ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية  

العودة   ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية > الحلَقات > حلقة النحو والتصريف وأصولهما
الانضمام الوصايا محظورات الملتقى   المذاكرة مشاركات اليوم اجعل الحلَقات كافّة محضورة

منازعة
 
أدوات الحديث طرائق الاستماع إلى الحديث
  #1  
قديم 15-12-2017, 09:25 PM
منيب ربيع منيب ربيع غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Oct 2012
التخصص : نحو وصرف
النوع : ذكر
المشاركات: 90
افتراضي الترجيح في إعراب القرآن الكريم

يُعد (تعدد أوجه الإعراب) من السمات البارزة في ما وصل إلينا من كتب إعراب القرآن ؛ إذ لا يخلو كتاب منها من بيان ما تحتمله آيات القرآن الكريم من أوجه متعددة في إعرابها ، وقد اتخذ هذا التعدد صورا مختلفة ، فمنها : أن يكون بعض هذه الأوجه مردودا من جهة الصناعة النحوية ؛ لأن فيه حملا على مذهب ضعيف أو رأي شاذ أو على ما لا يجوز إلا في ضرورة الشعر . ومنها : أن تقبل الصناعة النحوية وجهين من وجوه الإعراب ، والأولى أن يُحمل التركيب القرآني الشريف على أحدهما ، مع صحة الوجه الآخر من جهة القواعد . ويُستعان على الترجيح بين الوجهين بالأمور الآتية :
1- موافقة الظاهر ، وليس المراد بـــ(موافقة الظاهر) خلوَّ القرآن من الحذف والزيادة والتقديم ، فإن في القرآن ما في كلام العرب من "مجاز ما حذف ، ومجاز ما كُفَّ عن خبره ... ومجاز ما يُزاد من حروف الزوائد ..."( 1) ، وإنما المراد ترجيح القول الذي يوافق الظاهر على غيره ، ومن هنا كان القول بتقديم (الاستقلال) على (الإضمار) أحد الأوجه التي يُرجح بها إعراب على إعراب ، وكان تقليل المقدر ــــ ما أمكن ـــــ أولى من تكثيره ، فـــ"إذا دار الأمر بين الحذف وعدمه كان الحمل على عدمه أولى ؛ لأن الأصل عدم التغيير ... وإذا دار الأمر بين قلة المحذوف وكثرته كان الحمل على قلته أولى"( 2) .
2- معرفة الوقف والابتداء ، فقد يُعين الوقف على اختيار وجه إعرابي دون وجه ، كما في إعراب قوله : (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)( 3) . فقد أجاز النحاة في الضمير المنفصل (أنا) أن يكون يكون توكيدا للضمير المستتر في (أدعو) ، وأن يكون مبتدأ خبره (على بصيرة) ( 4) ، والوجهان صحيحان من جهة القواعد ، ولكن الوقف المرويَّ عن رسول الله ـ ـ يرجح القول الثاني ؛ إذ كان رسول الله ـ ـ يقف على قوله : (أدعو إلى الله) ، ثم يبتدئ بــــــ(على بصيرة أنا ومن اتبعني)( 5).
3- نظائر الآيات ، جعل ابن هشام من الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها أن يَحْمِلَ المعرب كلاما على شيء ، أي على معنى أو وجه من الإعراب ، ويشهد استعمال آخر في نظير ذلك الموضع بخلافه( 6) ، وإنما كان ذلك من جهات الاعتراض على المعربين ؛ لأنه "إذا كان القرآن يفسر بعضه بعضا ، فإن القرآن ــ أيضا ــــ يبين بعضه إعراب بعض"(7 ) ، ومن الأمثلة الدالة على أن القرآن يُعرب بعضه بعضا ما جاء في إعراب قوله : (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه)( 8) ، فقد ذكر النحاة في (إن) ثلاثة أقوال( 9) : أن تكون بمعنى (قد) ، وأن تكون زائدة ، وان تكون نافية ، والقولُ بأنها نافية هو أسدُّ الأقوال وأولاها بالقبول وأحقُّها بالترجيح ؛ فبه يصير المعنى : مكناهم في الذي لم نمكنكم فيه ، وهو المعنى الوارد نظيره في قوله : (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم)( 10) .
4- القراءات المفسرة ، والمراد بها : القراءات التي رُويت عن بعض الصحابة والتابعين ، وفي بعضها زيادات يبعد أن تكون معها قرآنا ، ولا يبعد أن تكون تفسيرا ذكره الصحابي أو التابعي أثناء النظر في القرآن الكريم( 11) ، وقد استعان بعض المعربين بهذه القراءات في ترجيح وجه إعرابي على آخر ، ومن ذلك ما جاء في إعراب قول الله : (فأجمعوا أمركم وشركاءكم)( 12) ؛ فقد أجمع السبعة على نصب (شركاءكم) ، وذكر النحاة في إعرابه أقوالا( 13) : أن يكون معطوفا على (أمركم) على حذف مضاف ، والتقدير : وأمر شركائكم؛ بناء على أن (أجمع) لا يُستعمل إلا في المعاني ، و(جمع) لا يُستعمل إلا في الأعيان ، وأن يكون معطوفا على على (أمركم) من غير تقدير مضاف ؛ بناء على أنه يجوز أن يُقال : أجمعتُ الشركاء ، وإن كان قليلا ، وأن يكون معطوفا على (أمركم) ، لا على حذف مضاف ، ولا على أنه يجوز أن يُقال : أجمعتُ الشركاء ، ولكن على أنه يجوز في المعطوف ما لا يجوز في المعطوف عليه ، كقولهم : رب رجل وأخيه ، ولا يجوز : رب أخيه ، وأن يكون (وشركاءكم) مفعولا معه ، وأن يكون محمولا على فعل مضمر يفسره المعنى . فهذه خمسة أوجه صحيحة من جهة الصناعة النحوية ، والقول الخامس منها ، وهو الحمل على فعل مضمر يرجحه ما جاء في قراءة ابن مسعود : وادعوا شركاءكم . يقول الفراء : "ونصبت الشركاء بفعل مضمر ، كأنك قلت : فأجمعوا أمركم ، وادعوا شركاءكم ، وكذا هي في قراءة ابن مسعود"( 14) .
5- معنى التركيب ، فقد يكون في التركيب الواحد وجهان تُجيزهما قواعد الصناعة ، والمعنى يصلح بأحدهما ولا يصلح بالآخر ، أو يقوى بأحدهما ويضعف بالآخر ، فيجب المصير إلى ما يصلح به المعنى أو يقوى( 15) ، وقد تعددت أقوال العلماء التي تدل على عنايتهم بالمعنى واحتفائهم به ، ومنها قول المبرد : "كل ما صلح به المعنى فهو جيد ، وكل ما فسد به المعنى فهو مردود"(16 ) ، وقول المنتجب الهمذاني : "ونعوذ بالله من إعراب يؤدي إلى فساد المعنى"( 17) . وقد كثر عند المفسرين ردُّهم "بعض أعاريب القرآن ؛ لأنها لا تراعي اتساق نظمه ، بل تؤدي إلى معنى فاسد أو غير مقبول"( 18) .
تلك هي أهم الأمور التي استعان بها المعربون لترجيح إعراب على آخر مع صحة الإعرابين من جهة الصناعة النحوية ، وعدم مخالفتهما لما استقر عند النحويين من قواعد . والله وليُّ التوفيق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مجاز القرآن 1/ 18 ، 19 .
2- البرهان للزركشي 3/ 104 .
3 - سورة يوسف . آية 108 .
4- ينظر : إعراب القرآن للنحاس 456 ، والكتاب الفريد 3/ 638 .
5- منار الهدى للأشموني 8 .
6- مغني اللبيب 593 . وينظر : غنية الأريب 4/ 358 .
7- الاستدلال بالقرآن في إعراب القرآن 11 .
8 - سورة الأحقاف . آية 26 .
9- ينظر : معاني لقرآن 3/ 56 ، ومعاني القرآن وإعرابه 4/ 340 ، ومشكل إعراب القرآن 2/ 211 ، والبيان 2/ 372 ، والتبيان 1158 ، والكتاب الفريد 5/ 612 ، والدر المصون 6/ 142 .
10 - سورة الأنعام . آية 6 . وينظر : أمالي ابن الشجري 2/ 476 ، 3/ 144 .
11 - ينظر : إعراب القرآن الكريم حتى نهاية القرن الثامن الهجري 542 ، والقراءات المفسرة ودورها في توجيه معاني الآيات القرآنية 31 ، وما بعدها . والقراءة المدرجة مفهومها وأثرها 23 وما بعدها .
12- سورة يونس . آية 71 .
13- ينظر : إعراب القرآن للنحاس 412 ، ومشكل إعراب القرآن 1/ 385 ، والهداية إلى بلوغ النهاية 3299 ، والكتاب الفريد 3/ 407 ، وتحفة الأقران 4 ـ 15 ، والدر المصون 4/ 55 .
14- معاني القرآن للفراء 1/ 473 .
15- ينظر الحديث عن (منزلة المعنى في توجيه الإعراب وتحليل التراكيب) في كتاب : منزلة المعنى في نظرية النحو العربي للدكتورة : لطيفة النجار 119 – 149 .
16 - المقتضب 4/ 311 .
17 - الكتاب الفريد 2/ 681 .
18 - ضوابط الفكر النحوي للدكتور : محمد عبد الفتاح الخطيب 2/ 410 . وينظر كتابه : بين الصناعة النحوية والمعنى عند السمين الحلبي في كتابه الدر المصون ؛ إذ عقد فيه فصلا بعنوان : ما رده السمين من أعاريب المفسرين لآيات القرآن الكريم لفساده معنى 199 – 272 .
منازعة مع اقتباس
منازعة


الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1)
 
أدوات الحديث
طرائق الاستماع إلى الحديث

تعليمات المشاركة
لا يمكنك ابتداء أحاديث جديدة
لا يمكنك المنازعة على الأحاديث
لا يمكنك إرفاق ملفات
لا يمكنك إصلاح مشاركاتك

رمز [IMG] متاحة
رمز HTML معطلة

التحوّل إلى

الأحاديث المشابهة
الحديث مرسل الحديث الملتقى مشاركات آخر مشاركة
هل يوجد كتاب في إعراب القرآن الكريم كاملا ؟ مستشهد أخبار الكتب وطبعاتها 4 14-09-2017 09:52 PM
إعراب الفاتحة .. من " إعراب القرآن الكريم " قاسم حميدان دعاس فريد البيدق حلقة النحو والتصريف وأصولهما 1 12-05-2011 12:26 PM


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 10:17 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ