مسألة الإعراب على الحكاية

[عائشة]

قرأتُ كلامًا للأستاذِ فيصلٍ المنصورِ -وفَّقه اللهُ- قالَ فيه:
( مِن أخطاءِ النَّحو الشَّائعة: التزامُ رفع أعلام غير الأناسيِّ في مثل: (تستمعون الآن إلى برنامج "سؤالٌ علَى الهاتف"). والصَّوابُ: (سؤالٍ) لأنَّ المُفرَدات لا تُحكى.
وعناوينُ الكُتُبِ لا يجوز أن تحكَى أيضًا، فلا تقول: (قرأت في كتاب "مدارجُ السالكين") كما لا تقول: (سلَّمت على "محمدٌ") ) انتهى.

.. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. ..

وقد سألتْني إحدَى الأخَوات -قبلَ أيَّامٍ- عن قولِها -مثلاً-: (نجد ذلك في كتاب "الفصول الخمسون")، فأجبتُها بأنَّ ذلك يُجَرُّ، فيُقال: (في كتاب "الفصولِ الخمسين").

ولكنَّها ذَكَرَتْ لي أنَّها قرأَتْ في مقدمة تحقيق د. محمود الطناحيّ لأمالي ابن الشجريِّ قوله: (مع دراسة بعنوان: "ابن الشجري وآراؤه النحوية")، وقرأَتْ -أيضًا- في تحقيقه لكتاب "الشعر" لأبي عليٍّ الفارسيِّ قولَه: (وذلك في كتابه "أبو علي الفارسي").

فأرجو الإفادةَ --.

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

جزاك الله خيرا ..
و هل يقال : قرأت سورة المؤمنون ، أم سورة المؤمنين ؟ وهل قال أحد بتأثير العامل في مثل هذا ؟

[سلامة]

باب الحكاية قي النَّحو

الحكاية ذكر اللفظ المذكور بعينه بلا زيادة ولا نقص كقولنا :
هذه سورة المؤمنون
فمعناها هذه السّورة المُسمّاة بهذا الاسم، وقد انتقل اللّفظ إلى التَّسمية وعوملَ معامَلَة الاسم العلَم هذه اسم إشارة مبني على الكسر في محلّ رفع مبتدأ سورَةُ: خبر مرفوع ، وهو مضاف والمؤمنون : مضاف إليه مجرور بكسرة مقدّرَة منع من ظهورها الحِكايَةُ،أو منع من ظهورِها اشتغال المحلّ بحركة الحِكاية
ولذلك لنا أن نقول : مدرسة المصريون الثَّانويَّة بنون ولا نقول : مدرسة المصريين وإن كان كلاهُما صحيح عند البعض
فالحكاية هي: نقل ما قيل كما قيل، بلا تغيير ولا تبديل. أو هي جمل تتكون من أكثر من لفظة وتنطق على لفظ حكاية حركاتها وتعرب على أنّها لفظة واحدة من غير دخول في تفصيل إعراب مكوناتها اللفظية,وتكون حركة إعرابها مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية، وهي تحكى حسب وضعها اللغوي فلا أثر لموقعها الإعرابي في تغيير حركتها أونطقها. ومن ذلك نقول اليوم هو العاشر من ذو الحجة أو من ذي الحجة و المقصود بحركة الحكاية الحركة التي ضُبطت بها الجملة أو الكلمة المحكيّة كما وردت من غير تبديل و لا تعديل
ومثل : "لا إله إلاّ الله " مفتاح الجنّة فجملة "لا إله إلاّ الله" جملة محكيّة , تعرب مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمّة مقدّرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الحكاية
ولو افترضنا أن هناك شخصاً اسمه (أبوالخير) مثلاً وطُلب منك أن تضعه في جمل مفيدة بحيث يكون في الأولى فاعلاً وفي الثانية مفعولاً وفي الثالثة مجروراً لجاز لك أن تقول :حضر (أبوالخير)- رأيت (أبوالخير) سلمت على( أبوالخير ) فأنت تحكي اللفظ على ماورد
ومن الجمل المحكية قوله الحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله تملأ أو تملآن ما بين السماء والأرض .
الإعراب:الحمد لله.مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الحكاية. وسبحان الله:الواو حرف عطف.سبحان الله.معطوفة على المبتدأالحمدللهمرفوعة وعلامة رفعه الضمة المقدرة من ظهورها اشتغال المحل ومن ذلك قول بشار :
نمت في الكرام (بنوعامر) فروعي وأصلي قريش العجم

[محمد بن إبراهيم]

قرأتُ كلامًا للشيخِ خالدٍ--في "التصريح" يمكن أن تكونَ لهُ صِلَةٌ بهذَا الحديثِ، فرأيتُ أن أزيدَهُ هنَا، وأردتُّ كذلك أن أتفقّدَ أستاذَنَا أبا إبراهيم-حفظه الله-متعلّلا بهذه الفائدةِ!
قالَ ابنُ هشامٍ--في المثنّى: (ما وضِعَ لاثنيْنِ، وأغنَى عَنِ المتعاطِفَيْنِ كالزيدانِ والهندانِ) اهـ
قال شارِحُهُ (1/ 64): (وثبوتُ الألِفِ معَ الجارّ في هذهِ الأمثلَةِ مِنِ استعمالِ الشيءِ في أوّلِ أحوالِه، وهوُ الرفْعُ) انتهى.

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

أستاذنا الكريم أولا على تفقدكم لإخوانكم ، مع ما ترون من تقصير في حقكم .
و ثانيا على هذه الفائدة القيمة ، والنقل المهم المؤيد - نصا - لرأيي المتواضع ، والحمد لله .
سبحان الله ! مر على هذا الحوار أكثر من عشرة أعوام ، ولعله كان أول نقاش لي معك ، وأعتذر عن بعض كلماتي لأني لم أكن أعرفك وقتها حق المعرفة .

[محمد بن إبراهيم]

بارك الله فيكم، وأحسن إليكم يا أستاذنا المبارك،
قرأت هذا النقاش السابق، فأذكرني أياما جميلة وعهدا طيبا، ولم أر فيه إلا ناصحًا ومعلمًا، فجزاك الله عني كل خير.
وأما كلام الشيخ خالد، فهو كما ذكرتم يؤيد قولكم، ولكنه لم يسمّ ذلك حكاية، ولك أن تسميها كذلك تجوّزًا، وأرى أن ابن هشام أتى بالمثالين مرفوعين في مقام التعليم ليبين للطالب حال المثنى في أول أحواله وأظهرها، ولئلا يلتبس بجمع المذكر السالم المنصوب والمجرور.
ويبقى السؤال في نحو: (سورة المؤمنون) على أي وجه الرفع؟
والذي يظهر لي أن ذلك على الحكاية لما في لفظ السورة من قوله : قَدْ أفْلَحَ المؤْمِنُونَ، إذ تسمية السورة تكون بعد نزولها، وأما أن نسمي الشيء ابتداء باسم، ثم نلتزم فيه الرفع لأنه أول أحواله، فباب آخر يحتاج إلى دليل آخر، ولعل أقوى ما يمكن الاستدلال به هو ما سبق في الحديث من قولهم: (عن أبو فلان) إذا غلبت الكنية على الاسم، وقامت مقامه، وهذا متصور فيما سمي به من الأشياء كالمساجد والكتب مثلا حيث كانت مرفوعة بالحرف قياسا على (أبو فلان)، وأما رفع المثُل المفردة المضاف إليها من غير ضرورة تعليم ولا تبيين، فلم يظهر لي وجهه.