صوب الغمامة في شرح نظم معاني النعامة

[محمد بن إبراهيم]

جمعٌ حسنٌ-زادكم الله إحسانا-، لولا ما يكدّر عليه من قوله في النعش: فإن لم يكن عليه ميت، فهو سرير.

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

وقيل: إنما سمِّيَ نَعامَةَ بقولِهِ:
لأطرقَنَّ حِصْنَهُمْ صباحًا وأبرُكَنَّ ‌بِرْكةَ ‌النَّعامَه

ومن طريف ألقاب الشعراء ، أخذ من بعض ما قالوه : ( ريش لَغب ) : وهو أخو ( تأبط شرا ) - ولا تدري من أي الأخوين تعجب !- وسمي بذلك بقوله :

ومـا كنـت فـقـعـا نابـتـا بقـرارةوما كنت ريشا من ذنابي ولا لغب

وذكروا أن أمهما : أميمة الفهمية ، من بني القين بن فهم بن عمرو بن قيس عيلان بن مضر تزوجها أبو كبير الهذلي ولها خمسة أبناء هم : تأبط شرًّا ، وريش لغب ، وريش نسر ، وكعب جدر ، ولا بواكي له ! وقيل إنها ولدت سادسًا اسمه عمرو ولكنه مات صغيرًا .
ومن ذلك : عائد الكلب ، لقب عبد الله بن مصعب بن عبد الله بن الزبير . قيل سمي عائد الكلب لقوله :

مالي مرضتُ فلم يعدني عائدمنكمْ ويمرضُ كلبكمْ فأعودُ

[محمد بن إبراهيم]

باركَ اللهُ فيكم.
وعلَى ذكْرِ (النعش)، فقد ذكر ابن خِلِّكان في "وفيَاتِ الأعيان" (4/ 72) في ترجمَةِ الإمام الشاطبي (ت 590) صاحب قصيدة "حِرْز الأماني ووَجْه التهاني" في القراءات عن بعض أصحابِه قالَ: كانَ الشيخُ كثيرًا ما ينشِدُ هذا اللغْزَ، وهو في نعش الموتى، قال ابن خِلِّكان: فقلتُ له: فهل هو له؟ فقال: لا أعلم.
قال ابن خِلّكان: ثم إنّي وجدتُّه بعدَ ذلك في ديوان الخطيبِ أبي زكريا يحيى بنِ سلامة الحصكفيّ، وهو:

أتعرِفُ شيئًا فِي السماءِ يطيرُ … إذَا سارَ صاحَ الناسُ حيْثُ يسِيرُ
فتلْقَاهُ مركوبًا وتلقاهُ راكبًا … وكلُّ أميرٍ يعتلِيهِ أسِيرُ
يحُضُّ علَى التقْوَى ويُكْرَهُ قُرْبُهُ … وتَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ وهْوَ نذِيرُ
‌ولَمْ ‌يسْتَزِرْ عَنْ رَغْبَةٍ فِي زِيارَةٍ … ولَكِنْ علَى رَغْمِ المَزُورِ يزُورُ

قلتُ: أفدتُّ هذه الفائدةَ من "شرح الكعبية" (ص 291) لابن هشامٍ--، وهو كتابٌ غزيرُ الفائدة، شرح فيه قصيدة كعب بن زهير--، وقد نسب ابن هشامٍ هذه الأبيات للشاطبي-رحمهما الله-، واستدركه عليه البغداديّ في حاشيته على هذا الشرح (2/ 705)، ونقل كلام ابن خلكان مختصرا.
وقد ذكرتُ الخطيب الحصكفي في حديث "الخطباء من العلماء" هنا:
https://www.ahlalloghah.com/showpost...57&postcount=5

[محمد بن إبراهيم]

ومن الفوائدِ التي علّقتُها من شرح ابن هشام على قصيدة كعب--أيضًا فائدةٌ متعلقةٌ بمسألةِ حذفِ التنوينِ، فقد ذكرَ ابنُ هشامٍ--في قولِ كعبٍ--:

مهلًا هداكَ الذِي أعطاكَ نافلَةَ القرآنِ فيهَا مواعيظٌ وتفصيلُ

ذكرَ أنَّهُ يجوزُ نصْبُ (القرآن) علَى أن يكونَ حذْفُ التنوينِ من (نافلةَ) ليسَ للإضافَةِ، بل لالتقاءِ الساكنينِ، وقد اعترضَ عليه البغداديّ في حاشيتِه بأنّ ذلك لا يجوز لأنَّ حذفَ التنوينِ مِن ضرائرِ الشعْرِ موقوفٌ على السماعِ لا يجوزُ التخريجُ عليْهِ، وذكر كلامًا لابنِ عصفورٍ من "ضرائر الشعر".
قلْتُ: علَى التسليمِ بأنّ ذلك ضرورةٌ، فإنّ ابن عصفورٍ--قالَ في آخر "الضرائر" (ص 311): (هذه جملةُ الضرائرِ قد استوعبتُها مجملةً ومفصلةً، فلم يشِذَّ منها إلا ما لا بالَ له-إن كان شذ-، ويجوزُ القياسُ على ما كثُرَ استعمالُه منها، وما لم يكثُرِ استعمالُه، فلا سبيلَ إلى القياسِ عليْهِ) انتهى.
وقد سبقَ فيمَا نقلتْهُ الأستاذةُ عائشَةُ-حفظها الله-أنّ ذلِكَ الحذْفَ منَ الكثرَةِ بمكانٍ، فلا وجهَ-إذن-لوقفه على السماع أو عدمِ التخريجِ عليه.
ومِنْ عجِيبِ الاتفاقاتِ أنّ قول ابن عصفور هذا الذي نقلتُه هو آخر كتاب "الضرائر"، وجاء بعده أنّ ناسِخَ هذه النسخة-وهي التي طبِعَ منهَا الكتابُ-هو عبد القادر البغدادي- ورحم علماءنا أجمعين-.

[محمد بن إبراهيم]

وممَّنْ تكنّى بـ(أبي نعامة) أيضًا جماعةٌ مِن أهلِ الحديثِ، وهُمْ:
أبُو نَعامَةَ قَيْسُ بنُ عَبَايَةَ الحنفِيُّ البَصْرِيُّ
وأبُو نَعامَةَ عبْدُ ربِّهِ السَّعْدِيُّ
وأبُو نَعامَةَ عمْرُو بنُ عيسَى بنِ سوَيْدٍ العدَوِيُّ البصْرِيُّ
وأبُو نَعامَةَ العدَوِيُّ آخَرُ اسمُهُ حُرَيْثُ بنُ مالِكٍ، ذكرَهُ ابنُ حِبَّانَ في أتباع التابعينَ، قالَ ابنُ حجَرٍ في "تهذيب التهذيب": (ولمْ أرَهُ لغيْرِهِ، بل أطبقَ الأئِمَّةُ علَى أنَّ أبَا نَعامَةَ العدَوِيَّ يسمَّى عمرَو بنَ عيسى، واللهُ أعلَمُ).
وأبُو نَعامَةَ شيْبَةُ بنُ نَعامَةَ الضَّبِيُّ الكُوفِيُّ
ينظَرُ: "الكنى والأسماء" للإمام مسلم (2/ 848)، و"الاستغناء في معرفة المشهورين من حملة العلم بالكنى" لابن عبد البر (2/ 753، وما بعدها)، و"تهذيب التهذيب" لابن حجر (12/ 257).