَاللَّهِ إِنِّي لَأُرَاكَ جَلِيسَ سَوْءٍ مُنْذُ الْيَوْمِ، تَسْمَعُنِي أَحْلِفُ وَقَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَنْهَانِي"، لم يقل: وَلَا تَنْهَانِي.

4 - ولم يُعن أيضًا بإحياء المعاني اللغوية للحروف، كمعنى اللام في: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾ [الأحقاف: 11]. ومعنى من في: ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ﴾ [الزخرف: 60].

5 - كما لم يُعن كذلك بتسمية الأشياء المستجدة التي يكثر وجودها حول الطفل بأسماء عربية، ولم يلفت إلى أهمية ذلك، مثل البسكويت، الآيس كريم، الشوكولاتة، الشيبسي، الكاراتيه، الكيك، البازل، البمبز، الكوتشي، الشبشب، البرمودا، الفستان، البلوزا، التوكا، الشامبو، البانيو، الدش، الشاشة، الريموت، الريسيفر، الفيلم، اللاب، الأيباد، الكاميرا، الألبوم، الكومودينو، الأباجورا، الفريزر، الميكروويف، هلم جرا.

وهي أسماء أعجمية ذات كثرة كاثرة كما ترى، ولا بد من دخولها في أحاديثنا التعليمية مع الطفل، مما يسهم في تعليمه عربية مشوهة، أو "سقيه لبنا مغشوشا" كما يعبر أستاذنا الدنان.
إنه لا يغني عن العربية شيئا أن نضع على الكلام الأعجمي الحركات الإعرابية، وقد سعيت للبرهنة على ذلك بقرض هذه الأبيات الثلاثة مزاوجا بين العربية والإنجليزية، ضابطا كليهما بالنحو العربي:

لَا تَشْرَبِ الْ (وُوتَرَ)
( بِتْ ... وِينَ) الطَّعَامْ
(دُنْتِ) الْإِسَاءَةَ (تُو)
صَدِي ... قِكَ وَالْخِصَامْ
أَنَا نَاصِحٌ (تُو يُو)
... فَكُنْ لِي، وَالسَّلَامْ "
رابط المقال على شبكة الألوكة:
http://www.alukah.net/literature_lan...#ixzz52OPoYpIZ

*عصماء* 10-01-2019 04:39 PM

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

طرح مميز جزاكم الله خيرا

والسؤال :
ماهو المنهج المناسب للوصول إلى تعليم فصحى الكتاب السماوي؟

منصور مهران 11-01-2019 05:32 AM

إذا توافر بين يديك قوالب ذات أشكال متعددة ؛ ولم يكن لديك مادةٌ تُصاغ في هذه القوالب فما جدوى امتلاك القوالب ؟!
لا بد من تلقين الطفل ثروة من مفردات اللغة الصحيحة ليحسن صياغة الجُمل بأدنى قدر من النحو الوظيفي .
وألفاظ القرآن الكريم فيها ثراء ، ومن آياته نتعلم صياغة القول القويم ، وفي الحديث وكذلك في شعر العرب أنماطٌ من روائع التعبير تغترف من أبحر الألفاظ .
وقد لاحظت في المستويات التعليمية الثلاثة فقرا شديدا في الألفاظ الجارية على الألسن عند كل تعبير …
ومِن ثَمّ عجزا عن استيعاب القواعد النحوية .
فكيف نواجه المشكلة والعقل صفر من اللغة واللسان ينفق من جعبة العقل


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 10:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ