ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة العروض والإملاء (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=14)
-   -   فوائد في إنشاد الشعر (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=10965)

عائشة 04-11-2014 02:15 PM

فوائد في إنشاد الشعر
 
البسملة1
.
الحمدُ لله، وبعدُ:
فهذا موضوعٌ رأيتُ أن أفتتحَه منذُ مدَّةٍ؛ لنقيِّدَ فيه ما هُو متَّصِلٌ بإنشادِ الشِّعْرِ.
ولعلَّ الأساتذةَ الكِرامَ يُشارِكونَ بما عندَهم من فوائدَ، وتنبيهاتٍ.
فاصل1فاصل1فاصل1فاصل1فاصل1فاصل1
.
،،، وأبدأُ بهذه الفائدةِ:
إذا كانَتِ القصيدةُ رائيَّةً، وبعضُ الرَّاءاتِ في قوافيها لا يجوزُ فيه إلَّا التَّفخيم، وبعضُها يَحْتَمِلُ التَّفخيمَ، وغيرَه، فهل يُفخِّمُ المُنشِدُ بعضًا، ويُرقِّقُ بعضًا؟
ذكرَ أبو العلاءِ المعريُّ أنَّ الأحسنَ في مثلِ هذا أن يُجريَها كلَّها علَى التَّفخيمِ؛ ليكونَ اللَّفظُ مُتجانِسًا. انظُر: «عبث الوليد 221».
وقالَ في موضعٍ آخرَ في «عبث الوليد 244» تعليقًا علَى كلمة (نصارَى) الواقعة في قافية بيتٍ من أبياتِ قصيدةٍ للبحتريِّ:
(من أنشدَ (نصارَى) في هذا البيتِ، فأمالَ؛ فقد أساءَ إساءةً بيِّنةً، وإنَّما ينبغي أن تُفَخَّمَ؛ لتكونَ القوافي علَى مِنهاجٍ واحدٍ. وكذلك جميعُ ما يقعُ فيه قافيتانِ، إحداهما يقوَى فيها التَّفخيمُ، والأُخرَى يُستحسَنُ فيها الإمالةُ؛ فإنَّما ينبغي أن يُحملَ على أغلبِ القافيتَيْنِ) انتهى.

عائشة 07-11-2014 02:08 PM

،،، قالَ ابنُ جنّي في «الخاطريَّات»:
(... العرب في الإنشادِ تقفُ علَى آخرِ المصراعِ الأوَّل -وإن لم يكن قافيةً أيضًا- وقوفًا تُطيلُه، وتتمكَّثُ فيه، كما تقفُ عندَ انتهائِها إلى آخرِ البيتِ؛ ألا تَرَى ما ورَدَ عنهم في الخَبَرِ عن إنشادِ ابن الرِّقاعِ داليَّتَهُ:
* عَرَفَ الدِّيارَ توهُّمًا فاعتادَها *
قالَ الفرزدقُ في هذه الحكايةِ: فلمَّا وصلَ إلى قولِه:
* تُزْجي أَغَنَّ كأنَّ إبرةَ رَوْقِهِ *
وقفَ كالمستريحِ، فقلتُ لجريرٍ مُسِرًّا إليه: ما تراه يستلبُ بهذا شبهًا؟ فقالَ:
* قَلَمٌ أصابَ من الدَّواةِ مِدادَها *
فقالَ عديٌّ كذلك!
أفلا ترَى ما جرَى بين الرَّجلَيْن في هذا، لم يخرجْ إلى الوجودِ إلَّا في زمانٍ، وهذا يُقوّي العلم بطول التلبُّث والاستراحة بين المصراعين) انتهى.
ثمَّ ذكرَ أنَّ هذا الوقفَ عارِضٌ، وأنَّ المُرادَ بالوقوفِ علَى آخرِ المصراعِ الأوَّل الوصل، قالَ –رحِمَه اللهُ-:
(والحكايةُ في البيتِ إنَّما هي: (إبرة روقهي) بالياءِ، وكذلك جميعُ الإنشادات إذا وقفتَ علَى آخر المصراعِ الأوَّل، وعرض فيه نحو هذا؛ أجري على ما ذكرنا؛ ألا ترَى إلى قولِه:
* كأنَّ دماءَ الهاديات بنَحْرهي *
وقوله:
* كأنَّ ثَبيرًا في عرانين وَبْلِهي *
وكذلك قوله أيضًا:
* وإنَّ شفائي عَبرةٌ مُهَراقَةٌ *
فوقوفُه بالتَّنوين يدلُّ على إرادته الوصل؛ لأنَّه من عوارضِه ولواحقِه، وليس هذا الموضع بآخر البيت فيُنسَب إلَى أنَّه تنوين الإنشاد الَّذي يراه بعض العرب إذا وقفَ على القافية؛ نحو قوله:
* سُقيتِ الغيثَ أيَّتها الخِيامُنْ *
وقوله:
* من طَلَلٍ كالأتحميِّ أنْهَجَنْ *
وذلك أنَّ (مهراقةٌ) ليست بقافية، فيكون التَّنوين الموقوف عليها تنوين الإنشاد للقوافي، وإذا لم يكن إيَّاه؛ علمت أنَّه تنوين الصَّرف، وإذا كانه؛ دلَّ ذلك على أنَّه يُراد بذلك الوصل لا الوقف، وإذا قويتِ الدّلالةُ علَى ذلك؛ كانَ الوقفُ العارضُ هناك في حال الإنشاد ملغًى غيرَ معتدٍّ؛ لقيام الدّلالةِ من حرف اللِّين، ومن التَّنوين علَى إرادة الوصل بهما دونَ الوقفِ) انتهى.

عائشة 11-11-2014 02:26 PM

،،، قال ابنُ جنّي في «الخصائص 1/ 70- 72»:
(فإن قلتَ: فقد قالَ:
* أعِنِّي على برقٍ أريك وميضَهو *
فوقف بالواوِ، وليست اللَّفظة قافيةً، وقد قدَّمْت أنَّ هذه المَدَّةَ مُستهلَكةٌ في حالِ الوَقفِ. قيلَ: هذه اللَّفظةُ وإن لم تكنْ قافيةً، فيكون البيتُ بها مقفًّى أو مصرَّعًا؛ فإنَّ العربَ قد تقفُ علَى العَرُوضِ نحوًا من وُقوفها على الضَّربِ، أعني مخالفة ذلك لوقف الكلامِ المنثور غير المَوْزون؛ ألا ترَى إلى قولِه أيضًا:
* فأضحَى يسحُّ الماءَ حولَ كُتَيْفَتِنْ *
فوقف بالتَّنوين، خلافًا علَى الوقفِ في غير الشِّعر.
فإن قلتَ: فأقصى حال قوله: (كُتَيْفَتنْ) -إذ ليست قافيةً- أن تُجرى مجرَى القافيةِ في الوقف عليها، وأنت ترى الرُّواةَ أكثرهم على إطلاقِ هذه القصيدة ونحوها بحرف اللِّين للوَصْلِ؛ نحو قوله: (ومنزلي، وحَوْملي، وشَمْألي، ومحملي)، فقوله: (كُتَيفتنْ) ليس على وقفِ الكلامِ، ولا وقف القافيةِ. قيلَ: الأمرُ علَى ما ذكرت من خلافِه له، غيرَ أنَّ هذا أيضًا أمرٌ يخصُّ المنظومَ دون المنثورِ؛ لاستمرارِ ذلك عنهم؛ ألا ترَى إلى قولِه:
أنَّى اهتديت لتسليمٍ علَى دِمَنِنْ * بالغَمْر غيَّرهُنَّ الأعصرُ الأُوَلُو
وقوله:
كأنَّ حُدُوج المالكيَّة غُدْوَتَنْ * خلايا سَفِين بالنَّواصف من دَدِي
وقوله:
فمضى وقدَّمها وكانت عادتَنْ * منه إذا هيَ عرَّدَتْ إقدامُها
وقوله:
فواللهِ لا أنسَى قتيلًا رُزئتهو * بجانب قَوْسَى ما مشيتُ على الأرضِي
وفيها:
ولم أدرِ من ألقى عليه رداءهو * علَى أنَّه قد سُلَّ عن ماجدٍ مَحْضِي
وأمثاله كثيرٌ، كلُّ ذلك الوقوفُ على عَرُوضِه مخالفٌ للوقوف على ضربِه، ومخالفٌ أيضًا لوقوف الكلام غير الشِّعر.
ولم يذكرْ أحدٌ من أصحابِنا هذا الموضعَ في علم القوافي، وقد كانَ يجبُ أن يُذكرَ، ولا يُهمَل) انتهى.

عائشة 12-11-2014 02:17 PM

،،، قال ابن جنِّي في «تفسير أرجوزة أبي نُواس 95»:
(وقد يجوزُ في القوافي ما لا يجوزُ في غيرِها من الكلامِ؛ ألا تَرَى أنَّ فيها:
* يا أبتا علَّك أو عساكَنْ *
و:
* داينتُ أروَى والدُّيونُ تُقْضَنْ *
فنوَّن ما لا يدخلُه التَّنوينُ علَى حالٍ.
وهذا أغربُ من قولِه:
* سُقيتِ الغيثَ أيَّتها الخيامُنْ *
وقوله:
* أقلِّي اللَّومَ عاذل والعتابَنْ *
لأنَّ (العتاب)، و(الخيام) إذا سقطَتْ منهما الألف، والنُّون؛ دخلهما التَّنوينُ. و(عساك)، و(تُقْضَى) ممَّا لا يدخلُه التَّنوينُ علَى حالٍ) انتهى.
وتكلَّم في «الخصائص 2/100» عن قولِ الرَّاجز:
داينتُ أروَى والدُّيونُ تُقْضَنْ * فمطَلَتْ بعضًا وأدَّتْ بعضَنْ
فقالَ:
(فإن قلتَ: فهل تُجيزُ أن يكون قوله: (وأدَّت بعضا) تنوينه تنوين الصَّرف، لا تنوين الإنشاد، إلَّا أنَّه علَى إجراء الوقف مجرَى الوصل؛ كقوله:
* بل جَوْز تَيْهاءَ كظهرِ الجَحَفَتْ *
فإنَّ هذا وإن كان ضربًا من ضروب المطالبةِ؛ فإنَّه يبعد؛ وذلك أنَّه لم يمررْ بنا عن أحدٍ من العرب أنَّه يقفُ في غير الإنشادِ علَى تنوين الصَّرف، فيقول في غير قافية الشِّعر: رأيتُ جعفرَنْ، ولا كلَّمتُ سعيدَنْ، فيقف بالنُّون. فإذا لم يجئْ مثلُه؛ قبحَ حملُه عليه. فوجب حملُ قولِه: (وأدَّتْ بعضَنْ) علَى أنه تنوين الإنشادِ علَى ما تقدَّم من قولِه:
* ولا تُبقي خُمورَ الأندرينَنْ *
و:
* أقلِّي اللَّومَ عاذل والعِتابَنْ *
و:
* ما هاجَ أحزانًا وشجوًا قد شَجَنْ *) انتهى.

بشير الضيف 22-11-2014 10:16 PM

سلمت يداك...
ووفقك الله لما يحبه ويرضاه

منصور مهران 23-11-2014 08:44 AM

جاء في كلام الأستاذة عائشة قولها :

(( لأنَّ (العتاب)، و(الخيام) إذا سقطَتْ منهما الألف، والنُّون ؟؟؟ دخلهما التَّنوينُ ))

فوجدت شيئا غير مفهوم وأريد إعادة النظر للإيضاح
وشكرا

عائشة 23-11-2014 10:22 AM

جزاكم اللهُ خيرًا -أستاذَنا الكبير- علَى تفضُّلكم بالقراءة الفاحصة، والتَّنبيه علَى الخطإ.
وهما الألفُ (واللَّامُ) بلا شكّ، وعلَى هذا يستقيمُ الكلامُ.
وقد عدتُّ الآن إلى الموضعِ المذكورِ من الكتابِ، فوجدتُّ في الهامشِ تعليقًا من المحقّق على (النون)، وأنَّ صوابها (اللام)، كما وردَ في نسخةٍ أخرَى.
وقد نقلتُ الكلامَ الذي في متنِ الكتابِ دونَ تنبُّه، فأرجو المعذرةَ. وآمل أن أكونَ أكثر يقظة في المرَّات القادمة!
وشكر اللهُ لكم جميعًا.

عائشة 29-12-2014 02:20 PM

،،، قال المظفر بن الفضل العلويُّ في «نضرة الإغريض 245»:
(وأظنُّ أنَّ مَن ارتكبَ الإقواءَ من العربِ لم يكن يُنشِدُ الشِّعرَ مطلقًا، بل يُنشدُه مقيَّدًا، ويقفُ على قافيتِه؛ كقولِ دُرَيْد بن الصِّمَّة:
نظرتُ إليه والرِّماحُ تنوشُه * كوقعِ الصَّياصي في النَّسيجِ المُمَدَّدْ
فأرهبتُ عنه القومَ حتَّى تبدَّدوا * وحتَّى علاني حالكُ اللَّونِ أسودْ) انتهى.

عائشة 09-02-2015 01:36 PM

لا يجوزُ همزُ الرِّدْفِ.
قالَ أبو الطيِّبِ المتنبِّي:
كانَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤْلي إنَّما * أجَلي تمثَّلَ في فؤاديَ سُولا
قالَ ابنُ جنِّي في «الفسر 3/ 169»:
(والسُّؤْلُ يُهْمَزُ، ولا يُهْمَزُ؛ قالَ تعالَى: ((قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى)) بالهمزِ، وبغيرِ الهمزِ، إلَّا أنَّه في هذا البيتِ لا يجوزُ همزُهُ؛ لأنَّ الواوَ فيه رِدْفٌ) انتهى.

عائشة 14-02-2015 02:04 PM

،،، قال ابنُ جنِّي في «التَّنبيه علَى شرحِ مُشكلات الحماسة 1/ 135، 136»:
(وفيها:
وإن دَعَوْتِ إلى جُلَّى ومَكْرُمةٍ * يومًا سَراةَ كرامِ النَّاسِ فادْعينا
يُروَى: (فادعينا) بإشمام الضَّم في كسرة العين، وتُروَى بإخلاص الكسرة. فأمَّا مَنْ أخلصَ الكسرةَ؛ فلا سؤالَ من جهةِ الرِّدفِ في إنشادِه. أمَّا مَن رواه: (فادعينا) بإشمامِ الضَّمّ؛ ففيه السُّؤالُ؛ وذلك أنَّ الحركةَ قبلَ الرِّدْفِ هي الَّتي يُقالُ لها الحَذْو، لم تأتِ عنهم مُشمَّةً، ولا مشوبةً؛ وإنَّما هي إحدَى الحركات مخلَصة البتَّة. ولم يذكر الخليلُ، ولا أبو الحسن، ولا أبو عمر، ولا واحدٌ من أصحابِنا حالَ هذه الحركة المشوبة كيفَ اجتماعها مع غيرِها؛ فدلَّ ذاك علَى أنَّ الحركةَ في نحو هذا ينبغي أن تكون مخلَصة. ومذهبُ سيبويه في هذا النَّحو -مثل: ادعي، واغزي- الإمالة، وإشمام الكسرة شيئًا من الضَّمَّةِ، ولم يستثنِ رِدْفًا من غيرِه) انتهى.
ثمَّ تكلَّم ابنُ جنِّي عن وجهِ جوازِ هذه الحرَكة المشوبة مع الكسرةِ والضَّمَّةِ الصَّريحتين؛ فليُراجعْه مَن شاءَ.

عائشة 25-05-2015 02:11 PM

قالَ أبو العلاء المعرِّيُّ في «شرح ديوان ابن أبي حُصينة 2/ 50» في شرحِ القصيدةِ الَّتي أوَّلها:
رَبْعٌ تعفَّتْ باللِّوَى عُهودُه
وأصبحَتْ مُنْهَــجَةً برودُه
قالَ: (الاختيارُ في وقفِ الهاء ووصلِها بالواوِ إلى المُنشِدِ، والَّذي اختارَه المتقدِّمونَ وأصحابُ الغرائزِ أن يُوصلَ بالواوِ؛ لأنَّه أقوَى في السَّمعِ، وعلَى ذلك جاءت قصائدُ المتقدِّمين من الشُّعراء الأوَّلينَ والمحدَثينَ؛ كقولِه:
وبَلَـــــدٍ عــــــاميةٍ أعــــماؤُهُ
كأنَّ لَوْنَ أرضِه سماؤُهُ
... وكذلك قول الـحَكَميِّ:
لَـمَّا [غدا] الثَّعـلبُ مِن وِجارِهِ
يلتمسُ الكســبَ علَى صغارِهِ
... وكذلك قول أبي الطيِّب المتنبِّي:
حجَّب ذا البحرَ بحارٌ دونَهُ
يذمُّـــــــها النَّــــــاس ويحمـدونَهُ
إلَّا أنَّ وقفَ الهاءِ في المنصوبِ أحسنُ منه في المرفوعِ والمخفوضِ) انتهى.

عائشة 25-05-2015 02:12 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل عائشة (المشاركة 43682)
إذا كانَتِ القصيدةُ رائيَّةً، وبعضُ الرَّاءاتِ في قوافيها لا يجوزُ فيه إلَّا التَّفخيم، وبعضُها يَحْتَمِلُ التَّفخيمَ، وغيرَه، فهل يُفخِّمُ المُنشِدُ بعضًا، ويُرقِّقُ بعضًا؟
ذكرَ أبو العلاءِ المعريُّ أنَّ الأحسنَ في مثلِ هذا أن يُجريَها كلَّها علَى التَّفخيمِ؛ ليكونَ اللَّفظُ مُتجانِسًا. انظُر: «عبث الوليد 221».
وقالَ في موضعٍ آخرَ في «عبث الوليد 244» تعليقًا علَى كلمة (نصارَى) الواقعة في قافية بيتٍ من أبياتِ قصيدةٍ للبحتريِّ:
(من أنشدَ (نصارَى) في هذا البيتِ، فأمالَ؛ فقد أساءَ إساءةً بيِّنةً، وإنَّما ينبغي أن تُفَخَّمَ؛ لتكونَ القوافي علَى مِنهاجٍ واحدٍ. وكذلك جميعُ ما يقعُ فيه قافيتانِ، إحداهما يقوَى فيها التَّفخيمُ، والأُخرَى يُستحسَنُ فيها الإمالةُ؛ فإنَّما ينبغي أن يُحملَ على أغلبِ القافيتَيْنِ) انتهى.

وقالَ أيضًا في «شرح ديوان ابن أبي حُصينة 2/ 184»:
(إذا بُنِيَتِ القصيدةُ علَى الرَّاء، وجاءت فيها أبياتٌ تحتملُ التفخيمَ، وقوافٍ لا تحتملها، فينبغي أن يفخِّمَها المنشدُ كلّها؛ مثل قوله: (تنكَّرا)، وهذه الحروف لا يجوز فيها الإمالةُ، و(الكرَى)، و(البُرَى)، و(الورَى)، وما كان مثلها؛ فيجوز فيها الوجهان، فينبغي أن يفخِّمَ المنشدُ، فيقول: (الكرَى) بفتح الرَّاء؛ ليكون اللَّفظ بالرَّوِيِّ مُتساويًا) انتهى.

عائشة 25-05-2015 02:14 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل عائشة (المشاركة 45400)
لا يجوزُ همزُ الرِّدْفِ.
قالَ أبو الطيِّبِ المتنبِّي:
كانَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤْلي إنَّما * أجَلي تمثَّلَ في فؤاديَ سُولا
قالَ ابنُ جنِّي في «الفسر 3/ 169»:
(والسُّؤْلُ يُهْمَزُ، ولا يُهْمَزُ؛ قالَ تعالَى: ((قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى)) بالهمزِ، وبغيرِ الهمزِ، إلَّا أنَّه في هذا البيتِ لا يجوزُ همزُهُ؛ لأنَّ الواوَ فيه رِدْفٌ) انتهى.

وقالَ أبو العلاء المعرِّيُّ في «شرح ديوان ابن أبي حُصينة 2/ 69» في شرحِ القصيدةِ الَّتي أوَّلها:
جزعتَ وما بانوا فكيفَ وقد بانوا * فيا ليتَهم كانوا قريبًا كما كانوا
قالَ: (قوله: (لم يَرْقَ بعدكمُ شانُ)... أصلُ (الشَّأن) الهمز، إذا كان من شؤون الدُّنيا، ومن شؤون الرَّأس، وهو آخر هذا البيت مخفَّف، لا يجوز غير ذلك؛ لأنَّ الهمزة إذا كانت قبل الرَّوِيِّ، وفي قوافي القصيدة حرفُ لينٍ؛ وجبَ أن تُخفَّفَ الهمزة لا غير. وإذا كانت الهمزةُ في ذلك مخفَّفة، وفي موضعها من القوافي حرفٌ مصمتٌ ليس بلينٍ؛ فتخفيف الهمزة خطأٌ.
مثال ذلك أنَّ امرأ القيس قالَ:
* ألا انعمْ صباحًا أيُّها الطَّلَلُ البالي *
ثمَّ قال:
* كأنَّ مكانَ الرِّدْفِ منه علَى رَالِ *
وأصل (الرَّال) الهمز، ولا يجوزُ همزهُ في هذا البيت.
[و]قال العجَّاج:
كأنَّه من طولِ جَذْعِ العَفْسِ
ورَمَلانِ الخِمْسِ بعدَ الخِمْسِ
يُنحَتُ من أقطارِهِ بفَأْسِ
ولا بدَّ من همز (الفأس) في هذا الموضع.
وإذا كانت الكلمة في حشو البيتِ؛ فالمنشدُ مخيَّر في التَّحقيقِ والتَّخفيف) انتهى.

عائشة 27-01-2016 02:20 PM

قال أبو الطيِّب المتنبِّي:
عَذلُ العَواذِلِ حَوْلَ قَلبي التَّائِهِ * وَهَوَى الأحِبَّةِ مِنْهُ في سَوْدائِهِ
قالَ أبو العلاء المعرِّيُّ في «اللَّامع العزيزيّ 1/ 20»: (يُقالُ: عَذْل، وعَذَل، والتَّحريكُ في هذا الموضوع (1) أحسنُ؛ لأنَّه أقوَى في السَّمْعِ والغَريزةِ) انتهى. (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا، ولعلَّ الصَّواب: الموضع. واللهُ أعلم.
(2) فإنشادُ البيتِ علَى الوَجْهَيْنِ جائزٌ، غيرَ أنَّ الأقوَى في السَّمْعِ -كما يقولُ المعرِّيُّ- هو تحريكُ ذالِ (عذل)؛ وذلكَ أنَّ إنشادَ البَيْتِ بالتَّحريكِ فيه سلامةُ (مُتَفاعِلُن) مِن زحافِ الإضمارِ. ولو أُنشِدَ بتَسْكينِ ذالِ (عذل)؛ لأدَّى ذلك إلَى تسكين تاءِ (مُتَفاعلن)، وهو ما يُسَمَّى بزحافِ الإضمارِ.

عائشة 31-03-2016 09:31 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل عائشة (المشاركة 43682)
إذا كانَتِ القصيدةُ رائيَّةً، وبعضُ الرَّاءاتِ في قوافيها لا يجوزُ فيه إلَّا التَّفخيم، وبعضُها يَحْتَمِلُ التَّفخيمَ، وغيرَه، فهل يُفخِّمُ المُنشِدُ بعضًا، ويُرقِّقُ بعضًا؟
ذكرَ أبو العلاءِ المعريُّ أنَّ الأحسنَ في مثلِ هذا أن يُجريَها كلَّها علَى التَّفخيمِ؛ ليكونَ اللَّفظُ مُتجانِسًا. انظُر: «عبث الوليد 221».
وقالَ في موضعٍ آخرَ في «عبث الوليد 244» تعليقًا علَى كلمة (نصارَى) الواقعة في قافية بيتٍ من أبياتِ قصيدةٍ للبحتريِّ:
(من أنشدَ (نصارَى) في هذا البيتِ، فأمالَ؛ فقد أساءَ إساءةً بيِّنةً، وإنَّما ينبغي أن تُفَخَّمَ؛ لتكونَ القوافي علَى مِنهاجٍ واحدٍ. وكذلك جميعُ ما يقعُ فيه قافيتانِ، إحداهما يقوَى فيها التَّفخيمُ، والأُخرَى يُستحسَنُ فيها الإمالةُ؛ فإنَّما ينبغي أن يُحملَ على أغلبِ القافيتَيْنِ) انتهى.

وعند قول أبي الطيّب:
بُسَيْطةُ مهلًا سُقيتِ القِطارا * تركتِ عيونَ عَبيدي حَيارَى
قال في «اللَّامع العزيزيّ 1/ ٥٤٣»:
(ينبغي أن تفتح الراء في (حيارَى)؛ لتكون مُشاكلةً للراء في قوله: (قطارا)، فإنْ أمالَها مُميلٌ؛ فقد أساء) انتهى.


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 02:42 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ