|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
![]() |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
![]() هذه حاشيةٌ وضعتُها على حماسة البحتري، وقد كان لي عنايةٌ قديمة بها، وانتخبتُ منها قديمًا منتخبا طويلا، ثم أعرضتُ عن نشره، وأنت واجدٌ إن شاء الله في هذه الحاشية فوائدَ كثيرة وتصحيحات وتوضيحات، وفيها تنبيهاتٌ ليست عظيمةَ الفائدة لكني رأيتُ إثباتها لفائدة فيها، وأنا لم أُتِـمّ هذه الحاشية بعد، وأحسب أنها ستكون حاشية طويلة إذا تـمّت وكملت، وإنما أنشرها هنا مُنَجَّمَةً للتنشيط والمدارسة والمباحثة، فلعل الإخوان يُشاركون بما لديهم.
|
#2
|
|||
|
|||
![]() جعلها الله عودةً مباركةً، ونفع بكَ.
|
#3
|
|||
|
|||
![]() جزاكِ الله خيرا، وأحسن إليك، وأرجو أن يجد القراء في هذه الحاشية ما يفيدهم، وأن أستفيد أنا منهم.
![]() ![]() ![]() ![]() هذه حاشية على حماسة البحتري دفعني إلى وضعها أن الكتاب ليس له شروح ولا عليه حواش، وقد خدم محققو نشرات حماسة البحتري الكتاب خدمة حسنة، وجهدهم في ذلك مشكور، وأخطؤوا في أشياء، وفاتهم التنبيه على أشياء، وقصّروا في بيان أشياء، فوضعتُ هذه الحاشية لأكمل بذلك خدمة الكتاب. وقد اعتمدت على ثلاث نشرات للحماسة، وهي نشرة لويس شيخو، وهي موجودة مصورة في الشبكة، ونشرة أبو ظبي، وهي موجودة مصورة في الشبكة، ونشرة دار صادر بتحقيق الدكتور نبيل طريفي، ووضعتُ رقم القطعة المقصودة بالتنبيه في كل نشرة، لأن أرقام المقطوعات تختلف اختلافا يسيرا في النشرات. |
#4
|
|||
|
|||
![]() ( 1 ) [هذا رقم التنبيه] - في المقطوعة (أبو ظبي:3)، (شيخو:3)، (طريفي:3) : [هذا رقم المقطوعة في كل نشرة]وقال شريح بن قرواش العبسي: 1 - أقـول لـنـفس لا يـجـاد بـمـثـلهـا - في حاشية أبو ظبي: شعر بني عبس 2/83 عدا الأول.![]() 2 - وهل غمرات الموت إلا نزالك الـ ![]() - وفي حاشية طريفي: البيت الأول في ديوان المعاني بدون نسبة، والبيت الثاني من مقطوعة له في الحماسة برواية الجواليقي ... - ولم تُخَرَّج في حاشية شيخو. قلتُ: البـيـت الثـاني من مقـطوعة في حـمـاسة أبي تمام كما ذكر طريفي، وهي مشهورة. وأما البيت الأول فالذي في حاشية أبو ظبي من عيوب الاقتصار على دواوين القبائل في التخريج، فتراهم لم يخرجوا البيت الأول مع أنه مشهور في كتب الأدب، وهو في «محاضرات الراغب» لشريح العبسي، فهذا موافق لما في «حماسة البحتري»، والبيت موجود أيضًا في قصيدة مفضلية أصمعية لعامر بن الطفيل، وهو لعامر بن الطفيل في «الحيوان» و«اللآلي» و«الحمدونية» و«مجمع الأمثال» وغيرها، وهو غير منسوب في «الأشباه». ولستُ أرى حاجة إلى شدة الاستقصاء في التخريج في هذه المقطوعة وفي غيرها، وإنما خرجتُ البيت هنا من بعض الكتب لأن القارئ إذا رأى في حاشية أبو ظبي أن البيت ليس في شعر بني عبس ورأى في حاشية طريفي أن البيت في «ديوان المعاني» غير منسوب، ظن أنه لا يوجد في غير «ديوان المعاني»، وأنه بيت نادر وجوده في الكتب، والسبب الآخر اختلاف النسبة لأنه نُسب أيضًا لعامر بن الطفيل، فلذلك خرّجتُه، وأنا لم أنشئ هذه التعليقات للاستقصاء في التخريج. فيجوز أن يكون البيت الأول لأحد الرجلين شريحٍ وعامر، ويجوز أن يكون لكل منهما بيت ويكون أحدهما أخذ من الآخر، وكأن شريحا أقدم من عامر قليلًا، ويجوز أن يكون الآخذُ غـيّـر لفظا من البيت، ففي «المفضليات» و«الحيوان»: (إنني غير مقصر)، وهو فيهما لعامر، فيجوز أن يكون شريح قال: (إنني غير مدبر)، وقال عامر: (إنني غير مقصر)، فغيّـر آخر لفظة من البيت، كما قال طرفة: وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم من قول امرئ القيس: ![]() وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم ![]() • ~ • ~ • ولأنني لا أستطيع هنا تنسيقها كما أريد، سأرفق ملف بي دي إف مع كل تنبيه. |
#5
|
|||
|
|||
![]() (2) - في المقطوعة (أبو ظبي:4)، (شيخو:4)، (طريفي:4) : وقال عبد الله بن رواحة الأنصاري: 1 - يا نــفــس إن لــم تــقــتــلي تـموتي 2 - إِن تــســلـمــي اليـوم فلن تفــوتي 3 - أو تـبـتـلي فــطـال ما عـوفــيــــتِ 4 - هذِي حِيَاضُ الْـموْتِ قَدْ خَلِيتِ 5 - وما تَــمـنَّـيْـتِ فَــقَــد أُعْـــطِـــيـــتِ - في البيت الرابع في نشرة أبو ظبي: (خَلِيتِ)، وكذلك في نشرة لويس شيخو. - وفي نشرة طريفي: (صَلَّيتِ). قلتُ: كلاهما خطأ، وأحسبها في المخطوطة كما أثبتتها أبو ظبي ولويس شيخو، ولست أنتقد قراءتهم للمخطوطة، فإني أحسب أن قراءتهم صحيحة وأن الخطأ في المخطوطة نفسها، والغرض تصحيح الحماسة نفسها بغض النظر عن مصدر الخطأ. وصوابه: (صَلِيتِ)، أي: (صَلِـيْـتِـها)، أي (صَلِيتِ حياضَ الموت)، من قولهم صَلِيَ النارَ، وقد بحثتُ في الشاملة فوجدتها ضُبطت هكذا على الصواب في «دلائل النبوة» و«السيرة النبوية» لابن كثير و«الكامل في التاريخ» و«البداية والنهاية»، وهو واضح. على أنه يجوز (صُلِيتِ) من قولهم صَلى اللحمَ: شواه وألقاه في النار، وهو متعد لمفعول واحد، فيكون (قد صُليتِ) معناه (أُحْرِقْتِ)، أو من المتعدي لمفعولين من قولهم صلاه النارَ، فيكون معنى (صُلِيتِ): (صُلِيتِها) أي (صُلِيتِ حياضَ الموت)، وهكذا ضُبطت في «تاريخ الإسلام». ويجوز كذلك (صُلِّيتِ) من قولهم: صَلّى اللحمَ، أي (أُحْرِقْتِ)، ومن قولهم: صَلّاه النارَ، أي: (صُلِّيتِ حياضَ الموت). وفي «سيرة ابن هشام» تحقيق مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي وفي «الروض الأنف» تحقيق السلامي و«الروض الأنف» تحقيق الوكيل: (صَلِيَتْ)، وهو خطأ، وفي البيت قبلها: (تـموتي)، فكيف يجيء معه (صَلِيَتْ)؟! • ~ • ~ • |
#6
|
|||
|
|||
![]() ( 3 ) في المقطوعة (أبو ظبي:6)، (شيخو:6)، (طريفي:6) : وقال معقل بن جوشن الأسدي: 1 - أقـول لنـفـس لا يـُجاد بـمثلها - في حاشية أبو ظبي: ليسا في ديوان بني أسد وشعر قبيلة أسد، وهما في حماسة أبي تمام ونظام الغريب بدون عزو.![]() 2 - رويدك حتى تعلمي عم تنجلي ![]() - وفي حاشية طريفي: البيتان من مقطوعة في الحماسة بشرح التبريزي والحماسة برواية الجواليقي لآخر من بني أسد قالها في يوم اليمامة، وشرح الحماسة للأعلم ليزيد بن المهلب أو لرجل من بني أسد. قلتُ: البيتان من مقطوعة مشهورة، ولا يعنينا تتبع تخريج أبياتها، وإنما تعنينا هنا النسبة لأنها مما يفيد القارئ، فأما نسبتها ليزيد بن المهَلَّب فقد نسبها الشنتـمري له كما ذكر الدكتور طريفي، قال الشنتمري: "وقال يزيد بن المهلب ويقال هي لرجل من بني أسد وتمثل بها يزيد"، لكن الصحيح أن يزيد بن المهلب تمثل بها وليست له، وليس هذا مما يسوغ فيه الاختلاف، لأن الاختلاف يسوغ في الشعر الذي لا يوجد فيه ما يدل على قائله، وهذا الشعر كله ناطق بالدلالة على أن قائله رجل أسَدي يقوله في يوم اليمامة، فقد ذكر في الشعر العِرْضَ وهو وادي اليمامة، وأُبَاض وهي قرية بالعِرْض كانت عندها وقعة خالد بن الوليد ![]() وأما اسم هذا الرجل الأسَدي فالبحتري كما ترى نسبها لمعقل بن جوشن الأسَدي، ولم أعرفه، وهي لضرار بن الأزور الأسَدي في «المستقصى» و«معجم ما استعجم»، وهي لبشر بن قطبة الفَقْعَسي في «الوحشيات»، وفَقْعَس من بني أَسَد، ولبشر بن قطنة بن سنان بن الحارث الأَسَدي في «الوافي»، وفي هامش بعض مخطوطات «شرح الشنتمري» للحماسة بشر بن قُطيَّة الأسدي، واسمه في «المؤتلف» بشر بن قطبة بن الحارث الفقعسي، وفي «المثل السائر» لرجل من بني يسار، وبنو يسار من ثَقِيف، والشاعر من بني أسد، فهل يسار تحريف أسد؟ لعلها. • ~ • ~ • |
#7
|
|||
|
|||
![]() ( 4 ) في المقطوعة (أبو ظبي:11)، (شيخو:11)، (طريفي:11) : وَقَالَ قُطْرِيُّ بْنُ الفُجَاءَةِ الْمَـازِنِيُّ: - (قُطْرِيُّ): هكذا في نشرة أبو ظبي. 1 - أقـول لها إذا جشأت وجاشت ![]() - وفي نشرتي شيخو وطريفي: (قَطَرِيُّ)، قال طريفي: "في الأصل كتبت كلمة (قُطريّ) بالضم، وهو تصحيف صوبناه". قلتُ: الصوابُ ما في نَشرَتَي شيخو وطريفي، وأبو ظبي أَثبَتَت ما في الأصل، وقد رأيتُهم حَريصِينَ على إِثباتِ ما في الأَصل ما لم يَتَيقَّنوا خَطَأَه، وهذا يُحمَد لهم، ولعلّهم لم يَتبيَّن لهم الصوابُ في هذا، والصحيح أَنّه (قَطَرِيّ). قال ابن جني في «المبهج»: "قَطَرِيُّ بن الفُجاءة: قَطَر اسم موضع، وأظن قَطَرِيًّا منسوبًا إليه"، وظَنُّه وتردُّدُه هو في كون قَطَريٍّ مَنسوبًا إلى هذا الموضع لا في كونه بفَتح القاف والطاء. وقال البغدادي في «الخِزانة» في أَخبَار قَطَرِيّ: "وقَطَرِيّ: بفتح القاف والطاء وتَشديد الياء، قال الجوهري: وقَطَريّ بن فجُاءَة المازنيّ، زَعَم بعضُهم أَنَّ أَصلَ الاسمِ مأخوذٌ من قَطَريّ النِّعال. قال الصَّلاح الصَّفَدي في حاشيته على الصحاح: قلتُ: بل هو مَنسوبٌ إلى قَطَر، بالسِّيف، على ما ذكره بعضُهم. انتهى. أَقول: السِّيف، بكَسر السِّين: ساحِلُ البَحر، قال أَبو عُبَيدٍ البَكريّ في معجم ما استعجم: قَطَر، بفتح أَوّله وثانيه بَعدَه راءٌ مُهمَلة: مَوضعٌ بين البَحرين وعُمان تُنسَبُ إِليه الإِبل الجِياد، وهي أكثـرُ بِلاد البَحرَين حُـمُرًا". انتهى كلام البغدادي. قلتُ: فَقَطَرِيُّ بنُ الفُجاءَةِ مَنسوبٌ إِلى قَطَر، وقَد نُسِبَتْ إِلى قَطَر أَشياءُ كثيرةٌ من النِّعال والبُرُودِ والثِّـيابِ والنَّجائِب والنَّعام وغَيرِها. قال ياقُوتٌ في «مُعجَم البُلدان»: "قَطَر: بالتَّحريك، وآخِرُه راءٌ، ... وقال البكراوي: البُرُودُ القَطَريَّـةُ حُمرٌ لها أَعلامٌ فيها بَعضُ الـخُشُونة، وقال خالدُ بنُ جنبة: هي حُلَلٌ تُعمَل في مَكانٍ لا أَدري أَين هو، وهي جِيادٌ وقد رأَيتُها، وهي حُمرٌ تأتي من قِبَل البَحرَين، قال أَبو منصور: في أَعراض البَحرَين على سِيفِ الـخَطّ بينَ عُمان والعقير قَريةٌ يُقالُ لها قَطَر، وأَحسَبُ الثِّيابَ القَطَريَّـةَ تُنسَب إليها، وقالوا قِطْريّ فكسَرُوا القافَ وخَفَّفُوا كما قالوا دهريّ، وقال جرير: لَدَى قَطَـريّـاتٍ إِذا ما تَــغَــوَّلَتْ كذا رَوَى الأَزهَريّ، أَرادَ بالقَطَريّاتِ نَجائِبَ نَسَبَها إِلى قَطَر لأَنّه كانَ بها سُوقٌ لها في قَديم الدَّهر، وقال الراعي فَجَعَلَ النَّعام قَطَريَّـة:![]() الأَوبُ أَوبُ نَـعائِـمٍ قَـطَـريّةٍ نَسَبَ النَّعامَ إِلى قَطَر لاتّصالِها بالبَـرّ ورِمال يَبْـرِين، والنَّعامُ تَبيضُ فيها فتُصادُ وتُحمَلُ إِلى قَطَر ... ومما يُصَحِّح أنّها بينَ عُمان والبَحرَين قَولُ عَبْدَةَ بنِ الطَّبِيب:![]() تـــذكّـــر ســــاداتــنـا أهـلـكـم الرَّواطي: ناسٌ من عَبد القَيس لُصوص".![]() وخافُوا الرَّواطي إِذا عرضت ![]() • ~ • ~ • تنبيه: قد أترك بعض الألفاظ في النصوص والأشعار التي أنقلها بغير ضبط، فإما أن يكون بعضها لم يتبيّن لي الوجه فيه فأتركه لذلك، وإما أن يكون بعضها يحتمل أكثر من وجه، فأتركه أيضًا، وهذا الكلام الذي نقلته من (معجم البلدان) مثلًا الغرض منه هو معرفة الأشياء المنسوبة إلى قطر، وليس غرضُنا هنا تصحيح نصوص (معجم البلدان) وأشعارها، فإن ذلك يحتاج إلى وقت وبحث وتأمل، وهو بعدُ خارجٌ عن مقصودنا. |
#8
|
|||
|
|||
![]() ( 5 ) - في المقطوعة (أبو ظبي:16)، (شيخو:16)، (طريفي:16) : وقال الـمَرَّارُ بنُ سَعيدٍ الأَسَديّ: - في حاشية البيت الأول في نشرة أبو ظبي: زَماع: ماضٍ في الأمر.1 – هـمـمـتُ بأمـرٍ أن يكونَ صريـمـةً ![]() 2 – وما الفتكُ بالأمر الذي أنت ناظرٌ ![]() 3 – وما الفَـتـكُ إلا بالذي ليس قـبـلـهُ ![]() - وفي حاشية البيت الأول في نشرة طريفي: الزماع: المضاء في الأمر والعزم عليه. قلتُ: تفسيرُ (زماع) في نشرة أبو ظبي غيرُ صحيح، والصحيحُ هو تفسيرُ طريفي، لغةً وسِياقًا. ![]() ![]() تَرتَعُ ما غَفَلَتْ حتى إذا ادّكَرَتْ أي: ذات إقبالٍ وإدبار.![]() • • • - في البيت الثالث في نشرة أبو ظبي وشيخو: إِمارٌ.- وفي البيت الثالث في نشرة طريفي: أَمارٌ. وقال في الحاشية: "في الأصل ضُبطت همزة كلمة (إمار) بالكسر، وهو غلط صوّبناه من اللسان. الأمار: الوقت والعلامة". وأما هذه فلعلّ طريفي قد أخطأَ فيها وأَصابَ أصحابُه، وأَحسبُ أن الذي في الأصل وفي نشرة أبو ظبي وشيخو هو الصواب، وهذا الذي اقترحه طريفي له وجهٌ من حيث المعنى لكننا نُرجِّح أن الشاعرَ لم يُرِدْه. أما كونُه له وجهٌ من جهة المعنى فلأن (الأَمار) بفتح الهمزة هو العلامةُ أو الوقتُ كما ذكر، والبيتُ يَحتَملُ هذين المعنَيَين. ![]() ![]() فالبيتُ يَحتَمِلُ (الأَمار) بفتح الهمزة من جهة المعنَى سواءٌ أكان معناه العلامةَ أم الوقتَ المحدَّد، لكنا رَجَّحْنا أنّ الشاعرَ لم يُرِده لِسِياق الأبيات، فإن سِياقَ الأبيات يرجِّح أنّ الشاعرَ أراد (الإِمار) بكسر الهمزة. وذلك لأنك إذا نظرتَ في هذا البيتِ والذي قبله رأيتَ الشاعرَ يقول: 2 – وما الفتكُ بالأمر الذي أنت ناظرٌ فـ (تُؤامِرُ) في آخر البيت الثاني معناها تُشاوِر، والفعلُ الماضي منها آمَرَ أي شاوَرَ، فتقول: آمَرَ يُؤامِرُ مُؤامَرَةً وإِمارًا، لأنَّ فاعَلَ مَصدرُه الفِعَالُ والـمُفاعَلَة، مثل: قاتَلَ مُقاتَلَةً وقِتالا، وبارَزَ مُبارَزَةً وبِرازًا، فهذا قياس، والإِمارُ مسموعٌ أيضًا في شِعرهم، قالت صَفيّةُ بنتُ عبد المطَّلِب وهو في حماسة أبي تـمّـام:![]() 3 – وما الفَـتـكُ إلا بالذي ليس قَـبـلَـهُ ![]() أَلا مَنْ مُبلغٌ عنّي قُريشًا فـ (الإِمار) بكسر الهمزة مَصدرٌ بمعنى المؤامَرَة وهي المشاوَرَة، فكأن شاعرَنا قال في البيت الثاني: وما الفتكُ بالأمر الذي تُؤامِرُ فيه عاجزَ الأصحاب وتُشاوِرُهم، ثم أكّد المعنى في البيت الثالث فقال: ما الفتكُ إلا ما ليس قبله مُؤامَرَةٌ ولا مُشاوَرَة. كما تقول: ما الكريمُ بالذي يؤذي جيرانَه، ما الكريمُ إلا مَن لا يَرَى جيرانُه منه الأذى. فتأكيد المعنَى بنحو هذا مِن أساليبهم.![]() ثم إنّ وقوعَ هذه اللفظة (الإِمار) بين (تُؤامِرُ) وبين (الـمَشاوِر) يرجّح كما ذكرنا أنها بكسر الهمزة بمعنى المؤامَرَة، لأن (تُؤامِرُ) هو فعلٌ مضارعٌ مِن المؤامَرَة والإِمار، و(الـمَشاوِر) هي جمعُ الـمَشُورَة بمعنى المؤامَرَة والإِمار. فلعل ما ذكرنا يرجّح أن الذي في البيت هو (الإِمار) بكسر الهمزة أي الـمُؤامَرَة والـمُشاوَرَة. ويكونُ مَعنَى البيتِ على هذا أنّ الفَتكَ هو ما لم يُسبَق بِـمَشُورَةٍ وإِمارٍ، لأنه يَرَى أنه إذا شاوَرَ الناسَ في ما يُريدُه مِن الفَتك ربّما ثَنَوه عن رأيه وثَبَّطوه عنه وأَضعَفوا عزيـمَتَه. ![]() ![]() ![]() |
#9
|
|||
|
|||
![]() ( 6 ) - في المقطوعة (أبو ظبي:19)، (شيخو:19)، (طريفي:19): وقال الحارثُ بنُ ظالمٍ الـمُرّيّ: 1 – عَلـَوتُ بذي الـحَيّاتِ مَفْرِقَ رَأْسِهِ - في البيت الثاني في نشرة أبو ظبي وشيخو: (تَـحْتَوِيهِ).![]() 2 – فَـتَـكْـتُ بهِ لَـمَّـا فَـتَـكْـتُ بِــخـالـدٍ ![]() - في البيت الثاني في نشرة طريفي: (تَـجْتَوِيهِ). قلتُ: ما في نَشرَة طريفي هو الصوابُ رِوايَةً ودِرايَة. ![]() ![]() وما يَدرِي جُرَيَّةُ أَنَّ نَبْلي فأَرادَ المعنى الذي دَلَّتْ عليه (تحتويه) لكنه جاءَ به في أَجملِ صُورة، فَجَعَلَ البطلَ النَّجيدَ بمنزِلَة الـجَفيرِ لنِبَاله، والـجَفيرُ هو جَعبَةٌ ككِنانة السِّهام لكنه أَوسعُ منها، فرأَيتَ أَنَّ عنترةَ لم يَقُل: وكانت نَبلي يَحتَويها البطلُ النَّجِيد، ولو قال هذا لكانَ كلامًا غَـثًّا.![]() فكذلكَ في بيت الحارثِ بنِ ظالم فإنّ (تحتويه) كلامٌ غَثٌّ رَديء، وإنما الصحيحُ (تجتويه) بالجيم، وهذه أَبلغُ وأَجملُ وأَحسَن، وذلك أَنَّ العربَ تقول: اجتويتُ الشيءَ أي كرهتُه، وهو يـَجْتَوِيه أي يَكرَهُه، فأَرادَ الحارثُ بنُ ظالمٍ أَنَّ سيفَه يَعمَلُ بالجماجم عملًا فَظيعًا مُنكَرًا ويُفسِدُها فسادًا عظيـمًا فكأنها لذلك تَكرَهُه وتَمقُتُه وتَقلِيه كما يكرهُ العَدُوُّ عَدُوَّه. فإنْ قيل: وكيف تكرهُ الجماجـمُ السيفَ وهي لا تَعقِل؟ قلنا: هذا مجازٌ واتساعٌ في الكلام وتنزيلٌ لما لا يَعقِل بمنزلة ما يَعقِل، ولذلك وَقْـعٌ في نَـفْس السامع عَظيم، وقد وجدنا في شِعر العَرَبِ شيئًا يُشبِهُ هذا جِدًّا، وشِعرُ العرب يُـعْدِي بَعضُهُ على فَهم بَعض، وذلكَ في قول قَيس بنِ زُهَير: إِذا قُلتُ قَد أَفْلَتُّ مِن شَرِّ حَـنْبَصٍ وإنما كان هذا يُشبِهُ بيتَ الحارثِ جِدًّا لأَنَّ الكَرازِنَ جمعُ كَرْزَن أو كِرْزِن وهي الفَأْس، والعِضاهُ هي ما عَظُمَ من شجر الشَّوك، والسُّوقُ جمعُ ساقٍ وهو جِذْعُ الشجرة، فقد رأَيتَ أنه جعل سُوقَ هذه الأَشجارِ وجُذوعَها تَجتَوي الكَرازِن، والكَرْزَنُ حَديدٌ حادٌّ تُضرَبُ به هذه الجذوعُ فيُـقَـطِّـعُها ويُـهَشِّمُها، وكذلك السيفُ فإنه حَديدٌ حادٌّ تُضرَبُ به الجماجـمُ فيُـفَـلِّـقُها ويَفْرِيها، فالصورتانِ مُتَشابهتانِ جِدًّا، فكما ساغ أَنْ يَجعَلَ قَيسٌ سُوقَ العِضاهِ تَجتَوي الكَرازِنَ يَسوغُ أَنْ يَجعَلَ الحارثُ الجماجـمَ تَجتَوي سَيفَه. ![]() فَـقَـد جَـعَـلَـتْ أَكـبـادُنـا تَـجْـتَـوِيـكُـمُ ![]() ولا يُقالُ إنَّ الذي في عَـجُز بَيت قَيسٍ قد يكونُ بالحاءِ أيضًا وإنَّ صوابَه: كما تَحتَوي سُوقُ العِضاهِ الكَرازِنا، لا يُقال هذا لأنه قال: تجتويكم كما تجتوي، فيجبُ أَنْ يَكون هذانِ جَميعًا بالحاءِ أَو يَكونا جَميعًا بالجيم، ولا يجوزُ في صدر البَيت أَن يكون: فقد جَعَلَتْ أَكبادُنا تَـحْـتَـويكُم، بالـحاء، لأنّ هذا إمّا أنه لا معنَى له وإمّا أنه يَدُلُّ على حُبِّه للقَوم المذكورين، والشاعرُ إنما أَرادَ أَنْ يَذُمَّهم ويَصِفَ بُغضَه لهم، والأبياتُ كلُّها تَدُلُّ على ذلك، وخَبَـرُها أيضًا يَدُلُّ عليه، وحاصِلُه أنه كان مُجاورًا في بَني عامِرٍ فظلمُوه وبَغَوا عليه فقال هذا الشِّعر. فإذا كانت في صَدر البَيت بالجيم وَجَبَ أَنْ تكونَ في عَجزه بالجيم أيضًا، لأنه قال: تجتويكم كما تجتوي، وإِذا كانت في عَجزه بالجيم وَجَبَ أَيضًا أَنْ تكونَ في عَجز بَيت الحارثِ بنِ ظالمٍ بالجيم، لأنّ الجماجـمَ تَجتَوي السُّيوفَ كما تَجتَوي سُوقُ العِضاهِ الكَرازِن. وإذا كان الأمرُ كذلك فصحِّح ما في «لسان العرب» مادّة (كرزن)، فإنّ فيه: فَقَد جَعَلَتْ أَكْبادُنا تَحْتَوِيكُمُ هكذا بالحاء، وهو خَطَأ، وقد جاء في نشرة «اللسان» نفسِها بالجيم على الصَّواب في (جوا)، وقد جاءَتْ أيضا (تحتويكم ... تحتوي) بالحاء خَطَأً في كتاب «العَين» و«غريب الحديث» لابن قُتيبة، وكُلُّ ذلك خطأ، وهي بالجيم على الصَّواب في كتاب «الجيم» و«جمهرة اللُّغة» و«تهذيب اللُّغة» و«الـمُحكَم» و«أَساس البلاغة» و«شَمس العلوم».![]() • - • - • فلما فَرَغنا من إثبات أنّ (تَجتَوِيه) في بيت الحارثِ هي بالجيم لا بالحاء بقيَ التنبيهُ على ضَعفٍ في تفسير بعض مَن أثبتُوها بالجيم، وذلك أنّ (اجتَوَى) قد فُسِّر في كتب اللغة بالكُره للشيء، وهو التفسيرُ الذي بنينا عليه كلامَنا في تفسير البيت، وفي «اللسان»: "جَوِيَ الشيءَ جَوىً واجتَواه: كَرِهَه"، فهذا معنى عامّ، كلُّ ما كرهتَه فقد اجتَوَيتَه. وفُسِّر (اجتَوَى) بصورة خاصّةٍ من صُوَر الكراهيّة هي أشبهُ بعَدَم المحبّة وعَدَم الملاءَمة، قال في «اللسان»: "وجَوِيَ الأَرضَ جَوىً واجْتَواها: لم توافقه ... واجْتَوَيْتُ البلَدَ إذا كرهتَ المُقامَ فيه وإِن كنت في نِعْمة". فهذه كأنها كراهيةٌ خفيفةٌ يَصِحُّ أن يُعَبَّر عنها بعدم المحبّة وعدم الموافَقة. فإذا كان كذلك فإنّ (تَجتَوِيه) في بيت الحارثِ بنِ ظالم يجبُ أَنْ تُحمَلَ على المعنى الأوّلِ الذي حملناها عليه، وهو البُغضُ والقِلَى والـمَقْتُ مطلقًا، لا على عدم الموافَقة، لأنّ ما بين الجماجم والسُّيوف هو شيءٌ فظيعٌ مُنكَرٌ أبلغُ وأعظمُ من عدم الموافَقة وعدم الملاءَمة، وإذا ثبتَ هذا فإنّ التفسيرَ الذي فَسَّرنا به أَحسَنُ وأَصوَبُ من تفسير الأنباريّ الكبير في شرح المفضَّليّات، وقد نقله طريفي في الحاشية، وفيه: "وقال يعقوب: تجتويه: لا يوافقها. يقال: اجتويتُ بلدةَ كذا، إذا لم توافقني"، وكذلك الشاكران أَحمد شاكر وعبد السلام هارون قالا: "تجتويه: لا يوافقها". فتراهم قد حملوا الاجتواءَ في البَيت على الصورةِ الخاصَّةِ التي كأنها قد غَلَبَ استعمالُها في عدم مُوافَقة البَلَدِ لساكِنها، وما كان ينبغي أن يُحمَلَ بيتُ الحارثِ على هذه الصورة الخاصّة، لأَمرين: لِبُعدِها عنه في المعنى، فهي تُستَعمَلُ في سُكنى البلد، ولضَعف معنى الكُره والبُغض فيها، فإنه ليس فيها أكثـرُ من عَدَم الموافَقة وعَدَم الملاءَمة. بل كان ينبغي أَنْ يُـفَسَّرَ الاجتواءُ في بيت الحارث بالكُره مطلقًا لتَدخُلَ فيه دَرَجاتُ الكُرهِ كُلُّها من المقت الذي هو أَشَدُّ البُغض إلى ما دونه، وهذا الذي يَصلُحُ في وصف ما بين الجماجم والسُّيوف، أَمّا التفسيرُ بأَنَّ السيفَ لا يُوافِقُ الجماجـمَ فهو تَفسيرٌ مَرذولٌ لا خيرَ فيه، لأنّ عدمَ الموافَقة يكونُ في ما يُـتَـصَوَّرُ فيه المحبّةُ أصلًا، كأَنْ يَسكُنَ الإنسانُ أَرضًا ويُـقَـدِّرَ أنه سيُحِبُّها ثم لا تُوافِقُه، وأَنْ يَتزوَّجَ الرجُلُ امرأةً ويَحسَبُ أَنْ سيَهواها ثم لا تُلائِمُه، فليتَ شِعري أَيُّ محبَّةٍ يُرجَى وُقوعُها وحُصولُها بين السيفِ والجماجم. هذا، وقد قال الدكتور فَخر الدين قباوة في حاشيةِ تَحقيقِه لشَرح التبريزيّ على المفضَّليّات: "تجتويه: تكرهه"، وهذا كالذي فَسَّرنا به، وهو كما رأيتَ أَحسَنُ وأَجوَد. ![]() ![]() ![]() |
#10
|
|||
|
|||
![]() ولا تنظرن إلى هذا الذي كتبناه نظرة ازدراء بأن هذا تصحيح نقطة، فليس الأمر كذلك، وقد قلتُ مرات كثيرة: إن التصحيف منه ما لا يؤبَه به ولا ينبغي الاشتغال بتصحيحه، كأن يقع في كتاب مثلا: رهير بن أبي سلمى، فهذا شيء لا يحتاج إلى تصحيح، والناس يعلمون أن صحته زهير بالزاي، وأما الذي في حماستنا فإنه قد يشكل على القارئ فلا يدري أهو (تحتويه) بالحاء أم (تجتويه) بالجيم، ولأن هذا موضع مشكل فقد رأيتَ أنه وقع خطأ يشبهه في بيت قيس بن زهير في (اللسان) و(العين) و(غريب الحديث)، فلذلك كان لتصحيحه فائدة.
ثم إن الذي كتبناه ليست تصحيحا فقط، بل هو شرح لمعنى هذا ومعنى هذا وسبب ترجيح هذا على هذا، واستدراك على أخطاء في كتب لغوية، واستدراك على شروح للمفضليات، ولو بحثت في شروح المفضليات وغيرها عن تبيان لمعنى الاجتواء هنا لم تجده، وفي ما كتبناه أيضا تبيينٌ لمعنى عامٍّ تنتفع به في فهم الشعر، وهو التعبير عن ما يكون بين السيف والجماجم والفأس والشجرة ونحوها بالبغض ونحوه، ولذلك قال الشماخ بن ضرار يصف قطع صائد لعود قوس من شجرة: فَأَنحَى عليها ذاتَ حَدٍّ غُرابُها يريدُ بذات الـحَدِّ سِكِّينًا أو نحوها، وغُرابُها: حَدُّها، فتأمل عجزَ البيت وكيف وَصف حَدَّها بأنه عَدُوٌّ مُشارِزٌ لها، والـمُشارِزُ هو الـمُعانِدُ الـمُشَارُّ الـمُشاكِس.![]() |
#11
|
|||
|
|||
![]() أدام الله توفيقَكَ، ونفع بما تكتُبُ.
|
#12
|
|||
|
|||
![]() جزاك الله خيرا، وأحسن إليك.
وأنا على يقين أنا هذا الذي أكتبه مما يُنتَفع به، ليس لجودته، ولكن لأن الناس ينتفع بعضهم ببعض، وانتفاع الإنسان بمن يعاصره ولو كان قليلا علمُه أعظم من انتفاعه بالمتقدم مرات كثيرة ولو كان المتقدم أعلم، وهذا الشيء مجرب مشاهد، وأنا قد انتفعتُ من الشبكة ومن ملتقى أهل الحديث قديما ومن ملتقانا هذا وغيرهما انتفاعا عظيما، وأعرف أثرهما علي، وانتفاعي بمشاركتي فيهما، فلذلك أرجو أن أفيد وأستفيد. |
![]() |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
![]() |
||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصيدة أبي تمام في فتح عمورية - صالح العَمْري | صالح العَمْري | المكتبة الصوتية | 3 | 19-02-2017 02:11 PM |
لُمعة النَّسب - صالح بن عوض العَمْري ( بي دي إف ) [ الإصدار الرابع ] | ملتقى أهل اللغة | إصدارات الملتقى | 30 | 18-11-2015 01:46 PM |
أربع قصائد للحطيئة - صالح بن عوض العَمْري | صالح العَمْري | المكتبة الصوتية | 3 | 01-06-2015 09:18 PM |
عروق الذهب - صالح بن عوض العَمْري ( بي دي إف ) | صالح العَمْري | مكتبة الملتقى | 19 | 21-10-2014 01:39 AM |