ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية

ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية (https://www.ahlalloghah.com/index.php)
-   حلقة البلاغة والنقد (https://www.ahlalloghah.com/forumdisplay.php?f=13)
-   -   تعقب لابن الأثير في شواهد عكس الظاهر (https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=7135)

صالح العَمْري 18-05-2012 09:02 PM

تعقب لابن الأثير في شواهد عكس الظاهر
 
البسملة2
قرأت قديما كلاما لابن الأثير -رحمه الله- في (المثل السائر) ثم أنسيته، ولما ذكرته اليوم أردت أن أنبه عليه، فإنه قال -رحمه الله-:
"وأما قول القائل
( وَلا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنجَحِر ... )
فإنه لا قرينة تخصصه حتى يفهم منه ما فهم من الأولِ بل المفهوم أنه كان هناك ضب ولكنه غير منجحر
ولقد مكثت زماناً أطوف على أقوال الشعراء قصداً للظفر بأمثلة من الشعر جارية هذا المجرى فلم أجد إلا بيتاً لامريء القيس وهو:
( عَلَى لاحِبٍ لا يُهتَدَى لِمَنَارِهِ ... إِذَا سَافَهُ الْعَوْدَ الدِّيَافِيُّ جَرْجَرا )
فقوله ( لا يهتدى لمناره ) أي أن له مناراً إلا أنه لا يهتدى به، وليس المراد ذلك بل المراد أنه لا منار له يهتدى به"

وهذا القول لعمري لا يُعتد به ولا يُلتفت إليه، ولا أدري كيف يصدر عن رجل مثله في العلم.
فقد زعم أن هذا المذهب لا يوجد في شعر العرب وأنه مكث زمانا يطلبه فلم يجد فيه غير قول امرئ القيس، وهذا أمر عُجاب، بل هذا المذهب مطروق كثير الدوران في شعر العرب، وهو أسلوب عربي صحيح أصيل.
فمما جاء عليه قول أبي ذؤيب الهذلي:
متفلق أنساؤها عن قانئ * كالقرط صاو، غُبْرُهُ لا يُرْضَعُ
لم يرد أن له غبرا لكنه لا يرضع، بل أراد أنه ليس له غبر فيرضع، نص على ذلك الأصمعي في ما نقله عنه الأنباري في شرح المفضليات، ونص عليه السكري في شرح أشعار الهذليين.
ومنه قول النابغة:
يحفه جانبا نيق وتتبعه * مثل الزجاجة لم تُكْحَلْ من الرَّمَدِ
لم يرد أن بها رمدا لكنها لم تكحل منه، بل أراد أنه ليس بها رمد فتحتاج أن تكحل منه.
ومنه قول اللعين المنقري:
ما في الدوابر من رجلي من عقل * عند الرهان ولا أُكوَى من العَفَلِ
لم يرد أن به عفلا لكنه لا يكوى منه، إنما أراد أنه ليس به عفل فيحتاج إلى أن يكوى منه.
ومنه قول المزرد بن ضرار:
مقربة لم تقتعد غير غارة * ولَمْ تَمْتَرِ الأَطْباءَ مِنها السَّلائِلُ
لم يرد أن لها سلائل لكنها لم تمتر أطباءها، إنما أراد أنها لا سلائل لها.
ومنه قول عمرو بن أحمر:
لا تفزع الأرنب أهوالها * ولا ترى الضَّبَّ بها يَنْجَحِرْ
قال السكري:
"ومثله:
سمعت صياح فراريجها * وصوت نواقيس لم تضرب
وإنما أراد ذاك الوقت، وليس ثم فراريج ولا نواقيس"
ومنه قول الفقعسي على أحد التفسيرين فيه:
أيبغي آل شداد علينا * وما يُرْغَى لِشَدَّادٍ فَصِيلُ
وهو أنه ليس لهم فصيل فيرغى.
انظر شرح المرزوقي له في شرح الحماسة.
ومنه قول إياس بن مالك:
فما كلت الأيدي ولا انأطر القنا * ولا عثَرتْ منا الجُدودُ العواثرُ
والمقصود أنه ليس لهم جدود عواثر فتعثر بهم، لا أن لهم جدودا هذه صفتها لكنها لم تعثر بهم ذلك اليوم.
ومنه قول العتبي:
وقد كنت ذا ناب وظفر على العدى * فأصبحتُ لا يخشون نابي ولا ظُفْري
أراد أنه لم يبق له ناب ولا ظفر، ولم يرد أن له نابا وظفرا لا يخشونها.
وغير ذلك كثير في شعر العرب.
والله أعلم.

عائشة 19-05-2012 02:36 PM

بارك الله فيك، ونفع بك.

وهذا البابُ سمَّاه ابنُ الأثير (عكس الظَّاهر)، وهو عند ابن رشيقٍ القيروانيِّ (نفي الشَّيء بإيجابه)، وقد أوردَ له هذه الشَّواهدَ الشعريَّة -إضافةً إلى بيتِ امرئِ القيسِ-:
وردة1 قول زُهير:
بأرضٍ خلاءٍ لا يُسَدُّ وصيدُها * عليَّ ومعروفي بها غيرُ منكَرِ
أرادَ: ليس لها وصيدٌ فيُسَدّ.
وردة1 وقول الزُّبير بن عبد المطَّلب:
صَبَحْتُ بهم طَلْقًا يراحُ إلى النَّدى * إذا ما انتشَى لم تحتضرْهُ مفاقرُهْ
ضعيفًا بحثِّ الكأسِ قَبْضُ بنـانِهِ * كليلاً على وجهِ النَّديمِ أظافِرُهْ
أرادَ أنَّه ليس له مفاقر، ولا أظافر.
وردة1 وقول أبي كبير الهذليِّ:
وعلوتُ مرتقَبًا على مرهوبةٍ * حَصَّاءَ ليس رقيبُها في مَثْملِ
عيطاءَ مُعْنِقة يكونُ أنيسـها * وُرْق الحمامِ جميمُها لم يُؤكَلِ
أرادَ أنه ليس بها جميم فيؤكل.
وردة1 وقول أبي ذؤيب:
متفلقٌ أنساؤها عن قانئ * كالقرطِ صاوٍ غُبْرُه لا يُرضَعُ
أراد أنَّها لا لبن لها فيرضع.
وردة1 ثُمَّ ذكرَ أنَّ المعيبَ من هذا الباب قول كُثيِّر يرثي عزَّة:
فهلاَّ وقاكِ الموتَ مَنْ أنتِ زَيْنُهُ * ومَنْ هُوَ أَسْوَا منكِ دَلاًّ وأقبَحُ؟
لأنَّه أوهمَ أنَّ لها دلاًّ سيِّئًا.
انظُر: {العمدة 2/80-82}لابن رشيق -ت456- (بتحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد).

منصور مهران 19-05-2012 04:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل عائشة (المشاركة 30710)
بارك الله فيك، ونفع بك.

وهذا البابُ سمَّاه ابنُ الأثير (عكس الظَّاهر)، وهو عند ابن رشيقٍ القيروانيِّ (نفي الشَّيء بإيجابه)، وقد أوردَ له هذه الشَّواهدَ الشعريَّة -إضافةً إلى بيتِ امرئِ القيسِ-:
وردة1 قول زُهير:
بأرضٍ خلاءٍ لا يُسَدُّ وصيدُها * عليَّ ومعروفي بها غيرُ منكَرِ
أرادَ: ليس لها وصيدٌ فيُسَدّ.
وردة1 وقول الزُّبير بن عبد المطَّلب:
صَبَحْتُ بهم طَلْقًا يراحُ إلى النَّدى * إذا ما انتشَى لم تحتضرْهُ مفاقرُهْ
ضعيفًا بحثِّ الكأسِ قَبْضُ بنـانِهِ * كليلاً على وجهِ النَّديمِ أظافِرُهْ
أرادَ أنَّه ليس له مفاقر، ولا أظافر.
وردة1 وقول أبي كبير الهذليِّ:
وعلوتُ مرتقَبًا على مرهوبةٍ * حَصَّاءَ ليس رقيبُها في مَثْملِ
عيطاءَ مُعْنِقة يكونُ أنيسـها * وُرْق الحمامِ جميمُها لم يُؤكَلِ
أرادَ أنه ليس بها جميم فيؤكل.
وردة1 وقول أبي ذؤيب:
متفلقٌ أنساؤها عن قانئ * كالقرطِ صاوٍ غُبْرُه لا يُرضَعُ
أراد أنَّها لا لبن لها فيرضع.
وردة1 ثُمَّ ذكرَ أنَّ المعيبَ من هذا الباب قول كُثيِّر يرثي عزَّة:
فهلاَّ وقاكِ الموتَ مَنْ أنتِ زَيْنُهُ * ومَنْ هُوَ أَسْوَا منكِ دَلاًّ وأقبَحُ؟
لأنَّه أوهمَ أنَّ لها دلاًّ سيِّئًا.
انظُر: {العمدة 2/80-82}لابن رشيق -ت456- (بتحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد).

من تأمل هذه الشواهد عنت لي أسئلة أحتاج إلى الاستيضاح عنها :
أولا : بيت زهير ( بأرض خلاء .........) ليس في شعر زهير بن أبي سلمى .
فمَن زهير هذا ؟
وقد وجدت البيتَ منسوبا إلى عبيد بن وهب العبسي ؛ في السيرة النبوية لابن هشام .

ثانيا : في البيت الثاني من بيتَي الزبير بن عبد المطلب ( ضعيفا بحث الكأس ...... ) لم يتضح لي المعنى بهذه الرواية .
وأظن الشاعرَ يريد : أن أنامله لضعفها لا تمسك الكأس ولا تخمش وجه النديم .
وهو ينفي بذلك عن نفسه شُرْبَ الراح فهو لا يقع منه إمساك الكأس وأيضا لا يُظَفِّر وجه النديم .
وعلى هذا فالأقرب لصحة رواية البيت ( ضعيفا بِحَبْسِ الكأس ) في يده .
فهل أصبتُ ؟

ثالثا : في قول أبي كبير الهذلي ( وعلوت مرتقبا ....) لعلي أفهم أنَّ الأنسب أن يكون الشعر ( وعلوت مرتقيا ) بالياء للمناسبة بين العلوّ والارتقاء .

رابعا : في قول كثير جاء رسم كلمتين على غير ما يُعرف :
( فهلاَّ ) و ( دَلاًّ )
وأرى وجه الرسم : ( فهلَّا ) و ( دَلًّا )
وبالله التوفيق .

صالح العَمْري 19-05-2012 08:50 PM

أحسنتم أحسن الله إليكم.
اقتباس:

ثالثا : في قول أبي كبير الهذلي ( وعلوت مرتقبا ....) لعلي أفهم أنَّ الأنسب أن يكون الشعر ( وعلوت مرتقيا ) بالياء للمناسبة بين العلوّ والارتقاء .
هذا الذي ذهب إليه شيخنا العلامة منصور مهران مذهب مقبول لكني أرى أن الصواب هو "مرتقبا" بالباء.
ويدل على ذلك أشياء:
1 - معنى الأبيات وسياقها، لأن أبا كبير يصف ربْأَه للقوم، واعتيانَه لهم، فكان الأنسب أن يقول هنا: "مرتقِبا"، أما "مرتقِيا" فهي تشبه الحشو إذ كان معناها مفهوما من "علوت".
قال أبو كبير:
ولقد ربأت إذا الرجال تواكلوا * حم الظهيرة في اليفاع الأطول
ربأت: أي كنت ربيئة لهم، وهو الطليعة الذي يرتقب لهم.
في رأس مشرفة القذال كأنما * أطر السحاب بها بياض المجدل
وعلوت مرتقبا على مرهوبة * حصاء ليس رقيبها في مثمل
فقوله: "ربأت" في البيت الأول يرجح أن هذه "مرتقبا" بالباء.
وأظهر من ذلك قوله في البيت الثالث: "ليس رقيبها في مثمل"، فإنه لما أخبر أنه علاها مرتقبا أي رقيبا، قال بعده: وليس الرقيب الذي يعلوها في حفظ وأمن.

2 - أنه روي في البيت رواية أخرى ترجح أن هذه بالباء "مرتقبا"، فقد روي: "وعلوت مرتبِئا"، وهي رواية السكري في شرح أشعار الهذليين، والمرتبئ هو المرتقِب، فهذه الرواية كما ترى ترجح "مرتقِبا" بالباء إذ كانت في معناها.

3 - أنه جاء في شعر العرب شطر مثل هذا في لفظه بحروفه، وهو في معلقة لبيد بن ربيعة رضي الله عنه، ومن العجيب أنني هذه الأيام أعمل في مراجعتها وأقرأ شرح ابن الأنباري عليها، قال لبيد رضي الله عنه:
فعلوت مرتقَِبا على مرهوبة * حرج إلى أعلامهن قتامها
وهنا ينبغي التنبيه على أمر، وهو أن "مرتقبا" في بيت لبيد روي بفتح القاف وكسرها، والفتح رواية الأصمعي حكاها عنه ابن الأنباري، فيجوز أيضا أن تكون في بيت أبي كبير بالفتح والكسر، لكن الرواية الأخرى في بيت أبي كبير -أعني "مرتبِئا"- ترجح الكسر.

فهذا ما عندي في هذه اللفظة، وأريد أن أعود إلى موضع الشاهد الذي من أجله سيق البيت، وهو قوله: "جميمها لم يؤكل".
فظاهر كلام السكري أن هذا على ظاهره، وهو أن بها جميما أي نبتا لكنه لم يؤكل لبعدها وارتفاعها عن الناس والبهائم، فلا يكون فيها شاهد على المذهب الذي نتكلم عنه.
وأنا أرى أن الصواب ما ذهب إليه ابن رشيق، وأن المعنى: ليس بها جميم فيؤكل، فتكون شاهدا صحيحا على ما نحن فيه.
وإذا أردت الدليل البيِّن القاطع على صحة ما ذهب إليه ابن رشيق فانظر إلى قول أبي كبير في البيت الذي قبله:
حصَّاء ليس رقيبها في مثمل
فالحصَّاء هي التي لا نبات فيها، وقد ذكر ذلك السكري نفسه في شرح هذه اللفظة، فكيف يصفها أبو كبير بأنها حصَّاء لا نبت فيها، ثم يعود ويقول: بها نبات لم يؤكل؟!
وإنما أراد بقوله: "جميمها لم يؤكل" أنه ليس بها نبات فيؤكل، وهذا يلتئم مع وصفها من قبل بأنها حصَّاء.
ويلتئم أيضا مع المعروف في شعر العرب إذا وصفوا هذه المراقب التي يرتبئونها، فإنهم يصفونها بالانجراد والخلو من النبات، من ذلك قول أمية بن الأسكر الكناني:
ومرقبة نميت إلى ذراها * تُزِلُّ الطيرَ كالرأس الحليقِ
فشبهها بالرأس الحليق لانملاسها وخلوها من النبت وغيره.
وفي نفسي كلام كثير عن أشياء تشبه هذا، فلعلي أجد فسحة لإخراجه، والله أعلم.

عائشة 19-05-2012 09:46 PM

بارك الله فيكم جميعًا.

وكلمة (مرتقبًا) ضبطَها الشَّيخ محمد محيي الدين عبد الحميد -رحمه الله- بفتح القاف، وعلَّق قائلاً:
( المرتقَب: اسم المكان من الارتقاب، وهو الصعود في رأس جبل أو حصن، وضبطه في «اللسان» على أنَّه اسم فاعل بكسر القاف، وهو وجه ) انتهى.

اقتباس:

وإذا أردت الدليل البيِّن القاطع على صحة ما ذهب إليه ابن رشيق فانظر إلى قول أبي كبير في البيت الذي قبله:
حصَّاء ليس رقيبها في مثمل
زادكَ الله من فضله.
وقد ذكر هذا ابن رشيق -رحمه الله-، فقال: ( يدلُّ علَى ذلك قولُه في البيت الأول: «حصَّاء»، وهي التي لا نبتَ فيها ) انتهى. ولكنِّي تركتُ ذلك اختصارًا.

صالح العَمْري 20-05-2012 07:00 PM

اقتباس:

وكلمة (مرتقبًا) ضبطَها الشَّيخ محمد محيي الدين عبد الحميد -رحمه الله- بفتح القاف، وعلَّق قائلاً:
( المرتقَب: اسم المكان من الارتقاب، وهو الصعود في رأس جبل أو حصن، وضبطه في «اللسان» على أنَّه اسم فاعل بكسر القاف، وهو وجه ) انتهى.
الحمد لله أن قولي وافق صوابا إذ قلت: إنه يجوز في بيت أبي كبير الفتح والكسر، فإنني والله ما رجعت إلى كتاب العمدة لابن رشيق ولا قرأت تعليق الشيخ محيي الدين.
وكذلك في هذا:
اقتباس:

وقد ذكر هذا ابن رشيق -رحمه الله-، فقال: ( يدلُّ علَى ذلك قولُه في البيت الأول: «حصَّاء»، وهي التي لا نبتَ فيها ) انتهى. ولكنِّي تركتُ ذلك اختصارًا.
ما رجعت إلى كلام ابن رشيق ولا قرأته، ولست أقول هذا لأدعي لنفسي العلم وجودة الرأي، معاذ الله، وإنما كراهة أن يُظن أنني أخذته من ابن رشيق ودلست في الكلام لأوهم أنني استنبطته بنفسي.

ومما يجري مجرى ما أنشدناه من الأبيات قول رؤبة بن العجاج يصف صائدا:
لا يشتكي صدغيه من داء الوَدَقْ
فإنه لم يرد نفي الشكوى مع إثبات الداء كما يوهم ظاهر اللفظ، بل أراد نفي الداء رأسا.

عائشة 20-05-2012 08:21 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل صالح العَمْري (المشاركة 30748)
وإنما كراهة أن يُظن أنني أخذته من ابن رشيق ودلست في الكلام لأوهم أنني استنبطته بنفسي.

لستَ ممَّن يُظَنُّ بهم هذا.
بارك الله فيكَ، ونفعَ بعلمِكَ.

فيصل المنصور 21-05-2012 01:01 AM

شكر الله لكم.
ومن أمثلتِه في القرآن قولُه تعالى: ((يدعو لمَن ضرُّه أقربُ من نفعِه))، فأثبتَ له في ظاهر الكلام ضرًّا، ونفعًا وقد قالَ قبلَ هذه الآية: ((يدعو من دون الله ما لا يَضُرّه وما لا ينفعُه)).
ووددتُّ لو نظَر الأساتذة الكرام في التوجيه البلاغيِّ لهذه المسألة، وما تشتمِلُ عليه من الحِكمة، ثمَّ في قانونِها، وحدِّها ليكونَ الحديثُ تامًّا، وشافيًا.

البدر القرمزي 23-05-2012 01:04 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل منصور مهران (المشاركة 30714)
من تأمل هذه الشواهد عنت لي أسئلة أحتاج إلى الاستيضاح عنها :
أولا : بيت زهير ( بأرض خلاء .........) ليس في شعر زهير بن أبي سلمى .
فمَن زهير هذا ؟
وقد وجدت البيتَ منسوبا إلى عبيد بن وهب العبسي ؛ في السيرة النبوية لابن هشام .

ثانيا : في البيت الثاني من بيتَي الزبير بن عبد المطلب ( ضعيفا بحث الكأس ...... ) لم يتضح لي المعنى بهذه الرواية .
وأظن الشاعرَ يريد : أن أنامله لضعفها لا تمسك الكأس ولا تخمش وجه النديم .
وهو ينفي بذلك عن نفسه شُرْبَ الراح فهو لا يقع منه إمساك الكأس وأيضا لا يُظَفِّر وجه النديم .
وعلى هذا فالأقرب لصحة رواية البيت ( ضعيفا بِحَبْسِ الكأس ) في يده .
فهل أصبتُ ؟

ثالثا : في قول أبي كبير الهذلي ( وعلوت مرتقبا ....) لعلي أفهم أنَّ الأنسب أن يكون الشعر ( وعلوت مرتقيا ) بالياء للمناسبة بين العلوّ والارتقاء .

رابعا : في قول كثير جاء رسم كلمتين على غير ما يُعرف :
( فهلاَّ ) و ( دَلاًّ )
وأرى وجه الرسم : ( فهلَّا ) و ( دَلًّا )
وبالله التوفيق .

يجوز رسم الشدَّة على الألف عند علماء الرسم المعاصرين، كما في قولنا: إلاَّ وألاَّ... وغالباً ما يظهرها الحاسوب كذلك.
ولكنَّ الأفضل وضعها على اللام لمطابقة الملفوظ المخطوط، كما في إلَّا وألَّا ولكنَّ شكلها الحاسوبي هذا غير جميل، ولذلك أنا شخصيَّاً أحبُّ أن أكتبها وما شاكلها من الألفاظ بخط اللوتس، وهو متوفر على الشبكة، ويمكن إضافتها للخطوط على الأجهزة، لتظهر بالصورة اللائقة الرائقة، هكذا:
إلَّا ألَّا.
والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

البـاز 22-06-2012 09:00 PM

بارك الله فيكم ونفع بعلمكم.
ما زاد عجبي هو نِسبةُ ابن الأثير رحمه الله عَجُزَ بيتٍ لبعض الأعراب لنفسه -وذلك لا شك سهوٌ منه-وهو قوله:
أَدْنَيْنَ جِلبابَ الحياءِ فَلَنْ يُرَى~~~لِذُيولِهِنَّ عَلى الطَريقِ غُبارُ
وأصل البيت لأعرابي:
رُجُحٌ ولَسْنَ مِنَ اللَواتي بِالضُّحى~~~لِذُيولِهِنَّ على الطريقِ غُبارُ
وإن وجدنا في السهو عذرا له في نسبة البيت لنفسه فلن نجد له عذرا في إخفاقه شعريا لتنافر صدر بيته مع عجزه وذلك لأن إدْنَاءَ جلباب الحياء ليس واجبا على النساء مع انتفاء خروجهن.

ومن شواهد هذا الباب:
قول مسلم بن الوليد:
تَراهُ في الأَمنِ في دِرعٍ مُضاعَفَةٍ~~~لا يَأمَنُ الدَهرَ أَن يُدعَى عَلى عَجَلِ
لا يَعبَقُ الطّيبُ خَدَّيهِ وَمَفرِقَهُ~~~ولا يُمَسِّحُ عَينَيهِ مِنَ الكُحُلِ
إِذا انتَضى سَيفَهُ كانَت مَسالِكُهُ~~~مَسالِكَ المَوتِ في الأَبدانِ والقُلَلِ

فليس المراد نفي العبق والمسح بل المراد نفي الطيب والكحل أصلا.
ومنها قول المتنبي:
أَفدي ظِباءَ فَلاةٍ ماعَرَفنَ بِها~~~مَضغَ الكَلامِ وَلا صَبْغَ الحَواجيبِ
وَلا بَرَزنَ مِنَ الحَمّامِ ماثِلَةً~~~أَوراكُهُنَّ صَقيلاتِ العَراقيبِ

أراد نفي ذهابهن إلى الحمام أصلا وليس عدم بروزهن من الحمام بتلك الهيئة.

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل فيصل المنصور (المشاركة 30758)
ووددتُّ لو نظَر الأساتذة الكرام في التوجيه البلاغيِّ لهذه المسألة، وما تشتمِلُ عليه من الحِكمة، ثمَّ في قانونِها، وحدِّها ليكونَ الحديثُ تامًّا، وشافيًا.

نرجو ذلك.
بارك الله فيكم جميعا.

خالد العاشري 19-11-2017 03:04 PM

يقول ابن السِّيد البَطَلْيَُوسي في كتابه «الإنصاف في التنبيه على المعاني والأسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين في آرائهم» : «ومن طريف المجاز العارض من قِبَل التركيب إيقاعُهم أدوات المعاني على السّبب ومرادهم المسبَّب تارة، وتارة يوقعونها على المسبب ومرادهم السبب، وإنما يفعلون هذا لتعلّقِ أحدِهما بالآخر.
-فمثال الأول قولُه تعالى: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}؛ فأوقع النهي على الموت في اللفظ، والموتُ ليس بفعلٍ لهم فيصحّ نهيُهم عنه، وإنما نهاهم عن مفارقة الإسلام، فمعناه لا تفارقوا الإسلام حتى تموتوا عليه، فأوقع النهي على الموت لأنه السبب الذي من أجْلِ توقُّعه وخوفِه يلزم الإنسانَ أن يستعدّ لوروده ويتأهب له بصالح عمله.
-والثاني مثل قوله تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين}، وليس المرادُ إثباتَ شفاعةٍ غيرِ نافعة، لأنه لا شفاعة هناك في الحقيقة، بدليل قوله تعالى: {فما لنا من شافعين ولا صديق حميم}؛ فأوقع النفي على المنفعة التي هي المسبَّب، ومراده تعالى الشفاعة التي هي السبب، فكأنه قال: فما تكون شفاعة فتكون منفعة.

ومن هذا الباب قول امرئ القيس:
*على لاحب لا يهتدَى بِمناره*
ولم يرد إثبات المنار ونفي الهداية به، ولو كان ثَمَّ منار لكانت ثم هداية، وإنما المعنى: ليس به منار فتكونَ هداية.
ومن هذا قول العرب: «لا أَرَيَنّك ههنا»؛ أي: لا تكونّن ههنا فإني أَراك، فالمراد بالنهي الكونُ لا الرؤيةُ.
ونحوه قول النابغة:
لا أَعْرِفَنْ رَبْرَبًا حُورًا مَدامِعُها *** كأنّ أبكارَها نِعاجُ دَوّارِ
فعلى هذا مخرج هذا الباب، والله أعلم.». ص: 109-110 ط. دار الفكر، تحقيق: محمد روضوان الداية.


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 04:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ