من لطائف الكلم في العلم ..
البسملة1 الحمدُ لله والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسولِ الله ، وعلَى آلِه وصَحبِه ومَن اقْتفَى أثرَه واهتَدى بهُداه ، أمَّا بعدُ .. فمِن جميلِ مشاريعِ الشَّيخِ بكر أبو زيد ـ رحمه الله تعالى وأسكنَه فسيحَ جنَّاتِه ـ مشروعُه : « الإِسفارُ عن النَّظائرِ في الأَسفارِ » .. يقولُ الشَّيخُ رحمه الله تعالى : « فقد كُنت مُنذُ زمنٍ بعيدٍ وأمدٍ غيرِ قريبٍ أستعرضُ ما تَحصَّل لي مِن كُتبِ السَّلفِ قِراءةً وتَـتَـبُّعًا وبحثًا وتحقيقًا في مَواطِنَ مُتكاثِرةٍ ، وفي هَذا الـمسيرِ ، وتِلكُم الدُّلجةِ أُقـيِّـدُ ما وَجدتُ مِن ضمِّ النَّظيرِ إلى نَظيرِه مـمَّا لـم يُسبَـقْ لجامعٍ ـ فيما أعلمُ ـ تسطيرُه ، وأُقـيِّـدُ ما وجدتُ مِن اللَّطائفِ ، وما وَجدتُ من بَديعِ الفوائدِ ، وعَزيزِ المطالبِ ، فاجتمعَ لديَّ طائفةٌ نفيسةٌ مِنها ، وسَمَّيتُ هَذهِ التَّذكرَة : « الإِسفار عن النَّظائرِ في الأَسفار » اهـ وقد اشْتملَ هذا المشروعُ العظيمُ على مجاميعَ جليلةٍ جميلةٍ ـ في عشرينَ بابًا مِن أبوابِ العِلمِ ـ مِنهَا ما تمَّ طبعُه في حياةِ الشَّيخِ رحمه الله تعالى ، ومِنهَا ما زَالَ مخطوطًا ـ عجَّلَ الله لـه الفَرَج ـ . ،،،،،،،،، ومِن لَطيفِ ما طُبعَ ونُشِرَ مِن ذلك : المجموعُ المسمَّى : « لَطائِفُ الكَلِمِ في العِلمِ » .. قالَ الشَّيخُ رحمه الله تعالى في مُقدِّمتِه بعدَ الحمدِ والصَّلاةِ : « فلمَّا رأيتُ أهلَ العِلمِ على اخْتِلافِ مَشاربِهم : مُفسِّرينَ ، مُحدِّثينَ ، فُقهاءَ ، لِسانِيِّينَ ، أُدباءَ ... ، يُطرِّزونَ مَنطِقَهم بكلماتِ العُلماءِ الجامعةِ في مُحادثاتِهم ، ومُحاوَراتِهم ، وفي تَضاعيفِ مُؤلَّفاتِهم ، بل كانَ سِمةً لِلكتابِ في مُحرَّراتِهم ومُراسَلاتِهم » . قالَ : « لِذلك رَأيتُ أن أَنتخِبَ مِنها ، وأَلتَقِطَ مِن غيرِهَا ( لَطائِفَ الكَلِمِ في العِلمِ ) الَّتي يَكثُر تَداوُلُـها ، وتَطريزُ الحديثِ بهَا » اهـ ،،،،،،،،، ومـمَّا أورَد في مجموعِه مِن لَطائفِ الكَلِمِ : * أُحِبُّ الحقَّ وأُحِبُّ فُلانًا مَا اجْتمعَا ، فَإِذا افْترَقا كانَ الحقُّ أحبَّ إليَّ مِن فُلانٍ . * إذَا زَلَّ العالِـمُ ، زلَّ العالَـمُ . * إنَّما يُشكَلُ ما يُشكِلُ . * أَولَى الأَشياءِ بِالضَّبطِ أسماءُ النَّاسِ ؛ لأنَّه شيءٌ لا يَدخلُه القِياسُ ، ولا قَبلَه شيءٌ يَدلُّ عليهِ ، ولا بَعدَه شيءٌ يَدلُّ عليهِ . * خَرْقُ الإِجماعِ خُرْقٌ . * السُّـنَّـةُ مِنهَاجِي ، ومِنهَا أَجِي . * كلُّ البِدَعِ كانَت بتأويلٍ ، إلَّا ( الرَّفضُ ) فكانَ بوَضعِ زِنديقٍ . * ما كُتِبَ قـرَّ ، وما حُـفِظَ فَـرَّ . ،،،،،،،،، ومن كان قد وقف على شيء من هذه اللطائف من إخواننا مما لم يورده الشيخ في مجموعه ، فليتحفنا به .. وجزاكم الله خيرا .. ،،،،،،،،، |
اقتباس:
تَذَكَّرْتُ هَذِهِ الكَلِمَةَ المَشْهُورَةَ:
ولَعَلِّي أَبْحَثُ فِي دَفَاتِرِي عَن مثْلِ هَذِهِ الكَلِمَاتِ -إن شَاءَ اللهُ-. وجَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، ونَفَعَ بِكَ. |
جَزاكُم اللهُ خَيرًا .. ،،،،،،،،، ومِن اللَّطائفِ ما ذَكرَه الدُّكتورُ الطَّناحيُّ رحمه الله تعالى فِي كِتابِه ( فِي اللُّغةِ والأَدَبِ : 2/529 ) فقَالَ : « وَكَانُوا يَقُولونَ لنَا أيضًا : « لَا تَكسِر الصَّحاحَ و لَا تَفتَح الخِزَانَـةَ » يُريدونَ ( الصَّحاحَ ) لِلجَوهَرِي ، و أنَّه بفَتحِ الصَّادِ ، و ( خِزانَـةَ الأَدَبِ ) لِلبَغدَادِيِّ ، وأنَّها بِكَسرِ الخَاءِ » اهـ ،،،،،،،،، |
قالَها الشَّافعيُّ -رحمه الله تعالى-. «مِفتاح دارِ السَّعادةِ»: (1/503). |
ومِـمَّا ذكرَه الشَّيخُ بكرٌ رحمه الله تعالى في مَجمُوعِه : « * الرِّوايةُ عن حَرامٍ حَرامٌ . قالها الأئمَّةُ : الشَّافعيُّ وابنُ مَعينٍ والجوزجانيُّ في حَرامِ بنِ عُثمانَ . * قولُ ابْنُ الضَّائعِ ضائعٌ . يعني : قولَه بعَدَم الاحتِجاجِ بالحديثِ النَّبويِّ في اللُّغةِ . ( خِزانَةُ الأَدَبِ : 1/9ـ 19 ) » اهـ ،،،،،،،،، قلت : ومِثلُه ما يُروَى عن أبي مُسهِر الغسَّانيِّ قولُه : « أَحَادِيثُ بَـقِـيَّـة ، لَيْسَتْ نَقِـيَّـة ، فَـكُنْ مِنهَا علَى تَـقِـيَّـة » يَقصِدُ به بَـقِـيَّـةَ بنَ الوَليدِ الحمصيِّ( ت 197 ) ، وهو ثِقةٌ ، لكنَّه كان يُدلِّسُ عن الضُّعفَاءِ . ،،،،،،،،، قالَ أبو زُرعةَ : « بَقيَّـةُ عَجَبٌ ، إذا رَوى عن الثِّقاتِ فهو ثِقةٌ ، فأمَّا في المجهولينَ فيُحدِّث عن قَومٍ لا يَعرِفُونَ ولا يَضبِطونَ » اهـ وقالَ النَّسائيُّ : « إذا قالَ : ( حَدَّثنا ) و ( أَخبَرنا ) فهو ثِقةٌ ، وإذا قالَ : ( عَن فُلَانٍ ) فلا يُؤخَذُ عنه ، لأنَّه لا يُدرَى عمَّن أخذَه » اهـ انظر : ( تَهذيبُ التَّهذِيب : 1/239 ) |
مِـمَّا عَلِقَ بالذَّاكِرَةِ:
مَن قَـرَأَ فِي خَمْسٍ؛ لَـمْ يَنسَ. يُريدونَ: أنَّ مَنْ خَتَمَ القُرْآنَ الكريمَ كُلَّ خَمْسَةِ أيَّامٍ؛ ثَبَتَ حِفْظُهُ، ولَمْ يَنسَهُ -بإذنِ اللهِ تعالَى-. وبعضُهُم يقولُ: مَن قَـرَأَ الخَمْسَ؛ لَمْ يَنـسَ. أي: مَن قَرَأَ خَمْسَةَ أجزاءٍ كُلَّ يَوْمٍ. ونَسْألُ اللهُ تعالَى مِن فَضْلِهِ. |
جَزاكُم اللهُ خَيرًا .. ،،،،،،،،، ومِـمَّا ذكرَه الشَّيخُ بكرٌ رحمه الله تعالى في مَجمُوعِه : « * العِلْمُ مَا دَخَلَ مَعَكَ الحَـمَّـامَ . يَعنِي : حِفْـظُه حِفْظُ صَدْرٍ . ( شَرحُ الإحياءِ : 1/92) لِلزُّبَيديِّ » اهـ ،،،،،،،،، قُلتُ : وهُو أحَدُ نَوعَي الضَّبْطِ عندَ الـمُحدِّثينَ ، ويُسمَّى : ضَبْطَ الصَّدْرِ . وهُو مَع الإِتقَانِ أولَى مِن ضَبْطِ الكِتَابةِ ، وقِيلَ : عَلَيْكَ بِالحِفْظِ دُونَ الجَمْعِ فِي الكُتُبِ ..... فَـإِنَّ لِلْـكُـتْـبِ آفَـاتٍ تُـفَــرِّقُـهَـا الـمَـاءُ يُـغْـرِقُـهَا وَالنَّـارُ تَـحْـرِقُـهَا ..... وَالفَـأْرُ يَـخْـرِقُـهَا وَاللِّـصُّ يَسْرِقُهَا انظر : ( الشَّيخُ العَلَّامَةُ والأَديبُ الرَّحَّالَةُ مُحمَّدُ العُبُودِيُّ : 1/37 ) ،،،،،،،،، وهَا هُنَا كلمةٌ جميلةٌ لِـمُحدِّثِ عَصرِنَا الشَّيخِ الأَلبانيِّ رحمه الله تعالى ، حِينَ سُئِلَ عَن عِلمِ سَماحَةِ الشَّيخِ ابْنِ بَازٍ رحمه الله تعالى في الحَدِيثِ ورِجالِه ، قالَ : « هَذَا رَجلٌ عِلمُه في صَدرِه ، ونَحنُ عِلْمُنا في الكُتُبِ » وهَذا مِن تَواضُعِه رحمه الله تعالى ، وتَقْدِيرِه لأَهلِ العِلمِ . .. رَحِمَ اللهُ عُلماءَنا أَجمعِينَ .. ،،،،،،،،، |
شَكَرَ اللهُ لكَ. ،،،،،،،،، ويَقولُ الإمامُ الشَّافعيُّ -رحمه الله تعالَى- في هذا المعنَى: عِلْمِــي مَعِــي حَيْثُـمَا يَمَّمْتُ يَنفَعُـنِي ........ قَلْبِــي وِعَــاءٌ لَّــهُ لا بَطْــنُ صُــندُوقِ إِن كُنتُ في البَيْتِ كَانَ العِلْمُ فِيهِ مَعِي ........ أَوْ كُنتُ في السُّوقِ كَانَ العِلْمُ في السُّوقِ ،،،،،،،،، |
ومِن « لَطائِف الكَلِمِ فِي العِلْمِ » قَولُ أَحَدِ الخُلفَاءِ يُوصي ابْـنَه : « اكْتُبْ أَحْسَنَ مَا تَسْمَعُ ، وَاحْفَظْ أَحْسَنَ مَا تَـكْتُبُ ، وحَدِّثْ بِأَحْسَنِ مَا تَـحْـفَظُ » ،،،،،،،،، انظر : ( الشَّيخُ العَلَّامَةُ والأَديبُ الرَّحَّالَةُ مُحمَّدُ العُبُودِيُّ : 1/37 ) |
بارك الله فيكما، وجزاكما خير الجزاء.
اقتباس:
دعونيَ من إحراق رَقٍّ وكَاغَدٍ ** وقولوا بعلمٍ كي يرى الناسُ من يدري فإن تحرقوا القرطاسَ لا تحرقوا الذي ** تضمنه القرطاس إذ هو في صدري يسير معي حيث استقلت ركائبي ** وينزلُ إن أنزلْ ويدفنُ في قبري وقال بعضهم: ليس بعلم ما حوى القِمَطْرُ ** ما العلمُ إلا ما وعاه الصدرُ |
ومِنَ الكَلِمَاتِ الَّتي كَثُرَ تَداوُلُها: «اخْتِيَارُ الرَّجُلِ قِطْعَةٌ مِّنْ عَقْلِهِ» قالَ الجاحِظُ في «البَيان والتَّبيين 1/77 »: (وقَالُوا: شِعْرُ الرَّجُلِ قِطْعَةٌ من كلامِهِ، وظَنُّهُ قِطعَةٌ من عِلْمِهِ، واختِيارُهُ قِطْعَةٌ من عَقْلِهِ). وقالَ أبو هِلالٍ العَسْكَرِيُّ في «كتابِ الصِّناعَتَيْنِ 3»: (وقَدْ قِيلَ: اخْتِيَارُ الرَّجُلِ قِطْعَةٌ من عَقْلِهِ، كَمَا أنَّ شِعْرَهُ قِطْعَةٌ من عِلْمِهِ). ،،،،،،،،، |
اقتباس:
وذُكِرَ في أَخبَارِ الخَليفةِ الأُمويِّ عبدِ الملكِ بْنِ مَروَانَ أنَّه قِيلَ لَه وقَدْ عَلَا الشَّيبُ رَأْسَه : شِبْتَ يَا أَميرَ المؤمِنينَ ؟ فَقَالَ : « كَيفَ لَا وَأَنَا أَعْرِضُ عَقْلِي عَلَى النَّاسِ كُلَّ جُـمُـعَةٍ ؟! » ،،،،،،،،، ( لا أذكرُ الآنَ أينَ قَرأتُ هَذا الخبرَ ، ولعلَّه في سِيرِ أَعلامِ النُّبلاءِ ) |
ومِن لَطائفِ الكَلِمِ : مَا ذَكرَه الحافظُ الذَّهبيُّ عن عُبيدِ الله بْنِ أبي جَعفَرٍ في الإخلاصِ قولُه : « إِذَا كانَ الـمَرءُ يُحدِّثُ في مَجلسٍ فأعجَبَه الحديثُ فَلْـيُمسِكْ ، وإذَا كانَ ساكتًا فأعجبَه السُّكوتُ فَلْيتَحدَّثْ » . ،،،،،،،،، انظر : ( سِير أَعْلَامِ النُّبلَاءِ : 6/10) . |
اقتباس:
|
نَسَبَهُ إِلَى الجاحِظِ: الحُصْرِيُّ في «زَهْرِ الآدابِ 1/183»، وابْنُ رَشيقٍ في «العُمدة 1/114». |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 01:12 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ