إتحاف الحفاظ بضبط آيات مشتبهة متشابهة في الألفاظ ( نظما ) ..

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

جاءَ في سُورةِ الأَنعامِ قَولُه :
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَـٰهُم بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ 42
وجاءَ في سُورَةِ الأَعرافِ قَولُه :
وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍ إِلَّآ أَخَذْنَآ أَهْلَهَا بِالْبَأْسَآءِ وَالضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 94
والإشكالُ يَقعُ غالِبًا هُنا عِندَ الحفَّاظِ في آخرِ الآيتَينِ ، في أيِّهما جاءَ يَتَضَرَّعُونَ وفِي أيِّهما يَضَّرَّعُونَ ؟
فَالضَّابِطُ :
أنَّ آيةَ الأَعرافِ بِالإدغامِ ، حيثُ أُبدِلَت التَّاءُ ثم أُدغِمَت ، فقُرِئَت : يَضَّرَّعُونَ ، وأُظهِرَت التَّاءُ في الأَنعامِ ، فقُرِئَت : يَتَضَرَّعُونَ .
فائدةٌ :
ذَكَروا في الوَجهِ البَلاغيِّ في الإظهارِ في الأَنعامِ ، والإدغامِ في الأَعرافِ :
أنَّ الإرسالَ في الأَنعامِ كانَ إلى أُمَمٍ ، وفي الأَعرافِ إلى قَرْيَةٍ ، والأُمَمُ أَكثرُ مِن القَريةِ فناسَبَ مَعها إِطالَةُ الفِعلِ بِالإظهارِ ، والقَريةُ أقلُّ فناسَبَها تَقليلُ أَحرُفِ الفِعلِ بِالإِدغَامِ .
ومَعرِفةُ هذا كَذَلكَ يُفِيدُ في ضَبطِ الـمُتشابِه في الآيتَينِ .
واللهُ أعلَمُ .

........................
سؤال :
ما الضبط الصحيح لكلمة ( الأعراف ) في البيت ؟

[عائشة]

جَعَلَنا اللهُ وإيَّاكم مِنَ الَّذينَ يُسارِعُونَ في الخَيْراتِ، وهُمْ لها سابِقونَ.
وآملُ أن تذكُرَ ما نَظَمْتَ في الموضعَيْنِ؛ فأنتَ أحقُّ بذلك.
وجزاكَ اللهُ خيرًا علَى ما تُفيدُنا به دومًا، وما تحثُّنا علَيه من خيرٍ.

[أحمد بن حسنين المصري]

بارك الله في أستاذنا إبي إبراهيم، والأستاذة الفاضلة عائشة.

ما الضبط الصحيح لكلمة ( الأعراف ) في البيت ؟

لعل ضبطها الصحيح : ( الْأَعْرَافِ )، ونقول في إعرابها : " مضاف إليه مجرور بالمضاف وعلامة الجر الكسرة الظاهرة ".

والله أعلم.

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

.

وآملُ أن تذكُرَ ما نَظَمْتَ في الموضعَيْنِ؛ فأنتَ أحقُّ بذلك.

لم أذكر أني نظمت شيئا ، وإنما ذكرت أني سجلت هذين الموضعين فيما سجلت عندي من المتشابهات ، فبارك الله فيك إذ استغنيتُ عن نظمهما الآن ، وإذا حضر الماء بطل التيمم !

لعل ضبطها الصحيح : ( الْأَعْرَافِ )، ونقول في إعرابها : " مضاف إليه مجرور بالمضاف وعلامة الجر الكسرة الظاهرة ".

بارك الله فيك أخي أبا حسنين ،
لا أظن فيها وجها غير ما ذكرت ، وتقدير الإضافة هنا ( كلمة يَضَّرَّعُ ) ، ولكني أحببت أن أسأل إن كان هذا لا اعتراض عليه ، لأن الظاهر كأنها إضافة فعل إلى اسم ! وبارك الله فيكم جميعا .

[عائشة]

( 10 )
﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا القُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ .. ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا القُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾
وقَدِّمَــنْ ( لِلنَّـاسِ ) فـي الإسْــرَاءِ وارْبِطْـهُ بِاسْــمِ السُّــورَةِ الغَـــرَّاءِ
فكِلْمَـةُ ( النَّـاسِ ) بِسِـينٍ قَـدْ أَتَـتْ كَــذلِكَ السِّــينُ في الِاسْــرَا ثَبَتَـتْ
وقَدِّمَنْ في الكَهْفِ ( فِي هذَا القُرَانْ ) فالكِـلْمَتَـانِ حَـرْفَ فَــاءٍ تَحْـوِيَـانْ

12/ذي القعدة/1433

[عائشة]

مِن الآياتِ المُتشابِهة: آيتانِ:
الأُولَى: في سورةِ الإسراء، وهي قوله : وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا 89
والأُخْرَى: في سورة الكهف، وهي قوله : وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا 54
وممَّا يضبِطُ ذلك: ربطُه باسمِ السُّورةِ، ففي كلمة (الإسراء) سينٌ، فيُقدَّم ما فيه السِّين، وهو (للنَّاسِ)، وفي كلمة (الكهف) فاءٌ، فيُقدَّم ما فيه الفاء، وهو (في).

[عائشة]

( 11 )
﴿كِسْفًا﴾ .. ﴿كِسَفًا﴾

في الطُّورِ ﴿كِسْفًا﴾ بِسُكُونٍ قَدْ أتَى ومـا عَــدَاهَـا الفَتْـــحُ فِيــهِ ثَبَتَــا
فِـي أَرْبَـعٍ فِـي الــرُّومِ وَالإسْـرَاءِ وسَـــبَإٍ كــــذَاكَ فـِي الشُّـــعْرَاءِ


15/ذي القعدة/1433

[عائشة]

ذَكَرَ صاحِبُ كتاب «الضَّبط بالتَّقعيد» أنَّ مِن طُرُقِ ضَبْطِ المُتشابِهات: العناية بالآيةِ الوحيدةِ، ومن الأمثلةِ الَّتي أوردَها: أنَّ كِسْفًا بإسكانِ السِّينِ جاءَ في موضعٍ واحدٍ في القرآنِ، وهو في سورة الطُّورِ، قالَ اللهُ : وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ 44
وجاءَ بالفَتْحِ في ما عَدَاه، وهي أربعةُ مواضع:
الأوَّل: في سورةِ الإسراء: أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا 92
والثَّاني: في سورة الشُّعَراء: فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ 187
والثَّالث: في سورةِ الرُّوم: وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ 48
والرَّابع: في سورة سبإ: إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ 9
وهذا علَى روايةِ حَفْصٍ عن عاصمٍ.

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

شكر الله لك .

ذَكَرَ صاحِبُ كتاب «الضَّبط بالتَّقعيد» أنَّ مِن طُرُقِ ضَبْطِ المُتشابِهات: العناية بالآيةِ الوحيدةِ،

وقد ذكرت أمثلة على ذلك في بعض ما سبق من الضوابط .

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

(12)

﴿ لَـهْوًا وَلَعِبًا ﴾ .. ﴿ لَعِبًا وَلَـهْوًا ﴾

وَ﴿ اللَّهْوُ ﴾ جَا مُقَدَّمًا عَلَى ﴿ اللَّعِبْ ﴾ بِـالـرَّفْــعِ مَـوضِـعٌ و ثَـانٍ مُـنْـتَـصِـبْ
فِـي الـعَـنْـكَـبُـوتِ ثُـمَّ فِـي الأَعْـرَافِ فِـي غَـيرِ ذَيــنِ الـعَـكْـسُ غَـيرُ خَـافِ

بعد عشاء الأحد 29 /شوال /1433

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

جاءت كلمةُ اللَّهوِ مُقترنةً بِكلمةِ اللَّعب في مَواضِع مِن القُرآنِ ، يُقدَّمُ اللَّهوُ أحيانًا على اللَّعبِ ، ويُؤخَّر عنهُ أُخرَى ، على حَسبِ ما يَتناسَبُ بَلاغِيًّا مع سِياقِ الآيةِ .
فتُشكِلُ مثلُ هذه الآياتِ على الحفَّاظِ ، والضَّابطُ فيها أنَّ اللَّهوَ دائمًـا مُتأخِّرٌ عن اللَّعبِ ما عدَا آيتَينِ
الأولى : في سُورةِ الأَعرافِ : وهي قولُ الله : الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَـهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الحَيَـٰوةُ الدُّنْيَا 51
والثانيةُ : في سُورةِ العَنكَبُوتِ ، وهي قولُ الله : وَمَا هَـٰذِهِ الحَيَـٰوةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَـهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَـهِيَ الـحَيَوَانُ 64
وما عدا هاتَينِ الآيتَينِ فَكلمةُ اللَّعبِ مُقدَّمةٌ على كلمةِ اللَّهوِ ، وذَلِكَ في : سُورَةِ الأَنعامِ في الموضِعَينِ ، وفي سُورَةِ محمَّد ، وفي سُورَةِ الحدِيدِ .

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

(13) .. (14)
﴿ دِيَـٰرِهِمْ ﴾ .. ﴿ دَارِهِمْ ﴾
﴿ الرَّجْفَةُ ﴾ .. ﴿ الصَّيْحَـةُ ﴾
وَفِـيهِمَـا ﴿ فَـأَصْبَحُـوا فِـي دَارِهِـمْ ﴾ وَالـجَـمْعُ جَا فِي هُودَ أَيْ ﴿ دِيَـٰرِهِمْ ﴾
أَو﴿ صَيْحَـةٌ ﴾ بِاليَـا فَقُلْ ﴿ دِيَـٰرِهِمْ ﴾ وَ﴿ رَجْفَةٌ ﴾ مِنْ غَيرِ يَا قُلْ ﴿ دَارِهِمْ ﴾

بعد عشاء الأربعاء 4/ذي القعدة/1433

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

خَمسُ آياتٍ في القرآنِ الكريمِ جاءت في هذا السِّياقِ :
جاءَ في ثَلاثٍ مِنها : فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ بالإفرادِ ، وآيتَانِ جاءتَا بالجمعِ : فَأَصْبَحُوا فِي دِيَـٰرِهِمْ .
وهاهُنا طَريقَتانِ لِضَبطِ المتشابِهِ في هذهِ الآياتِ ، طريقُ الحصْرِ ، وطريقُ الرَّبطِ الذِّهنيِّ :
فأمَّا الأوَّلُ : فهو المذكورُ في البيتِ الأوَّلِ : وهُو أنَّ لَفظَ الإفرادِ دَارِهِمْ جاءَ في سُورَتَي الأَعرافِ والعَنكبوتِ (1) ، وأمَّا لفظُ الجمعِ دِيَـٰرِهِمْ فجاء في سُورَةِ هُودٍ في الموضِعَينِ .
والثَّاني : وَهُو المذكورُ في البَيتِ الأَخيرِ : الرَّبطُ بَينَ كَلِمَتَي الصَّيْحَـةُ و دِيَـٰرِهِمْ بجامعِ مَجيءِ الياءِ فيهِما ، و الرَّبطُ كذلِكَ بينَ كَلِمَتَي الرَّجْفَةُ و دَارِهِمْ بجامِعِ عَدَمِ مَجيءِ الياءِ فيهِما .

................................
(1) وإليهما أشرتُ بلَفظِ ( وَفيهِما ) في أوَّلِ البَيتِ عَطفًا على ما ذُكِرَ في البَيتِ الأَخيرِ في الضَّابطِ السَّابقِ .

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

ويُستَفادُ مِن الجمعِ بينَ الطَّريقَـتَينِ ضابطٌ في مَعرِفَةِ مُتشابهٍ آخرَ ، وهُو :
مَواضِعُ وقُوعِ كَلِمَتَي الرَّجْفَةُ و الصَّيْحَـةُ – وهُما مِن المتشابِه – فيُعلَمُ :
أنَّ كَلمةَ الصَّيْحَـةُ جاءَتْ مُقتَرِنةً بكَلِمةِ دِيَـٰرِهِمْ بصِيغَةِ الجمعِ الوارِدَةِ في سُورَةِ هُودٍ .
وأنَّ كَلِمَةَ الرَّجْفَةُ مُقتَرِنةٌ بكَلِمَةِ دَارِهِمْ بصيغَةِ الإِفرادِ الوارِدَةِ في سُورَتَي الأَعرافِ والعَنكبُوتِ .
واللهُ أَعلَمُ .

[عائشة]

جزاكَ الله خيرًا.
ونرجو مُواصلةَ هذا الحديث الماتِع النَّافِع.