المقالة الخامسة من : إيقاظ الوَسنان من زلاّت اللّسان ( الأنانية )
الأنانية :
قال ابنُ بالي القُسْطَنْطيني في " خيرِ الكلام في التَّقَصِّي عن أغلاطِ العوام " (ص21):( ومِن اِختراعاتِهم الفاسدة الأنانية؛فإنّه لا أصلَ له في كلام العرب)، ونقله الشّيخُ بكرُ بنُ عبد اللّه أبو زيد في معجم المناهي اللّفظيّة (ص151)، وأغفلتها(1) – في حدود علمي - معاجم اللّغة العربيّة(2) ؛لأنّها عندهم غير معتبرةٍ لغةً ولا قياسًا.بينما أوردها صاحب معجم الأخطاء الشّائعة في (ص29 رقم 47)،ولم يُعرِّج على ما نبّهت إليه!،فكأنّه خفي عليه ذلك . وأقرّها أصحاب الفضيلة في المعجم الوسيط في (ص28، 668)،وعلّة ذلك ما جاء في:قرارات مجمع اللُّغة العربيّة بالقاهرة (14/ 5): ( ... أمّا كلمة " الأنانية " فهي إمّا نسبة إلى الأنا؛فتكون بتشديد الياء،بزيادة ألف ونون كالمنظراني والمخبراني،وإمّا نسبة إلى " الأناني " كالاشتراكي نسبة إلى الاشتراكيّة)،وفي مقالٍ للأستاذ د.نيقولا دوبريشان " طرق تنمية وتحديث متن اللّغة العربيّة في العصر الحديث " ضمن قرارت مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة 11 جاء فيه قوله: ( وقد أصبحتْ الحاجةُ إلى المصطلحات المجرّدة ماسّة في العصر الحديث ... والجديرُ بالذِّكر أنّ مجمع اللّغة العربيّة في القاهرة أصدر قرارًا بصدد اشتقاق المصدر الصِّناعي منذ بداية نشاطه في عام 1934 " مجلّة المجمع العدد 1 ،1934، 211 ":ويشتق المصدر الصناعي مثله في ذلك مثل النِّسبة من جميع أنواع الأسماء بما فيها صيغة التّكبير والصِّفة على وزن فعّال " أسبقية،أكثرية، أغلبية وشفافية،حساسية "،ومن الضّمير " أنانية "،ومن أسماء العدد " ثنائية،ثلاثية "،ومن الأعلام " ساداتية،ناصرية،ماركسية، برغسونية،هملتية "،ومن الألفاظ المعرّبة " وقد دخل بعضها إلى اللّغة العربيّة بشكل المصدر " الصناعي ":إمبريالية، دكتاتورية،ديمقراطية ... إلخ ) . كذا،عدّها – وغيرَها - مَن أجاز توظيفَ هاتين الكلمتين " الأنانية و الأنا " مصدرا صِناعيّا،وخفي عليه أنّ اعتبار اسميّة كلمة (الأنا) من حيث اللّغةُ غير ثابتٍ ؛فإن كان كذلك فكيف يُصاغ منه المصدر الصّناعي. أعني أنّك إذا عُدتَ إلى أصل كلمة " الأنانية " وجدت الضّمير (أنا)،وهو من الحروف،وليس يخفى أنّ الحروفَ لا تقبل شيئا من علامات الاسم،ولا شيئا من علامات الفعل،وهو معنى قول ابن آجُرُّوم في متنه الشّهير في علم النّحو:( والحَرْفُ:ما لا يَصْلُحُ معه دَليلُ الاِسْمِ،ولا دَليلُ الفِعْلِ )،وقال الحريري في ملحة الإعراب: والحَرْفُ ما لَيْسَتْ لَهُ عَلامَهْ ... فَقِسْ على قَوْلي تَكُنْ عَلاّمَهْ وقال الآخر: والحَرْفُ مَا لَيْسَتْ لَهُ عَلامَهْ ... تَرْكُ العَلامَةِ لَهُ عَلامَهْ فكيف نجيزُ خرق أصول قواعد العربيّة لِتَسويغ توظيف بعض الكَلِم بحُجّة " وقد أصبحت الحاجة إلى المصطلحات المجرّدة ماسّة في العصر الحديث "،وهو كلام سليم،لكن،لنا عن الإقحام للكَلِم في منظومة مفردات اللّغة العربية مندوحة؛لِما عُلِم من أنّ اللّغة العربيّة لها من القدرة على احتضان ما لا يكاد يُحصَى من المعاني الحديثة ضمن قوالب لفظيّة بعد أن يوجدَ لها نظيرٌ في العربيّة فيقاس عليه،أو بعد أن نُعمِلَ فيها نظام النَّحْت والاشتقاق . ثمّ أليس معنى " الأنانية " عندهم هو الأَثَرة كما أفصح عنه المعجم الوسيط (ص28)،وهي من فصيح الكَلِم.فلم يَطغى توظيفُ الدّخيلِ،ويَنزوي الحرُّ الأَصيل ؟!. لقد حَلَّوا هذا الضّمير والحرف (أنا) بالألف واللّام؛ليصير (الأنا)،ثمّ صاغوا منه بزيادة ياء النّسبة كلمة (الأنانيّة)؛أليس ما بُني على أساس باطل كان باطلا مثله!، أَوَليس قد قيل قديما:أَثبِتِ العَرْشَ ثمّ اُنْقُش! . الهوامش : (1) الأنانية و الأنا . (2) لست أعني المعاجم الحديثة . يتبع / وكتب : محمد تبركان |
بارك الله فيك أخي الكريم ، وقولك "أنا" حرف سهو منك بل اسم مسند إليه "أنا مسلم" وحياك الله أخي الكريم
|
شكرا جزيلا أخي عبد العزيز على هذا التّنبيه،وجلّ مَن لا يسهو - عزّوجلّ -؛وسأعيد النّظر في كتبت .
|
المقالة الخامسة من : إيقاظ الوَسنان من زلاّت اللّسان
الأنانيّة :
قال ابنُ بالي القُسْطَنْطيني في " خيرِ الكلام في التَّقَصِّي عن أغلاطِ العوام " (ص21): ( ومِن اِختراعاتِهم الفاسدة الأنانية؛فإنّه لا أصلَ له في كلام العرب)، ونقله الشّيخُ بكرُ بنُ عبد اللّه أبو زيد في معجم المناهي اللّفظيّة (ص151)، وأغفلتها – في حدود علمي - معاجم اللّغة العربيّة ؛لأنّها عندهم غير معتبرةٍ لغةً ولا قياسًا.بينما أوردها صاحب معجم الأخطاء الشّائعة في (ص29 رقم 47)،ولم يُعرِّج على ما نبّهت إليه!،فكأنّه خفي عليه ذلك . وأقرّها أصحاب الفضيلة في المعجم الوسيط في (ص28، 668)،وعلّة ذلك ما جاء في:قرارات مجمع اللُّغة العربيّة بالقاهرة (14 / 5): ( ... أمّا كلمة " الأنانية " فهي إمّا نسبة إلى الأنا؛فتكون بتشديد الياء،بزيادة ألف ونون كالمنظراني والمخبراني،وإمّا نسبة إلى " الأناني " كالاشتراكي نسبة إلى الاشتراكيّة)،وفي مقالٍ للأستاذ د.نيقولا دوبريشان " طرق تنمية وتحديث متن اللّغة العربيّة في العصر الحديث " ضمن قرارت مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة 11 جاء فيه قوله: ( وقد أصبحتْ الحاجةُ إلى المصطلحات المجرّدة ماسّة في العصر الحديث ... والجديرُ بالذِّكر أنّ مجمع اللّغة العربيّة في القاهرة أصدر قرارًا بصدد اشتقاق المصدر الصِّناعي منذ بداية نشاطه في عام 1934 " مجلّة المجمع العدد 1، 1934، 211 ": ويشتق المصدر الصناعي مثله في ذلك مثل النِّسبة من جميع أنواع الأسماء بما فيها صيغة التّكبير والصِّفة على وزن فعّال " أسبقية، أكثرية، أغلبية وشفافية،حساسية "،ومن الضّمير " أنانية "، ومن أسماء العدد " ثنائية،ثلاثية "،ومن الأعلام " ساداتية،ناصرية،ماركسية، برغسونية،هملتية "،ومن الألفاظ المعرّبة " وقد دخل بعضها إلى اللّغة العربيّة بشكل المصدر " الصناعي ": إمبريالية، دكتاتورية،ديمقراطية ... إلخ) . قلت:كذا،عدّها – وغيرَها - مَن أجاز توظيفَ هاتين الكلمتين " الأنانية و الأنا " مصدرا صِناعيّا،وخفي عليه أنّ اعتبار اسميّة كلمة (الأنا) من حيث اللّغةُ غير ثابتٍ؛فإن كان كذلك فكيف يُصاغ منه المصدر الصّناعي. لقد حَلَّوا الضّمير (أنا) بالألف واللّام؛ليصير (الأنا)،ثمّ صاغوا منه بزيادة ياء النّسبة كلمة (الأنانيّة). وهل تقبل الضّمائر أن تُحَلَّى بالألف واللّام ؟،لست أعرف ذلك!. فكيف نجيزُ خرق أصول قواعد العربيّة لِتَسويغ توظيف بعض الكَلِم بحُجّة " وقد أصبحت الحاجة إلى المصطلحات المجرّدة ماسّة في العصر الحديث ". وهو كلام سليم،لكن،لنا عن هذا الإقحام للكَلِم في منظومة مفردات اللّغة العربية مندوحة؛لِما عُلم من أنّ اللّغة العربيّة لها من القدرة على احتضان ما لا يكاد يُحصَى من المعاني الحديثة ضمن قوالب لفظيّة بعد أن يوجدَ لها نظيرٌ في العربيّة فيقاس عليه،أو بعد أن نُعمِلَ فيها نظام النَّحْت والاشتقاق . ثمّ أليس معنى " الأنانية " عندهم هو الأَثَرة كما أفصح عنه المعجم الوسيط (ص28)،وهي من فصيح الكَلِم.فلم يَطغى توظيفُ الدّخيلِ،ويَنزوي الحرُّ الأَصيل ؟!. أليس ما بُني على باطل كان باطلا مثله!،أَوَليس قد قيل قديما:أثبتِ العَرْشَ ثمّ اُنْقُش! . الهوامش: (1) الأنانية و الأنا . (2) لست أعني المعاجم الحديثة . يتبع / وكتب : محمد تبركان |
قد أجرى الأستاذ محمد تبركان وفقه الله قلم التغيير على هذه المقالة ، ونشرها في بعض المواقع ، وإليكم مقالته بعد التعديل :
رأي في ( الأَنَانِيّة ) * الأَنَانِيَّة : قال ابنُ كمال باشا في التّنبيه على غلط الجاهل والنَّبيه (ص564 رقم 7 مجلّة المورد): (ومنها لفظ الأنانية:وهي اختراعٌ محضٌ لا أصل لها). |
اقتباس:
،،، من لحن العامة .. ( الانعدام ) و ( الإعدام ) .. ،،، |
اقتباس:
إن كان الجواب: لا. فما وجوه التفريق إذن؟ اقتباس:
ألا نقول (روحاني) من (روح)؟ و(جسماني) من (جسم)؟ وفي القرآن: (رَهبانيّة) من (رهَب)؟ |
حياك الله أخي الحبيب عمر وأرجو أن تكون في خير وعافية.
الذي أعلمه أن المصدر الصناعي ما زيد في آخره ياء النسبة بعدها تاء التأنيث للدلالة على صفة مجردة جديدة في هذا الاسم. أما الألف والنون فقد تكون زائدة في الاسم قبل أن يصاغ مصدرا صناعيا، فروحاني وجسماني اسمان منسوبان إلى روحان وجسمان وليسا مصدرين صناعيين، والمصدران الصناعيان منهما هما روحانية وجسمانية، ومن الروح والجسم روحية وجسمية. و(أنا) اسم مبني ضمير المتكلم غير صالح لأن تزاد فيه الألف والنون، ولا وجه بعد ذلك للإتيان بهذه الزيادة في المصدر الصناعي منه إن سلمنا بصحة ما أقره مجمع اللغة وهو قياسية اشتقاقه من أي لفظ كان. والرهبانية اسم مبني من الرهبة، والألف والنون فيه زائدة للدلالة على المبالغة والإفراط فيها ومجاوزة المقدار المشروع حتى أداهم ذلك إلى الاعتزال في الصوامع وابتداع أنواع من التزهد والعبادة لم يأذن الله بها، فلا علاقة لهذه الزيادة باعتبارها مصدرا صناعيا. |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 02:59 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ