ذهب بنو فلان ومن أخذَ إخذُهم

[محمد بن إبراهيم]

قال ابن السِّكِّيتِ في إصلاح المنطق (ص 37): (ويقالُ: ذهبَ بنُو فلانٍ ومَنْ أخذَ إخذهم، يكسِرُونَ الألفَ، ويضمُّونَ الذالَ، وإن شئتَ فتحتَ الألفَ، وضمْمَتَ الذالَ، وقومٌ ينصِبُونَ الألفَ، ويفتحُونَ الذالَ) اهـ
ومعناه-كما في القاموس-(ذهبُوا وَمَنْ سارَ سيرَتَهُمْ، وتخلَّقَ بخلائقِهِمْ)، وهوَ علَى وجْهِ النَّصْبِ ظاهرٌ، وأمَّا على وجْهِ الرفعِ، فمعناه (مَنْ أخذَهُ إخْذُهُمْ) على حذفِ عائدِ الموصولِ المنصوبِ، و(إخذُهُمْ) فاعلٌ، أيْ: (أخذتْهُ سيرتُهُمْ وطريقتُهُمْ) علَى الاتساعِ في الكلامِ كأنَّهُمْ لشدَّةِ شبَهِهِمْ بالقوْمِ اجتذبتْهُمْ سيرَةُ القوْمِ اجتذَابًا، وأخذتْهُمْ أَخْذًا، كمَا قالَ أبُو الطيِّبِ:
وشِبْهُ الشيْءِ منجَذِبٌ إليْهِ وأشبَهُنَا بدُنْيَانَا الطَّغَامُ
قلتُ: ولعلَّ منْهُ قولَ امرِئِ القيسِ:
فلمَّا أجزْنَا ساحةَ الحيِّ وانتحَى بِنَا بطْنُ خَبْتٍ ذِي قِفَافٍ عقَنْقَلِ
قالَ الزوزَنِيُّ في شرحِهِ على القصائدِ السبعِ (ص 51): (وقولُهُ: (وانتحَى بِنَا بطْنُ خَبْتٍ) أسنَدَ الفعلَ إلى (بطن خبت)، والفعلُ عندَ التحقيقِ لهُمَا، ولكنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ الاتساعِ فِي الكلامِ، والمعنَى: صِرْنَا إلَى مثلِ هذَا المكانِ) انتهى.

[محمد بن إبراهيم]

وجاء في تاج العروس (أخذ): (ويقال: (أتَى العراقَ، وما أخذ إخذَهُ)، و(ذهبَ الحجازَ وما أخذَ إخذَهُ)، و(ولِيَ فلانٌ مكَّةَ وما أخذَ إخذَهَا)، أي: (ما يليهَا وما هُوَ فِي ناحيَتِهَا) ... قال التّدْمُرِيُّ في شَرْحِ الفصيح: نقلتُ من خَطِّ صاحبِ الواعِي: يقَالُ: استُعْمِل فُلانٌ على الشَّامِ وما أَخَذَ إِخْذُهُ وأَخْذُهُ وأُخْذُه بكسرِ الهمزةِ وفتحِهَا وضمِّهَا معَ ضَمِّ الذَّالِ فِي الأَحوالِ الثَّلاثَةِ)انتهى.
قلتُ: القولُ في وجه الرفعِ في هذا المثال كالقولِ في (ذهبُوا ومَنْ أخذَ إخذُهُمْ)، والمعنَى عليهِ: (ولِيَ مكَّةَ ومَا تبعتْهُ أو قاربتْهُ جهتُهَا وناحيَتُهَا)، أي: (ولِيَ مكَّةَ ومَا جاوَرَهَا).