|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
![]() |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
![]() الحمام في شعر أسامة بن منقذ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تَرَدَّدَ في أشعارِ العَرَبِ ذِكْرُ الحَمامِ، وما يَهِيجُهُ نَوْحُها مِن كوامِنِ الأشواقِ، ولَوْعَةِ الحنينِ، وحُرْقَةِ الجَوَى؛ يقولُ الشريشيُّ في « شرح مقامات الحريريِّ 1 / 36 »: ( ... فالحمامُ قد كَثُرَ ذِكْرُ العَرَبِ لها في أشعارِها... ولَمْ تَزَلِ العَرَبُ تستحسِنُ تسجيعَ الحَمَامِ، وتغريدَ البُلْبُلِ والوَرْشان، وقد ذكرتِ العَرَبُ من رقَّةِ تَسْجيعِهِ ما يَبْعَثُ التَّذكُّرَ، ويُولِّدُ الشُّجونَ، ويَهيجُ الأسَى، ويُجدِّدُ رقَّةَ القلبِ؛ حتَّى يجعل البكاءَ فَرْضًا معها، والتَّصابي لازمًا لأجلِها... ) انتهى. وفي شِعْرِ أُسامةَ بن مُنقذٍ ( ت 584 ) يلقانا ذِكْرُ الحمامِ في أكثرَ من مقامٍ، ويمضي الشَّاعِرُ علَى عادةِ الشُّعراءِ؛ فيذكرُ أنَّ نَوْحَ الحمامِ يُثيرُ الشُّجونَ، ويهيجُ الجوَى، ويُجدِّدُ الوَجْدَ؛ يقولُ: يَا رَوْعَتَا لطائرٍ ناحَ علَى ![]() ![]() ![]() أظُنُّهُ فارقَ أُلاَّفًا كَمَا ![]() ![]() ![]() أدمَى جِراحاتٍ بقلبي للنَّوَى ![]() ![]() ![]() لكن يَهيجُ للحَزينِ بَثُّهُ ![]() ![]() ![]() ويقولُ: تبكي لأنَّتِكَ الحَمامُ وطالما ![]() ![]() ![]() ويقولُ -أيضًا-: وجدَّدَ وَجْدِي بَعْدَما كانَ قد عَفَا ![]() ![]() ![]() هَتوفُ الضُّحَى مَفْجوعةٌ بأليفِها ![]() ![]() ![]() وقالَ في قصيدةٍ سَمَّطَ بها شعرًا لقَيْسِ بنِ ذَرِيح: ومَا الجَوْرُ عَن نهجِ السُّلُوِّ أعاجَني علَى ذي أثافٍ كالحَمامِ الدَّواجِنِ ولكن وفاءٌ وِرْدُهُ غيرُ آجِنِ « ولَوْ لَمْ يَهِجْني لهاجَني ![]() ![]() ![]() هواتفُ يُذْكِرْنَ الشَّجِيَّ أخَا الجَوَى زمانَ التَّداني قبلَ رائعةِ النَّوَى وطيبَ لياليهِ الحميدةِ باللِّوَى « تَداعَيْنَ فاستَبْكَيْنَ مَن كانَ ذا هَوًى ![]() ![]() ![]() وقال في مُسمَّطةٍ أُخْرَى: دعانا الهَوَى واستوقَفَتْنا المعارِفُ وَأدمَى الحشَا والشَّوقُ للكَلْمِ قارِفُ حمائمُ وُرْقٌ في الغُصونِ هواتِفُ « فباكٍ بداءٍ بين جَنبَيْهِ عارفُ ![]() ![]() ![]() وعَمَدَ الشَّاعِرُ -أحيانًا- إلى تشبيه نفسِهِ بالحمامِ في نَوْحِها؛ يقولُ: أنا كالحمامِ تبوحُ حينَ تنوحُ بالشْـ ![]() ![]() ![]() ويقولُ مُصوِّرًا حالَ المُروِّعِ بالنَّوَى: قَسَمَ الهوَى دهرَ المروِّعِ بالنَّوَى ![]() ![]() ![]() هو في الدُّجَى كالشَّمعِ يقطرُ دمعُه ![]() ![]() ![]() فإذا بدَا وَضَحُ الصَّباحِ رأيتَهُ ![]() ![]() ![]() ويُخاطِبُ أحبابَهُ قائلاً: أحبابَنا! كَمْ ذا يُشَتْـ ![]() ![]() ![]() وكَمِ التَّفَرُّقُ؟! آنَ أنْ ![]() ![]() ![]() ماذا يُجِنُّ مِنَ الحنيـ ![]() ![]() ![]() أنا بَعْدَكُمْ كالوُرْقِ في ![]() ![]() ![]() لكنَّها غاضَتْ مدا ![]() ![]() ![]() ونَجِدُهُ -في البيتِ الأخيرِ- يُقارِنُ بينَ حالِهِ وحالِها؛ فهي تنوحُ؛ لكن بلا دَمْعٍ تَذْرفُه، وهو -مَعَ نَوْحِه- يذرِفُ الدُّموعَ الغِزارَ؛ فهُما يَفْتَرِقانِ في هذا. ويُكرِّرُ الشَّاعِرُ هذا المعنَى في أكثرَ من موضعٍ؛ كقولِهِ: ويَهِيجُني بعد اندمالِ صَبابَتي ![]() ![]() ![]() عَجْمَاءُ تنطِقُ بالحنينِ وَلَمْ يهِجْ ![]() ![]() ![]() بي ما بِها لكن كتمتُ وأعْلَنَتْ ![]() ![]() ![]() ويقولُ -أيضًا-: وجدَّدَ وَجْدِي بَعْدَما كانَ قد عَفَا ![]() ![]() ![]() هَتوفُ الضُّحَى مَفْجوعةٌ بأليفِها ![]() ![]() ![]() ولَوْ أنَّها إذْ أعوَلَتْ فاضَ دَمْعُها ![]() ![]() ![]() ولكنَّها لَمْ تُذْرِ دَمْعًا وأدمُعي ![]() ![]() ![]() ويقول -في موضعٍ آخرَ-: وهاجَ لي الشَّوقَ القديمَ حمامةٌ ![]() ![]() ![]() دَعَتْ شجْوَها محزونةً لم تَفِضْ لها ![]() ![]() ![]() فقلتُ لها: إن كنتِ (خنساءَ) لوعةً ![]() ![]() ![]() ويلقانا ذِكْرُ الحمامِ -أيضًا- عند أُسامةَ في شِعْرِ الرِّثاءِ؛ ففي مَطْلَعِ إحدَى قصائدِه الرِّثائيَّة: يُخاطِبُ الشَّاعرُ الحمامَ قائلاً: حمائمَ الأيكِ هيَّجْتُنَّ أشجانا ![]() ![]() ![]() كَمْ ذا الحنينُ على مرِّ السنينَ أمَا ![]() ![]() ![]() هل ذا العويل علَى غيرِ الهديلِ وهل ![]() ![]() ![]() ما وَجْدُ صادِحةٍ في كُلِّ شارقةٍ ![]() ![]() ![]() كما وجدتُّ علَى قومي تخوَّنَهم ![]() ![]() ![]() ويقولُ: ناحَتْ فباحَتْ في فروعِ البانِ ![]() ![]() ![]() بخيلةُ العينين بالدَّمع ولي ![]() ![]() ![]() إذا دَعَتْ أجبتُها بروعةٍ ![]() ![]() ![]() وحَسرَتي أنَّ الزَّمانَ غالَ مَنْ ![]() ![]() ![]() وننتقِلُ إلَى غَرَضِ المديحِ: فنجِدُ أُسامةَ يُشبِّهُ حالَهُ مع ممدوحِهِ بالحَمامِ؛ يقولُ: مَنْ حَكَى بي وُرْقَ الحَمائمِ في الأفْـ ![]() ![]() ![]() وثنائي كشَدْوهنَّ مدَى الأيْـ ![]() ![]() ![]() ونراهُ يُشبِّهُ في -قصيدةٍ أخرَى- مَعروفَ ممدوحِهِ -الَّذي طوَّقَ عُنُقَهُ- بأطواقِ الحمامِ؛ يقولُ: معينَ الدِّينِ كَمْ لَكَ طَوْقُ مَنٍّ ![]() ![]() ![]() ويذكرُ -في موضعٍ آخرَ- أنَّ الحمائمَ تشدو بثنائِهِ في غُصونِها؛ فيقولُ مخاطبًا ممدوحَهُ: تَهَنَّ ثناءً طبَّقَ الأرضَ نَشْرُهُ ![]() ![]() ![]() ثناءً به يحدو الحُداةُ ويُنشِدُ الرْ ![]() ![]() ![]() وبهذا نجِدُ أنَّ أكثرَ المواضِعِ الَّتي ذُكِرَ فيه الحَمامُ: هي مَواضِعُ الحُزْنِ، ومواقِفُ الأسَى؛ فحينَ شَكَا الشَّاعِرُ الفراقَ، ووصَفَ الحنينَ والاشتياقَ؛ رأيناهُ يذكرُ الحَمامَ، ويستعينُ بها في تصويرِ وَجْدِهِ، والتياعِهِ، وحينَ فُجِعَ الشَّاعِرُ بأحبابِهِ؛ وجدناه يذكرُ الحَمامَ في رثائِهِ. واستعملَ -في كُلِّ ذلك- ألفاظًا حزينةً، ملائمةً للسِّياقِ؛ فالحمائمُ (تنوحُ)، و(تبكي)، و(تنطِقُ بالحنين)، و(تهيجُ أشجانَ الفؤاد)، وهي (محزونة)، (مفجوعة بأليفِها)... وَلَمْ يَحْظَ غَرَضٌ آخر بذِكْرِ الحمامِ إلاَّ يسيرًا، معَ ألفاظٍ تُعبِّرُ عن البهجةِ، والسُّرورِ؛ مِن شَدْوٍ مُطرِبٍ، وطَوْقٍ مؤنقٍ، وغُصْنٍ مورقٍ. |
#2
|
|||
|
|||
![]() ما شاء الله ... و الله لقد أمتعني الموضوع وفي الحقيقة هذا ملاحظ على غير أسامة فهذا قيس بن الملوح ( مجنون ليلى ) يقول في قصيدة من أجمل ما نسب له الحمام الباكي هَوَى صَاحِبي رِيحَ الشَّمالِ إذا جَرَتْ ![]() ![]() ![]() فوَيْلي عَلَى الْعُذَّالِ مَا يَتْرُكُونني ![]() ![]() ![]() يقُولُونَ لَوْ عَزَّيتَ قَلْبَكَ لارْعَوَى ![]() ![]() ![]() دَعَانِي الْهَوَى والشَّوقُ لمَّا تَرنَّمَتْ ![]() ![]() ![]() تُجَاوِبُ وُرْقاً إذْ أصَخْنَ لِصَوْتِهَا ![]() ![]() ![]() فَقُلْتُ حَمَامَ الأَيْكِ مَالَكَ بَاكِياً ![]() ![]() ![]() فقال رَماني الدَّهرُ مِنْهُ بِقوسِهِ ![]() ![]() ![]() تُذكِّرُنِي لَيْلَى عَلَى بُعْدِ دَارِهًا ![]() ![]() ![]() وقد رَابَنِي أنَّ الصَّبَا لاَ تُجِيبُني ![]() ![]() ![]() سَبَى القلْبَ إلاَّ أنَّ فيهِ تَخلُّداً ![]() ![]() ![]() فَكَلِّمْ غَزَالَ المَاتِحَيْنِ فَإنَّهُ ![]() ![]() ![]() أُردِّدُ عَنْكَ النَّفسَ والنَّفسُ صَبَّةٌ ![]() ![]() ![]() فَدُومِي عَلَى عَهْدٍ فَلَسْتُ بِزَائِلٍ ![]() ![]() ![]() حلفْتُ لـها بالمشْعَرَين وزمزَمٍ ![]() ![]() ![]() لئِنْ كان بَرْدُ الماءِ حرَّانَ صادياً ![]() ![]() ![]() وإنَّي لآتيها وَفِي النَّفْسِ هَجْرُها ![]() ![]() ![]() فما هُوَ إلاَّ أن أراها فجاءَةً ![]() ![]() ![]() وله أبيات أخرى عن الحمام أذكرها في منازعة قادمة إن شاء الله |
#3
|
|||
|
|||
![]() ويقول المجنون أيضاً فلا تحْسَبي يا ليلَ أني نَسيتُكُمْ ![]() ![]() ![]() أيبكي الحمامُ الوَرْقُ من فَقْدِ إلْفِه ![]() ![]() ![]() |
#4
|
|||
|
|||
![]() شُكرًا علَى المُنازَعة.
وذِكْرُ الحَمامِ شائعٌ في أشعارِ العَرَبِ -كما ذَكَرْتُ في بدايةِ الحديثِ-؛ ولكنِّي أردتُّ أن يكونَ هذا الحديثُ خاصًّا بشِعْرِ أُسامةَ. |
#5
|
|||
|
|||
![]() الاستاذة الفاضلة : ...لماذا اسامة بن المنقذ لو تكرمتم ؟ و من قبله الشيب في شعره !!!
|
#6
|
|||
|
|||
![]() لَيْسَ هُناكَ سببٌ معيَّنٌ لاختيارِي شِعْرَ أُسامةَ، سِوَى أنِّي حينَ درَسْتُ -في مادَّة تاريخِ الأدبِ- الأدبَ في العَصرِ الأيُّوبيِّ؛ قرأتُ تَرْجَمَةَ الشَّاعِرِ، وأعجبَني شِعْرُهُ، وكانَ ممَّا حَفِظْتُ منه: مطلَع قصيدتِهِ في رثاءِ أهلِه، وأقاربِهِ؛ الَّذينَ ماتوا بسببِ الزّلزالِ الَّذي وقعَ في بلادِ الشَّامِ سنة 552:
![]() ![]() فَخَطَر في بالي -لمَّا بدأتُ قراءةَ ديوانِهِ- أنْ أجمعَ المواضِعَ الَّتي ذَكَرَ فيها الحَمامَ. وكانَ هذا منذُ سنواتٍ. |
![]() |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
![]() |
||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
من مواد الجمال عند العرب | فريد البيدق | حلقة فقه اللغة ومعانيها | 1 | 28-09-2009 09:10 AM |
هل تحتضن وزارة الثقافة والإعلام مشروع “المجمع اللغوي”؟ - أسامة السباعي ( مقال ) | رائد | مُضطجَع أهل اللغة | 0 | 06-07-2009 02:59 PM |
أبيات في الشيب لأسامة بن منقذ | عائشة | حلقة الأدب والأخبار | 1 | 24-12-2008 02:49 PM |
أصالة التفكير الأدبي عند العرب . | رعد أزرق | حلقة البلاغة والنقد | 3 | 08-12-2008 11:03 AM |