ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية  

العودة   ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية > الحلَقات > مُضطجَع أهل اللغة
الانضمام الوصايا محظورات الملتقى   المذاكرة مشاركات اليوم اجعل الحلَقات كافّة محضورة

منازعة
 
أدوات الحديث طرائق الاستماع إلى الحديث
  #1  
قديم 28-05-2008, 10:19 PM
أبو عبد المعز أبو عبد المعز غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: May 2008
التخصص : علوم اللغة
النوع : ذكر
المشاركات: 144
افتراضي اللغة العربية أم اللغات على الحقيقة لا على المجاز

يسرني أن أشترك في مجلسكم هذا بأول مقال..والمناسبة بين القول والمقام تتمثل في معنى الأولية..فأنا هنا بصدد البحث عن أول لغة تكلم بها الإنسان..

أتى علي حين من الدهر كنت أعتقد فيه أن من يزعم أن اللغة العربية
هي أم اللغات وأنها المستحقة لاسم" اللسان" دون غيرها وأن لغات البشر ماهي إلا تحريف ولحن للغة الأم التي هي العربية..كنت أعتقد أن هذا الادعاء ليس إلا شيئا من نفث العاطفة وهمز الغرور ونشر "القوميين"أو أنه ترويح عن النفس وتقديس للذات : فاللغة العربية آخر ما نملك لا ينافسنا فيها أحد فعوضنا بها عن خساراتنا الأخرى في كل مجال طحننا فيه المتنافسون، وعن رتبة الحضيض في العلم والسياسة والاقتصاد وغيرها... كما قال أحدهم.
لكن كلمة واحدة صدرت عن الفيلسوف الفرنسي" أرنست رينان"
جعلتني أعيد النظر:
زعم رينان أن اللغة العربية على عكس كل اللغات ظهرت فجأة على مسرح التاريخ ممتلئة، عروسا في كامل حليتها فلا يعرف لها طفولة ولا يتوهم لها حبو وتلعثم..فهي شبيهة بأهلها من العرب الذين تسنموا الحضارة فجأة بدون توطئة أو تدرج.
فهل تكون العربية الاستثناء الثقافي لقانون التاريخ؟
إن ملاحظة رينان يمكن استثمارها "منطقيا" و"هندسيا" للدلالة على أن العربية هي لغة الإنسان الاول!
علماؤنا عندما دونوا اللغة وضعوا قيودا في الزمان والمكان..
وما يهمنا هنا هو الشرط الزماني..فالمتكلم المتقدم هو بالضررة أفصح من المتأخر...فشعراء صدر الإسلام أفصح من شعراء العهد العباسي..وهؤلاء أفصح من شعراء النهضة...وشعراء الجاهلية أفصح من الإسلاميين..
لا بد من اطراد القاعدة...ومد السهم المبياني:
فشعراء الجاهلية القريبة أقل فصاحة من شعراء الجاهلية الأولى..وهؤلاء الذين لا نعرفهم لا بد أن يكون آباءهم أفصح منهم...فلا معنى للتخلي عن القاعدة بدون ما سبب...
الحاصل المنطقي أن العربية بدأت لغة مطلقة –بالمعنى الهيجلي للوصف-ثم بدأ يعتريها التدهور شيئا فشيئا في مسيرتها التاريخية كأي شيء كامل لا يتوسم فيه إلا النقصان...
أما اللغات الأخرى فقدرها مختلف تماما:
فأهل الفرنسية مثلا يرون فرنسية القرن العشرين أفصح من فرنسية القرن السابع عشر..أما فرنسية القرن الثالث عشر فلم تكن فرنسية بقدر ما كانت لهجة عامية منحرفة عن اللاتينية..وفي القرن الخامس لم يكن في الوجود شيء يسمى الفرنسية...
وهكذا ترون أن السهم المبياني للفرنسية مضاد رياضيا –تماما-لسهم العربية..لكم أن تتصوروا الفرنسية مثل مخروط قاعدته الواسعة في ما يستقبل من القرون ورأسه في لحظة تاريخية معينة هي لحظة الانفصال عن اللاتينية..أما العربية فهي مثل مخروط قاعدته الواسعة هي زمن آدم عليه السلام ورأسه الضيق هو عندما يرث الله الأرض ومن عليها فنحن على اعتقادنا بأن العربية دائمة بدوام القرآن.
منازعة مع اقتباس
  #2  
قديم 29-05-2008, 06:06 PM
محمد التويجري محمد التويجري غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: May 2008
التخصص : نحو
النوع : ذكر
المشاركات: 54
افتراضي

السلام عليكم

لعلي أذكر بالخلاف القائم حول نشأة اللغة أهي توقيف وإلهام أم تواضع واصطلاح

وكذلك أذكر بتقسيم العربية إلى قسمين
1- العربية البائدة
2- والعربية الفصحى لغة القرآن الكريم

وما بينهما من تشابه واختلاف في خصائصهما

كذلك أذكر بعربية حمير المختلفة.

كل هذا قد يعطينا قرائن مختلفة الاتجاه خاصة وأن قوانين تطور اللغة تتحكم ولاتستثني لغة عن غيرها في التطور.

صحيح أننا لا نملك شيئا عن طفولة اللغة العربية لكن هذا لا يعني أنها لم تكن لها طفولة ولانستطيع الجزم أن لغة العرب القديمة كانت أفصح ممن بعدهم لأن المقياس المخروطي قد يكون مقياسا جزئيا لعملية التطور إذ لربما كانت اللغة بدأت من قاع إلى قمة ثم اتجهت بالعكس مكونة شبه مثلث فكانت الفرنسية في ضلعه الأول حين القياس وكانت العربية في ضلعه الثاني.

على كل حال الموضوع لم يحسم بعد ولا أظنه سيحسم لعدم كفاية الأدلة :)

لكن ما وصلنا من العربية كاف لتتربع على عرش اللغات جميعا متوجة بكتاب الله الكريم

بوركتم
منازعة مع اقتباس
  #3  
قديم 31-05-2008, 01:35 PM
أبو العباس أبو العباس غير شاهد حالياً
مشرف سابق
 
تاريخ الانضمام: May 2008
التخصص : لغة
النوع : ذكر
المشاركات: 365
افتراضي

اقتباس:
زعم رينان أن اللغة العربية على عكس كل اللغات ظهرت فجأة على مسرح التاريخ .............

فالمتكلم المتقدم هو بالضررة أفصح من المتأخر...فشعراء صدر الإسلام أفصح من شعراء العهد العباسي..وهؤلاء أفصح من شعراء النهضة...وشعراء الجاهلية أفصح من الإسلاميين..
لا بد من اطراد القاعدة...ومد السهم المبياني:
فشعراء الجاهلية القريبة أقل فصاحة من شعراء الجاهلية الأولى..وهؤلاء الذين لا نعرفهم لا بد أن يكون آباءهم أفصح منهم...فلا معنى للتخلي عن القاعدة بدون ما سبب...
الحاصل المنطقي أن العربية بدأت لغة مطلقة –بالمعنى الهيجلي للوصف-ثم بدأ يعتريها التدهور شيئا فشيئا في مسيرتها التاريخية كأي شيء كامل لا يتوسم فيه إلا النقصان...
أولاً هذا قول بلا دليل .
ثانيًا : أنت فهمت كلام الفيلسوف على غير وجهه وذلك أن ظهور اللغة فجأة على مسرح التاريخ لا يعني أن اللغة بدأت لغة مطلقة !!!
ثالثًا : يلزم من قولك أن القرآن الكريم نزل حين تدهور اللغة العربية وقلّة فصاحة شعرائها !! ويلزم عليه أن القرآن لا يمكن أن يكون فصيحًا فصاحة مطلقة لأنه إنما تحدى بفصاحته أناسًا قليلي الفصاحة !!!
منازعة مع اقتباس
  #4  
قديم 31-05-2008, 02:17 PM
محمد التويجري محمد التويجري غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: May 2008
التخصص : نحو
النوع : ذكر
المشاركات: 54
افتراضي

أوصي بالرجوع لكتابي الدكتور علي عبد الواحد وافي
1- علم اللغة
2- فقه اللغة
لاكتساب نظرة أشمل وأوسع رغم مخالفتي له في بعض آرائه
منازعة مع اقتباس
  #5  
قديم 02-06-2008, 06:59 PM
أبو عمرو أبو عمرو غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Jun 2008
المشاركات: 8
افتراضي

استمعتُ إلى حلقةٍ مضت مساء السبت المنصرم رأيتها في قناة الرحمة الفضائية وكان الضيف (د.سعيد) وتكلم فيها عن أشياء كثيرة يهمني منها (بعدما رأيتُ هذا الملتقى الجميل) أنه قال بأن علم اللغات الكوني أو علم الأصوات الكوني (لا أذكر) قد توصل فيه الخبراء والباحثون إلى أن اللغة العربية الآن هي الثانية في العالم وأنها في نهاية القرن الميلادي الحالي ستكون الأولى في العالم وستكون غيرها من اللغات في عداد الأموات وما يتبقى منها بجوار العربية فسيأتي بعدها في المرتبة، وأن الانجليزية آنذاك ستكون للمصطلحات العلمية لكنها لن تكون لغة تخاطب.
كما ذكر الدكتور المذكور (وهو حسبما فهمتُ من الحلقة أستاذ بجامعة لندن) وقد ذكر أن علامة صحة اللغة أو الحروف والأصوات اللغوية في اللغات الأخرى الآن هي موافقتها لصوت من أصوات الحروف العربية وأن الخبراء والعلماء يستدلون على صحة اللغات الأخرى بموافقتها لأصوات العربية (مع أنهم ليسوا عربًا.

وقال بأن لغة آدم عليه السلام كانت هي العربية
وقال بأن الخبراء توصلوا لمعرفة 400 لغة ماتت منها اللاتينية
وقال بأن الموجود الآن 602 لغة تموت كل أسبوع لغة منها

وقال بأن علامة موت اللغة هو الاعوجاج والشيب ودلل على كلامه بإبراهيم حيث كانوا ينطقونها: (إبراهيم) ثم (إبراهام) ثم (إبرهم) ثم (إبره) فهنا يعتبر اللغة قد ماتت وعليه أن يبدأ من جديد بإخبارهم بأن اسمه (إبراهيم) يعني يعيد الكلمة من جديد ويحييها مرة أخرى بعد موتها.

الحقيقة قال كلاما كثيرا ممتعًا ومفيدًا وليتنا نجد الحلقة المشار إليها مسجلة على الشبكة في بعض المواقع
وللفائدة فأظنها كانت الحلقة الثانية ولا زالت هناك حلقات أخرى تابعة لها لكن لا أدري موعد الحلقة القادمة لعلها يوم السبت القادم إن شاء الله

فلعل بعض الأفاضل يتابع الأمر مشكورا فيستفيد ويفيد إن شاء الله
بوركتم يا أحبة
منازعة مع اقتباس
  #6  
قديم 02-06-2008, 07:00 PM
أبو عمرو أبو عمرو غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Jun 2008
المشاركات: 8
افتراضي

وهناك مقال عن اللغة الاشتقاقية أو شيء قريب لا تسعفني الحالة لتدكر العنوان بالضبط الآن لكنه كان منشورا في موقع (أهل التفسير) لعله للدكتور الطيار
وقد كان مفيدا أيضا
منازعة مع اقتباس
  #7  
قديم 22-10-2008, 11:49 PM
أبو حازم المسالم أبو حازم المسالم غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Aug 2008
السُّكنى في: المدينة النبوية
التخصص : علوم إسلامية وحوسبة
النوع : ذكر
المشاركات: 79
افتراضي

ما عنوان برنامج الحلقة ؟
ومن الحاضرون بها ؟
__________________
شمس العربية:
http://MyArabic.wordpress.com
منازعة مع اقتباس
  #8  
قديم 10-10-2010, 12:45 PM
أمال منصور أمال منصور غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Apr 2010
التخصص : دكتوراه لغة عربية
النوع : أنثى
المشاركات: 9
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل أبو عبد المعز مشاهدة المشاركة
يسرني أن أشترك في مجلسكم هذا بأول مقال..والمناسبة بين القول والمقام تتمثل في معنى الأولية..فأنا هنا بصدد البحث عن أول لغة تكلم بها الإنسان..

أتى علي حين من الدهر كنت أعتقد فيه أن من يزعم أن اللغة العربية
هي أم اللغات وأنها المستحقة لاسم" اللسان" دون غيرها وأن لغات البشر ماهي إلا تحريف ولحن للغة الأم التي هي العربية..كنت أعتقد أن هذا الادعاء ليس إلا شيئا من نفث العاطفة وهمز الغرور ونشر "القوميين"أو أنه ترويح عن النفس وتقديس للذات : فاللغة العربية آخر ما نملك لا ينافسنا فيها أحد فعوضنا بها عن خساراتنا الأخرى في كل مجال طحننا فيه المتنافسون، وعن رتبة الحضيض في العلم والسياسة والاقتصاد وغيرها... كما قال أحدهم.
لكن كلمة واحدة صدرت عن الفيلسوف الفرنسي" أرنست رينان"
جعلتني أعيد النظر:
زعم رينان أن اللغة العربية على عكس كل اللغات ظهرت فجأة على مسرح التاريخ ممتلئة، عروسا في كامل حليتها فلا يعرف لها طفولة ولا يتوهم لها حبو وتلعثم..فهي شبيهة بأهلها من العرب الذين تسنموا الحضارة فجأة بدون توطئة أو تدرج.
فهل تكون العربية الاستثناء الثقافي لقانون التاريخ؟
إن ملاحظة رينان يمكن استثمارها "منطقيا" و"هندسيا" للدلالة على أن العربية هي لغة الإنسان الاول!
علماؤنا عندما دونوا اللغة وضعوا قيودا في الزمان والمكان..
وما يهمنا هنا هو الشرط الزماني..فالمتكلم المتقدم هو بالضررة أفصح من المتأخر...فشعراء صدر الإسلام أفصح من شعراء العهد العباسي..وهؤلاء أفصح من شعراء النهضة...وشعراء الجاهلية أفصح من الإسلاميين..
لا بد من اطراد القاعدة...ومد السهم المبياني:
فشعراء الجاهلية القريبة أقل فصاحة من شعراء الجاهلية الأولى..وهؤلاء الذين لا نعرفهم لا بد أن يكون آباءهم أفصح منهم...فلا معنى للتخلي عن القاعدة بدون ما سبب...
الحاصل المنطقي أن العربية بدأت لغة مطلقة –بالمعنى الهيجلي للوصف-ثم بدأ يعتريها التدهور شيئا فشيئا في مسيرتها التاريخية كأي شيء كامل لا يتوسم فيه إلا النقصان...
أما اللغات الأخرى فقدرها مختلف تماما:
فأهل الفرنسية مثلا يرون فرنسية القرن العشرين أفصح من فرنسية القرن السابع عشر..أما فرنسية القرن الثالث عشر فلم تكن فرنسية بقدر ما كانت لهجة عامية منحرفة عن اللاتينية..وفي القرن الخامس لم يكن في الوجود شيء يسمى الفرنسية...
وهكذا ترون أن السهم المبياني للفرنسية مضاد رياضيا –تماما-لسهم العربية..لكم أن تتصوروا الفرنسية مثل مخروط قاعدته الواسعة في ما يستقبل من القرون ورأسه في لحظة تاريخية معينة هي لحظة الانفصال عن اللاتينية..أما العربية فهي مثل مخروط قاعدته الواسعة هي زمن آدم عليه السلام ورأسه الضيق هو عندما يرث الله الأرض ومن عليها فنحن على اعتقادنا بأن العربية دائمة بدوام القرآن.
السلام عليكم أشكرك على هذا القول الذي هو بالفعل يؤيد ما أؤمن به فالعربية بدليل نصوص من السنة هي أصل كل اللغات وهي لغة الفطرة والسليقة القويمة والتي تحدث بها سيدنا آدم في الجنة وعندما نزل إلى الدنيا رفعها الله منه غضبا عليه وأبدله مكاها لغة أخرى محرفة عن العربية ولما شاء الله أن تكون هذه اللغة هي لغة كتابه المعجزة الخالدة القرآن أعادها إلى الأرض على لسان يعرب بن قحطان ثم أتقنها من بعده سيدنا اسماعيل عليه السلام والقصة كاملة في تفسير سورة البقرة في كتاب الجامع للقرطبي لمن شاء أن يطلع عليها .
منازعة مع اقتباس
  #9  
قديم 24-12-2013, 12:38 PM
أبو حازم المسالم أبو حازم المسالم غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Aug 2008
السُّكنى في: المدينة النبوية
التخصص : علوم إسلامية وحوسبة
النوع : ذكر
المشاركات: 79
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل محمد التويجري مشاهدة المشاركة
أوصي بالرجوع لكتابي الدكتور علي عبد الواحد وافي
1- علم اللغة
2- فقه اللغة
لاكتساب نظرة أشمل وأوسع رغم مخالفتي له في بعض آرائه
هلا أعطيتنا لمحة لطيفة عن الكتابين والفرق بينهما ؟
وما هي الأمور التي تخالف بها المؤلف للفائدة ؟
__________________
شمس العربية:
http://MyArabic.wordpress.com
منازعة مع اقتباس
  #10  
قديم 21-01-2014, 05:12 PM
محب الأصول محب الأصول غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Jan 2014
التخصص : علوم الحديث
النوع : ذكر
المشاركات: 6
افتراضي

قال الحافظ ابن كثير -- في [البداية والنهاية]: (يقال:
- إن هودًا -عليه السلام- أول من تكلم بالعربية.
- وزعم وهب بن منبه أن أباه أول من تكلم بها.
- وقال غيره: (أول من تكلم بها نوح).
- وقيل: آدم. وهو الاشبه).
منازعة مع اقتباس
  #11  
قديم 06-11-2014, 11:24 AM
شفيق البيطار شفيق البيطار غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Nov 2008
التخصص : الأدب العربي
النوع : ذكر
المشاركات: 9
افتراضي

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الّذي أراه -والله أعلم- أنّ أوساطَ بلاد العرب مَكَّةَ وما حَوْلَها كانت مُسْتَقَرَّ آدَمَ أبي البشَرِ عليه السلام، ومنها تفرّقَ بَنُوه وأقاموا في أصقاع الأرض، فكانت اللغة الأولى التي تكلَّمَ بها هو وبَنُوه الأوّلون أصلاً لِلُغاتِ أهل الأرض، كما أنّ آدَمَ أصلٌ لأهلِ الأرضِ على اختلافِ أجناسِهم.
ونِسبَةُ (عربيّ) راجعةٌ إلى أنّ الاسمَ القديمَ لجزيرة العرب ولأمِّ القرى مكّة هو (عَرَبَة)، فكلُّ مَن أقامَ فيها وتكلّم بالكلامِ الذي تكلّم به بَنُوها على اختلافِ العصور فهو عَرَبيّ (يُنْظَر كتاب الإيناس- للوزير المغربيّ)؛ وليسَ العربُ –كما نتوهّم وكما شاعَ بين النّاس- صفةً خاصّةً بالمتأخِّرين مِن عرب الجاهليّةِ مِن نَسْلِ عدنانَ وقحطانَ وحَسْبُ، بل سبقتهم قرونٌ كثيرة منها أولئك الّذينَ أقاموا في الشام والعراق من الأكاديين والآشوريّين والبابليّين والفينيقيّين والكنعانيّين والعماليق والآراميّين والسّريانيّين، وسبقَ هؤلاءِ قرونٌ آخَرون لا يعلمهم إلا الله، كلُّهم كانوا يتكلّمونَ بكلامٍ (عَرَبيّ) بمعنى أنّه كلامُ أهلِ عَرَبَةَ، على اختلافٍ في لَهَجاتِهِم باختلافِ بُلْدانِهِم وأحوالِهم ومدى تطوّر حياتهم.
ومَنْ يتأمَّلْ في لغات القرون التي سبقت الجاهليّةَ يَجِدِ التّشابُهَ شديداً بينَها، حتّى إنّ شِدَّةَ التّشابُهِ تجعلُ المرءَ يقولُ إنّ بعضها ما هو إلاّ لَهَجاتٌ لِلُغَةٍ واحدة اختلفت لهجات النّاطقين بها كما تختلف لَهَجاتُنا العامّيّةُ اليوم بين الشام والعراق والجزيرة العربية والمغرب العربيّ، بل كما تختلف لهجاتُ القطر الواحدِ بين شرقيّه وغربيّه وجنوبيّه وشماليّه.
فينبغي أن تكون لُغات أهل القرون الأولى مِن أهلِ عَرَبَةَ أقربَ اللّغات إلى لغة آدم، ثُمّ لغاتُ الأكاديّين والبابليّين والآشوريّين والفينيقيّين والكنعانيّين والعماليق والآراميّين والسّريانيّين، ثمّ لغة عَرَبِ الجاهليّة المتأخّرين مِن أولاد عدنان وقحطانَ، ولا سيّما مَن كان أقرب إلى أوساط بلاد العرب (عربة)؛ وأمّا ما يُسَمّى العِبْرِيّة فإنّما هو لهجَةٌ كنعانيّة عربيّةٌ نطق بها بنو إسرائيلَ حين أقاموا مع أهل فلسطين من العرب الكنعانيّين، كما يتكلّم كلُّ غريب بلغة أهل الأرض التي هو غريبٌ فيها، وبها أنزلت التوراة على موسى عليه السلام، وثبتت على حالِها عندهم ولم تتطوّر ولم تترَقَّ كما تطوّرت بقيّة اللهجات وترقَّت لارتباطِها بالكتاب المُقَدَّس عند اليهود-وهم ليسوا جميعاً مِن بني إسرائيل، بل مِن أمَمٍ شَتّى، بل إنّ معظمهم لا علاقةَ في النَّسَب بينهم وبين يعقوب (إسرائيل)- حتّى توهَّمَ النّاسُ أنّها لُغَتُهُم، وما هيَ لَهُم، وإنّما اغتصبُوها كما اغتصبوا أرضَ أهلِها وغًلَبُوا عليها.
هذا، ومَن يرصُد التّشابُهُ بين لغات الأكاديّين الأكاديين والآشوريّين والبابليّين والفينيقيّين والكنعانيّين والعماليق والآراميّين والسّريانيّين ولغة عرب الجاهليّة يعلمْ أن بعضَها تطوّر عن بعضٍ، وأنّها لُغَةٌ واحدةٌ في الأصلِ تطوّرَتْ وتَرَقَّت شيئاً فشيئاً إلى أن كانت لغةُ عربِ الجاهليّةِ أرقاها، وبها أنزل الله آخِرَ كُتُبِه إلى أهل الأرضِ على قلبِ أفصح العرب محمّد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم، في أوسَطِ بلادِ العرب مكّة وما حَوْلَها، ثُمّ إنّ هذه اللغة بدأت على ألسنة أبنائها تبتعد شيئاً فشيئاً عَن أرقى أحوالها إلى أن صارت لهَجاتُنا في أقطارِنا وكأنَها لغاتٌ مختلفةُ على ما بينها مِن التّقارُب.
وإذاً، كانت العربيّة التي تكلّم بها عرب الجاهليّة ونزل بها القرآن الكريم أرقى لغات أهل الأرض، وهي وَلِيدَةُ عربيّة (لهجات) العربِ السّابقين الّذين كانت لغتُهم (لهجاتُهم) وليدَةَ لغة آدم وأبنائه الأوّلين.
وأمّا لغات بقيّة أهل الأرضِ –وإن كانت وليدَةَ لغة آدم وأبنائه الأوّلين- فإنّها لتباعُدِ الأزمان وتباعُدِ الأصقاعِ تباعَدَتْ حتّى صارَتْ لغاتٍ بعيدةً أشدَّ البُعدِ عن اللغة الأمّ وكأنّها لا صلةَ لها بها، إلا في بعضِ جوانبها المتعلّقة بالأسرة والأرقامِ ونحو ذلك مِمّا يرى فيه دارسو اللغاتِ تشابُهاً ما بين مختلف لغات الأرض.
هذا، والله أعلم.
منازعة مع اقتباس
منازعة


الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1)
 
أدوات الحديث
طرائق الاستماع إلى الحديث

تعليمات المشاركة
لا يمكنك ابتداء أحاديث جديدة
لا يمكنك المنازعة على الأحاديث
لا يمكنك إرفاق ملفات
لا يمكنك إصلاح مشاركاتك

رمز [IMG] متاحة
رمز HTML معطلة

التحوّل إلى

الأحاديث المشابهة
الحديث مرسل الحديث الملتقى مشاركات آخر مشاركة
موقع اللغة العربية كاملا وبحجم 3 ميغا تقريبا ( موقع ممتاز جدا لمن أراد تعلم العربية ) سائد مُضطجَع أهل اللغة 23 25-04-2013 02:15 PM
فضل اللغة العربية أبو حازم المسالم مُضطجَع أهل اللغة 7 10-10-2010 10:10 PM
( هيئة ) أم ( هيأة ) ؟ الأمير المهاجر حلقة العروض والإملاء 11 11-05-2009 11:04 PM


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 09:40 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ