ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية  

العودة   ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية > الحلَقات > حلقة العلوم الشرعية
الانضمام الوصايا محظورات الملتقى   المذاكرة مشاركات اليوم اجعل الحلَقات كافّة محضورة

منازعة
 
أدوات الحديث طرائق الاستماع إلى الحديث
  #1  
قديم 02-04-2011, 03:06 PM
أم محمد أم محمد غير شاهد حالياً
قيِّم سابق
 
تاريخ الانضمام: Dec 2008
السُّكنى في: رأس الخيمة
التخصص : ربة بيت
النوع : أنثى
المشاركات: 1,033
افتراضي من مواعظ شيخ الإسلام : موعظة في الصبر



موعِظـةٌ فـي الصَّبـر
قال شيخُ الإسلام في قولِه -تَعالى-: وجزاهُم بِما صَبرُوا جنَّةً وحريرًا [الإنسان: 12]:
لما كان في الصبر من حبس النَّفس، والخُشونة التي تَلحق الظاهر والباطِن -من التَّعب والنَّصب والحرارة- ما فيه؛ كان الجزاء عليه بالجنَّة التي فيها السَّعة والحرير الذي فيه اللين والنُّعومة، والاتِّكاء الذي يتضمَّن الرَّاحة، والظِّلال المُنافِية للحر.
وقال --: فاصبِر لِحُكمِ ربِّكَ، وقال: واذكُرِ اسمَ ربِّك [الإنسان: 24-25]:
لما كان لا سبيل إلى الصَّبر إلا بتعويض القلبِ بشيءٍ هو أحب إليه مِن فوات ما يصبِر على فَوتِه؛ أمرَه بأن يَذكُر ربَّه -سُبحانه- بُكرةً وأصيلًا؛ فإن ذِكره أعظم العَون على تحمُّل مشاقِّ الصَّبر، وأن يَصبر لربِّه بالليل، فيكون قيامه بالليل عونًا على ما هو بِصدده بالنَّهار، ومادة لقوَّته -ظاهرًا وباطنًا-، ولنعيمه -عاجلًا وآجلًا-.
وقال --: واستعينُوا بالصَّبر والصَّلاةِ [البقرة: 45].
وأصل ذلك: المحافظة على الصَّلوات بالقلب والبدن، والإحسان إلى النَّاس بالنَّفع والمال -الذي هو الزَّكاة-، والصَّبر على أذى الخلْق وغيره من النَّوائب.
فبالقيام بالصلاة والزَّكاة والصَّبر يصلح حال الرَّاعي والرَّعية، وإذا عرف الإنسان ما يدخل في هذه الأسماء الجامعة:
عرف ما يدخل في الصَّلاة مِن ذِكر الله --، ودُعائه، وتلاوة كتابِه، وإخلاص الدِّين له، والتَّوكُّل عليه.
وفي الزَّكاة من الإحسان إلى الخَلق بالمال والنَّفع؛ من نصر المظلوم، وإغاثة الملهوف، وقضاء حاجة المُحتاج.
وفي "الصحيح": عن النَّبي -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- قال: «كُلُّ مَعروفٍ صدَقةٌ»؛ فيدخل فيه كلُّ إحسانٍ؛ ولو بِبسطِ الوجهِ والكلمة الطيِّبة...
وفي الصَّبر: احتِمال الأذى، وكظم الغَيظ، والعفو عن النّاس، ومُخالفة الهوى، وتَرك الأشر والبَطر؛ كما قال --: ولئنْ أذَقَنا الإنسانَ مِنَّا رحمةً ثُمَّ نزعناها منْهُ إِنَّه لَيؤوسٌ كَفورٌ - ولئنْ أذقْناهُ نَعماءَ بعدَ ضرَّاء مسَّتْهُ لَيقولَنَّ ذهبَ السَّيِّئاتُ عنِّي إنَّه لَفَرِحٌ فَخورٌ - إلا الَّذين صَبروا وعمِلوا الصَّالِحات [سورة هود: 9-11].
وقال الحسَن البصري: إذا كان يوم القيامة نادى مُنادٍ مِن بُطنان العَرش: ألا ليَقُم مَن أجرُه على الله، فلا يقوم إلا مَن عفا وأصلح.


يتبع إن شاء الله



________________
نقلًا من: (الهديَّة في مواعظِ الإمامِ ابنِ تيميَّة)، لجامِعه: عادل بن فتحي رياض، مكتبة البلاغ-دبي، الطبعة الأولى: 1418-1998، (ص88-95).
منازعة مع اقتباس
  #2  
قديم 03-04-2011, 04:34 PM
أم محمد أم محمد غير شاهد حالياً
قيِّم سابق
 
تاريخ الانضمام: Dec 2008
السُّكنى في: رأس الخيمة
التخصص : ربة بيت
النوع : أنثى
المشاركات: 1,033
افتراضي

مجلس في «الصَّبرِ الجميلِ»


والصَّبر الجميلُ: صبرٌ بِلا شَكوَى.
قال يعقوب -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-: إنَّما أشكُو بَثِّي وحُزْنِي إِلى اللهِ [يوسف: 86] مع قولِه: فصَبرٌ جَميلٌ وَاللهُ المُستَعانُ عَلى مَا تَصِفونَ [يوسف: 18]؛ فالشَّكوى إلى اللهِ لا تُنافي الصَّبرَ الجميل.
ويُروَى عن مُوسى -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنَّه كان يَقولُ: (اللهم! لك الحمدُ، وإليكَ المُشتَكَى، وأنتَ المُستعان، وبك المُستغاثُ وعليك التكلان)...
وكان عمرُ بن الخطَّاب -رضيَ اللهُ عنهُ- يقرأُ في صلاةِ الفجرِ: إنَّما أشكُو بَثِّي وحُزْنِي إِلى اللهِ [يوسف: 86] ويبكي حتى يُسمَع نشيجُه مِن آخر الصُّفوف؛ بخلاف الشَّكوى إلى المخلوق.
قُرئ على الإمامِ أحمدَ في مرضِ موتِه: أنَّ طاووسًا كرِه أَنينَ المريض، وقال: إنَّه شَكوى. فما أنَّ حتى مات.
وذلك: أنَّ المشتكِي؛ طالبٌ بِلسانِ الحال إمَّا إزالةَ ما يَضرُّه، أو حصول ما ينفعه، والعبدُ مأمورٌ أن يسأل ربَّه دون خلقِه؛ كما قال -تَعالى-: فإِذَا فَرَغتَ فانْصَبْ - وإِلى ربِّكَ فَارْغَبْ [الشرح: 6-7]، وقال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- لابنِ عبَّاسٍ: «إذا سألتَ؛ فاسأَلِ اللهَ، وإذَا استَعنتَ؛ فاستعِنْ باللهِ».
ولا بُدَّ للإنسانِ مِن شيئَين: طاعته؛ بفِعل المأمور، وتركِ المحظور، وصبرِه على ما يُصيبُه من القضاء المقدور؛ فالأول: هو التَّقوى، و الثَّاني: هو الصَّبر.



يتبع إن شاء الله
منازعة مع اقتباس
  #3  
قديم 03-04-2011, 06:13 PM
صالح العَمْري صالح العَمْري غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Oct 2010
السُّكنى في: المدينة النبوية
التخصص : هندسة ميكانيكية
النوع : ذكر
المشاركات: 1,693
افتراضي

أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء على ما تبذلون من وقت وجهد لتقديم الخير للناس، وأشكرك على حسن اختيارك للأحاديث النافعة.
رحم الله شيخ الإسلام من إمام هدى وسُنة.
منازعة مع اقتباس
  #4  
قديم 07-04-2011, 04:03 PM
أم محمد أم محمد غير شاهد حالياً
قيِّم سابق
 
تاريخ الانضمام: Dec 2008
السُّكنى في: رأس الخيمة
التخصص : ربة بيت
النوع : أنثى
المشاركات: 1,033
افتراضي

مجلس في «الصَّبرِ والشُّكرِ»
الصَّبر والشُّكرُ على ما يُقدِّرهُ الرَّبُّ على عبدِه من السَّرَّاء والضَّرَّاء، مِن النِّعم والمصائب، مِن الحَسنات التي يبلوه بها، والسَّيئات؛ فعليهِ أن يتلقَّى المصائبَ بالصَّبر، والنِّعمَ بالشُّكر.
ومِن النِّعَم: ما يُيسِّره له مِن أفعال الخير، ومنها ما هي خارجةٌ عن أفعالِه؛ فيشهدُ القدَر عند فِعلِه للطَّاعات، وعند إنعامِ الله عليه؛ فيشكره، ويشهدُه عند المصائب؛ فيصبر.
وأمَّا عند ذُنوبِه: فيكون مستغفِرًا تائبًا؛ كما قال: فاصْبِرْ إنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ واستَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [غافر: 55].
وأمَّا مَن عكس هذا: فشهد القدَر عند ذُنوبه، وشهد فِعله عند الحسنات؛ فهو مِن أعظم المُجرِمين، ومَن شهد فِعله فيهما؛ فهو قدَري، ومن شهد القدَر فيهما، ولم يعترف بالذَّنب ويستغفره؛ فهو مِن جِنس المشركين.
وأمَّا المؤمن؛ فيقولُ: أبوءُ لكَ بِنعمتِك عليَّ، وأبوءُ بذنبي؛ فاغفرِ لي؛ كما في الحديث الصَّحيح الإلهي: «يا عبادي: إنَّما هي أعمالُكم أُحصيها لكُم، ثم أُوفِّيكم إيَّاها، فمَن وجدَ خيرًا؛ فلْيحمَدِ اللهَ، ومَن وجَدَ غيرَ ذلك؛ فلا يَلومَنَّ إلا نفْسَه».
وكان نبيُّنا -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مُتَّبعًا ما أُمر به مِن الصَّبر على أذى الخَلْق.
ففي «الصَّحيحَين»: عن عائشة قالت: «ما ضربَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- بيدِه خادمًا له، ولا دابةً، ولا شيئًا قط؛ إلا أن يُجاهِد في سبيل الله، ولا نِيل منه شيءٌ قطُّ فانتقَم لنفسِه؛ إلا أن تُنتَهَكَ مَحارمُ اللهِ، فإذا انتُهكتْ محارمُ الله؛ لم يَقُمْ لغضبِه شيءٌ حتى يَنتقمَ لله».
وقال أنسٌ: خدمتُ رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- عشر سنين؛ فما قال لشيءٍ فعلتُه: لمَ فعلتَه؟ ولا لشيءٍ لم أفعلْه: لمَ لا فعلتَه؟ وكان بعضُ أهلِه إذا عتبني على شيء؛ يقول: «دَعُوهُ، دَعُوهُ؛ فلو قُضِي شيءٌ؛ لَكانَ».
وفي «السُّنن»: عن ابن مسعودٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- أنه ذَكَر للنَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- قولَ بعضِ مَن آذاه؛ فقال: «دعنا منكَ، فقد أُوذِيَ موسَى بأكبرَ من هذا؛ فصبَر».
فكان يصبرُ على أذى النَّاس له مِن الكُفَّار والمنافِقين، وأذى بعض المؤمنين؛ كما قال -تَعالى-: إنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤذِي النَّبيَّ فَيَستَحْيِي مِنكُمْ [سورة الأحزاب: 53]، وكان يذكر: أن هذا مقدَّر.
والمؤمن مأمورٌ بأن يَصبِر على المقدور؛ ولذلك قال: وإنْ تَصْبِرُوا وتتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران: 120]، فالتَّقوى: فِعل المأمور، وتَرك المحظور، والصَّبر على أذاهم، ثم إنَّه حيث أباح المعاقبة؛ قال: وإنْ عاقبْتُم فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبتُمْ بِهِ ولَئِنْ صَبَرتُمْ لَـهُوَ خير لِّلصَّابِرين - واصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ في ضَيْقٍ ممَّا يَمكُرُونَ [النحل: 136-137].
فأخبر أن صبرَه بالله؛ فاللهُ هو الذي يُعينُه عليه؛ فإن الصبرَ على المكارِه بِتركِ الانتِقام من الظالم ثقيلٌ على الأنفُس، لكن صَبره بالله؛ كما أمرهُ أن يكونَ لله؛ في قولِه: وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [المدثر: 7]، لكن: هناك ذكرَهُ في الجملة الطَّلبيَّة الأمريَّة؛ لأنه مأمورٌ أن يصبرَ لله لا لِغيرِه، وهنا [ذكرَهُ] في الخبريَّة؛ فقال: وَمَا صَبْرُك إلا باللهِ [النحل: 137]؛ فإنَّ الصبرَ وسائر الحوادث لا تقعُ إلا بالله، ثم قد يكونُ ذلك، وقد لا يكونُ؛ فما لا يكون بالله؛ لا يكونُ، وما لا يكونُ لله؛ لا ينفعُ ولا يدومُ، ولا يُقال: واصبِر بالله؛ فإنَّ الصبرَ لا يكون إلا بالله؛ لكنْ يُقال: استعينوا باللهِ واصبِروا، فنستعينُ بالله على الصَّبر.
منازعة مع اقتباس
  #5  
قديم 25-04-2011, 05:14 PM
أم محمد أم محمد غير شاهد حالياً
قيِّم سابق
 
تاريخ الانضمام: Dec 2008
السُّكنى في: رأس الخيمة
التخصص : ربة بيت
النوع : أنثى
المشاركات: 1,033
افتراضي

مجلس في «الصَّبر وأنواعه»


الصبر عن المحرَّمات واجب وإن كانت النَّفس تشتهيها وتهواها.
قال -تَعالى-: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حتَّى يُغنِيَهمُ اللهُ مِن فَضلِهِ [النور: 33]، والاستعفاف: هو تركُ المنهي عنه؛ كما في الحديثِ الصَّحيح عن أبي سعيدٍ الخدري عن النَّبي -صلى اللهُ عليه وسلَّم- أنَّه قال: «مَن يستعفِف؛ يُعفَّه الله، ومَن يستغنِ يُغنِه اللهُ، ومَن يتصبَّر؛ يُصبِّرهُ اللهُ، وما أُعطِي أحدٌ عطاءً خيرًا وأوسعَ من الصَّبرِ».
فالمستغني: لا يَستشرفُ بِقلبِه، والمستعْفِف: هو الذي لا يَسألُ النَّاسَ بِلسانِه، والمُتصبِّر: هو الذي لا يتكلَّف الصَّبر.
فأخبر أنَّه مَن يتصبَّر؛ يُصبِّره الله.
وهذا كأنَّه في سياق الصبر على الفاقةِ؛ بأنْ يصبِر على مَرارةِ الحاجةِ؛ لا يجزع مما ابتُليَ به مِن الفقر، وهو الصَّبر في البأساءِ والضَّرَّاء، قال -تَعالى-: وَالصَّابِرينَ في البَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ [البقرة: 177].
والضَّرَّاء: المرض، وهو الصبر على ما ابتُلي به مِن حاجةٍ ومرضٍ وخوفٍ، والصَّبر على ما ابتُلي به باختِيارِه كالجِهاد؛ فإن الصَّبر عليه أفضل من الصَّبر على المرض الذي يُبتلَى به بغيرِ اختِيارِه؛ ولذلك: إذا ابتُلي بالعنت في الجهاد؛ فالصبر على ذلك أفضل من الصبرِ عليه في بلدِه؛ لأن هذا الصبرَ من تمام الجِهاد، وكذلك لو ابتُلي في الجهادِ بِفاقةٍ أو مرضٍ حصل بسببِه؛ كان الصبرُ عليه أفضل، كما قد بسط هذا في مواضع.
وكذلك ما يُؤذَى الإنسانُ به في فِعله للطَّاعات كالصَّلاةِ والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر وطلب العِلم من المصائب؛ فصبرُه عليها أفضل من صبرِه على ما ابتُلي به بدون ذلك.
وكذلك إذا دعتْه نفسُه إلى محرَّماتٍ -مِن رئاسةٍ، وأخذ مالٍ، وفعل فاحشةٍ-؛ كان صبرُه عنه أفضل من صبرِه على ما هو دون ذلك؛ فإنَّ أعمالَ البِرِّ كلَّما عظمت؛ كان الصبرُ عليها أعظم مما دونهما.
فإن في العلم والإمارةِ والجهادِ والأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر والصَّلاة والحجِّ والصَّوم والزَّكاة من الفتن النَّفسيَّة وغيرها ما ليس في غيرِها، ويعرض في ذلك ميل النَّفس إلى الرئاسة والمال والصُّوَر، فإذا كان النَّفس غير قادرةٍ على ذلك؛ لم تطمع فيه كما تطمع في القدرة؛ فإنها مع القدرةِ تطلب تلك الأمورَ المحرَّمة بخلاف حالها بدون القدرة؛ فإن الصبرَ مع القدرة جهادٌ؛ بل هو مِن أفضل الجِهاد وأكمل مِن ثلاثة وُجوه:
أحدها: أن الصبر عن المحرَّمات أفضل من الصبر على المصائب.
الثَّاني: أن تركَ المحرَّمات مع القدرة عليها وطلب النفس لها أفضل مِن تركِها بدون ذلك.
الثَّالث: أن طلب النَّفس لها إذا كان بسببِ أمرٍ ديني؛ كمَن خرج لصلاةٍ أو طلب علمٍ أو جهادٍ فابتُلي بما يميل إليه من ذلكَن خرج لصلاةٍ أو طلب علمٍ أو جهادٍ فابتُلي بما يميل إليه من ذلك؛ فإن صبره عن ذلك يتضمَّن فِعل المأمور، وترك المحظور، بخلاف ما إذا مالت نفسُه إلى ذلك بدون عملٍ صالح.
ولهذا: كان يونس بن عُبيد يوصي بثلاثٍ؛ يقول: لا تدخل على سُلطانٍ وإن قلتَ: آمرهُ بطاعةِ الله، ولا تدخل على امرأةٍ وإن قلتَ: أعلمُها كتابَ الله، ولا تُصغِ أذنك إلى صاحبِ بدعة وإن قلت: أرد عليه.
فأمرُ بالاحتِراز من أسباب الفتنة؛ فإن الإنسان إذا تعرَّض لذلك؛ فقد يفتتن، ولا يسلم.


يتبع إن شاء الله
منازعة مع اقتباس
  #6  
قديم 29-04-2011, 02:43 PM
أم محمد أم محمد غير شاهد حالياً
قيِّم سابق
 
تاريخ الانضمام: Dec 2008
السُّكنى في: رأس الخيمة
التخصص : ربة بيت
النوع : أنثى
المشاركات: 1,033
افتراضي

مجلس في «الابتِلاء بالمَصائِب»
ما يصيب المؤمنَ في الدُّنيا من المصائبِ؛ هي بمنزلةِ ما تُصيب الجسم من الألم يصحُّ بها الجسمُ وتزولُ أخلاطُه الفاسدة، كما قال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: «ما يُصيبُ المؤمنَ مِن وصبٍ ولا نصَبٍ ولا همٍّ ولا حزنٍ ولا غمٍّ ولا أذًى حتى الشَّوكة يُشاكُها؛ إلا كفَّر اللهُ بها خطاياهُ»، وذلك تحقيقٌ لقولِه: مَن يعمل سوءًا يُجْزَ بِهِ [النِّساء: 123].
ومَن لم يطهَّر في هذه الدُّنيا مِن هذه الأمراض فيؤوب صحيحًا؛ وإلا احتاجَ أن يطهَّر منها في الآخرة فيعذِّبه الله؛ كالذي اجتمعتْ فيه أخلاطُه، ولم يستعمل الأدوية لتخفيفِها عنه؛ فتجتمع حتى يكون هلاكُه بها.
ولهذا: جاء في الأثر: «إذا قالوا للمريضِ: اللهمَّ ارحمهُ، يقول الله: كيف أرحمُه مِن شيءٍ به أرحمُه؟!»، وقال النَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: «المرضُ حطَّةٌ يَحطُّ الخطايا عن صاحبِه كما تحط الشَّجرةُ اليابسةُ ورقَها».
وكما أن [مِن] أمراضِ الجسمِ ما إذا مات الإنسانُ منه كان شهيدًا -كالمطعونِ والمبطونِ وصاحب ذات الجنب، وكذلك: الميت بغرقٍ أو حرقٍ أو هدمٍ-؛ فمِن أمراض النَّفس ما إذا اتَّقى العبدُ ربَّه فيه وصبر عليه حتى مات؛ كان شهيدًا؛ كالجبان الذي يتَّقي الله ويصبر للقِتال حتى يُقتل، فإنَّ البخل والجُبن مِن أمراض النُّفوس؛ إن أطاعَه أوجب له الألم، وإن عصاهُ تألَّم؛ كأمراض الجِسم.

منازعة مع اقتباس
  #7  
قديم 15-06-2011, 05:19 PM
أم محمد أم محمد غير شاهد حالياً
قيِّم سابق
 
تاريخ الانضمام: Dec 2008
السُّكنى في: رأس الخيمة
التخصص : ربة بيت
النوع : أنثى
المشاركات: 1,033
افتراضي


من فوائد الصَّبر على البَلاءِ


«مِن تمامِ نِعمةِ الله على عِبادِه المؤمنين: أن يُنزِلَ بهم من الشِّدَّة والضُّر ما يُلجئُهم إلى توحيدِه، وفيدعونَهُ مُخلِصينَ له الدِّين، ويَرجونَه لا يرجون أحدًا سِواهُ، وتتعلَّق قُلوبُهم به لا بِغيرِه؛ فيحصل لهم مِن التوكُّل عليه، والإنابةِ إليه، وحلاوةِ الإيمان وذَوقِ طَعمِه، والبراءةِ من الشِّرك ما هو أعظمُ نعمةً عليهم مِن زوال المرضِ والخوف أو الجَدب أو حُصول اليُسر وزَوال العُسر في المعيشة؛ فإنَّ ذلك لذَّات بدنِيَّة ونِعَم دُنيويَّة، قد يَحصلُ للكافِر منها أعظمُ مما يحصل للمُؤمن.
وأمَّا ما يحصُل لأهلِ التَّوحيد المُخلِصين لله الدِّين؛ فأعظمُ مِن أن يعبِّر عن كُنهِه مقالٌ، أو يَستحضرَ تَفصِيلَه بالٌ، ولكلِّ مؤمنٍ مِن هذا نصيبٌ بقَدر إيمانه.
ولهذا قالَ بعضُ السَّلف: يا ابنَ آدم! لقد بُورِكَ لكَ في حاجةٍ أكثرتَ فيها مِن قرعِ باب سيِّدك.
وقال بعضُ الشُّيوخ: إنَّه ليكونُ لي إلى اللهِ حاجةٌ فأدعوه؛ فيفتَح لي مِن لذيذِ معرفَتِه وحَلاوة مُناجاتِه ما لا أحبُّ معه أن يُعجِّل قضاءَ حاجَتِي؛ خشيةَ أن تنصرفَ نفسي عن ذلك؛ لأنَّ النَّفس لا تُريد إلا حظَّها، فإذا قُضي؛ انصرَفَتْ.
وفي بعضِ الإسرائيليَّات: يا ابن آدم! البلاءُ يجمعُ بيني وبينك، والعافيةُ تجمع بينك وبينَ نفسِك».

[«مجموع الفتاوى» (10/333-334)].

منازعة مع اقتباس
  #8  
قديم 16-11-2011, 10:10 AM
محمد الرشيد محمد الرشيد غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Dec 2008
السُّكنى في: الرياض
التخصص : إلكترونيات
النوع : ذكر
المشاركات: 19
افتراضي

بارك الله فيكِ يا أم محمد
كنتُ أبحث عن شيء عن الصبر فوقعتُ على موضوعكِ هذا فأفادني كثيرًا
جزاكِ الله خيرًا ونفع بما نقلتِ
منازعة مع اقتباس
  #9  
قديم 16-11-2011, 10:51 AM
أم محمد أم محمد غير شاهد حالياً
قيِّم سابق
 
تاريخ الانضمام: Dec 2008
السُّكنى في: رأس الخيمة
التخصص : ربة بيت
النوع : أنثى
المشاركات: 1,033
افتراضي

وفيك بارك الله.
ومن هنا أبيات رائعة في الحث على ( الصبر ) ..
منازعة مع اقتباس
منازعة


الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1)
 
أدوات الحديث
طرائق الاستماع إلى الحديث

تعليمات المشاركة
لا يمكنك ابتداء أحاديث جديدة
لا يمكنك المنازعة على الأحاديث
لا يمكنك إرفاق ملفات
لا يمكنك إصلاح مشاركاتك

رمز [IMG] متاحة
رمز HTML معطلة

التحوّل إلى

الأحاديث المشابهة
الحديث مرسل الحديث الملتقى مشاركات آخر مشاركة
موعظة العلماء بالشعر أم محمد حلقة العلوم الشرعية 5 12-09-2012 10:35 PM
مقامات الزمخشري ( مواعظ ونصائح ) زاهر حلقة الأدب والأخبار 10 04-03-2011 10:09 AM
ولهذا جعل الصلاة نورًا ، وجعل الصبر ضياءً ! الأسلمية حلقة فقه اللغة ومعانيها 10 02-01-2010 04:47 AM


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 10:24 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ