|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
التفسير العلمي للقرآن: مدخل نقدي لإسرائيليات العصر.
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ،نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
وبعد، فإن القرآن قد قضى بتميزه عن الأصناف الخطابية السائدة ،وجعل القول بالتداخل أو التشابه ليس قولا خاطئا فحسب بل قولا فاجرا،فمن زعم من الناس أن القرآن نثر مسجوع ،كنثر الكهان ،أو نظم مقفى ، كشعر العرب، فقد أخطـأ عقلا وفجر شرعا..ولا يضر القول بأن انتفاء الشعر عن القرآن يجعله من النثر لا محالة لاستحالة ارتفاع النقيضين-على اعتبار أن الكلام إما منظوم أو غير منظوم (وهو المنثور)،ولا واسطة بين العدم والوجود-فقد قال العلامة ابن خلدون: "والقرآن وإن كان من المنثور إلاّ أنه خارج عن الوصفين؛ فليس يسمَّى مرسلاً مطلقاً ولا مسجعاً، بل تفصيل آيات" وقد استوعب المسلمون هذه الحقيقة جيدا فأمعنوا في التمييز حتى جعلوا أسماء ما يدل على القرآن مختلفة عن غيره في الإجمال والتفصيل..فقد نقل السيوطي عن الجاحظ قوله: "سمَّى الله كتابه اسماً مخالفاً لِما سمَّى العربُ كلامهم على الجملة والتفصيل؛ سمَّى جملتَه قرآناً كما سمَّوا ديواناً، وبعضَه سورة كقصيدة، وبعضَها آية كالبيت، وآخرَها فاصلة كقافية" ثم ميزوا القرآن باصطلاح خاص وإن كان المسمى هو عينه في غيره، فالأسجاع-مثلا- ليست إلا التوافق الصوتي في ختام الجمل ،وهذا الحد منطبق على القرآن وغيره، غير أنهم سموا هذه الظاهرة الصوتية في القرآن" فاصلة"، وسموها في غيره "سجعة"..وكذلك سموا إدخال شيء من القرآن في كلامهم "اقتباسا "وسموا إدخال شيء من الشعر "تضمينا"... ولعل الأمر قد يتجاوز هنا حدود التأدب في الاصطلاح ليصل إلى تقرير قاعدة عامة في المنهج مفادها رسم حدود واضحة بين الكلام الإلهي والكلام البشري...وتحاشي كل ما من شأنه أن يخلط بين الكلامين ولو على سبيل الاصطلاح الذي لا مشاحة فيه! لكن بعض الناس قديما، وجمهرة منهم حديثا، سعوا إلى إهمال هذا القاعدة أو على الأقل إلى إدخال استثناء فيها، فجعلوا "الخطاب العلمي " ذا حظوة عن بقية الخطابات وأجازوا له ما لم يجيزوا لغيره ،فلو قيل إن القرآن وافق "الشعر" في هذا الموضع لردوا هذا القول في فم القائل بكل استنكار وتنديد، ولكن لو قيل وافقت الآية" العلم الحديث" لاستقبل القول بكل بشاشة وترحيب، ولعدوه انتصارا للقرآن ..! أفيكون القول بموافقة القرآن لامريء القيس الجاهلي طعنا في التنزيل،ويكون القول بموافقة القرآن لأينشتاين اليهودي نصرا للفرقان!! قد لا يعدمون الجواب من أن القول بالموافقة الأولى قول أبطله القرآن نفسه وأن الشعراء- الهائمين الذين يقولون ما لا يفعون والذين يحترفوت الكذب والتملق وتزوير المقال المستمد من الشياطين -يؤسسون خطابا هو نقيض القرآن المنزل الذي لا ياتيه الباطل..فلا يكون الجمع بين الشعر والقرآن إلا جمعا بين الحق والباطل وهو محال.. أما ما يقوله العلم الحديث فهو حق ،ونحن إذ نفسر "الحبك" ب "الأوتار الفائقة" فهذا ليس تداخلا للخطابات ولا حملا للقرآن على غيره وما فعلنا شيئا غير تفسير كلمة بأخرى كما تفعلون أنتم-معاشر اللغويين- عندما تفسرون "القسورة" بالأسد..وليس في هذا كله إلا حملا للقرآن على نفسه لأنه حمل للحق على الحق!! هذا الجواب- كما ترى- مبني كله على دعوى لم يقيموا عليها دليل وهي دعوى تماهي العلم الحديث مع الحقيقة.. فإذا ما انهارت هذه الدعوى بات "العلم" كغيره من الشعر والسحر، وعاد القول بموافقة القرآن لها أو لبعضها فجورا وكفرا.. وهذا الكتاب الذي سنخطه في هذه الصفحات ، شيئا فشيئا،يطمح إلى تفنيد هذا الزعم المشهور ،متمسكين بشرط هو الابتعاد - ما أمكن- عن الاستدلال الخطابي المخرج من باب التحسين والتقبيح بالبيان والإنشاء، والاعتماد ما أمكن على "فقه العلم" المسمى "ابستملوجيا " ناقلين بصفة حاصرة من منشئي الخطاب العلمي الحديث وناقديه، من أهل الغرب علماء وفلاسفة، فهو أجدر بالقبول على مبدأ "شهد شاهد من أهلها "وأولى بإفحام أبناء جلدتنا الذين يريد بعضهم أن يكونوا "ملكيين أكثر من الملك نفسه"!! |
#2
|
|||
|
|||
تنبيه في شأن مصطلح" إسرائيليات":
يدل هذا المصطلح على تراث بني إسرائيل وهو أمشاج من التاريخ الطبيعي، والتاريخ البشري، والجغرافيا، وعلم العقائد، وقصص الأولين، وسير الملوك ،وأخبارالأنبياء، وطقوس العادات والعبادات... وهذا التراث المتنوع لا يستحق أن يسمى "إسرائيليات" إلا إذا اقتحم فضاء النص الديني الإسلامي..وإلا فهو تاريخ وجغرافيا وسير وأخبار ...لها هذه التسميات ذاتها المعهودة لفنون التراث عند أي شعب من الشعوب.. وبعبارة أوضح، لا حرج أن يسلك عموم المروي عن بني إسرائيل في علم الفلك أو في علم الأرض.. ولكن إذا ما قصد به تفسير آية قرآنية أو تعيين دلالة في حديث نبوي، فإن ذلك المروي سيغدو من" الإسرائيليات" وينفك عن علم الفلك .. هذه الرؤية الاعتبارية لمصطلح "إسرائيليات" لها- في تصورنا- أهمية بالغة ، لأنها توطئة لتنزيل الحكم الشرعي على ما يسمى بالتفسير العلمي...فلسنا نتوفر على حكم شرعي خاص بعلم الفزياء أو علم وظائف الأعضاء... ولكن التكييف الشرعي للإسرائيليات وارد في السنة النبوية : "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" فهذا تأصيل من جهة الرواية .. "لا تصدقوهم ، ولا تكذبوهم " وهذا تأصيل من جهة الدراية.. لكن علينا قبل تنزيل الحكم إثبات أن هذه العلوم العصرية هي من جنس تلك الإسرائيليات..وأن حديث "حوت البهموت "مثل حديث "الثقوب البيضاء والسوداء" وأن الاختلاف- إن وجد-هو اختلاف في الدرجة وليس في النوع!! |
#3
|
|||
|
|||
لعل من المفيد إزعاج القاريء قليلا قبل الاسترسال في الموضوع..ونرى المطلبين التاليين يفيان بهذا المقصد:
-هل تعتقد أن العالم الطبيعي يصف الظاهرة الطبيعية كما هي في الخارج، أم أنه ينشيء لها نموذجا تصوريا في الذهن؟ -هل ترى المفاهيم التي يعتمدها العالم في خطابه مفاهيم حقيقية لها ما يطابقها في الخارج، أم أنها محض أدوات من ابتكار العقل تساعده على التفسير والتنظيم ،أو لنقل باصطلاح البيانيين هل هي من باب الخبر أم من باب الإنشاء؟ |
#4
|
|||
|
|||
سنبدأ هذا البحث –على خلاف معتاد الكاتبين-بذكر خاتمته أوثمرته،مراعاة للمتعجلين من القارئين ,وأما الذين لا تضيق صدورهم بالاسترسال في القراءة ،فلهم أن يحسبوا هذه الخاتمة انتصابا لدعاوى يتحسسون لها الأدلة في ثنايا البحث..
هي ثلاث حقائق جلية: -فأما الأولى فعن الوضع الابستملوجي للعلم الطبيعي..حيث يترسم العلم غير قابل للانفصال عن"النسبية" أو"الاحتمال" أو"اللاتعين"...وهذه الحالات الثلاث هي أكثر من صفات، هي مقومات العلم وحدوده..فادعاء العلم الحقيقة المطلقة -مثلا -يرفع عنه صبغة العلم ليصبح دينا أو ميتافزيقا..وهذا الشرط لا يفرضه المناوؤون للعلم من الخارج، وإنما عليه إجماع المشتغلين بالعلم أنفسهم من داخل مختبراتهم. -وأما الثانية فعن القرآن الذي لا يأتيه الباطل، المنزل من لدن من لا يبدل عنده القول..وهذه لا تحتاج إلى ذكر أو تذكير... -وأما الثالثة فهي بديهية ،فلا يمكن ربط النسبي بالمطلق ولا تفسير الثابت بالمتحرك..لما يترتب عن ذلك من تناقض وانقلاب في الطبائع..فلو زعمت أن هذا "الكشف" العلمي يفسر تلك الآية القرآنية فإن اللازم هو انهيار الحقيقتين، الأولى والثانية: -لأن الكشف العلمي حينئذ سيضحى حقيقة مطلقة ثابتة إلى الأبد (فهو الآن معنى الآية)..وهذا لا يدعيه أحد حتى أصحاب الغلو في تقدير العلم.. -لأن التطور العلمي، الذي هو ضربة لازب، سينشأ عنه تعاقب التفسيرات المختلفة والمتضادة على الموضع الواحد في القرآن، فيأتي الباطل حتما! وحاصل هذه الحقائق الثلاث أنه لا يجوز ما يسمى بالتفسير العلمي...!! فإن كان لا بد، فليكن على سبيل الاستئناس والتحديث عن "بني إسرائيل" ،الذي لا حرج فيه.. أما جعل المعنى العلمي تعيينا للدلالة القرآنية، أو ترجيحا لها، أو تأسيسا لها، فهذا من التصديق أو التكذيب لتلك الروايات، وقد نهينا شرعا عن ذلك!! هذا والأمر يتعلق فقط ب"التفسير العلمي" ، أما "الإعجاز العلمي " فهو كما ترى!!! |
#5
|
|||
|
|||
1-"ملكيون أكثر من الملك نفسه"
عندما نفسر القرآن في ضوء العلم الطبيعي الحديث،يكون الاهتمام منصبا رأسيا على إمكان تحميل هذه الآية أو تلك القدرة على الإشارة –تصريحا أو تلميحا-إلى هذه"الحقيقة" العلمية الجديدة أو تلك...وبعبارة أخرى يتأسس خطاب مبني على آليات المطابقة والمشابهة أو الاستباق والالتحاق. وفي غمرة هاجس وجوب التوحيد بين الآية القرآنية والعبارة العلمية ،يتناسى أمر حاسم هو إلقاء الضوء على العنصرين المراد ربطهما أعني القرآن والعلم..بناء على القاعدة الأولية التي تنص على أن الحكم عن الشيء فرع عن تصوره. وفي مسألتنا هذه لا بد من مساءلة هذا العلم وإخضاعه للنقد وتمحيص خطابه لمعرفة أسسه وحدوده ومقاصده...-لا يقال هنا وكذلك القرآن، لأن القرآن في مسلماتنا المنهجية داخل صعيد التداول الإسلامي كلام الله الحاكم على غيره ولا يجوز بحال أن يكون محكوما بغيره- نقد العلم الحديث ،إذن،ضرورة منهجية بل-أكاد أقول- ضرورة شرعية ما دمنا قد عقدنا العزم على تفسير القرآن به...والجهل بحقيقة هذا العلم يؤول إلى التقول على الله وتفسير كلامه بالرأي الحرام أو بالتقليد الخالي من الحجة والسلطان. لكن الملاحظ –مع الأسف-أن جل" المفسرين العلميين" عندنا لا يفرحون لشيء فرحهم بوجود كلمة في القرآن شابهت مادتها أو صيغتها "شيئا"ما قيل في مجلة علمية ،أو حوار دار في نيويورك أو طوكيو...أما أن يتوجسوا أو يتهموا محرري المجلة وأعضاء مائدة الحوار فذلك أبعد من أن يخطر ببالهم ،وأنى لهم ذلك وقد أخذ منهم الانبهار كل مأخذ !،وقد يتلقف "المفسر العلمي" فرضية تسربت من هنا أوهناك...فيهرع إلى البحث عن ذلك "الشيء" الموجود في مكان ما من القرآن والذي ذكره به كلام العالم الاسكتلندي، أو غيره،....ثم يعقد مؤتمر –من سلسلة مؤتمرات-لإظهار إعجاز القرآن على الملأ..يتلفظ فيه باسم الاسكتلندي الكافر، أو غيره، بطريقة تكشف عن رنين الاسم الأعجمي وكأن هذا الرنين لوحده حجة وبرهان!!! يحدث هذا عندنا...وفي الوقت ذاته تكون تلك الفرضية تسلية في المجالس عندهم...أو مزحة مستطابة يتذكر بها الناس خفة دم صاحبهم الاسكتلندي!! والعجيب أننا –نحن المسلمين-نجد في أنفسنا غاية التحمس لهذا العلم بحيث ينطبق علينا وصف "ملكيين أكثر من الملك نفسه"..فمع أننا أبعد الناس عن المساهمة في هذا العلم وكشوفاته ،على صعيد الفعل، نجد أنفسنا سباقين ،على صعيد الحكم،إلى التصريح بأن العلم الحديث قد أثبت كذا..أو قرر كذا...أو تيقن من كذا. نقول نحن "أثبت" و"قرر" و"تيقن" ...،بينما أصحابه هم أول من يعلم أن علمهم ذاك مبني على الظنون والشكوك...بل لقد أجمعوا على أن علمهم متطور ونسبي، ومن زعم منهم أن حقيقة ما يقينية فلا أقل من أن يتهم بالهرطقة والبعد عن الروح العلمية... وسنحاول أن نورد هنا كلام أساطينهم في هذا الشأن، لنثبت لإخواننا المفسرين أن منهجهم لا يرتضيه المسلمون ولا الكفار . |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
الأحاديث المشابهة | ||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
أرجو إرشادي إلى كتب في مناهج النقد العلمي وأصوله | أبو صفوت | أخبار الكتب وطبعاتها | 3 | 01-11-2009 08:28 PM |
طلب مساعدة : في موضوع ( مجيء الخبر مصدرا مؤولا ) | أبو الحارث الكرمي | أخبار الكتب وطبعاتها | 1 | 16-06-2009 09:44 PM |
جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم - أشعار محمد الخولي | محمد الخولي | حلقة الأدب والأخبار | 0 | 26-10-2008 07:51 PM |