![]() |
الإكمال
البسملة1 مما ينتظم في سلك الفنون البديعية ما لعلي أدعوه بالإكمال (من قولك: أكملتُ الشيءَ، إذا أتممتَه)، وأعني به أن يختمَ الشاعرُ بيتَه بكلمةٍ، ثم يبدوَ له أن يزيدَ في بيانِها وتوكيدِها، فيبدأَ بها بيتَه التالي ...فمن ذلك قولُ الخنساءِ بنتِ عمرٍو السُّلَميَّةِ: ألا لا أرَى في الناسِ مثلَ معاويَهْ * إذا طرقتْ إحدَى الليالِي بداهيَهْ وقولُ يزيدَ بنِ مفرِّغٍ الحِمْيرَيِّ:بداهيَةٍ يُضغِي الكلابَ حسيسُها * وتخرُجُ من سرِّ النَّجِّيِّ علانيَهْ [شرح ديوان الخنساء لأبي العباس ثعلب، ص: 58] عدَسْ ما لعبادٍ عليكِ إمارةٌ * نجوتِ وهذا تحملينَ طليقُ طليقُ الذي نجَّى من الكربِ بعدما * تلاحمَ في دربٍ عليهِ مضيقُ [ديوانه، ص: 170] |
جزاكم الله خيرًا شكر الله لكم شيخنا الفاضل / أبا أنس ،، حديثٌ ممتعٌ ، وبداية موفقة هل يدخل في هذا قول أبي تمام : فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ ،،،،،،نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ ،،،،،، وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ أم ذاك تفصيلٌ وزيادة بيان ؟ |
بارك الله فيك يا أبا مسلم، ورفع قدرك.
وأخوكم ليس بشيخ لغة ولا اصطلاحا، وإنما هذا من حسن ظنكم. وأما بيتا أبي تمام فنعم فيهما إكمال وإتمام، ولكني أرى أن وقوع ذلك في قافية البيت الأول أو قريبا من القافية أفضل من جهة الصنعة البديعية. |
بورك فيكم حديثٌ حسنٌ بديع ومنه قول ليلى الأخيَليَّة في الحجَّاج: إِذا هبطَ الحَجَّاجُ أرضًا مَريضَةً * تَتَبَّعَ أقْصى دائِها فشَفاها شَفاها من الدّاءِ العُضالِ الذي بها * غُلامٌ إذا هَزَّ الْقَناةَ سَقاها سَقاها فَرَوّاها بِشِرْبٍ سِجالُهُ * دِماءُ رجالٍ حيثُ مالَ حَشاها [أمالي القالي، 1/86] وهذا النّوع ذكره أصحابُ البديع وسمّاهُ بعضهم: (التّسبيغ) وسمّاهُ ابن أبي الأصبع في (تحرير التَّحبير): (تشابه الأطراف) والله أعلم |
وبارك فيك وحفظك وجزاك خيرا على ما أفدتنا به مما لم أكن أعلمه.
وهاهنا ملحوظتان: الأولى: أن مصطلح تشابه الأطراف قد يطلق في غير هذا الموضع لمعنى بديعي آخر، قال القزويني في الإيضاح: (ومن مراعاة النظير ما يسميه بعضهم تشابه الأطراف، وهو أن يختم الكلام بما يناسب أوله في المعنى كقوله تعالى: ((لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير)) فإن اللطف يناسب ما لا يدرك بالبصر والخبرة تناسب من يدرك شيئًا فإن من يدرك شيئًا يكون خبيرًا به ...) والثانية: أنهم يريدون بتشابه الأطراف أن يجعل الشاعر قافية بيته الأول أول البيت الثاني، وقافية الثاني أول الثالث، وهكذا إلى انتهاء كلامه كما ذكره النويري في نهاية الأرب، وهذا ضرب من الغلو في الصنعة اللفظية على حساب المعنى. فعلى هذا يكون ما ذكرته مباينا لما أسموه بتشابه الأطراف من وجهين: الوجه الأول: خلوه من التكلف، وعدم التزامه في أكثر من بيتين. والوجه الثاني: اشتراط إفادته التوكيد والبيان كما ذكرت في أول الحديث، فليس من الإكمال الذي أعني ما استحسنه ابن أبي الإصبع لأبي نواس، وعده أفضل من أبيات ليلى الأخيلية، وهو قوله: [من السريع] خزيمةُ خيرُ بني خازم * وخازمٌ خيرُ بني دارمِ ودارمٌ خيرُ تميمٍ وما * مثلُ تميمٍ في بني آدمِ فالقافية-كما ترى-تامة كاملة، وما بعدها مستأنف خلافا للشاهدين اللذين ذكرتُ. |
بارك الله فيكم ونفع بكم وزادكم من فضله وقالَ أبو عاصم عبُد الله بنُ حمزةَ الأسلميُّ يمدحُ عبدَ الله بن مُصعب الزُّبيريّ، إذْ كان واليًا على اليَمامة: مَنْ كان عن سُوقٍ لمجدٍ سائلًا * فيه النَّدَى، فلَهُ بِحَجْرٍ سُوقُ سُوقٌ لعبدِ الله من يَحلُلْ بِهِ * فلَهُ صَبُوحٌ من نَدًى وغَبُوقُ [جمهرة نسب قريش، ص:138] الذي فهمتُه من كلامهم أنّ هذا النّوع عندَهم المسمّى بالتّسبيغ وتشابه الأطراف أقلُّ أحواله أن يكون في بيتين، وقد يزيدُ على ذلك، وربّما استوعبَ جميع الأبيات، أمّا أن يُشترطَ فيه هذا الاستيعاب، فهذا لا يظهر، بدليل تمثيلهم بأبيات الأخيلية وهي من جملة أبيات لها لم تلتزم فيها ذاك التّكرير، وكذا بيتيْ أبي نواس، ولا شكّ أن الإكثار منه ليس بالحسن كالإكثار من الجناس وغيره من المحسّنات، والله أعلم |
لا عدمنا فوائدك ولطائفك أيها الأريب،
أقصد-وربما أخطأتُ في اللفظ فيما مر-أن الإكمال الذي زعمته هو ما كان في بيتين لا أكثر، فهو بهذا الوجه مع ما ذكرت من اشتراط زيادة البيان-أخص من تشابه الأطراف الذي ذكره البلاغيون، ويمكن أن يقال: إن كل إكمال هو من تشابه الأطراف دون عكس. |
وقال طهمانُ بنُ عمرٍو الكِلابيُّ، ولعله أخذه من قولِ ابنِ مفرِّغٍ السابق: لعلك بعدَ القيدِ والسجنِ أن تُرَى * تمرُّ على ليلى وأنتُ طليقُ طليقُ الذي نجَّى من الكربِ بعدمَا * تلاحمَ من دربٍ عليك مضيقُ [ديوانه، ص: 23] |
بارك الله فيكم. قال صاعد: (وقوله: (تزمجر) يعني (تصوِّتُ)، وأراد بــ(صفراءَ) قوسَه، وأراد بالفتيةِ الماضين سهامَها.) اهـوقال عبَيْدُ بن أيوبَ العنبريُّ: ألم ترَني حالفتُ صفراءَ نبعةٍ * ترِنُّ إذا ما زُعْتُها وتزمْجرُ تزمجر غيرَى أحرقُوها بضَرَّةٍ * فباتتْ لها تحتَ الخِباءِ تذمِّرُ لها فتيةٌ ماضون حيثُ رمتْ بهم * شرابُهُمُ غالٍ منَ الجوفِ أحْمَرُ [الفصوص لأبي العلاء صاعد البغداديِّ، 260/3] وقد أشكل عليَّ فهم البيت الثاني حتى عييتُ به، فلعل أحد إخواننا من أهل المعرفة بالشعر كالأستاذ صالح العمري وغيره يفيدوننا في تفسيره. |
جزاك الله خيرًا ورفعَ قدرك ونفعنا بك وقال عبدُ الله بن أبي صُبح المُزَنيُّ يمدحُ عبدَ الله بنَ مُصعب الزُّبيريَّ لمّا استُعملَ على اليَمن: إذا رفَعتْ أحراسُهُ السَّيرَ واستوَى * على ظَهْر مصفوفٍ عليه النَّمارقُ بدا مَلِكٌ في صُورة البَدْرِ طالعًا * فيالكَ حُسْنًا زيَّنتْهُ الخلائقُ خلائقُ أحرارِ الملوكِ ونُورُها * يَلوحُ عليهِ نَظْمُها المُتَناسِقُ [جمهرة أنساب قريش، ص:209] |
اقتباس:
إذا نزل الحجاج أرضاً مريضة ... تتبع أقصى دائها فشفاها شفاها من الداء العضال الذي بها ... غلام إذا هز القناة سقاها سقاها فرواها بشرب سجاله ... دماء رجال يحلبون صراها {تحرير التحبير 1/ 520 ، والأبيات من الطويل } |
قال عمر بن أبي ربيعة : ومد عليها السجف يوم لقيتها ** على عجلٍ تباعها والخوادم فلم أستطعها غير أن قد بدا لنا ** على الرغم منها كفها والمعاصم معاصم لم تضرب على البهم في الضحى ** عصاها ووجه لم تلحه السمائم " من كتاب أنوار الربيع في أنواع البديع 1/177" |
اقتباس:
https://www.ahlalloghah.com/showthread.php?t=14474 |
اقتباس:
جاء البيت الثالث في ديوانها على هذا النحو: سقاها دماءَ المارقينَ وعلَّها * إذا جمحتْ يومًا وخِيف أذاهَا وبعده: إذا سمِعَ الحجاجُ رِزَّ كتيبةٍ * أعدَّ لها قبلَ النزولِ قِراها أعدَّ لها مصقولةً فارسيةً * بأيدي رجالٍ يحلُبون صَراها [ديوانها، ص: 121] |
وقال جميلٌ: فلو أرسلتْ يومًا بثينةُ تبتغِي * يمينِي ولوْ عزَّتْ عليَّ يمينِي لأعطيتُها ما جاءَ يبغِي رسولُها * وقلتُ لها بعد اليمينِ سليني سلينيَ مالي يا بثينَ فإنَّمَا * يبيَّنُ عندَ المالِ كلُّ ضنينِ [ديوانه، ص: 208] |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 11:06 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2022, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ