حبّ ما يتصل بالمحبوب
من معاني الشِّعر ما أقِف عنده أردِّد النظرَ فيه، وأتأمَّل وجوهَ الحسنِ في مطاويه. ومنها معنًى رأيتُه شائعًا عندَهم، كثيرَ الدروان في شعرِهم. وهو حبُّ المرءِ الشيءَ لعَلاقةٍ تربطه بالمحبوبِ.
ومن ذلكَ: =حبُّ الأرضِ التي يسكنها المحبوب، كما قال مجنون بني عامر: أمرُّ على الدِّيار ديارِ ليلَى *** أقبِّل ذا الجدارَ، وذا الجدارا وما حبُّ الدِّيار شغفنَ قلبي *** ولكن حبُّ مَن سكنَ الدِّيارا وقالَ سَوَّارُ بن المضرَّب السَّعدي: أحبُّ عُمان من حبِّي سُليمى *** وما طِيِّي بحبِّ قُرَى عُمانِ وقالَ نُصيب الحُبَكي: لقد زادني للجفْرِ حبًّا، وأهلِه ** ليالٍ أقامتهنَّ ليلى على الجَفْرِ وقالَ الآخَر: أُحِبُّ الأرضَ تسكنُها سُليمَى *** وإن كانت توارثُها الجُدوبُ وما دهري بحُبِّ ترابِ أرضٍ *** ولكنْ مَن يحُلّ بها حبيبُ =وحبُّ ممَن يجتمِع والمحبوبَ في نسبٍ، كما قالَ جميلٌ أيضًا: وقالوا: يا جميل، أتَى أخوها *** فقلتُ: أتى الحبيبُ أخو الحبيبِ أحبُّك أن نزلتَ جبالَ حِسمَى *** وأن ناسبتَ بثنةَ من قريبِ وكما قالَ الحسينُ بنُ مطيرٍ الأسديُّ: ومِن بيِّناتِ الحُبِّ أن كانَ أهلُها *** أحبَّ إلى قلبي، وعينيَّ من أهلي =وحبُّ مَن يجتمعُ والمحبوبَ في صفةٍ، كما قالَ مسلمُ بنُ الوليدِ: وأحببتُ من حبِّها الباخليـ *** ـنَ، حتى ومِقتُ ابنَ سلمٍ سعيدا على سبيلِ الذمِّ لابنِ سلمٍ. وهو بيتٌ طريفٌ. وكما قالَ الآخَر: أحبُّ لحُبِّها السودانَ، حتى *** أحبُّ لحبِّها سودَ الكلابِ وكما قالَ جميلٌ: أحبُّ الأيامَى إذْ بثينةُ أيِّمٌ *** وأحببتُ لما أن غنِيتِ الغوانيا =وحبُّ مَن يُحِبُّ المحبوبَ، كما قال دِعبِل الخزاعي: أحبُّ قَصيَّ الدارِ من أجلِ حبِّهم *** وأهجُرُ فيهم زوجتي، وبناتي =وحبُّ اسمِ المحبوبِ، كما قالَ جميلُ بنُ معمرٍ: أحبُّ من الأسماء ما وافقَ اسمَها *** وأشبهَه، أو كان منه مدانيا =وحبُّ تابعِ المحُبِّ لتابعِ المحبوبِ، كما قالَ المنخَّل اليشكريُّ: وأحبُّها، وتحبُّني *** ويحبُّ ناقتَها بعيري |
مما قرأته و لا علاقة له باختصاص موضوعك بالشعر
قول ابراهيم بن أدهم : المؤمن إذا أحب المؤمن أحبّ كلبه ....!!! |
إضافةٌ حسنةٌ .
شكرًا يا أبا الفضل . |
لما قرأتُ موضوعك تذكرتُ الشاعر الذي أحب كُلَّ شيء أسود من أجل محبوبته السوداء:
أحب لحبها السودان حتى ** أحب لحبها سود الكلاب! وهذا ليس مما أستحسنه! |
ذلكَ أنَّ للحُبِّ عمَلاً كعملِ السِّحر، فهو يزيِّن القبيح، ويقبِّح الحسن. وقدمًا مَّا قال عُروةُ بنُ أُذينة:
ألستَ تبصِر مَن حولي، فقلت لها: *** غطَّى هواكِ، وما ألقَى على بصَري وقد يظنُّ بعضُ هؤلاءِ أنه مسحورٌ، لما يجِد من القوَّة التي تقحِّمه غمراتٍ لا قِبَل له بِها، وتجعلُه مسخَّرًا في طاعةِ محبوبِه. قال أبو عطاء السِّنديُّ: ذكرتكِ والخَطيُّ يخطر بيننا *** وقد نهلت مني المثقَّفة السُّمْرُ فوالله ما أدري، وإني لصادق، *** أداءٌ عراني مِن حِبابِكِ، أم سِحرُ؟ فإن كان سِحرًا، فاعذِريني على الهوَى *** وإن كان داءً غيرَه، فلكِ العذرُ وقال الحماسيُّ الآخَر: أفي الحقِّ أني مغرَمٌ بكِ هائمٌ *** وأنكِ لا خَلٌّ هواكِ، ولا خمْر فإن كنتُ مطبوبًا، فلا زلتُ هكذا *** وإن كنتُ مسحورًا، فلا برَأ السِّحرُ وشكرًا لكَ أيُّها الفاضل. |
ويُضاف إلى حبِّ الأرضِ التي يسكنُها المحبوبُ قول الشاعر:
وأنتِ التي حبَّبتِ شغبًا إلى بدا *** إليَّ وأوطاني بلادٌ سِواهما |
وقال الآخَر:
أحِبُّ بني العوَّام من أجل حبِّها *** ومن أجلها أحببتُ أخوالَها كلبا |
وقول المتنبي:
وإني لأعشق من عشقكم ... نحولي وكل امرئ ناحل |
وقالَ الحماسيُّ:
فأقسمُ لو أني أرَى شبَهًا بها *** ذئِابَ الفلا حبَّت إليَّ ذئابُها وفي رواية المرزوقي، والتبريزي: (أرَى نسَبًا لها). |
ونحو ذلك قول قيس بن ذريح :
فما حبي لطيب تراب أرض ** ولكن حب من وطئ الترابا |
موضوعٌ لطيفٌ.
ومنه قولُ المتنبي: وإنِّي -وإن كانَ الدَّفينُ حَبِيبَهُ- *** حَبِيبٌ إلَى قَلْبِي حَبِيبُ حَبِيبِي وعندَ العامَّةِ -في بلادِنا- مَثَلٌ يقولُ: "اللي يحبّ الدّياية يحبّ ريشها". ("اللي"= الذي. "الدّياية"= الدجاجة). |
بوركت أختي عائشة.
ومثلكم هذا من الظرافة بمكانٍ، فلو ذكروا غيرَ الريش، لكان أعدلَ. |
اقتباس:
|
اقتباس:
إنَّ ما قَلَّ مِنكَ يَكْثُرُ عِندِي * وكَثيرٌ مِّمَّن تُحِبُّ القَلِيلُ وكقولِ المُتنبِّي: * إنَّ القَلِيلَ مِنَ الحَبِيبِ كَثِيرُ * |
اقتباس:
أليسَ قليلاً نظرةٌ إن نظرتُها *** إليكِ، وكلا، ليس منكِ قليلُ! وعروةَ بنِ أُذينةَ: حجبت تحيَّتَها، فقلتُ لصاحبي: *** ما كانَ أكثرَها لنا، وأقلَّها وقول الآخَر: قليلٌ منكَ يكفيني، ولكن *** قليلُك لا يقال له: قليلُ وأما قولُه: إنَّ ما قلَّ منكَ... فله قصَّة طريفةٌ. وذلك أن هذا البيتَ لإسحاقَ بنِ إبراهيمَ الموصليِّ، وقد ذكرُوا أنَّه أنشده الأصمعيَّ، فقال: هذا والله الديباج الخُسرواني. فقال: إنهما لِلَيلتِهما. قال: أفسدتَّهما. وكانَ الأصمعيُّ معروفًا بتعصُّبه للقدماء، وتحامله على المحدثين، وغضِّه منهم. |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 02:29 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ