اللؤلؤ والعقيق في بدائع النستعليق

[أحمد البخاري]

الحمد لله و الصلاة والسلامُ على رسُولِ اللهِ، و على آلِهِ و أَصحابهِ و من والاه، و بعد
هذِهِ مجموعةٍ مُتخيَّرة للوحاتٍ بديعةٍ كُتِبت بخطِّ النّستَعليق الجَميلِ الرَّشيق بِيد كِبار الخطَّاطين، اعتَرضتني أَثناء مشارَكاتي في صَفحة الأستاذة الكريمة عائشة"مُختارات شعرية بالخط الفارسي" ،فاجتَمعَ عندي قَدرٌ لا بأسَ به ،فأحبَبتُ أَن أُتحِفَ بها النَّاظرَ في هذِهِ الصَّفحة، المُتأَمِّلَ في هذا الحَديث
و خطُّ النَّستَعليق، ممَّا لا يَختَلفُ في جَمالِه اثْنان،و لا ينتَطحُ في بهائِه عَنـزَان، كما قيل
فلهُ منَ الثُّلُث جَلالُه، ومن النَّسخِ وُضوحُه و بهاؤُه، ومن الدِّيواني تعرُّجُه وانحِناؤُه، و منَ الرُّقعةِ رشاقَتُه و اقْتضابُه، فاعجَبْ لخطٍّ جمعَ ما تفرَّقَ في خُطوطٍ، و حِيزَ له الحُسنُ بحذَافيرِه
فإنْ شكَكتَ فيما قُلتُ أو استربتَ، فانظُر فيما سيأْتي و تأمَّل، ثمَّ ارجعِ البصرَ مثنىَ و ثُلاثَ و رُباع ، فستعلمُ شيئاً فشيئاً أنِّي قصَّرتُ في حُكمي، و أَقصرتُ عن الإصابةِ فيه
و عن نفسِي، يُعجِبُني الخطُّ يكونُ صِرفاً، من غيرِ زَخرفةٍ و لا تلْوينٍ، كأَنَّ راقِمهُ فَرغَ منهُ لتوِّه
حينَ ذلكَ، يُعرِبُ الحرفُ عن نفسِه، و يُفصِحُ و يُبين، ويتجلَّى فضلُ الخطّاط و إبداعُه، و الخطُّ كاللَّفظِ، فيه فصَاحةٌ و بيانٌ، و فيه لُكنةٌ وعيٌّ كذلكَ.
لكِن، الخطُّ القويُّ، تزِيدُهُ الزَّخرفة اليَسيرة قوّةً إلى قُوَّته، و تُظفي عليه الألوانُ سناءً و بَهاءً، و تُلقي عَليه بأَرديةٍ من حُسنٍ ، تطرَب له النّفوس، و ترتاحُ لها الأبصار.
فهذاَ ذوقِي أعرِضُه عليكُم، فإن أعجَبَ فبها و نِعمَت، وإن كانت الأُخرى، فثقَتي في عفوِ الكِرامِ، لا تَزالُ تُجرِّؤني و تُورِدُني مِثلَ هذهَ المَواردِ.و من شاءَ المشَاركةَ من إخواني بما يراهُ مناسباً،فهذا ممَّا يُسعدني وبارَكَ اللهُ فيكُم وصلَّى الله و سلَّم علىَ مُحمّد و آلِهِ و أصْحابِه

[أحمد البخاري]

و نبدأُ بالبسملة

فَكأَنَّما تِلكَ الحُروفُ حدَائقٌأَمسَت معانِيها تَصيحُ بلابِلاَ

[أحمد البخاري]

وهذِهِ أخرى جميلة

خطٌّ أَظنُّ الرَّوضَ جَوَّد عندَماشُقَّت كِمامُ الزَّهرِ تَحتَ مِثالهِ

[أحمد البخاري]

وهذه ثالثة

وقَفتُ على رَوضٍ من الخَطِّ نوَّراَفلَم ترَ عيني منهُ أَبدَعَ منظَرَا
و سَرَّحتُ طَرفِي في سُطورِ طُرُوسهِفشَاهدتُ دُرًّا في الطُّرُوس مُسطَّراَ

[أحمد البخاري]

و هذه رابعة ، و لعله أخطأ في كتابة"رؤوف"

جاءَت سُطُورُك و السُّرورُ قرينُو لها من الحُسنِ البَدِيعِ فُنونُ
يا حُسنَها من رَوضةٍ هَمْزاتُهافوقَ السُّطور حَمائِمٌ و غُصُونُ

[أبو محمد فضل بن محمد]

أحسنت وأجدت ، وهذه فكرة جميلة ، تعانق الخط والشعر ، وهما قرينان لا يفترقان ، و والله لو أن هذه الفكرة نفذت في تصنيف كتاب مع إخراج جيد وطباعة مناسبة ، لجاء شيئا حسنا مبهرا ، ولبيع بأرفع الأسعار ، ولتهافت عليه المشترون ، صدقني .
وتسميه : ( اللؤلؤ والعقيق ، في بدائع النستعليق ، و روائع الشعر الرقيق ) ، زين يا صديق ؟
طبعا بعد استئذان أصحاب اللوحات أو من له حق النشر أو التصرف على قدر الإمكان .
نصيحة ببلاش ، وكانت النصيحة بجمل !

[أحمد البخاري]

بارك اللهُ في الأستاذ على كلامهِ الطّيّب،و في الأستاذة على شكرها

وَ مَن يُمِرَّ عَلى القِرطاسِ رَاحَتَهُ فَيُنبِتُ الزَّهرَ غَضّاً في نَواحِيهِ
ما كُلُّ مَن خَطَّ في طِرسٍ وَ سَوَّدهُ بالحِبر تَغدُو بِه بِيضاً لَيالِيهِ
وَ لا تَخَلْ كُلَّ مَن في كَفِّه قَلمٌ إِذَا دَعاهُ إِلى مَعنىً يُلَبِّيهِ

[أحمد البخاري]

وهذه سادسة

يعْلُو أَنامِلَهُ التي هِي أَبحُرٌ قَلَمٌ جَلِيلٌ القَدْرِ وَهوَ دَقِيقُ
وَكذَلكَ القَصبَاءُ وَهيَ ضَعيفةٌ تَعْلُو البِحَارَ بَطبْعِها وَتَفُوقُ

و الأنامل جعَلها أبحُراً في عطائها

[أحمد البخاري]

و سابعة

وبَدِيعِ قِرطَاسٍ تَوَشَّحَ مَتنُهُ بِمُنَمنَمٍ مِن رَقْمِهِ وَ مُنَجَّدِ
بَهِجٍ كأَنَّ الحُسنَ حَلَّ أَديمَهٌ فَكَسَاهُ رَيعَانَ الشَّبابِ الأَغْيَدِ

[أحمد البخاري]

وهذه من السَّهل المُمتنِع، وهي من الخطِّ الصِّرف الذي يُعجبني،فتأمّل في جمال الخط كيف يكون،كأنّها طيرٌ يسبَح في فضاء،أو أنها سبائك من تِبر معلَّقةٌ بخيوطٍ من وَهم، فسبحانَ الملك

إذا امْتطَى القلمُ العالي أَنامِلَهُ حَلَّى الطُّروسَ وجلَّى الظُلْم والظُّلَمَا
يُريكَ في الطِّرسِ زُهْر الأُفْقِ زَاهِرةً وَقد تَرَى فيه زَهْرَ الرَّوضِ مُبتَسِمَا
وَ يَرقمُ الوَشيَ فِيهِ مِن كتَابتهِ وَ مَا سمَعنَا سِواهُ أَرقماً رَقَِمَا

[أحمد البخاري]

و تاسعة

وَخَطُّكَ لم يَزَل دُرّاً ثميناً لَه بِالجَوهرِ الشَّفَّافِ نِسْبَهْ
بنَانُكَ مِنبَرٌ تَرقَى عَلَيهِ يَرَاعٌ كَم لَها فِي الطِّرسِ خُطبَهْ

[أحمد البخاري]

و عاشرة

لَهُ القَلمُ المَاضِي الشَّبَا فَكأنَّما تَهُزُّ بِهِ أَعرَافُهُ صَدرَ مُرْهَفِ
إذَا مَا سَقَاهُ المزنُ صَوبَ قِطَارِهِ كَسَا الطِّرسَ أَثوابَ الرَّبيعِ المُفَوَّفِ

والقطار:حبّات الماء المتتابعة

[أحمد البخاري]

الحادية عشرة

وَ نَصَبتَ مِن بِيضِ الطُّروسِ مَنابِراً أَضحَى يَراعُكَ فَوقَهُنَّ خَطِيبَا
تُبدِي ضُرُوبَ محَاسنٍ لَسْنا نَرَى بَينَ الوَرَى يَوماً لهُنَّ ضَرِيبَا

[أحمد البخاري]

الثانية عشرة

لكَ القَلمُ الأَعلَى الذِي طَالَ فَخرُهُ عَلَى المرهَفَاتِ البِيضِ وَ الأَسَلِ السُّمْرِ
يُقَلِّدُ أَجيَادَ الطُّرُوسِ تمَائِماً بِصِنفَيْ لَآلٍ مِن نِظَامٍ وَ مِن نَثرِ

[أحمد البخاري]

وهذهِ أُخرى

محاسنُ والإحسَانُ يَبدُو خِلالَها كَما افْترَّ عَن زَهْرِ البِطاَحِ رَبيعُهَا
إذَا مَا أَجَلْتَ العَينَ فِيها تَخَالُها نُجوماً بِآفاقِ الطُّرُوسِ طُلُوعَهَا