إتحاف الحفاظ بضبط آيات مشتبهة متشابهة في الألفاظ ( نظما ) ..

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

أي : أنَّ الآياتِ الَّتي وَردَ فيها لَفظُ أَلَـمْ يَرَوْا مِن غَيرِ واوٍ بَعدَ هَمزةِ الِاستِفهامِ خَمسُ آياتٍ ، وهي :
آيةُ سُورةِ الأنعامِ : أَلَـمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَـكْـنَا مِن قَبْلِهِم مِّنْ قَرْنٍ مَّـكَّـنَّـٰهُمْ فِى الأَرْضِ مَا لَـمْ نُمَكِّن لَّـكُمْ ... 6
وآيةُ سُورةِ الأَعرافِ : ... أَلَـمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُـكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِـيلًا ... 148
والموضِعُ الثَّاني في سُورةِ النَّحلِ : أَلَـمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيرِ مُسَخَّرَ ٰتٍ فِى جَوِّ السَّمَـآءِ ... 79
.....أمَّا الموضِعُ الأَوَّلُ فَجاءَ بالوَاو : أَوَلَـمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللهُ مِن شَىءٍ ... 48
وآيةُ سُورةِ النَّملِ : أَلَـمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا الَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِـيهِ ... 86
والموضِعُ الأَوَّلُ في سُورةِ يَس : أَلَـمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ القُرُونِ ... 31
.....أمَّا الموضِعُ الثَّاني فَجاءَ بِالواوِ : أَوَلَـمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَـهُم مِّـمَّـا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَـٰمًـا ... 71
وما سِوَى هَذِه الآياتِ الخمسِ المذكورةِ فجاءَ بِلَفظِ أَوَلَـمْ يَرَوْا ، وعَددُ مَواضِعِه اثْنَا عَشَرَ مَوْضِعًا .

تنبيه : المقصودُ هنا مَا كانَ الفِعلُ فيهِ مُسنَدًا إلى وَاوِ الجماعَةِ ، وكانَ أوَّلَ الفِعلِ ياءُ المضارَعَةِ ، فلا يَدخُلُ هُنا ما كانَ أوَّلَ الفِعلِ فيهِ تاءُ المضارَعةِ أُسنِدَ إلَى وَاوِ الجماعَةِ أو إلَى الُمفرَدِ ، فلا يَدخُلُ فيهِ ما كانَ بلَفظِ أَلَـمْ تَرَوْا أَو أَلَـمْ تَرَ .

[عائشة]

بورِكْتَ، ونفعَ اللهُ بما كَتَبْتَ.
ذَكَّرَني الكلامُ عن أَلَـمْ يَرَوْا وأَوَلَـمْ يَرَوْا بآيتَيْن مُتشابهتَيْنِ:
الآية الأُولَى في سورة الرُّوم، وهي قولُه : أَوَلَـمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِـمَن يَشَاءُ ويَقْدِرُ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 37.
والآيةُ الأخرَى في سورةِ الزُّمَر، وهي قولُه : أَوَلَـمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِـمَن يَشَاءُ ويَقْدِرُ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 52.
وقد رأيتُ أنْ أربِطَ كلمةَ (يَرَوْا) باسمِ السُّورة الَّتي وقَعَتْ فيها، وهي سورةُ الرُّومِ، ففي (يَرَوْا) راءٌ، وواوٌ، وكذا في (الرُّوم). فتكون الكلمة الأُخْرَى -وهي (يَعْلَموا)- في سورةِ الزُّمَرِ.
والرَّبطُ بأسماءِ السُّورِ الكريمةِ يُسهِّلُ على الحافظِ كثيرًا.
وقد حاولتُ أنْ أنظِمَ هذا الضَّابِطَ، وليعذِرْني الأستاذ أبو إبراهيم؛ فإنِّي لَـمْ أنظِم شيئًا من قبلِ هذا.

[عائشة]

( 5 )
﴿أَوَلَـمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِـمَن يَشَاءُ ويَقْدِرُ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ ..
﴿أَوَلَـمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِـمَن يَشَاءُ ويَقْدِرُ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
﴿يَــرَوْا﴾ بِـــرُومٍ فاحْفَظَنْــهُ يــا فَتَــى لِـــــرًا وواوٍ فيهِــــما قَـــــدْ جــــاءَتَا
وقُلْ في الُاخْرَى ﴿يَعْلَمُوا﴾ أيْ في الزُّمَرْ وَالْجَـــأْ إلى الرَّبْـــطِ بأَسْـــمَاءِ السُّـــوَرْ

[عائشة]

( 6 )
﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ﴾ .. ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ﴾

في ثانِ هُودٍ: ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ﴾ فـي غَيْرِهِ: ﴿فَسَـوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ﴾
فَلَفْظُ (سَـوْفَ) مِن ثَـلاثَةَ احْـرُفِ كَذَاكَ (هُـودٌ) فاحْفَـظَنْهُ واعْـرِفِ

8/ذي القعدة/1433

[عائشة]

جاءَ قولُه : سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ في موضعٍ واحدٍ من القرآنِ، وهو في الآية (93) من سورة هود: وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ.
وجاءَ بالفاءِ فَسَوْفَ في ثلاثةِ مواضع:
في سورة الأنعام: قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ 135
وفي الموضع الأوَّل من سورة هود: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ 39
ولذلك قلتُ: (في ثانِ هُودٍ).
وفي سورة الزمر: قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ 39، 40
وقد ذَكَرَ بعضُهم ضابِطًا لهذا، وهو ربطُ الكلمةِ باسمِ السُّورة في عددِ الحروف، فكلمةُ (سَوْفَ) من ثلاثة أحرُف، وكذلك كلمة (هود). وهذا الضَّابِطُ لا ينظُرُ إلى الموضعِ الأوَّل من سورةِ هود؛ لأنَّ الجملة في ذلك الموضع لَـمْ تُسْبَقْ بقولِه: إنِّي عامِلٌ، ولذلك: كانَ الإشكالُ متعلِّقًا بالمواضعِ الثلاثةِ فقط.

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

ما شاء الله ! مشاركات نافعة ، ونظم رائق جميل !

وقد حاولتُ أنْ أنظِمَ هذا الضَّابِطَ، وليعذِرْني الأستاذ أبو إبراهيم؛ فإنِّي لَـمْ أنظِم شيئًا من قبلِ هذا

بل ، لِيعذرني الإخوة ؛ فإني أظن أني سأترك القوس لباريها !

[عائشة]

جزاكَ الله خيرًا -أُستاذَنا الفاضِل-.
هذا تشجيعٌ منكَ، وحُسْنُ ظَنٍّ.
وفَّقكَ اللهُ للمزيدِ.
وشكرَ اللهُ لجميعِ الأساتذةِ الَّذينَ مرُّوا ههنا.

[عائشة]

( 7 )
﴿وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ﴾ .. ﴿وَتَرَى الفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ﴾

وقدِّمَــنْ ( فِيـهِ ) عَـلَى ( مَــواخِرَا ) فِـي ( فَــاطرٍ ) وكُـن نبيـهًا ماهِـرَا
كِلْتَــاهُما بحـَــرْفِ فـَــاءٍ جـــاءَتا وأَخِّرَنْ في ( النَّحْلِ ) ( فِيهِ ) يَا فَتَـى

9/ذي القعدة/1433

[عائشة]

هذا مثالٌ آخَرُ على الربطِ باسمِ السُّورةِ الكريمةِ، فقد جاءَتْ آيتانِ:
الأولَى في سورةِ النَّحْلِ، وهي قوله : وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 14
والأُخرَى في سورة فاطر، وهي قولُه : وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ 12
وممَّا يُشكِلُ علَى الحُفَّاظِ في هاتين الآيتَيْن الكريمتَيْن: تقديمُ فيه علَى مواخِر وتأخيرُها، فتُقدَّمُ في سورة فاطِر، والضَّابطُ: أنَّ كلمة (فاطر) تبتدئُ بحرفِ الفاء، وكذلك فيه، فتُقدَّمُ في هذا السُّورةِ على كلمة مَواخِرَ، وتُؤخَّرُ في سورةِ النَّحْلِ.

[فيصل المنصور]

بارك الله فيكم جميعًا.
ما أعظم تدارسَ كتاب الله ، والتعاونَ على ضبطِه!

[عائشة]

بارك اللهُ فيكم، وجَعَلنا وإيَّاكم من أهلِ القرآنِ.

[عائشة]

( 8 )
﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ .. ﴿كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾

وقُـلْ بِلُقْــمانَ فَقَـطْ: ﴿إِلَى أَجَــلْ﴾ مِن بَعْدِ ﴿يَجْرِي﴾ واحْفَظَنْهُ لا تَـمَلْ
﴿لِأَجَـلٍ﴾ جـاءَتْ بِبَـاقِي السُّــوَرِ أيْ فَاطِــرٍ والرَّعْــدِ ثُـــمَّ الزُّمَـــرِ

11/ذي القعدة/1433

[عائشة]

في هذا حديثٌ عن أربعةِ مواضع مُتشابهة:
الأوَّل: في سورةِ الرَّعد، في قوله : وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى 2
والثَّاني: في سورة لقمان، في قوله : وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى 29
والثَّالث: في سورة فاطر، في قوله : وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى 13
والرَّابع: في سورة الزُّمر، في قوله : وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى 5
ففي موضعٍ واحدٍ جاءَ قوله : إلَى أجَلٍ، وهو موضعُ سورة لُقمان، وفي السُّورِ الباقية: لأَجَلٍ. فاحْفَظ ذلك.

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

جزاك الله خيرا على هذه الأبيات الجميلة والضوابط النافعة .
وقد سبقتِني - والكرام إلى الخير أسبق - إلى ذكر الضابط في المتشابه في الموضعين الأخيرين ، وكنت قد سجلتهما عندي ، فأحسن الله إليك .
واصلي بارك الله فيك .

[أبو إبراهيم رضوان آل إسماعيل]

(9)

﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴾ .. ﴿ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ ﴾

﴿ يَـضَّـرعُ ﴾ الأَعْــرَاف بِـــالإِدْغَــامِ وَاقْــرَأْ بـإِظْــهــارٍ لَــدَى الأَنْــعَـــامِ

بعد عشاء الثلاثاء : 9/ذي القعدة/1433