|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا البيت للأجدع الهمداني والد مسروق الفقيه رحمهما الله، وقد اقترح أحد الإخوة الفضلاء أن صوابه: (حَيَّانِ) من قومي ومن أعدائهم ![]() فأقول: هنا أمران وهنا موضعان في البيت، أما الأمران فالرواية والمعنى، وأما الموضعان فما بين الأقواس، فننظر في كل موضع منهما في الأمرين الرواية والمعنى. فأما الموضع الأول إذا نظرنا إلى روايته فإن الرواية المشهورة فيه هي (خَيلانِ)، وهي في الوحشيات والمعاني الكبير لابن قتيبة وشرح المعلقات لابن الأنباري وصحاح الجوهري واللآلي للبكري ومنتهى الطلب وفي كثير من كتب اللغة التي بعد الصحاح، وأما الرواية التي اقترحتموها -وهي (حَيّان)- فلم أرها إلا في الأصمعيات، فتلك الرواية أعرف وأشهر من الرواية التي اقترحتموها، وكلاهما ثابت من جهة الرواية. وأما المعنى فكلاهما صحيح وسنبيّن ذلك. فإذا كان الأمر كذلك لم يَسُغ لكم أن تجعلوا (خَيلانِ) خطأ، فإنها ثابتة في الرواية بل هي أشهر كما ذكرنا، وصحيحة في المعنى، وكذلك (حَيّان) ثابتة روايةً صحيحة معنى. وسنعود للمعنى لنبيّنه كما ذكرنا، فأما (حَيّانِ) فمعناها ظاهر لكل أحد، ولكن قد يُشكل في (خَيلانِ) أمران: 1 - أن يُقال كيف ثنّى الخَيل وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه، فنقول: هذا قد جاء في شعر العرب، وله شواهد هذا أحدها، ومن شواهده قول الـمُساور بن هند: إذا جارةٌ شُلَّت لسَعْد بن مالك ![]() فثنّى الإبل وقال: إبِلان. وقول الآخر: لنا إبِلان فيهما ما علمتم ![]() ومن شواهده قول عَميرة بن جُعَل التغلبي: وإذ لهم ذودٌ عِجافٌ وصبيةٌ ![]() فثنى الغنم وقال: غَنَمان. وفي الحديث: (مثل المنافق كالشاة العائرة بين الغنمين). وجاء أعجب منه وهو تثنية جمع التكسير، وعدّه بعضهم من ضرائر الشعر، قال أبو النجم العِجْلي يصف إبلا: تبقّلت من أول التبقّلِ ![]() فثنى جمع التكسير وهو رماح، أي: بين رماح بني مالك ورِماح بني نهشل. وقال عمرو بن العدّاء الكلبي: سعى عِقالًا فلم يترك لنا سَبَدًا ![]() لأصبح الحيّ أوبادًا فلم يجدوا ![]() فثنّى جمع التكسير وهو جِمال. 2 - أن يُقال: كيف يقول (خَيلانِ) ثم يقول (خفضوا أسنتهم)، والخيل لا تخفض الأسنة ولا ترفعها ولا تتصرف في شيء من هذا؟ فنقول: اللفظ للخيل والمعنى لفرسانها، وهذا كثير جدًّا في شعر العرب لا نستطيع إحصاءه، كأنه قال: فريقان من قومي ومن أعدائهم خفضوا أسنتهم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ وأما الموضع الثاني وهو (خفضوا أسنتهم) فننظر أيضا في روايته ومعناه، فأما الرواية فهذه الرواية هي المشهورة المعروفة، وهي في جميع المصادر السابقة ما خلا الوحشيات في المخطوطة الأولى التي اعتمد عليها الميمني ففيها: (رَفَعُوا)، وهي في المخطوطة الثانية: (خَفَضُوا أسنتهم) كما جاءت في جميع المصادر. فأنت ترى أن الوجه الذي اقترحته لم يَرِد إلا في موضع واحد في مخطوطة الوحشيات المضطربة وأن الوجه الآخر الذي قدّرت أن فيه خطأ هو الثابت روايةً في جميع هذه الكتب. وأما المعنى فإن المعنى على الوجه الذي اقترحتموه -وهو (رَفَعُوا أسنتهم)- يكون ضدّ مراد الشاعر، فهو معنى فاسد ولا يصحّ، والمعنى الصحيح هو الذي اقترحتم تغييره وهو: (خفضوا أسنتهم)، فإذا كان ذلك لم يُقبل هذا الاقتراح لأنه يصوّب الصواب بالخطأ. وسنبيّن لم كان (خَفَضُوا أسنتهم) هو الصواب. فنقول: الأسنّة جمع سنان الرمح، وهو الحديدة التي في رأسه يُطعَن بها، فإذا كان قبل أن يقتتل القوم ويلتحموا كانت رماحهم منصوبة قائمة وأسنتها مرفوعة فإذا تدانوا بعد الرِّماء بما في الكنائن أمالوا رماحهم وخفضوا أسنتها ليصوّبوها نحو أعدائهم فإذا التحموا جدًّا صاروا إلى الجلاد بالسيوف، ولهذا التدرج من المراماة إلى المطاعنة إلى المضاربة شواهد لا نعرض لذكرها هنا، وأما إمالة الرماح فمن شواهدها: قول النابغة الجَعْدي: مُصابينَ خرصانَ الوشيج كأننا ![]() مُصابينَ جمع مُصابي وليس جمع مُصاب، قال القتبي في المعاني الكبير: "الخُرص القناة والخرص السنان وجمعه خِرصان، مصابين أي حادريها، والوشيج الرماح، نكبٌ: متحرفين متهيئين للطعن، أفقر: أمكن، يقال: أفقرك الصيد أي أمكنك، ويقال: رماه من فقرة أي من قريب، ورماه من كَثب. ويقال: فلان يُصابي الرمح أي يميله للطعن. ومثله قول الأجدع الهمداني: خَيلانِ من قومي ومن أعدائهم ![]() خفضوا للطعن، وكل ناعٍ يقول: يا لثَارات فلان أو يا فلاناه، ونحو ذلك". ففي كلام القتبي ما يبيّن معنى بيت الجعدي وبيت الأجدع الهمداني أيضا. وقال الجَعْدي أيضا: فلم نُوَقّف مُشيلينَ الرِّماحَ ولم ![]() قال القتبي: "أي لم نقف رافعي الرماح، ولكن حَدَرُوها للطعن، والعزّال الذين لا سلاح معهم، يقال: رجل أعزل، والعواوير الضعفاء". وقال البكري في اللآلي: "أي لم نرفعها ولكن خفضناها للطعان". ومن ذلك قول الحماسي وهو القتّال الكلابي: نشدتُ زيادًا والمقامة بيننا ![]() فلما رأيت أنه غيرُ منتهٍ ![]() فقوله: (أملتُ له كفّي بلدن مقوَّم) كقول الأجدع: (خَفَضُوا أسنتهم)، وقد أنشد البكري قول القتال هذا في تفسير قول الأجدع: (خَفَضُوا أسنتهم)، يريد أن معناهما واحد، وهو كذلك، وأنا أعتقد أن هذا من المقلوب ولا أذكر أني رأيتُ من ذكر ذلك، وأن وجهه: أَمَلتُ له بكفّي لَدنًا مقوَّما، واللدن المقوَّم هو الرمح، وإمالته هو خفض سنانه ليُطعن به كما شرحنا من قبل. فإذا تبيّن ذلك كلُّه لم يكن الاقتراح الذي اقترحه صاحبنا مقبولا روايةً ولا معنى، فينبغي أن يُتريَّث قبل التصويب والتخطئة، ولا يُتَعجَّل في ذلك. وقد اختصرتُ وتركتُ الكلام في أشياء تعبًا وإعياءًا، فإني بطيء في الكتابة. والله أعلم. |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
![]() |
||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
كيف أفعل لأخلص قولي من كلمة " شيخ " ونحوها ؟ | سعد الماضي | حلقة فقه اللغة ومعانيها | 5 | 17-08-2011 04:38 PM |