|
|
#1
|
|||
|
|||
![]() ![]() ![]() وبعدُ، فهذا حديثٌ جديدٌ نذكرُ فيهِ ما تيسرَ من كُنَى النساءِ التي وردتْ في الشعرِ، وما يتعلقُ بذلك مِن فوائدَ. وقد كنْتُ أردتُّ أنْ أرجِئَ هذا الحديثَ إلى ما بعدَ شهرِ رمضانَ المباركِ-بلغنا الله وإياكم فضلَهُ وبركتَهُ-، ولكنْ أبتْ عليّ نفسِي إلا إذاعتَهُ ونشرَهُ، فعسَى أن يكون فيه فائدةٌ ونفعٌ لطلابِ العلم-إن شاء الله-. |
#2
|
|||
|
|||
![]() قال الضِّلِّيلُ امرُؤُ القيْسِ الكِنْدِيّ: كدأْبِكَ مِنْ أمِّ الحويْرِثِ قبْلَهَا ![]() قال الأنباريّ: (قال هشام بن محمد الكلبي: أمّ الحويرث هي هرُّ أمُّ الحارثِ بنِ حصْنِ بنِ ضَمْضَمٍ الكلبيّ، وقال غيره: أمّ الحويرثِ وأمّ الربابِ: امرأتان من كلب.) انتهى. [شرح القصائد السبع الطوال، ص: 29] وفي خزانة الأدب للبغداديّ (3/ 226)-بعدما نقل القول السابق عن التِّبريزيّ-قال: (قال أبو عبيدٍ البَكريّ في شرح أمالي القالي: أم الحويرث التي كان يشبِّبُ بها في أشعاره هي أختُ الحارث حصين بن ضَمْضَم من كلب، وهي امرأةُ حُجْرٍ أبي امرِئِ القيسِ، فلذلك كان أبوه طرده ونفاه، وهمّ بقتله. انتهى. وهذا هو الصواب.) |
#3
|
|||
|
|||
![]() وقال عروةُ بنُ الورْدِ: سقَى سلمَى وأينَ محلُّ سلمَى ![]() إذا حلَّتْ بأرضِ بني عليٍّ ![]() ذكرتُ منازلًا من أمِّ وهبٍ ![]() وآخِرُ معْهَدٍ مِن أمِّ وهبٍ ![]() [ديوانه بشرح ابن السكيت، ص: 43 وما بعدها] وكان من خبر أم وهبٍ هذه أن عروة سباها، فمكثت عنده دهرا، ثم افتداها قومها، وأغلَوا بها الفداء، وكان معه طَلْق وجَبّار أخوه وابن عمه، فقالا له: والله لئن قبلت ما أعطوك لا تفتقر أبدًا، وأنت على النساء قادر متى شئت، وكان قد سكِر، فأجاب إلى فدائها، فلما صحا ندم، فشهدوا عليه بالفداء، فلم يقدر على الامتناع، وقيل غير هذا في أمر فدائها. [الأغاني لأبي الفرج، 3/ 54، 55، ط: صادر] وفي شرح ابن السكيت على ديوان عروة (ص: 41، 42) عن الأصمعي أن اسم هذه المرأة ليلى بنت شَعْوَاءَ من بني هلال، قال: وأخذ عامر بن الطفيل امرأة من بني فَزارة ثم من بني سُكَيْن، فلم تلبثْ أن استنقِذَتْ من يومها، فذكرتْ بنو عامر أمرَها، فقال رجل من بني عبْسٍ: إن تأخذوا أسماءَ موقفَ ساعةٍ ![]() فنحنُ لبِسْنَا ما مضَى مِن شبابِها ![]() والبيتان في الأغاني (3/ 57) عن عروة نفسه مع بيت ثالث يرد فيهن على عامر بن الطفيل، وروايتهن: إن تأخذُوا أسماءَ موقفَ ساعةٍ ![]() لبِسنا زمانًا حسْنَهَا وشبابَهَا ![]() كمأخذِنا حسْناءَ كرْهًا ودمعُهَا ![]() فلعل الصواب إذن في أم وهب هو ما ذكره أبو الفرج من أنها سلمى كما دعاها عروة نفسه، وكانت مزنية من كنانة، وأما ليلى بنت شعواء، فهي هلالية كما ذكر الأصمعي. |
#4
|
|||
|
|||
![]() وقال عروةُ أيضا في القصيدةِ السابقةِ: فلا وأبيكَ لوْ كاليوْمِ أمرِي ![]() إذن لَّملكتُ عِصْمةَ أمِّ وهْبٍ ![]() [ديوانه بشرح ابن السكيت، ص: 49] |
#5
|
|||
|
|||
![]() ولعروةَ زوجةٌ أخرَى تكنَى أمَّ حسانَ، وهي التي عناها بقوله-وكانت نهته عن الغزو-: أقلِّي عليَّ اللوْمَ يا بنْتَ منْذِرٍ ![]() ذَرِينِي ونفسِي أمَّ حسَّانَ إنَّنِي ![]() أحاديثَ تبقَى والفتَى غيرُ خالِدٍ ![]() يقول: ذريني أشترِ وأبتنِ بمالي مجدًا وذكرًا في حياتي وقبلَ مماتي، فإذا أنا متّ بقيتْ أحاديثي بعدي شريفةً لا أسبّ بها، فذريني أبادرْها قبلَ أن يحولَ الموتُ بيني وبينَها. [شرح ابن السكيت على ديوانه، ص: 64] وقال فيها أيضا: أرَى أمَّ حسّانَ الغداةَ تلومُنِي ![]() لعلَّ الَّذِي خوفتِنَا مِنْ أمامِنَا ![]() [شرح ديوانه، ص: 91] |
#6
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
تقولُ سليمَى لوْ أقمْتَ لسرَّنَا ![]() و(سليمَى) على هذا مصغرُ (سلمى) المتقدمِ ذكرُها، وهي أمُّ وهبٍ، ومثلُه-وينسَبُ لرؤبةَ بنِ العجّاجِ-قولُ الشاعرِ: ![]() ![]() يريد: سلمى بدليل قوله بعد ذلك: ![]() ![]() |
#7
|
|||
|
|||
![]() وقال عروةُ بنُ الورْدِ: أرَى أمَّ سِرْيَاحٍ غدَتْ فِي ظعائِنٍ ![]() [شرح ديوانه، ص: 95] قال ابن السكيت: يريد من شام إلى العراقِ. وفي تاج العروس: (السِّرْياح كـ(جِرْيال): الطَّويلُ من الرِّجال. السِّرْياح: الجَراد واسم كَلْب، وأُمُّ سِرْياحٍ: اسمُ امرأَة مُشْتقٌّ منه. قال بعض أُمراءِ مكَّة-وقيل: هو درّاجُ بن زُرْعَةَ بنِ قَطَنِ بنِ الأَعرفِ الضِّبابيّ أَمير مكَّةَ -زِيدتْ شَرفًا-: إِذا أُمُّ سِرْياحٍ غَدَتْ في ظَعائِنٍ ![]() قال ابن بَرّيّ: وذكر أَبو عُمَرَ الزَّاهِدُ أَنّ أُمّ سِرْياحٍ في غيرِ هذا المَوْضِع كُنْيَةُ الجَرَادَةِ. والسِّرْياح: اسمُ الجرادِ. والجالِسُ : الآتي نَجْدًا.)انتهى. وفي العباب أنّ أمَّ سِرياحٍ هي امرأَةُ درّاجٍ، وإياهما عنى أبو العلاء بقولِهِ: مَا أُمُّ سِرْيَاحٍ، إذَا مَا غَدَتْ ![]() [شرح اللزوميات 1/ 335] |
#8
|
|||
|
|||
![]() ومن كنَى النساءِ عندَ العربِ (أمُّ الصبيّ). قال أميةُ بنُ أبِي عائذٍ: فقَدْ هَاجَنِي ذكْرُ أمِّ الصّبِيِّ مِنْ بعدِ سُقْمٍ طويلِ المِطالِ ومرِّ المَنونِ بأمرٍ يغولُ مِن رزءِ نفسٍ ومِن نقْصِ مالِ إلى اللهِ أشكُو الذِي نابَنِي ![]() وقال بعدَها: وقِدْمًا تعلَّقْتُ أمَّ الصّبيِّ منِّي علَى عُزُفٍ واكْتِهَالِ [ شرح أشعار الهذليين للسكريّ، 2/ 495، 496 ] قال محققه الأستاذ عبد الستار فراج في الموضع الأول من ذكر هذه الكنية: ضبطت (الصبي) بالتصغير والتكبير في المخطوطين، أي: (الصَّبِيِّ) و(الصُّبَِيِّ). انتهى. |
#9
|
|||
|
|||
![]() وقال شبِيبُ بنُ البرْصَاءِ: لَعَمْرُ ابنةِ المُرِّيِّ ما أَنا بالَّذِي ![]() وقد عَلِمَتْ أُمُّ الصَّبِيَّيْنِ أَنَّنِي ![]() وقال في آخر هذه القصيدة: وما غاضَ مِن شيْءٍ فإِنَّ سَمَاحتي ![]() [ المفضليات، ص: 171، 172، ط: المعارف ] ويروى في البيت الأول: (لعمْرُ ابنةِ الزيديّ)، ومعنَى البيتِ أنه صبورٌ على ريْبِ الدهرِ، ليس ممن يجزعُ لنازلةٍ تنزلُ بهِ، و(قوَّام السِّناتِ) أي: قوامٌ إذا أخذتِ السناتُ غيرَه، فأنامتْهُ، و(السِّناتُ) جمعُ (سِنَةٍ)، وهو ما يغشَى الإنسانَ من سماديرِ النوم [ بتصرف من شرح الأنباري، ص: 339 ] وضبطت (أمّ الصبيّ) في المفضليات وشرحها برفع (أمّ)، ولم يظهر لي وجهُه! |
#10
|
|||
|
|||
![]() وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: أحبك حبًّا لو علمتِ ببعضِهِ ![]() وحبُّكِ يا أمَّ الصبيِّ مدلِّهِي ![]() في أبيات مشهورة ذكر فيها أسماء فقهاء المدينة، وكان عبيد الله أحدهم [الأغاني، 9/ 111]، ورواية البيت الثاني في ![]() ![]() وحبُّكِ يا أمَّ العلاءِ متيِّمِي ![]() وهي سالمةٌ من الإقواء الذي في رواية الأغاني. |
#11
|
|||
|
|||
![]() ومن لطيفِ أمر هذه الكنيةِ أنه تكنَى بمثناهَا الهامة، قال المعريّ في
![]() ![]() إِذا أَفزعُوا أمَّ الصبيينِ طيَّروا ![]() ألغزتُ أم الصبيين عن المرأةِ التي لها صبيانِ، لأن العرب تردد ذلك، فيقولون: (أم الصبي)، و(أم الصبيينِ). أنشد الفراء: أَلا زعمتْ أمُّ الصبيِّ خزَايَةً ![]() ولي تعليقان على هذين البيتين اللذين ذكرهما أبو العلاء على لسانِ الشاحجِ: 1-أما البيت الأول، فإن روايته في ديوان تأبط شرا فيما خرجه ابن جني من شعره: إِذا فزَّعُوا أمَّ الصبيينِ نفَّضُوا ![]() وفي اللسان (صوف): إذا أَفْزَعُوا أُمَّ الصَّبِيَّينِ نَفَّضُوا ![]() ولعل رواية ابن جني (صافة) هي الأمثل، وذلك أنه فسرها بأنها المتلبدة، من الصوف، وهي تناسب العفاري الشعث التي لم ترجل، وجاء في اللسان (عفر) في تفسير (العفاري): (وعِفْريةُ الرأْس خفيفة على مثال فِعْلِلة وعِفْراة الرأْس: شعره، وقيل: هي من الإِنسان شعر الناصية، ومن الدابة شعرُ القفا، وقيل: العِفْرِيةُ والعِفْراة: الشعرات النابتات في وسط الرأْس يَقْشَعْرِرْنَ عند الفزع، وذكر ابن سيده في خطبة كتابه فيما قصد به الوضع من أَبي عبيد القاسم بن سلام قال: وأَي شيء أَدلّ على ضعف المُنَّة وسخافة الجُنَّة من قول أَبي عبيد في كتابه المصنف: العِفْرِية مثال فِعْلِلَة، فجعل الياء أَصلًا، والياء لا تكون أَصلًا في بنات الأَربعة) انتهى. وتأمل ما تحته خط لترى مناسبة (العفاري) لما في الشطر الأول من البيت (إذا فزّعوا)، وأما رواية (غفاري)، فلعلها مصحفة. 2-وأما البيت الثاني، فصواب الرواية في شطره الثاني-كما في اللسان (قرس)-عن أوسِ بنِ حجَرٍ: أَجاعِلَة أُمُّ الحُصَيْنِ خَزايَةً ![]() ورَهْطَ أَبي شَهْمٍ وعَمْرَو بنَ عامِرٍ ![]() مَطاعِينُ في الهَيْجا مَطاعيمُ للْقِرَى ![]() |
#12
|
|||
|
|||
![]() ومن لطيف أمرها أيضًا أنه يكنى بها القوس، جاء في اللسان (شظف): (الشَّظْفُ: شِقَّةُ العصا عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
أَنتَ أَرَحْت الحَيَّ من أُمِّ الصَّبِي ![]() عنَى بأُمِّ الصبي: القَوْسَ، وبالصبيّ: السهمَ لأَن القوس تَحْتَضِنُه كما تحتضن الأُم الصبيّ، وقوله: كَبداءَ أَي: كبداءَ عظيمةَ الوسَطِ، وهي مع ذلك مهزولةٌ يابسةٌ مثلُ شِقَّةِ العصَا.) انتهى. |
#13
|
|||
|
|||
![]() ويروَى لأبي صخرٍ الهذليّ-وذكر الأصفهاني أنه مما أضيف إلى شعره-:
أبَى القلبُ إلا حبَّهَا عامريَّةً أراد تعظيمها لأن الكنية إكرام لصاحبها، وكونها تكنَى بغير ولد دليلٌ على أنّها معظّمةٌ مكرَمَةٌ في قومِهَا، وفي تاج العروس (كنى): (قال الليث: قال أهل البصرة: فلان يكنى بأبى فلان، وغيرهم: يكنى بفلان، قال الفراء: أفصح اللغات أن تقول: كني أخوك بعمرو، والثانية: بأبي عمرو، والثالثة: أبا عمرو.)، وفي اللسان: (قال الجوهري: لا تقل: يُكْنى بعبد الله.)، ولعل البيت-إن صحّ-مما يرد قول الجوهري.![]() ومن لطيف ما يدل على أن الكنية يراد بها التبجيل والتعظيم ما أنشده صاحب التذكرة الحمدونية (8/ 278، 279) من قول ابن الرومي: بكتْ شجْوَهَا الدنيَا فلمَّا تبيّنتْ قلت: وتكنَى الدنيَا بأمِّ شَمْلَة وأمِّ دَرْزٍ.![]() وكانَ ضئيلًا شخصُهَا فتطاوَلَتْ ![]() |
#14
|
|||
|
|||
![]() وقال أبو العلاء المعري في لزومية قافيتها زايٌ مكسورة :
وتَهْزَأُ منه ربّاتُ المغاني كما هَزِئَتْ بِرُؤبَةَ أُمُّ حَمْزِ وأم حمْزٍ هذه يذكرها رؤبة كثيرا في شعره ولا أدري ؛ أهي امرأته أم أخرى يشبب بها ؟ |
#15
|
|||
|
|||
![]() ![]() وسبق معنا أيضًا استحضار أبي العلاء أمَّ سرياح وصاحبَها درّاجا، وهو شيءٌ يدعو للتأمل في شعر أبي العلاء، فلربما يكون ظاهرة جديرة بالدرس. وها هنا فائدتان متعلقتان ببعض ما مضى: 1-كنت ذكرتُ أنه يكنى بـ(أم الصبيّ) القوسُ، وبـ(أم الصبيينِ) الهامةُ على المجاز في كليهما، وقد كنوا بالجمع أيضًا كتكنيتهم بالمفرد والمثنى، ففي اللسان (أمّ) أن الريح تكنى بـ(أم الصِّبْيانِ)، وذكر حديثًا فيه: (لم تضرّه أمّ الصبيان)، قال: (يعني: الريح التي تعرض لهم، فربما غشي عليهم منها). 2-من كُنَى الدنيا أيضًا سوى ما ذكرتُ (أمّ حُبابٍ) و(أمّ وافرَةَ) و(أمّ دَفْرٍ) و(أمّ دَفارِ) و(أمّ خَنُّورٍ) على زنة (تَنُّورٍ) و(بِلَّوْرِ) و(عَمَلَّسٍ). |
![]() |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
![]() |
||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
بعض النساء عقارب وأفاعي | زيد الأنصاري | حلقة الأدب والأخبار | 9 | 19-10-2013 01:39 PM |
يشير عدد من النساء ، أم تشير عدد من النساء ؟ | محمد أبوريشة | حلقة النحو والتصريف وأصولهما | 3 | 09-10-2013 10:37 PM |
قصائد النساء | طالب من طلابكم | حلقة الأدب والأخبار | 4 | 21-09-2012 01:52 PM |
أدب النساء في الأدب | تألق | مُضطجَع أهل اللغة | 2 | 10-04-2012 11:20 AM |