|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
![]() |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
![]() .......................
![]() 1-قَوْلُهُ تَعَالَى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) أَشَارَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ إِلَى تَحْقِيقِ مَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ; لِأَنَّ مَعْنَاهَا مُرَكَّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ : نَفْيٌ وَإِثْبَاتٌ . فَالنَّفْيُ : خَلْعُ جَمِيعِ الْمَعْبُودَاتِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ . وَالْإِثْبَاتُ : إِفْرَادُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَحْدَهُ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ . وَقَدْ أَشَارَ إِلَى النَّفْيِ مِنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بِتَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ الَّذِي هُوَ (إِيَّاكَ) وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فِي مَبْحَثِ دَلِيلِ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ . وَفِي الْمَعَانِي فِي مَبْحَثِ الْقَصْرِ : أَنَّ تَقْدِيمَ الْمَعْمُولِ مِنْ صِيَغِ الْحَصْرِ . وَأَشَارَ إِلَى الْإِثْبَاتِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ : (نَعْبُدُ) . |
#2
|
|||
|
|||
![]() 2-قَوْلُهُ تَعَالَى : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) لمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ . وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ : (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) . قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الصِّدِّيقِينَ مِنَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ صَرَّحَ تَعَالَى بِأَنَّ مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ صِدِّيقَةٌ فِي قَوْلِهِ : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) وَإِذَنْ فَهَلْ تَدْخُلُ مَرْيَمُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) أَوْ لَا ؟ الْجَوَابُ : أَنَّ دُخُولَهَا فِيهِمْ يَتَفَرَّعُ عَلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا مَعْرُوفَةٍ ، وَهِيَ : هَلْ مَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَالسُّنَّةِ مِنَ الْجُمُوعِ الصَّحِيحَةِ الْمُذَكَّرَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَخْتَصُّ بِجَمَاعَةِ الذُّكُورِ تَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ أَوْ لَا يَدْخُلْنَ فِيهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ ؟ فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُنَّ يَدْخُلْنَ فِي ذَلِكَ ، وَعَلَيْهِ : فَمَرْيَمُ دَاخِلَةٌ فِي الْآيَةِ ، وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَمْرَيْنِ : الْأَوَّلُ : إِجْمَاعُ أَهْلِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ عَلَى تَغْلِيبِ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ فِي الْجَمْعِ . وَالثَّانِي : وُرُودُ آيَاتٍ تَدُلُّ عَلَى دُخُولِهِنَّ فِي الْجُمُوعِ الصَّحِيحَةِ الْمُذَكَّرَةِ وَنَحْوِهَا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي مَرْيَمَ نَفْسِهَا : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) ، وَقَوْلِهِ فِي امْرَأَةِ الْعَزِيزِ : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ) ، وَقَوْلِهِ فِي بِلْقِيسَ : (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ) ، وَقَوْلِهِ فِيمَا كَالْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا) الْآيَةَ ; فَإِنَّهُ تَدْخُلُ فِيهِ حَوَّاءُ إِجْمَاعًا . وَذَهَبَ كَثِيرٌ إِلَى أَنَّهُنَّ لَا يَدْخُلْنَ فِي ذَلِكَ إِلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ . وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِآيَاتٍ كَقَوْلِهِ : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) إِلَى قَوْلِهِ : (أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) ، ثُمَّ قَالَ : (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) الْآيَةَ ، فَعَطْفُهُنَّ عَلَيْهِمْ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِنَّ . وَأَجَابُوا عَنْ حُجَّةِ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ تَغْلِيبَ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ فِي الْجَمْعِ لَيْسَ مَحَلَّ نِزَاعٍ . وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنَ الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ وَنَحْوِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ . وَعَنِ الْآيَاتِ بِأَنَّ دُخُولَ الْإِنَاثِ فِيهَا إِنَّمَا عُلِمَ مِنْ قَرِينَةِ السِّيَاقِ وَدَلَالَةِ اللَّفْظِ ، وَدُخُولُهُنَّ فِي حَالَةِ الِاقْتِرَانِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لَا نِزَاعَ فِيهِ . وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ : فَمَرْيَمُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْآيَةِ وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» بِقَوْلِهِ : [الرَّجَزُ] وَمَا شُمُولُ مَنْ لِلْأُنْثَى جَنَفُ ... وَفِي شَبِيهِ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفُوا |
#3
|
|||
|
|||
![]() تطبيقٌ عمليٌ لمفهومِ المُخالفةِ
3- قَوْلُهُ تَعَالَى : (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) صَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِأَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) ، وَيُفْهَمُ مِنْ مَفْهُومِ الْآيَةِ - أَعْنِي مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ الْمَعْرُوف بِدَلِيلِ الْخِطَابِ - أَنَّ غَيْرَ الْمُتَّقِينَ لَيْسَ هَذَا الْقُرْآنُ هُدًى لَهُمْ ، وَصَرَّحَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فِي آيَاتٍ أُخَرَ كَقَوْلِهِ : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى)، وَقَوْلِهِ : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) وَقَوْلِهِ : (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ)، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا) الْآيَتَيْنِ. |
#4
|
|||
|
|||
![]() جزاك الله خيرًا، وبارك فيك.
اقتباس:
|
#5
|
|||
|
|||
![]() موضوعك أخي أحمد نبهني على أشياء كنت غافلا عنها .
جزاك الله خيرا .
__________________
تنبيهات مهمة لطالب العلم الشيخ صالح العصيمي http://safeshare.tv/w/XJdaxLbdXo [ صوتي ] انصح باستماع المادة |
#6
|
|||
|
|||
![]() فسادُ الاعْتِبار
4- قَوْلُهُ تَعَالَى : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ) لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مُوجِبَ اسْتِكْبَارِهِ فِي زَعْمِهِ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَقَوْلِهِ : (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)، وَقَوْلِهِ : (قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ). تَنْبِيهٌ مِثْلُ قِيَاسِ إِبْلِيسَ نَفْسَهُ عَلَى عُنْصُرِهِ، الَّذِي هُوَ النَّارُ وَقِيَاسِهِ آدَمَ عَلَى عُنْصُرِهِ، الَّذِي هُوَ الطِّينُ وَاسْتِنْتَاجُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ آدَمَ. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمَرَ بِالسُّجُودِ لِمَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، مَعَ وُجُودِ النَّصِّ الصَّرِيحِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (اسْجُدُوا لِآدَمَ) يُسَمَّى فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ فَاسِدَ الِاعْتِبَارِ. وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ صَاحِبِ «مَرَاقِي السُّعُودِ» : [الرَّجَزُ] وَالْخُلْفَ لِلنَّصِّ أَوِ اجْمَاعٍ دَعَا ... فَسَادَ الِاعْتِبَارِ كُلُّ مَنْ وَعَى فَكُلُّ مَنْ رَدَّ نُصُوصَ الْوَحْيِ بِالْأَقْيِسَةِ فَسَلَفُهُ فِي ذَلِكَ إِبْلِيسُ، وَقِيَاسُ إِبْلِيسَ هَذَا لَعَنَهُ اللَّهُ بَاطِلٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ; لِمُخَالَفَةِ النَّصِّ الصَّرِيحِ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. الثَّانِي : أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّارَ خَيْرٌ مِنَ الطِّينِ، بَلِ الطِّينُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ; لِأَنَّ طَبِيعَتَهَا الْخِفَّةُ وَالطَّيْشُ وَالْإِفْسَادُ وَالتَّفْرِيقُ، وَطَبِيعَتَهُ الرَّزَانَةُ وَالْإِصْلَاحُ فَتُودِعُهُ الْحَبَّةَ فَيُعْطِيكَهَا سُنْبُلَةً، وَالنَّوَاةَ فَيُعْطِيكَهَا نَخْلَةً. وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ قَدْرَ الطِّينِ فَانْظُرْ إِلَى الرِّيَاضِ النَّاضِرَةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ الثِّمَارِ اللَّذِيذَةِ، وَالْأَزْهَارِ الْجَمِيلَةِ، وَالرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ تَعْلَمُ أَنَّ الطِّينَ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ . الثَّالِثُ : أَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا تَسْلِيمًا جَدَلِيًّا أَنَّ النَّارَ خَيْرٌ مِنَ الطِّينِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ إِبْلِيسَ خَيْرٌ مِنْ آدَمَ; لِأَنَّ شَرَفَ الْأَصْلِ لَا يَقْتَضِي شَرَفَ الْفَرْعِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ الْأَصْلُ رَفِيعًا والْفَرْعُ وَضِيعًا ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : [الْبَسِيطُ] إِذَا افْتَخَرْتَ بِآبَاءٍ لَهُمْ شَرَفٌ ... قُلْنَا صَدَقْتَ وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُوا وَقَالَ الْآخَرُ : [الْمُتَقَارِبُ] وَمَا يَنْفَعُ الْأَصْلُ مِنْ هَاشِمٍ ... إِذَا كَانَتِ النَّفْسُ مِنْ بَاهِلَهْ (1/87) ط: عالم الفوائد |
#7
|
|||
|
|||
![]() تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ
5- قَوْلُهُ تَعَالَى : (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ) الْآيَةَ ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ عَدَمُ قَبُولِ الشَّفَاعَةِ مُطْلَقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ الْمَنْفِيَّةَ هِيَ الشَّفَاعَةُ لِلْكُفَّارِ، وَالشَّفَاعَةُ لِغَيْرِهِمْ بِدُونِ إِذْنِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ . أَمَّا الشَّفَاعَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِإِذْنِهِ فَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. فَنَصَّ عَلَى عَدَمِ الشَّفَاعَةِ لِلْكَفَّارِ بِقَوْلِهِ : (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)، وَقَدْ قَالَ : (وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ)، وَقَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ مُقَرِّرًا لَهُ : (فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ)، وَقَالَ : (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَقَالَ فِي الشَّفَاعَةِ بِدُونِ إِذْنِهِ : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ)، وَقَالَ : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضى)، وَقَالَ : (يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَادِّعَاءُ شُفَعَاءَ عِنْدَ اللَّهِ لِلْكُفَّارِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ بِهِ جَلَّ وَعَلَا، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : (وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). تَنْبِيهٌ هَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِلْكُفَّارِ مُسْتَحِيلَةٌ شَرْعًا مُطْلَقًا، يُسْتَثْنَى مِنْهُ شَفَاعَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فِي نَقْلِهِ مِنْ مَحَلٍّ مِنَ النَّارِ إِلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهَا، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ، فَهَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ. |
#8
|
|||
|
|||
![]() مثال على دلالة الاقتران
قَوْلُهُ تَعَالَى : (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) أَيْ : صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُسْتَرْوَحُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَهُ : (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا) وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ دَلَالَةِ الِاقْتِرَانِ، وَالْخِلَافُ فِيهَا مَعْرُوفٌ فِي الْأُصُولِ. (1/105) |
#9
|
|||
|
|||
![]() الْمُفْرَدُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى مَعْرِفَةٍ كَانَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ :
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبَحْرِ :«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ»، وَقَدْ قَدَّمْنَا ثُبُوتَ هَذَا الْحَدِيثِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ مَيْتَةَ الْبَحْرِ حَلَالٌ، وَهُوَ فَصْلٌ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ. وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمُفْرَدَ إِذَا أُضِيفَ إِلَى مَعْرِفَةٍ كَانَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ. كَقَوْلِهِ : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)، وَقَوْلِهِ : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا). وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» بِقَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى صِيَغِ الْعُمُومِ : [الرَّجَزُ] . . . . . . . . . . . . ![]() أَوْ بِإِضَافَةٍ إِلَى مُعَرِّفِ ![]() وَبِهِ نَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَيْتَتُهُ» يَعُمُّ بِظَاهِرِهِ كُلَّ مَيْتَةٍ مِمَّا فِي الْبَحْرِ. ------------ (1) تنبيه : الطبعة المضبوطة من هذا الكتاب الموجودة في (المكتبة الشاملة) بها أخطاء في الضبط كثيرة جدًا خاصة في الشعر والنظم. |
#10
|
|||
|
|||
![]() تنبيه :
اقتباس:
|
#11
|
|||
|
|||
![]() الرُّخْصَةُ قَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : هَلْ يَجِبُ الْأَكْلُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا إِنْ خَافَ الْهَلَاكَ، أَوْ يُبَاحُ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ ؟ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ الْوُجُوبُ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)، وَقَوْلِهِ : (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا). وَمِنْ هُنَا قَالَ جَمْعٌ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ: إِنَّ الرُّخْصَةَ قَدْ تَكُونُ وَاجِبَةً، كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَقَالَ مَسْرُوقٌ: مَنِ اضْطُرَّ إِلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الطَّبَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِإِلْكِيَا( ![]() ------------- ( ![]() |
#12
|
|||
|
|||
![]() الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنَ المُجْتَهَدِ فِيه
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : إِذَا كَانَ الْمُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ مُحْرِمًا، وَأَمْكَنَهُ الصَّيْدُ فَهَلْ يُقَدِّمَ الْمَيْتَةَ أَوِ الصَّيْدَ ؟ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ : إِلَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْمَيْتَةَ. وَعَنِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلٌ بِتَقْدِيمِ الصَّيْدِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ : بِأَنَّ الْمُحْرِمَ إِنْ ذَكَّى صَيْدًا لَمْ يَكُنْ مَيْتَةً.وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَكَاةَ الْمُحْرِمِ لِلصَّيْدِ لَغْوٌ وَيَكُونُ مَيْتَةً، وَالْمَيْتَةُ أَخَفُّ مِنَ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ; لِأَنَّهُ يُشَارِكُهَا فِي اسْمِ الْمَيْتَةِ وَيَزِيدُ بِحُرْمَةِ الِاصْطِيَادِ، وَحُرْمَةِ الْقَتْلِ، وَسَيَأْتِي لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةُ بَيَانٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي سُورَةِ «الْمَائِدَةِ». وَمِمَّنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ عَلَى الْمَيْتَةِ أَبُو يُوسُفَ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الصَّيْدَ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَمَعَ جَوَازِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ تَنْتَفِي الضَّرُورَةُ فَلَا تَحِلُّ الْمَيْتَةُ. وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ حِلَّ أَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَإِبَاحَةَ الصَّيْدِ لِلضَّرُورَةِ مُجْتَهَدٌ فِيهَا، وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمُضْطَرُّ إِلَّا صَيْدًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَهُ ذَبْحُهُ وَأَكْلُهُ، وَلَهُ الشِّبَعُ مِنْهُ عَلَى التَّحْقِيقِ; لِأَنَّهُ بِالضَّرُورَةِ وَعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِ صَارَ مُذَكًّى ذَكَاةً شَرْعِيَّةً طَاهِرًا حَلَالًا فَلَيْسَ بِمَيْتَةٍ، وَلِذَا تَجِبُ ذَكَاتُهُ الشَّرْعِيَّةُ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَالْأَكْلُ مِنْهُ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ. (1/136) |
#13
|
|||
|
|||
![]() صُورَةُ سَبَبِ النُّزُولِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ صُورَةَ سَبَبِ النُّزُولِ قَطْعِيَّةُ الدُّخُولِ فَلَا يُمْكِنُ إِخْرَاجُهَا بِمُخَصَّصٍ، فَشُمُولُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ لِإِحْصَارِ الْعَدُوِّ، الَّذِي هُوَ سَبَبُ نُزُولِهَا قَطْعِيٌّ، فَلَا يُمْكِنُ إِخْرَاجُهُ مِنَ الْآيَةِ بِوَجْهٍ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ صُورَةَ سَبَبِ النُّزُولِ ظَنِّيَّةُ الدُّخُولِ لَا قَطْعِيَّتُهُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» بِقَوْلِهِ : [الرَّجَزِ] وَاجْزِمْ بِإِدْخَالِ ذَوَاتِ السَّبَبِ ... وَارْوِ عَنِ الْإِمَامِ ظَنًّا تُصِبِ |
#14
|
|||
|
|||
![]() الرُّخْصَةُ لَا تَتَعَدَّى مَحِلَّهَا
نقل - ![]() |
#15
|
|||
|
|||
![]() الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَاجِبٌ إِذَا أَمْكَنَ
الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَاجِبٌ إِذَا أَمْكَنَ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي «مَرَاقِي السُّعُودِ» بِقَوْلِهِ : [الرَّجَزِ] وَالْجَمْعُ وَاجِبٌ مَتَى مَا أَمْكَنَا ... إِلَّا فَلِلأَخِيرِ نَسْخٌ بُيِّنَا (1/153) |
![]() |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
![]() |
||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
الشواهد الشعرية في كتاب ( أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ) | أحمد بن حسنين المصري | حلقة الأدب والأخبار | 62 | 27-10-2014 01:32 AM |