29-01-2011, 08:41 PM
|
|
|
تاريخ الانضمام: Dec 2010
التخصص : البلاغة والنقد والأدب
النوع : أنثى
المشاركات: 46
|
|
الأديب ومذهبه الأدبي
الأديب الحق لا يمكن أن تعتبره بمذهب ما ؛ لأن الأدب يفرض نفسه على الأديب ثم تتدخل نفس الأديب لتدخل بعض التعديلات اللازمة على الأدب أو مايعرف عند النقاد ( بالصنعة ) وادع الحديث عنها لأساتذتي الكبار أمثال الدكتور محمد الحارثي . قلت إنك لا يمكن أن تفرض على الأديب المذهب لإتباعه ؛ لأن ثمة عوامل أخرى تتدخل لتفرض على الأديب المذهب الذي يتبعه ، هذه العوامل هي نفس الأديب وثقافته ، أو قل مخزونه المعرفي والعقدي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي والتاريخي ، وهي أيضا ستوجه المذهب وتطوعه إذا كان مخالفا لهذا المخزون ليتناسب معه ، الأمر الثاني هو حركة التاريخ والوضع الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي الراهن للأمة ، وللأديب الذي ينتمي لهذه الأمة إن كان يعترف بهذا الانتماء ولا ينسلخ منه .
دعني أضرب لهذا مثلا حينما كانت الأمة الإسلامية العربية تحت وطأة الاستعمار الأجنبي في عدة أركان منها ماذا تخال يناسب هذا الوضع غير المذهب الكلاسيكي ذي النبرة الخطابية العالية الجرس الذي يتحدث عن تاريخ الأمة ، وحالها الراهن ، ويدعو للوحدة واليد الواحدة ، ومواجهة الخطر الداهم .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل اتفق الأدباء فيما بينهم لإتباع مذهب معين دون تأثير العوامل السابقة الذكر ؟ ثم لننظر في نتاج أدباء المذاهب الأدبية المعروفة ؛ سنجد نتاجا أو نتاجات تقترب من مذهب آخر أكثر من اقترابها لمذهبه الخاص ، أو بمعنى آخر ستجد في كل مذهب ملمحأو ملامحا من المذهب الآخر ؛ وعدً خليل مطران وهو من الأدباء العرب الكلاسيكين مرهصا للمذهب الرومانتيكي ؛ لأن شعره يقترب من الذاتية والفردية والحرية والغربة والحنين ، لكن هذا الأمر لا ينطبق على خليل مطران فقط ؛ وانظر معي إلى شعر البارودي في سرنديب ، وأحمد شوقي في منفاه في باريس ؛ أوليس فيه ملامح الفردية والذاتية والحنين الفياض إلى الوطن والأهل ؟؟.
ما أردت قوله هو أن ليس من اليسير أن تفرض على الأديب إتباع مذهب أو منهج معين ، ولكن العوامل السابقة تتحكم في ذلك، والمسلم بمرجعياته السليمة يصوغ لنا أدبه وفق هذه المرجعيات .
وا|لإسلام لا يرفض البته الحديث عن الذات وهموهها وأحوالها ، كما أنه يوجه هذه الذات إلى التأمل في الكون والحياة والإنسان ؛ لتصوغ أدبا رائعا ، والمسلم الحق يستشعر أنه بعض من كل ولا يمكن للبعض أن يكون شيئا دون الكل .
|