|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
نماذج من البدع المعاصرة
البدع المُعاصِرة كثيرة؛ بحكم تأخر الزَّمان، وقلة العلم، وكثرةِ الدُّعاةِ إلى البِدع والمُخالَفات، وسريان التَّشبُّه بالكُفَّار في عاداتِهم وطُقوسِهم؛ مصداقًا لقولِه -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-: "لتَتَّبِعُنَّ سَننَ مَن كانَ قبلَكم". الاحتِفال بمُناسبة المَولِد النَّبوي في ربيع الأول وهو تشبُّهٌ بالنَّصارى في عملِ ما يُسمَّى بـ(الاحتِفال بمَولِد المسيح)! فيحتفلُ جهلةُ المسلمين -أو العلماء المُضلِّين!!- في (ربيعٍ الأول) -مِن كلِّ سنةٍ- بِمناسبةِ مولِد الرَّسول محمَّدٍ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-. فمِنهم مَن يُقيمُ هذا الاحتِفالَ في المساجدِ، ومنهم مَن يُقيمه في البيوت، أو الأمكنةِ المعدَّة لذلك. ويحضرُ جموعٌ كثيرةٌ من (دهماء) النَّاس و(عوامِّهم)!! يعملون ذلك؛ تشبُّهًا بالنَّصارى في ابتِداعِهم الاحتِفالَ بمَولِد المسيحِ -عليهِ السَّلام-. والغالِبُ: أن هذا الاحتِفالَ -علاوةً على كونِه بدعةً وتشبُّهًا بالنَّصارى- لا يخلو مِن وجودِ الشِّركيَّات، والمنكرات؛ كإنشاد القصائد التي فيها الغُلو في حقِّ الرَّسول -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- إلى درجةِ دُعائه مِن دون الله، والاستِغاثة به! وقد نهَى النَّبي -صلى اللهُ عليه وسلَّم- عن الغُلو في مدحِه؛ فقال: "لا تطروني كَما أطرتِ النَّصارى ابنَ مريمَ، إنَّما أنا عبدٌ؛ فقولُوا: عبد اللهِ ورسولهُ". الإطراءُ معناه: الغُلو في المدح. وربَّما يعتقدون أن الرَّسول -صلَّى اللهُ عليه وسلم- (يحضرُ)! احتِفالاتِهم!! ومِن المنكرات -التي تُصاحب هذه الاحتِفالات-: الأناشيدُ الجماعيَّة المنغَّمة، وضربُ الطُّبول.. وغير ذلك: مِن عمل الأذكارِ الصُّوفيَّة المبتدَعة، وقد يكون فيها اختِلاطٌ بين الرِّجالِ والنِّساء مما يُسبِّب الفتنةَ، ويجرُّ في الفواحش. وحتَّى لو خلا هذا الاحتِفال مِن هذه المحاذير، واقتصرَ على الاجتِماعِ وتناولِ الطَّعام وإظهارِ الفرح -كما يقولون!-؛ فإنَّه بدعةٌ مُحدَثة، وكلُّ محدَثة بدعة، وكلُّ بدعةٍ ضلالةٌ. وأيضًا: هو وسيلةٌ إلى أن يتطوَّر، ويحصل فيه ما يَحصُل في الاحتِفالاتِ الأخرى من المنكرات! وقُلنا: (إنَّه بدعة)؛ لأنَّه لا أصلَ له في الكِتاب والسُّنَّة وعملِ السَّلف الصَّالِح والقُرون المفضَّلة؛ وإنما حدَث متأخِّرًا -بعد القرنِ الرَّابع الهجري-؛ أحدثَه الفاطميُّون الشِّيعة. قال الإمامُ أبو حفصٍ تاجُ الدِّين الفاكهانيُّ -رحمهُ اللهُ-: أمَّا بعدُ: فقد تكرَّر سؤال جماعةٍ من المبارَكين عن الاجتِماع الذي يعمله بعضُ النَّاس في شهر ربيعٍ الأوَّل، ويُسمونه (المولد): هل له أصلٌ في الدِّين؟ وقصدوا الجوابَ عن ذلك مبيَّنًا، والإيضاحَ عنه معيَّنًا؛ فقلتُ -وباللهِ التَّوفيق-: لا أعلمُ لهذا المَولِد أصلًا في كتابٍ، ولا سُنَّةٍ، ولا يُنقل عملُه عن أحدٍ من علماء الأمَّة الذين هم القدوة في الدِّين، المتمسِّكون بآثارِ المتقدِّمين؛ بل هو بدعةٌ أحدثَها البطَّالون! وشهوة نفس اغتنى بها الأكَّالون!! وقال شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ -رحمهُ اللهُ-: وكذلك: ما يُحدِث بعضُ النَّاس -إمَّا: مضاهاةً للنَّصارى في ميلادِ عيسى-عليهِ السَّلام-، وإمَّا: محبَّة للنَّبيِّ-صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وتعظيمًا-. . . مِن اتِّخاذ مولِد النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- عيدًا -مع اختِلاف النَّاس في مَولده-؛ فإنَّ هذا لم يفعلهُ السَّلفُ. . . ولو كان هذا خيرًا محضًا [أو راجِحًا]؛ لكان السلفُ -رضيَ اللهُ عنهم- أحقَّ به منا؛ فإنَّهم كانوا أشدَّ محبَّةً للنَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- وتعظيمًا له مِنَّا، وهم على الخيرِ أحرص. وإنَّما [كمال] محبَّته وتعظيمه في: مُتابعتِه، وطاعتِه، واتِّباع أمرِه، وإحياءِ سُنَّته -باطنًا وظاهرًا-، ونشرِ ما بُعث به، والجهاد على ذلك -بالقلبِ واليدِ واللِّسان-؛ فإنَّ هذه طريقةَ السَّابقين الأوَّلين من المهاجِرين والأنصار والذين اتَّبعوهم بإحسانٍ... انتهى ببعضِ اختصار. وقد أُلِّف في إنكارِ هذه البدعة كتبٌ ورسائلُ -قديمةٌ وحديثة-، وهو علاوةً على كونِه بدعة وتشبُّهًا؛ فإنَّه يجرُّ إلى إقامة موالِد أخرى؛ كموالدِ الأولياء والمشائخ والزُّعماء!! فيَفتح أبوابَ شرٍّ كثيرةً! [نقلًا من "كتاب التَّوحيد"، للعلامة صالح الفوزان -حفظهُ اللهُ-، (159-163)]. ________________ في المطبوع: (وراجعًا)! في المطبوع: (كان)! والتَّصويب من "اقتضاء الصِّراط المستقيم". |
#2
|
|||
|
|||
الاحتفالُ بالمولِد: لا أصل له!
قال العلامة ابن عثيمين -رحمهُ اللهُ-: ( ليلةُ مولد الرَّسول -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- ليست معلومةً على الوجه القطعيِّ؛ بل إن بعضَ العصريِّين حقَّق أنَّها ليلة التاسع من ربيع الأول، وليس ليلة الثَّاني عشرة منه. وحينئذٍ: فجعلُ الاحتفال ليلة الثَّاني عشرة منه؛ لا أصل له من النَّاحية التاريخيَّة. ثانيًا: ومن النَّاحية الشَّرعيَّة: فالاحتفال لا أصل -أيضًا-؛ لأنه لو كان من شرع الله؛ لفعلَه النبي -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-، أو بلَّغه لأمَّته، ولو فعلَه، أو بلَّغه؛ لوجب أن يكونَ محفوظًا؛ لأن الله -تعالَى- يقول: إنَّا نحنُ نزَّلنا الذِّكرَ وإنَّا لهُ لحافِظونَ [الحجر: 9]. فلمَّا لم يكن شيءٌ من ذلك؛ عُلم أنَّه ليس من دين الله، وإذا لم يكنْ من دين الله؛ فإنه لا يجوزُ لنا أن نتعبَّد به لله -عزَّ وجلَّ- ونتقرَّب به إليه. فإذا كان الله -تعالَى- قد وضع للوصول إليه طريقًا معيَّنًا -وهو ما جاء به الرَّسول-صلَّى الله عليهِ وسلَّم-؛ فكيف يسوغ لنا -ونحنُ عباد- أن نأتي بِطريقٍ من عند أنفسِنا يوصلنا إلى الله؟!! هذا من الجِناية في حقِّ الله -عزَّ وجلَّ- أن نشرعَ في دينِه ما ليس منه، كما أنَّه يتضمَّن تكذيب قول الله -عزَّ وجلَّ-: اليومَ أكملتُ لكمْ دينَكمْ وأَتمَمتُ عليكُم نِعمَتي [المائدة: 3]. فنقول: هذا الاحتِفال إن كان من كمال الدِّين؛ فلا بُد أن يكون موجودًا قبل موت الرَّسول -عليهِ الصلاةُ والسلام-، وإن لم يكنْ من كمالِ الدِّين؛ فإنه لا يمكن أن يكون من الدِّين؛ لأن الله -تعالَى- يقول: اليومَ أكملتُ لكمْ دينَكمْ. ومَن زعم أنه مِن كمال الدِّين، وقد حدث بعد الرَّسول -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-؛ فإن قولَه يتضمَّن تكذيب هذه الأيةِ الكريمة! ولا ريبَ أن الذين يحتفلون بمَولد الرسولِ -عليهِ الصلاةُ والسلام- إنَّما يُريدون -بذلك- تعظيمَ الرَّسول -عليهِ الصلاةُ والسلام-، وإظهارَ محبَّته، وتنشيط الهِمم على أن يوجد منهم عاطفة في ذلك الاحتِفال للنبي! وكل هذا مِن العبادات: محبَّة الرسول -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- عبادة؛ بل لا يتم الإيمان حتى يكون الرسول -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- أحبَّ إلى الإنسان من نفسِه وولدِه ووالدِه والنَّاس أجمعين. وتعظيم الرَّسول -عليهِ الصلاةُ والسلام- من العبادة. كذلك الحال [في] العواطف نحو النَّبي -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- من الدِّين -أيضًا-؛ لما فيه من المَيل إلى شريعته. إذن: فالاحتِفال بمولِد النَّبي -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- من أجل التَّقرُّب إلى الله، وتعظيم رسوله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- عبادة، وإذا كان عبادة؛ فإنه لا يجوز -أبدًا- أن يحدث في دين الله ما ليس منه. فالاحتِفال بالمولد بدعةٌ ومحرَّم. ثم إنَّنا نسمع أنه يوجد في هذا الاحتِفال من المنكرات العظيمة ما لا يُقرُّه شرع ولا حس ولا عقل!! فهُم يتغنَّون بالقصائد التي فيها الغُلو في الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسلام-؛ حتى جعلوه أكبر من الله!! والعياذ بالله! ومِن ذلك -أيضًا-: أنَّنا نسمع -من سفاهة بعضِ المحتفِلين- أنَّه إذا تلا التَّالي قصة المولِد، ثم وصل إلى قولِه: (ولد المصطفى)!؛ قاموا -جميعًا- قيامَ رجلٍ واحد، يقولون: إن روح الرَّسول -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- حضرت!! فنقوم إجلالًا لها!!! وهذا سفهٌ! ثم إنَّه ليس من الأدب أن يقوموا؛ لأن الرسول -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- كان يَكره القيام له، فأصحابه -وهم أشدُّ النَّاس حُبًّا له، وأشد منَّا تعظيمًا للرسول-صلَّى الله عليهِ وسلَّم- لا يقومون له؛ لِما يَرون مِن كراهيته لذلك، وهو حي؛ فكيف بهذه الخيالات؟!! ) اهـ. مجلة المُجاهِد، العدد: (22) [نقلًا من "فتاوى علماء البلد الحرام"، (996-998)]. |
#3
|
|||
|
|||
الله يجزيك الخير ياأختنا الفاضلة
بارك الله فيكِ وبعلمكِ |
#4
|
|||
|
|||
حكم الاحتفال بالمولد لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – -. إن الحمد لله نحمده ونستعينة ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۞ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا. أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الامر محدثاتها ، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وبعد فقد بدا لي أن أجعل كلمتي في هذه الليلة بديل الدرس النظامي حول موضوع احتفال كثير المسلمين بالمولد النبوي وليس ذلك مني كل قياما بواجب التذكير وتقديم النصح لعامة المسلمين فإنه واجب من الواجبات كما هو معلوم عند الجميع.جرى عُرف المسلمين من بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية على الاحتفال بولادة النبي- - وبدأ الاحتفال بطريقة وانتهى اليوم إلى طريقة، وليس يهمني في هذه الكلمة الناحية التاريخية من المولد وما جرى عليه من تطورات. إنما المهم من كلمتي هذه أن نعرف موقفنا الشرعي من هذه الاحتفالات قديمها وحديثها، فنحن معشر أهل السنة لا نحتفل احتفال الناس هؤلاء بولادة الرسول- -ولكننا نحتفل احتفالاً من نوع آخر. ومن البدهي أنني لا أريد الدندنة حول احتفالنا نحن معشر أهل السنة، وإنما ستكون كلمتي هذه حول احتفال الآخرين، لأبين أن هذا الاحتفال وإن كان يأخذ بقلوب جماهير المسلمين، لأنهم يستسلمون لعواطفهم التي لا تعرف قيداً شرعياً مطلقا، وإنما هي عواطف جانحة، فنحن نعلم أن النبي - - جاء بالدين كاملا وافيا تاما، والدين هو كل شئ يتدين به المسلم، وأن يتقرب به إلى الله - - ليس ثمة دين إلا هذا، الدين هو كل ما يتديّن به ويَتقرب به المسلم إلى الله - - ولا يمكن أن يكون شئ ما من الدين في شئ ما إلا إذا جاء به نبينا - صلوات الله وسلامه عليه -. أما ما أحدثه الناس بعد وفاته - - فلا سيما بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية، فهي لاشكّ ولا ريبَ من محدثات الأمور، وقد علمتم جميعا حكم هذه المحدثات من افتتاحية دروسنا كلها حيث نقول فيها كما سمعتم آنفا : "خير الهدى هدى محمد - -، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار". ونحن وإياهم مجمعون على أن هذا الاحتفال أمر حادِث، لم يكن ليس فقط في عهده - -بل ولا في عهد القرون الثلاثة كما ذكرنا آنفا. ومن البدهي أن النبي - - في حياته لم يكن ليحتفل بولادته، ذلك لأن الاحتفال بولادة إنسان ما إنما هي طريقة نصرانية مسيحية، لا يعرفه الإسلام مطلقا في القرون المذكورة آنفا، فمن باب أولى ألا يعرف ذلك رسول الله - -. ولأن عيسى نفسه الذي يحتفل بميلاده المُدّعونَ إتباعه، عيسى نفسَهُ لم يحتفل بولادته مع أنها ولادة خارقة للعادة، وإنما الاحتفال بولادة عيسى عليه السلام هو من البدع التي ابتدعها النصارى في دينهم، وهي كما قال - - وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ [سورة الحديد : 27]. هذه البدع التي اتخذها النصارى، ومنها الاحتفال بميلاد عيسى ما شرعها الله - - وإنما هم ابتدعوها من عند أنفسهم، فلذلك إذا كان عيسى لم يحتفل بميلاده ومحمد - - أيضا كذلك لم يحتفل بميلاده والله - ّ - يقول فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ [ سورة الأنعام 90]. فهذا من جملة الإقتداء، نبينا بعيسى - عليه الصلاة والسلام - وهو نبينا أيضا، ولكن نبوته نسخت ورفعت بنبوة خاتم الأنبياء والرسل - صلوات الله وسلامه عليهما -، ولذلك فعيسى حينما ينزل في آخر الزمان كما جاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة إنما يحكم بشريعة محمد - -. فإذاً محمد - - لم يحتفل بميلاده، وهنا يقول بعض المبتلين بالاحتفال غير المشروع الذي نحن في صدد الكلام عليه، يقولون : "محمد - - ما راح يُحتفل بولادته ؟ ". طيب سنقول لم يحتفل بولادته - عليه السلام - بعد وفاته أحب الخلق من الرجال إليه، وأحب الخلق من النساء إليه، ذالكما أبو بكر وابنته عائشة - ما - ما احتفلا بولادة الرسول - - كذلك الصحابة جميعا، كذلك التابعون، كذلك أتباعهم. وهكذا إذا لا يصح لإنسان يخشى الله ويقف عند حدود الله ويتعظ بقول الله - -، وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [سورة الإسراء : 36]. فلا يقولنّ أحد الناس الرسول - - ما احتفل لأنه هذا يتعلق بشخصه، لأنه يأتي بالجواب، لا أحد من أصحابه جميعا احتفل به - عليه السلام - فمن الذي أحدث هذا الاحتفال من بعد هؤلاء الرجال الذين هم أفضل الرجال، ولا أفضل من بعدهم أبدا ولن تلد النساء أمثالهم إطلاقا. من هؤلاء الذين يستطيعون بعدَ مضي هذه السنين الطويلة ثلاثمائة سنة يَمضونَ لا يحتفلونَ هذا الاحتفال أو ذاك، وإنما احتفالهم من النوع الذي سأشير إليه إشارة سريعة كما فعلت آنفا، فهذا يكفي المسلم أن يعرف أن القضية ليست قضية عاطفة جانحة لا تعرف الحدود المشروعة، وإنما هو الاتباع والاستسلام لحكم الله - - ومن ذلك : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [سورة آل عمران : 31]. فرسول الله - - ما احتفل، إذا نحن لا نحتفل، إن قالوا ما احتفل لشخصه، نقول ما احتفل أصحابه أيضا بشخصه من بعده فأين تذهبون؟. كل الطرق مسدودة أمام الحجة البينة الواضحة التي لا تفسح مجالاً مطلقا للقول بِحُسْنِ هذه البدعة، وإن مما يبشر بالخير، أن بعض الخطباء والوعاظ بدأوا يضطرّون ليعترفوا بهذه الحقيقة وهي : أن الاحتفال هذا بالمولد بدعة وليس من السنة، ولكن يعوزهم ويحتاجون إلى شئ من الشجاعة العلمية التي تتطلب الوقوف أمام عواطف الناس الذين عاشوا هذه القرون الطويلة وهم يحتفلون، فهؤلاء كأنهم يجبنون أو يضعفون أن يصدَعوا بالحق الذي اقتنعوا به، ولذلك لا تجد يَروق، ولا أريد أن أقول : يُسَدّد ويُقارب فيقول : صحيح أن هذا الاحتفال ليس من السنة، ما احتفل الرسول - - ولا الصحابة، ولا السلف الصالح، ولكن الناس اعتادوا أن يحتفلوا، ويبدو أن الخلاف فقري، هكذا يُبرر القضية، ويقول : الخلاف شكلي، لكن الحقيقة أنهم انتبهوا أخيرا إلى أن هذا المولد خَرَجَ عن موضوع الاحتفال بولادة الرسول - - في كثير من الأحيان حيث يتطرق الخطباء أموراً ليس لها علاقة بالاحتفال بولادة الرسول - -. أريد ألا أطيل في هذا، ولكني أذكر لأمر هام جدا طالما غفل عنه جماهير المسلمين حتى بعض إخواننا الذين يمشون معنا على الصراط المستقيم، وعلى الابتعاد من التعبد إلى الله بأي بدعة، قد يخفى عليهم أن أي بدعة يُتعبد المسلم بها ربه هي ليست من صغائر الأمور، ومن هنا نعتقد أن تقسيم البدعة إلى محرمة وإلى مكروهة يعني كراهه تنزيهيه. هذا التقسيم لا أصل له في الشريعة الإسلامية كيف وهو مصادم مصادمة جلية للحديث الذي تسمعونه دائما وأبدا (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فليس هناك بدعة لا يستحق صاحبها النار. ولو صح ذلك التقسيم لكان الجواب : ليس كل بدعة يستحق صاحبها دخول النار، لم؟ لأن ذاك التقسيم يجعل بدعة محرمة فهي التي تؤهل صاحبها النار، وبدعة مكروهة تنزيها لا تؤهل صاحبها للنار، وإنما الأوْلى تركُها والإعراض عنها. والسِرّ وهنا الشاهد من إشارتي السابقة التي لا ينتبه لها الكثير، والسِّرّ في أن كل بدعة كما قال - عليه الصلاة والسلام – بحق، ضلالة، هو أنه من باب التشريع في الشرع الذي ليس له حق التشريع إلا رب العالمين - تبارك و - فإذا انتبهتم لهذه النقطة عرفتم حينذاك لماذا أطلق - عليه الصلاة والسلام - على كل بدعة أنها في النار، أي صاحبها ذلك لأن المبتدع حينما يشرع شيئا من نفسه، فكأنه جعل نفسه شريكا مع ربه- تبارك و - والله - - يأمرنا أن نوحده في عبادته، وفي تشريعه فيقول مثلاً في كتابه : فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [سورة البقرة : 22]. أندادا في كل شئ من ذلك في التشريع. ومن هنا يظهر معشر الشباب المسلم الواعي المثقف الذي انفتح له الطريق إلى التعرف على الإسلام الصحيح من المفتاح لا إله إلا الله، وهذا التوحيد الذي يستلزم كما بَيّنَ ذلك بعض العلماء قديما، وشرحوا ذلك شرحا بيّنا، ثم تبعهم بعض الكتاب المعاصرين، أن هذا التوحيد يستلزم إفراد الله - - بالتشريع يستلزم ألا يُشَرّعَ أحدٌ مع الله - - أمراً ما، سواء كان صغيراً أم كبيراً، جليلاً أم حقيراً، لأن القضية ليست بالنظر إلى الحكم هو صغير أم كبير، وإنما إلى الدافع إلى هذا التشريع، فإن كان هذا التشريع صَدَرَ من الله تقربنا به إلى الله، وإن كان صدر من غير الله - - نبذناه وشرعته نبذ النواة. ولم يُجِزْ للمسلم أن يتقرب إلى الله - - بشيء من ذلك، وأوْلى وأوْلى ألاّ يَجوز للذي شَرَعَ ذلك أن يشرعه وأن يستمر على ذلك وأن يستحسنه. هذا النوع من إفراد الله - - بالتشريع هو الذي اصطلح عليه اليوم بعض الكتــّــاب الإسلاميين بتسمية بأن الحاكمية لله - – وحده، لكن مع الأسف الشديد، أخذ شبابنا هذه الكلمة كلمة ليست مَبْيِنّة مُفَصّلَة، لا تشتمل كل شِرعَةٍ، أو كل أمر أدْخِلَ في الإسلام، وليس من الإسلام في شئ أن هذا الذي أدخل قد شارك الله - - في هذه الخصوصية، ولم يُوَحّدِ الله - - في تشريعه، ذلك لأن السبب فيما أعتقد في عدم وضوح هذا المعنى الواسع لجملة أن الحاكمية لله - - هو أن الذين كتبوا حول هذا الموضوع، أقولها مع الأسف الشديد ما كتبوا ذلك إلاّ وهم قد نبّهوا بالضغوط الكافرة التي تَرِدُ بهذه التشريعات وهذه القوانين من بلاد الكفر وبلاد الضلال. ولذلك فهم حينما دعوا المسلمين، وحاضروا وكتبوا دائماً وأبداً حول هذه الكلمة الحقــّـة، وهي أن الحاكمية لله - - وحده كان كلامهم دائما يَنْصَبّ وَيَدورُ حول رَفْضِ هذه القوانين الأجنبية التي ترد إلينا من بلاد الكفر كما قلنا، لأن ذلك إدخال في الشرع ما لم يشرعه الله - -. هذا كلام حقٍ لاشكّ ولا ريب، ولكن قصدي أن ألفِتَ نظركم أن هذه القاعدة الهامـــّــة وهي : أن الحاكمية لله - - لا تنحصر فقط برفض هذه القوانين التي ترد إلينا من بلاد الكفر، بل تشمل هذه الجملة، هذه الكلمة الحق كل شئ دخل في الإسلام، سواء كان وافداً إلينا أو نابعاً منا ما دامَ أنّهُ ليس من الإسلام في شئ، هذه النقطة بالذات هي التي يجب أن نتنبه لها، وأن لا نتحمّسْ فقط لجانبٍ هو هذه القوانين الأجنبية فقط، وَكُفرُها واضحٌ جدا، نتنبّه لهذا فقط بينما دخل الكفر في المسلمين منذ قرون طويلة وعديدة جداً والناس في غفلة من هذه الحقيقة، فضلاً عن هذه المسائل التي يعتبرونها طفيفة. لذلك فهذا الاحتفال يكفي أن تعرفوا أنه مُحْدَثٌ ليس من الإسلام في شئ، ولكن يجب أن تتذكروا مع ذلك أن الإصرار على استحسان هذه البدعة، مع إجمالٍ جميلٍ كما ذكَرْتُ آنفا أنها محدثة، فالإصرار على ذلك أخشى ما أخشاه أن يُدْخِلَ المِصْرَ على ذلك في جملة اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [سورة التوبة : 31]. وأنتم تعلمون أن هذه الآية لما نزلت وتلاها النبي - - كان في المجلس عدي بن حاتم الطائي، وكان من العرب القليلين الذين قرأوا وكتبوا وبالتالي تنصروا، فكانَ نصرانيا فلما نزلت هذه الآية لم يتبين له المَقصِدَ منها، فقال يا رسول الله ! كيف يعني ربنا يقول عنا نحن النصارى سابقا اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [سورة التوبة : 31]. ما اتخذناهم أحبارنا أربابا من دون الله - -.كأنه فَهِمَ أنهم اعتقدوا بأحبارهم ورُهبانهم أنهم يَخلُقون مع الله، يَرْزُقون مع الله وإلى غير ذلك من الصفات التي تفرد الله بها - - دون سائر الخلق. فبين له الرسول - عليه السلام - بأن هذا المعنى الذي خطر في بالك، ليس هو المقصود بهذه الآية، وإن كان هو معنى حقّ، يعني لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن إنسانا ما، يَخلقُ وَيَرزُق. لكن المعنى هنا أدق من ذلك فقال له : (ألستم كنتم إذا حرموا لكم حلالاً حرمتموه؟ وإذا حللوا لكم حراما حللتموه؟ قال : أمّا هذا فقد كان. فقال - عليه السلام -، فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله). لذلك فالأمر خطيرٌُ جداً استحسانُ بدْعَةِ المستحسنِ وَهُوَ يعلم أنه لم يكن من عمل السلف الصالح، وَلَوْ كان خيراً لسبقونا إليه، قد حشر نفسهُ في زمرة الأحبار والرهبان الذين اتّخِذوا أرباباً من دون الله - -، والذين أيضا يقلدونهم، فهم الذين نزل في صَدَدِهِم هذه الآية أو في أمثالهم اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ غرضي من هذا أنه لا يجوز للمسلم كما نسمع دائما، وكما سمعنا : قريباً معليش الخلاف شكلي، الخلاف جذريّ وَعَميقٌ جداً، لأننا نحن ننظر إلى أن هذه البدعة وغيرها داخلة. أولاً : في عموم الحديث السابق "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار). وثانيا : ننظر إلى أن موضوع البدعة مربوط بالتشريع الذي لم يأذن به الله - - كما قال - - أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [سورة الشورى : 21 ]. وهذا يقال كله إذا وقف الأمر فقط عند ما يسمى بالاحتفال، بولادته عليه السلام بمعنى قراءة قصة المولد أما إذا انضم إلى هذه القراءة أشياء وأشياء كثيرة جدا منها أنهم يقرءون من قصته - عليه الصلاة والسلام - قصة المولد. أولاً : مالا يصح نسبته إلى النبي - -. وثانيا : يذكرون من صفاته - عليه السلام - فيما يتعلق بولادته ما يشترك معه عامة البشر، بينما لو كان هناك يجب الاحتفال أو يجوز على الأقل بالرسول - - كان الواجب أن تُذكر مناقبه - عليه الصلاة والسلام – وأخلاقه، وجهاده في سبيل الله، وقلبُهُ لجزيرة العرب من الإشراك بالله - - إلى التوحيد، من الأخلاق الجاهلية الطالحة الفاسدة إلى الأخلاق الإسلامية. كان هذا هو الواجب أن يفعله، لكنهم جروا على نمط من قراءة الموارد لا سيما إلى عهد قريب عبارة عن أناشيد وعبارة عن كلمات مسجعة، وَيُقال في ذلك من جملة ما يُقال مثلا مما بَقى في ذاكرتي والعهد القديم "حملت به أمه تسعة أشهر قمرية" ما الفائدة من ذكر هذا الخبر؟ وكل إنسان منا تحمل به أمه تسعة أشهر قمرية، القصد هل أفضل البشر وسيد البشر - عليه الصلاة والسلام - يُذكر منه هذه الخصلة التي يشترك فيها حتى الكافر إذا خرج القصد من المولد خرج عن هدفه بمثل هذا الكلام الساقط الواهي. بعضهم مثلا يذكرون بأنهُ ولُِدَ مختوناً، مشروع وهذا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فهكذا يُمْدَح الرسول - عليه السلام -؟. يعني نقول أن الاحتفال في أصله لو كان ليس فيه مخالفة سوى أنه مُحْدَثٌ لَكَفى وُجوباً الابتعادُ عنه للأمرين السابقين : لأنه محدث، ولأنه تشريع، والله - عز رجل - لا يرضى من إنسانٍ أن يُشرّعَ للخلق ما يشاء فكيف وقد انضم إلى المولد على مرّ السنين أشياء وأشياء مما ذكرنا، ومما يطول الحديث فيما لو استعرضنا الكلام على ذلك، فحسب المسلم إذاً التذكير هنا والنصيحة : أن يعلم أن أي شئٍ لم يكن في عهد الرسول - عليه السلام - وفي عهد السلف الصالح، فمهما زَخرَفَهُ الناس، ومهما زينوه، ومهما قالوا هذا في حبّ الرسول وأكثرهم كاذبون، فلا يحبون الرسول - - إلا باللفظ، وإلاّ بالغناء والتطريب، ونحو ذلك مهما زخرفوا هذه البدع، فعلينا نحن أن نظل مُتمَسّكين بما عليه سلفنا الصالح - م – أجمعين. وتذكروا معنا بأن من طبيعة الإنسان المغالاة في تقدير الشخص الذي يحبه، لاسيما إذا كان هذا الشخص لا مثل له في الدنيا كلها، ألا وهو رسول الله - - فمن طبيعة الناس الغلو في تعظيم هذا الإنسان، إلا الناس الذين يأتمرون بأوامر الله - - ولا يَعتَدون، فهم يتذكرونَ دائماً وأبداً مثل قوله - تبارك و - : وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [ سورة الطلاق : 1]. فإذا كان الله - - قد اتخذ محمدا - - نبيا فهو قبل ذلك جعله بَشراً سوياً لم يَجْعَلهُ مَلَكَاً خُلِقَ من نور مثلاً كما يزعمون. وإنما هو بشر، وهو نفسه تأكيداً للقرآن الكريم : قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ [سورة الكهف 110]. هو نفسه أكد ذلك في غير ما مناسبة فقال : (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني). وقال لهم مرة : (لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله فيها، وإنما ضعوني حيث وَضَعَني ربي - - عبداً رسولاً). لذلك في الحديث الصحيح في البخاري ومسلم عن النبي - - أنه قال : (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله) هذا الحديث تفسير للحديث السابق (لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله بها) فهو يقول لا تمدحوني كما فعلت النصارى في عيسى بن مريم، كأن قائلاً يقول : كيف نقول يا رسول الله ؟ كيف نمدحك؟ قال : (إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله) ونحن حينما نقول في رسولنا - - عبدُ الله ورسولُه، فقد رفعناهُ ووضعناهُ في المرتبة التي وَضَعَهُ الله - – فيها، لن ننزل به عنها، ولم نصعد به فوقها، هذا الذي يريدُهُ رسول الله - – منا. ثم نجد النبي - صلوات الله وسلامه عليه - يطبّق هذه القواعد، ويجعلها حياةً يمشي عليها أصحابه رضوان الله عليهم معه، فقد ذكرت لكم غير ما مرة قصة معاذ بن جبل - - حينما جاء إلى الشام وهي يومئذ من بلاد الروم، بلاد النصارى، يعبدون القسيسين والرهبان، بقى في الشام ما بقى لتجارةٍ فيما يبدو، ولمّا عادَ إلى المدينة، فكان لمّا وقع بَصَرُهُ على النبي - - هَمّ ليَسْجُدَ لمن؟ لِسَيّدِ الناس فقال له - عليه الصلاة والسلام - : (مَهْ يا مُعاذ - شو هذا - قال يا رسول الله إني أتيت الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسّيسيهم وَعُظَمائِهم فرأيتكَ أنتَ أحَقّ بالسّجودِ منهم، فقال - عليه الصلاة والسلام : (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، لعظم حقه عليها). وهذا الحديث جاء في مناسبات كثيرة لا أريد أن أستطرد إليها، وحسبنا هنا أن نلفت النظر إلى ما أراد معاذ بن جبل - - أن يفعلَ من السجود للنبي - - ما الذي دفعه على هذا السجود ؟ هل هو بغضه للرسول عليه السلام ؟ بطبيعة الحال لا، إنما هو العكس تماماً، هو حبه للنبي - - الذي أنقذه من النار، لولا، هنا يقال الواسطة لا تنكر، لولا الرسول - عليه السلام -أرسله الله إلى الناس هداية لجميع العالم، لكان الناس اليوم يعيشون في الجاهلية السابقة وأضعاف مضاعفة عليها، فلذلك ليس غريبا أبداً لاسيما والتشريع بعد لم يكن قد كَمُلَ وَتَمّ. ليس غريبا أبدا أن يَهِمّ معاذ بن جبل - - بالسجود للنبي - - كإظهار لتبجيلِهِ واحترامِهِ وتعظيمِهِ، لكن النبي - - الذي كان قرر في عقولهم وطبعهم على ذلك يريد أن يثبت عمليا بأنه بشر، وأن هذا السجود لا يصلح إلا لرب البشر، ويقول : (لو كنت آمراً أحداً أن يَسْجُدَ لأحدٍ لأمرْتُ الزوجة أن تسجُدَ لزوجها لعظم حقه عليها). في بعض روايات الحديث (ولكن لا يصلح السجود إلا لله ). إذاً، نحن لو استسلمنا لعواطِفنا لسَجَدنا لنبينا - - سواءً كان حياً أو ميتاً، لماذا؟ تعظيماً له، لأن القصْدَ تعظيمُهُ، وليس القصد عبادَتُهُ - عليه السلام - ولكن إذا كنا صادقين في حُبّهِ - عليه الصلاة والسلام - فيجب أن نأتمر بأمره، وأن ننتهي بنهيه، وألا نضربَ بالأمر والنهي عرض الحائط، بزعم أنهُ نحن نفعل ذلك حباً لرسول الله - - كيف هذا؟ . هذا أولاً عكسٌ للنص القرآني ثم عكسٌ للمنطقِ العقليّ السليم ربنا - - يقول : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [سورة آل عمران : 31].. فإذاً اتباع الرسول - عليه السلام - هو الدليل الحق الصادق الذي لا دليل سواه على أن هذا المتبع للرسولِ - عليه السلام - هو المحبّ لله ولرسوله - - ومن هنا قال الشاعر قوله المشهور: تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمرك في القياس بديع لو كان حبك صادقاً لاطعـــته إن المحب لمن يحب مطـيع هناك مثالٌ دون هذا ومع ذلك فرسول الله - - ربّى أصحابه عليه، ذلك أن الناس في الجاهلية كانوا يعيشون على عاداتٍ جاهلية وزيادةٍ أخرى عاداتٍ فارسيةٍ أعجمية، ومن ذلك أنه يقوم بعضُهُم لبعضٍ كما نحن نفعل اليوم تماماً، لأننا لا نتبع الرسول - عليه السلام-، ولا نصدّق أنفسنا بأعمالنا أننا نحبه - عليه الصلاة والسلام - وإنما بأقوالنا فقط، ذلك أن الناس كان يقوم بعضهم لبعض. أما الرسول - - فقد كان أصحابُهُ معه كما لو كان فرداً منهم لا أحَدٌ يُظهر له من ذلك التبجيل الوثني الفارسي الأعجمي شيئاً إطلاقاً، وهذا نفهمهُ صراحةً من حديث أنس بن مالك - - قال : (ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله - -، وكانوا لا يقومون، لما يعلمونَ من كراهيته لذلك). أنظروا، هذا الصحابي الجليل الذي تفضل الله عليه فأوْلاه خدمة نبيه - - عشرة سنين، أنس بن مالك كيف يجمع في هذا الحديث بين الحقيقة الواقعة بينه - عليه السلام - وبين أصحابه من حبهم إياه، وبين هذا الذي يدندنُ حوله أن هذا الحبّ يجب أن يُقيّدَ بالإتباع، وأن لا ينصاعَ، وأن لا يخضعَ صاحِبُهُ من هوى، وَحُبّكَ الشيء يعمي ويصم، فهو يقول حقاً. ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله - - هذه حقيقةٌ لا جدال فيها، لكنه يعطِفُ على ذلك فيقول: وكانوا لا يقومون لما يعلمون من كراهيته لذلك، إذاً لماذا كان أصحاب الرسول - عليه السلام - لا يقومون له؟ إتباعاً له تحقيقاً للآية السابقة قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ . فاتباع الرسول هو دليل حبّ الله حباً صحيحاً ما استسلموا لعواطفهم كما وقع من الخلف الطال، نحن نقرأ في بعض الرسائل التي ألفَتْ حول هذا المولد الذي نحن في صدد بيان أنه محدث، جرت مناقشاتٌ كثيرةٌ مع الأسف، والأمر كالصّبحِ أبْلَجٍ واضِحٍ جداً، فناس ألفوا في بيان ما نحن في صدده أن هذا ليس من عمل السلف الصالح، وليس عبادة وليس طاعة، وناس تحمسوا واستسلموا لعواطفهم، وأخذوا يتكلمون كلاماً لا يقوله إلا إنسان ممكن أن يقال في مثله : إن الله - - إذا أخذ ما وهب أسقط ما أوجب. لماذا؟. لأن في المولد حتى الطريقة القديمة ما أدري الآن لعلهم نسخوها أو عَدّلوها كانوا يَجلسونَ على الأرض فكانوا إذا جاء القارئ لقصة ولادةِ الرسول - عليه السلام - وَوَضْعِ أمّهِ إياه، قاموا جميعاً قياماً، وكانوا يبطشون بالإنسان إذا لم يتحرك وظل جالسا،ً فَجَرَتْ مناقشات حول هذا الموضوع، فألف بعضهم رسالة فقال هذا الإنسان الأحمق قال : لو استطعت أن أقوم لولادةِ الرسول - عليه السلام - على برأسي لفعلت، هذا يدري ما يقول ؟؟. الحق ما قال الشاعر: فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم. ترى إذا عملنا مقابلة بين هذا الإنسان الأحمق، وبين صحابة الرسول الكرام حسبنا واحدٌ منهم مش الصحابة حتى ما نظلمهم، ترى من الذي يحترم ويوقر الرسول - عليه السلام – أكثر، أذاك الصحابي الذي إذا دخل الرسول - عليه السلام - لا يقوم له، أم هذا الخلف الأحمق يقول : لو تمكنت لقمت على رأسي؟ هذا كلام إنسان مثل ما قلنا آنفاً يعني هايم ما يدري ما يخرج من فمه، وإلا إذا كان يتذكر سيرة الرسول - عليه السلام – وأخلاقه، وتواضعه، وأمره للناس بأنه ما يرفعوه إلى آخر ما ذكرنا آنفاً، لما تجرأ أن يقول هذه الكلمة، لاسيما وهو يقول ذلك بعد وفاته - عليه السلام - حيث الشيطان يتخذ طريقاً واسعاً جداً لإضلال الناس وإشكال الناس لنبيهم - -، بعد وفاته أكثر منه في حياته - عليه السلام - لأن النبي وهو حيّ يَرى فينْصَح وَيُذَكّر وَيُعَلّم، وهو سيد المعلمين، فلا يستطيع الشيطان أن يتقرّب إلى أحدٍ بمثل هذا التعظيم الذي هو من باب الشرك. أما بعد وفاته - عليه السلام - فهنا ممكن أن الشيطان يتوغّل إلى قلوب الناس وإخراجهم عن الطريق الذي تركهم الرسول- صلوات الله وسلامه عليه - فإذا كان النبي- - في حياته ما يقوم له أحد وهو أحق الناس بالقيام لو كان سائغاً، فنحن نعلم من هذا الحديث، حديث أنس أن الصحابة كانوا يحبون الرسول - عليه السلام - حبا حقيقياً وأنهم لو تُرِكوا لأنفسهم لقاموا له دائما وأبداً، ولكنهم هم المجاهِدون حقاً، تركوا أهواءهم إتباعاً للرسول - عليه السلام - ورجاءَ مغفرة الله - - ليُحفظوا بحب الله - – لهم، فيغفر الله لهم. هكذا يكون الإسلام، فالإسلام هو الاستسلام، هذه الحقيقة هي التي يجب دائما نستحضرها وأن نبتعد دائماً وأبداً عن العواطف التي تفتن الناس كثيراً وكثيراً جداً، فتخرجهم عن سواء السبيل. لم يبق الآن من تعظيم الرسول - عليه السلام - في المجتمعات الإسلامية إلا قضايا شكلية، أما التعظيم من حق كما ذكرنا، وهو إتباعه فهذا أصبح محصوراً و محدوداً في أشخاص قليلين جداً، وماذا يقول الإنسان في الاحتفالات اليوم رفع الصوت والتطريب وغناء، لو رفع صوته هذا المغني واضطرب، وحرك رأسه ونحو ذلك أمام الرسول - - لكان ذلك لا أقول هل هو الكفر، وإنما هو إهانة للرسول - عليه السلام - لكان ذلك لا أقول هل هو الكفر، وإنما هو إهانة للرسول - عليه السلام - وليس تعظيماً له وليس حباً له، لأنه حينما تروْنه يرفع صوته، ويمدّ وَيَطلع، وينزل في أساليب موسيقية ما أعرفها، وهو يقول : يفعل ذلك حبا في رسول الله، إنه كذاب، ليس هذا هو الحب، الحب في اتباعه. ولذلك الآن تجد الناس فريقين : فريق يقنعون لاثبات أنهم محبون للرسول عليه السلام على النص على الصمت، وهو العمل في أنفسهم في أزواجهم في ذرياتهم. وناس آخرون يَدَعونَ هذا المجال فارغا في بيوتهم، في أزواجهم، في بناتهم، في أولادهم، لا يعلمونهم السنة ولا يربّونهم عليها، كيف وفاقد الشيء لا يعطيه؟. وإنما لم يبق عندهم إلا هذه المظاهر، إلا الاحتفال بولادة الرسول - عليه السلام - ثم جاء الظغث على إبالة كما يُقال، فصار عندنا أعياد واحتفالات كثيرة، كما جاء الاحتفال بسيد البشر تقليداً للنصارى، كذلك جرينا نحن حتى في احتفالنا بمواليد أولادنا أيضاً على طريقة النصارى. وإن تعجب فعجبٌ من بعض هؤلاء المنحرفين عن الجادة يقولون : النصارى يحتفلوا بعيساهم بنبّيهم نحن ما نحتفل بميلاد نبينا عليه الصلاة والسلام ؟. أقول : هذا يذكرنا بما حينما كان في طريق في سفر فمروا بشجرة ضخمة للمشركين كانوا يعلقون عليها اسلحتهم فقالوا كلمة بريئة جداً، ولكنها في مشابهة لفظية، قالوا : (يا رسول الله ! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال - عليه السلام - : (الله أكبر !! هذه السنن، لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى، اجعل لنا إلها كما لهم آلهة). قد يستغرب الإنسان كيف الرسول - عليه السلام - يقتبس من هذه الآية، حجة على هؤلاء الذين ما قالوا : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة). وإنما قالوا اجعل لنا شجرة نُعَلق عليها أسلحتنا، كما لهم شجرة، فقال له هذه السنن - يعني بدأتهم تسلكون سنن من قبلكم كما في الأحاديث الصحيحة -. قلتم كما قال قوْمُ موسى لموسى : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة فكيف بمن يقول اليوم صراحة النصارى يحتفلوا بعيساهم نحن ما نحتفل بنبينا عليه السلام؟ الله أكبر هذه السنن وصدق الرسول - - حين قال : (لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى دخلوا جُحرَ ضبّ لدخلتموه، قالوا يا رسول الله ! اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟). " أخيرا أقول إن الشيطان قاعد للإنسان في المرصاد، فهو دائماً وأبداً يجتهد لصرف المسلمين عن دينهم ولا يصرفهم معلنا". المصدر http://www.alalbany.net/misc009.php نقلتها من مشاركة لبعض الأخوات -جزاها الله خيرًا- في "كل السلفيين" |
#5
|
|||
|
|||
مناظرة فضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - - مع من يدعي جواز الإحتفال بالمولد النبوي الشيخ الألباني : [ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هل هو خير أم شر ؟ محاور الشيخ : خير . الشيخ الألباني : حسناً ، هذا الخير هل كان رسول الله وأصحابه يجهلونه ؟ محاور الشيخ : لا . الشيخ الألباني : أنا لا أقنع منك الآن أن تقول لا بل يجب أن تبادر وتقول : هذا مستحيل أن يخفى هذا الخير إن كان خيراً أو غيره على رسول الله وأصحابه ونحن لم نعرف الإسلام والإيمان إلا عن طريق محمد ؛ فكيف نعرف خيراً هو لم يعرفه ! هذا مستحيل . محاور الشيخ : إقامة المولد النبوي هو إحياء لذكره وفي ذلك تكريم له . الشيخ الألباني : هذه فلسفة نحن نعرفها ، نسمعها من كثير من الناس وقرأناها في كتبهم ؛ لكن الرسول حينما دعا الناس هل دعاهم إلى الإسلام كله أم دعاهم إلى التوحيد ؟ محاور الشيخ : التوحيد . الشيخ الألباني : أول ما دعاهم للتوحيد ، بعد ذلك فُرضت الصلوات ، بعد ذلك فُرض الصيام ، بعد ذل فُرض الحج ، وهكذا ؛ ولذلك امشِ أنت على هذه السنة الشرعية خطوة خطوة . نحن الآن اتفقنا أنه من المستحيل أن يكون عندنا خيرٌ ولا يعرفه رسول الله . فالخير كله عرفناه من طريق رسول الله وهذه لا يختلف فيها اثنان ولا ينتطح فيها كبشان ، وأنا أعتقد أن من شك في هذا فليس مسلماً . ومن أحاديث رسول الله التي تؤيد هذا الكلام : 1. قوله : ما تركتُ شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به . فإذا كان المولد خيراً وكان مما يقربنا إلى الله زُلفى فينبغي أن يكون رسول الله قد دلنا عليه . صحيح أم لا ؟ أنا لا أريد منك أن توافق دون أن تقتنع بكل حرف مما أقوله ، ولك كامل الحرية في أن تقول : أرجوك ، هذه النقطة ما اقتنعت بها . فهل توقفت في شيء مما قلتهُ حتى الآن أم أنت ماشٍ معي تماماً ؟ محاور الشيخ : معك تماماً . الشيخ الألباني : جزاك الله خيراً . إذاً ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به . نحن نقول لجميع من يقول بجواز إقامة هذا المولد : هذا المولد خيرٌ – في زعمكم - ؛ فإما أن يكون رسول الله قد دلنا عليه وإما أن يكون لم يدلنا عليه . فإن قالوا : قد دلنا عليه . قلنا لهم : هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً أبداً . ونحن قرأنا كتابات العلوي [1] وغير العلوي في هذا الصدد وهم لايستدلون بدليل سوى أن هذه بدعة حسنة !! بدعة حسنة !! فالجميع سواء المحتفلون بالمولد أو الذين ينكرون هذا الاحتفال متفقون على أن هذا المولد لم يكن في عهد الرسول ولا في عهد الصحابة الكرام ولا في عهد الأئمة الأعلام . لكن المجيزون لهذا الاحتفال بالمولد يقولون : وماذا في المولد ؟ إنه ذكر لرسول الله ، وصلاة عليه ونحو ذلك . ونحن نقول : لو كان خيراً لسبقونا إليه . أنت تعرف حديث الرسول خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وهو في الصحيحين . وقرنه هو الذي عاش فيه وأصحابه ،ثم الذين يلونهم التابعون ، ثم الذين يلونهم أتباع التابعين . وهذه أيضاً لا خلاف فيها . فهل تتصور أن يكون هناك خير نحن نسبقهم إليه علماً وعملاً ؟ هل يمكن هذا ؟ محاور الشيخ : من ناحية العلم لو أن رسول الله قال لمن كان معه في زمانه إن الأرض تدور الشيخ الألباني : عفواً ، أرجو عدم الحيدة ، فأنا سألتك عن شيئين علم وعمل ، والواقع أن حيدتك هذه أفادتني ، فأنا أعني بطبيعة الحال بالعلم العلم الشرعي لا الطب مثلاً ؛ فأنا أقول إن الدكتور هنا أعلم من ابن سينا زمانه لأنه جاء بعد قرون طويلة وتجارب عديدة وعديدة جداً لكن هذا لا يزكيه عند الله ولا يقدمه على القرون المشهود لها ؛ لكن يزكيه في العلم الذي يعلمه ، ونحن نتكلم في العلم الشرعي بارك الله فيك . فيجب أن تنتبه لهذا ؛ فعندما أقول لك : هل تعتقد أننا يمكن أن نكون أعلم ؛ فإنما نعني بها العلم الشرعي لا العلم التجربي كالجغرافيا والفلك والكيمياء والفيزياء . وافترض مثلاُ في هذا الزمان إنسان كافر بالله ورسوله لكن هو أعلم الناس بعلم من هذه العلوم هل يقربه ذلك إلى الله زُلفى ؟ محاور الشيخ : لا . الشيخ الألباني : إذاً نحن لانتكلم الآن في مجال ذلك العلم بل نتكلم في العلم الذي نريد أن نتقرب به إلى الله تبارك و ، وكنا قبل قليل نتكلم في الاحتفال بالمولد ؛ فيعود السؤال الآن وأرجو أن أحضى بالجواب بوضوح بدون حيدة ثانية . فأقول هل تعتقد بما أوتيت من عقل وفهم أنه يمكننا ونحن في آخر الزمان أن نكون أعلم من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين في العلم الشرعي وأن نكون أسرع إلى العمل بالخير والتقرب إلى الله من هؤلاء السلف الصالح ؟ محاور الشيخ : هل تقصد بالعلم الشرعي تفسير القرآن ؟ الشيخ الألباني : هم أعلم منا بتفسير القرآن ، وهم أعلم منا بتفسير حديث الرسول ، هم في النهاية أعلم منا بشريعة الإسلام . محاور الشيخ : بالنسبة لتفسير القرآن ربما الآن أكثر من زمان الرسول ؛ فمثلاً الآية القرآنية وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (النمل:88) . فلو أن رسول الله قال لأحد في زمانه إن الأرض تدور هل كان سيصدقه أحد ؟! ما كان صدقه أحد . الشيخ الألباني : إذاً أنت تريدنا – ولا مؤاخذة – أن نسجل عليك حيدةً ثانية . يا أخي أنا أسأل عن الكل لا عن الجزء ، نحن نسأل سؤالاً عاماً : الإسلام ككل من هو أعلم به ؟ محاور الشيخ : طبعاُ رسول الله وصحابته . الشيخ الألباني : هذا الذي نريده منك بارك الله فيك . ثم التفسير الذي أنت تدندن حوله ليس له علاقة بالعمل ، له علاقة بالفكر والفهم . ثم قد تكلمنا معك حول الآية السابقة وأثبتنا لك أن الذين ينقلون الآية للاستدلال بها على أن الأرض تدور مخطؤون لأن الآية تتعلق بيوم القيامة يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ . لسنا على كل حال في هذا الصدد . وأنا أسلِّم معك جدلاً أنه قد يكون رجلاً من المتأخرين يعلم حقيقة علمية أو كونية أكثر من صحابي أو تابعي الخ ؛ لكن هذا لا علاقة له بالعمل الصالح ؛ فاليوم مثلاً العلوم الفلكية ونحوها الكفار أعلم منا فيها لكن مالذي يستفيدونه من ذلك ؟ لاشيء . فنحن الآن لا نريد أن نخوض في هذا اللاشيء ، نريد أن نتكلم في كل شيء يقربنا إلى الله زلفى ؛ فنحن الآن نريد أن نتكلم في المولد النبوي الشريف . وقد اتفقنا أنه لو كان خيراً لكان سلفنا الصالح وعلى رأسهم رسول الله أعلم به منا وأسرع إلى العمل به منا ؛ فهل في هذا شك ؟ . محاور الشيخ : لا ، لا شك فيه . الشيخ الألباني : فلا تحد عن هذا إلى أمور من العلم التجريبي لا علاقة لها بالتقرب إلى الله بعمل صالح . الآن ، هذا المولد ما كان في زمان النبي - باتفاق الكل – إذاً هذا الخير ماكان في زمن الرسول والصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ، كيف خفي هذا الخير عليهم ؟! . لابد أن نقول أحد شيئين : علموا هذا الخير كما علمناه – وهم أعلم منا – ، أو لم يعلموه ؛ فكيف علمناه نحن ؟! فإن قلنا : علموه ؛ - وهذا هو القول الأقرب والأفضل بالنسبة للقائلين بمشروعية الاحتفال بالمولد - فلماذا لم يعملوا به ؟! هل نحن أقرب إلى الله زلفى ؟! – لماذا لم يُخطيء واحدٌ منهم مرة صحابي أو تابعي أو عالم منهم أو عابد منهم فيعمل بهذا الخير ؟! هل يدخل في عقلك أن هذا الخير لا يعمل به أحدٌ أبداً ؟! وهم بالملايين ، وهم أعلم منا وأصلح منا وأقرب إلى الله زُلفى ؟ . ! أنت تعرف قول الرسول _ فيما أظن _ : لا تسبوا أصحابي ؛ فوالذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل جبل أُحدٍ ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصيفَهُ . أرأيت مدى الفرق بيننا وبينهم ؟! . لأنهم جاهدوا في سبيل الله ، ومع رسول الله ، وتلقوا العلم منه غضاً طرياً بدون هذه الوسائط الكثيرة التي بيننا وبينه ، كما أشار إلى مثل هذا المعنى في الحديث الصحيح : من أحب أن يقرأ القرآن غضاً طرياً فليقرأهُ على قراءة ابن أم عبد يعني عبد الله بن مسعود . " غضاً طرياً " يعنى : طازج ، جديد . هؤلاء السلف الصالح وعلى رأسهم الصحابة م لايمكننا أن نتصور أنهم جهلوا خيراً يُقربهم إلى الله زلفى وعرفناه نحن وإذا قلنا إنهم عرفوا كما عرفنا ؛ فإننا لا نستطيع أن نتصور أبداً أنهم أهملوا هذا الخير . لعلها وضحت لك هذه النقطة التي أُدندنُ حولها إن شاء الله ؟ محاور الشيخ : الحمد لله . الشيخ الألباني : جزاك الله خيراً . هناك شيء آخر ، هناك آيات وأحاديث كثيرة تبين أن الإسلام قد كَمُلَ _ وأظن هذه حقيقة أنت متنبه لها ومؤمن بها ولا فرق بين عالم وطالب علم وعامِّي في معرفة هذه الحقيقة وهي : أن الإسلام كَمُلَ ، وأنه ليس كدين اليهود والنصارى في كل يوم في تغيير وتبديل . وأذكرك بمثل قول الله : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً . الآن يأتي سؤال : وهي طريقة أخرى لبيان أن الاحتفال بالمولد ليس خيراً غير الطريقة السابقة وهي أنه لو كان خيراً لسبقونا إليه وهم – أي السلف الصالح – أعلم منا وأعبد . هذا المولد النبوي إن كان خيراً فهو من الإسلام ؛ فنقول : هل نحن جميعاً من منكرين لإقامة المولد ومقرِّين له هل نحن متفقون - كالاتفاق السابق أن هذا المولد ماكان في زمان الرسول – هل نحن متفقون الآن على أن هذا المولد إن كان خيراً فهو من الإسلام وإن لم يكن خيراً فليس من الإسلام ؟. ويوم أُنزلت هذه الآية : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ لم يكن هناك احتفال بالمولد النبوي ؛ فهل يكون ديناً فيما ترى ؟ أرجو أن تكون معي صريحاً ، ولا تظن أني من المشائخ الذين يُسكِّتون الطلاب ، بل عامة الناس : اسكت أنت ما تعلم أنت ما تعرف ، لا خذ حريتك تماماً كأنما تتكلم مع إنسان مثلك ودونك سناً وعلماً . إذا لم تقتنع قل : لم أقتنع . فالآن إذا كان المولد من الخير فهو من الإسلام وإذا لم يكن من الخير فليس من الإسلام وإذا اتفقنا أن هذا الاحتفال بالمولد لم يكن حين أُنزلت الآية السابقة ؛ فبديهي جداً أنه ليس من الإسلام . وأوكد هذا الذي أقوله بأحرف عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس : قال : من ابتدع في الإسلام بدعة – لاحظ يقول بدعة واحدة وليس بدعاً كثيرة – يراها حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة. وهذا شيء خطير جدا ً ، ما الدليل يا إمام ؟ قال الإمام مالك : اقرؤا إن شئتم قول الله : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً . فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً . انتهى كلامه . متى قال الإمام مالك هذا الكلام ؟ في القرن الثاني من الهجرة ، أحد القرون المشهود لها بالخيرية ! فما بالك بالقرن الرابع عشر ؟! هذا كلامٌ يُكتب بماء الذهب ؛ لكننا غافلون عن كتاب الله ، وعن حديث رسول الله ، وعن أقوال الأئمة الذين نزعم نحن أننا نقتدي بهم وهيهات هيهات ، بيننا وبينهم في القدوة بُعد المشرقين . هذا إمام دار الهجرة يقول بلسانٍ عربيٍ مبين : " فما لم يكن يومئذٍ ديناً ؛ فلا يكون اليوم ديناً" . اليوم الاحتفال بالمولد النبوي دين ، ولولا ذلك ما قامت هذه الخصومة بين علماء يتمسكون بالسنة وعلماء يدافعون عن البدعة . كيف يكون هذا من الدين ولم يكن في عهد الرسول ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين ولا في عهد أتباع التابعين ؟! الإمام مالك من أتباع التابعين، وهو من الذين يشملهم حديث : خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم . يقول الإمام مالك : " ما لم يكن حينئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً، ولا يَصلُح آخر هذه الأمة إلا بما صَلُح به أولها " . بماذا صلح أولها ؟ بإحداث أمور في الدين والُتقرب إلى الله بأشياء ما تقرب بها رسول الله ؟ ! والرسول هو القائل : ما تركتُ شيئاً يُقربكم إلى الى الله إلى وأمرتكم به . لماذا لم يأمرنا رسول الله أن نحتفل بمولده ؟! . هذا سؤال وله جواب : [هناك احتفال بالمولد النبوي مشروع ضد هذا الاحتفال غير المشروع , هذا الاحتفال المشروع كان موجوداً في عهد رسول الله بعكس غير المشروع ،مع بَون شاسع بين الاحتفالين : أول ذلك : أن الاحتفال المشروع عبادة متفق عليها بين المسلمين جميعاً . ثانياً : أن الاحتفال المشروع يتكرر في كل أسبوع مرة واحتفالهم غير المشروع في السنة مرة . هاتان فارقتان بين الاحتفالين : أن الأول عبادة ويتكرر في كل أسبوع بعكس الثاني غير المشروع فلا هو عبادة ولا يتكرر في كل أسبوع . وأنا لا أقول كلاماً هكذا ما أنزل الله به من سلطان ، وإنما أنقل لكم حديثاً من صحيح مسلم عن أبي قتادة الأنصاري قال : جاء رجل إلى النبي - - فقال : يا رسول الله : ما تقول في صوم يوم الإثنين ؟ قال : ذاك يومٌ وُلِدتُ فيه ، وأُنزل القرآن عليَّ فيه . ما معنى هذا الكلام ؟ كأنه يقول : كيف تسألني فيه والله قد أخرجني إلى الحياة فيه ، وأنزل عليَّ الوحي فيه ؟! . أي ينبغي أن تصوموا يوم الاثنين شكراً لله على خلقه لي فيه وإنزاله الوحي عليَّ فيهِ . وهذا على وزان صوم اليهود يوم عاشوراء ، ولعلكم تعلمون أن صوم عاشوراء قبل فرض صيام شهر رمضان كان هو المفروض على المسلمين . وجاء في بعض الأحاديث أن النبي لما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ؛ فسألهم عن ذلك ؛ فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وقومه من فرعون وجنده فصمناه شكراً لله ؛ فقال : نحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصومه فصار فرضاً إلى أن نزل قوله : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه . فصار صوم عاشوراء سنة، ونسخ الوجوب فيه . الشاهد من هذا أن الرسول شارك اليهود في صوم عاشوراء شكراً لله أن نجى موسى من فرعون ؛ فنحن أيضاً فَتَح لنا باب الشكر بصيام يوم الاثنين لأنه اليوم الذي وُلد فيه رسول الله واليوم الذي أُوحي إليه فيه . الآن أنا أسألك : هولاء الذين يحتفلون بالمولد الذي عرفنا أنه ليس إلى الخير بسبيل أعرف ان كثيراً منهم يصومون يوم الاثنين كما يصومون يوم الخميس ؛ لكن تُرى أكثر المسلمين يصومون يوم الاثنين ؟ لا ، لا يصومون يوم الاثنين ، لكن أكثر المسلمين يحتفلون بالمولد النيوي في كل عام مرة ! أليس هذا قلباً للحقائق ؟! . هؤلاء يصدق عليهم قول الله لليهود : أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ . هذا هو الخير : صيام متفق عليه بين المسلمين جميعاً وهو صيام الاثنين ومع ذلك فجمهور المسلمين لا يصومونه !! . نأتي لمن يصومه وهم قلة قليلة : هل يعلمون السر في صيامه ؟ لا لا يعلمون . فأين العلماء الذين يدافعون عن المولد لماذا لا يبينون للناس أن صيام الاثنين هو احتفال مشروع بالمولد ويحثونهم عليه بدلاً من الدفاع عن الاحتفال الذي لم يُشرع ؟!! . وصدق الله أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ . وصدق رسول الله حين قال : للتتبعنَّ سَنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . وفي رواية أخرى خطيرة حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك . فنحن اتبعنا سنن اليهود ؛ فاستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير ، كاستبدالنا المولد النبوي الذي هو كل سنة وهو لا أصل له بالذي هو خير وهو الاحتفال في كل يوم اثنين وهو احتفال مشروع بأن تصومه مع ملاحظة السر في ذلك وهو أنك تصومه شكراً لله على أن خلق رسول الله فيه ، وأنزل الوحي فيه . وأختم كلامي بذكر قوله - : - أبى الله أن يقبل توبة مبتدع . والله- - يقول : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وقد جاء في صحيح مسلم أن أحد التابعين جاء إلى السيدة عائشة -ا -. محاور الشيخ : قراءة سيرة النبي - - أليس تكريماً له ؟ الشيخ الألباني : نعم محاور الشيخ : فيه ثواب هذا الخير من الله ؟ الشيخ الألباني : كل الخير . ما تستفيد شيئاً من هذا السؤال ؛ ولذلك أقاطعك بسؤال : هل أحد يمنعك من قراءة سيرته ؟ أنا أسألك الآن سؤالاً : إذا كان هناك عبادة مشروعة ، لكن الرسول ما وضع لها زمناً معيناً ، ولا جعل لها كيفية معينة ؛ فهل يجوز لنا أن نحدد لها من عندنا زمناً معيناً ، أو كيفية معينة ؟ هل عندك جواب ؟ محاور الشيخ : لا، لا جواب عندي . الشيخ الألباني : قال الله – - : أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ. وكذلك يقول الله : اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31]. لما سمع عدي بن حاتم - - هذه الآية – وقد كان قبل إسلامه نصرانياً – أشكلت عليه فقال: إنا لسنا نعبدهم قال: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلّون ما حرم الله، فتحلونه؟ ، فقال: بلى. قال : فتلك عبادتهم . وهذا يبيِّن خطورة الابتداع في دين الله ]. انتهى . مفرغ مع بعض الاختصار من أحد اشرطة سلسلة الهدى والنور للشيخ الألباني . رقم الشريط 94/1 رحم الله شيخنا " محمد ناصر الدين الألباني" رحمة واسعة وجعل الفردوس الأعلى مأواه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء. http://www.alalbany.net/misc008.php نقلتها من مشاركة لبعض الأخوات -جزاها الله خيرًا- في "كل السلفيين" |
#6
|
|||
|
|||
المَورد في عمَلِ المَولِد للشيخ الإمام أبي حَفص تاج الدِّين الفاكِهاني -رحمهُ اللهُ- (654 - 734) الحمد لله الذي هدانا لاتِّباع سيد المرسَلين، وأيَّدنا بالهداية إلى دعائم الدِّين، ويسَّر لنا اقتفاءَ آثارِ السَّلف الصَّالِحين، حتى امتلأت قلوبُنا بأنوارِ عِلم الشَّرع وقواطعِ الحقِّ المُبين، وطهَّر سرائرَنا من حدَث الحوادِث والابتِداع في الدِّين._______________ نقلًا من طبعة بتقديم وتحقيق فضيلة الشيخ علي الحلبي -حفظه الله ونفع به-، لتحميلها: من هنا |
#7
|
|||
|
|||
الاحتفال بعيد الحب فتوى اللجنة الدائمة في عيد الحب فتوى رقم ( 21203 ) وتاريخ 23/11/1420 هـ . الحمدُ لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده ... وبعد : فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي / عبد الله آل ربيعة ، والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (5324 ) وتاريخ 3/11/1420 هـ . وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه : ( يحتفل بعض الناس في اليوم الرابع عشر من شهر فبراير 14 / 2 من كل سنة ميلادية بيوم الحب ( فالنتين داي ) . (valentine day ) . ويتهادون الورود الحمراء ، ويلبسون اللون الأحمر ، ويهنئون بعضهم ، وتقوم بعض محلات الحلويات بصنع حلويات باللون الأحمر ، ويرسم عليها قلوب ، وتعمل بعض المحلات إعلانات على بضائعها التي تخص هذا اليوم فما هو رأيكم : أولاً : الاحتفال بهذا اليوم ؟ ثانياً : الشراء من المحلات في هذا اليوم ؟ ثالثاً : بيع أصحاب المحلات ( غير المحتفلة ) لمن يحتفل ببعض ما يهدى في هذا اليوم ? وجزاكم الله خيراً ... ) . انتهى السؤال . وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه دلت الأدلة الصريحة من الكتاب والسنة – وعلى ذلك أجمع سلف الأمة – أن الأعياد في الإسلام اثنان فقط هما : عيد الفطر وعيد الأضحى وما عداهما من الأعياد سواء كانت متعلقة بشخصٍ أو جماعة أو حَدَثٍ أو أي معنى من المعاني فهي أعياد مبتدعة لا يجوز لأهل الإسلام فعلها ولا إقرارها ولا إظهار الفرح بها ولا الإعانة عليها بشيء لأن ذلك من تعدي حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه ، وإذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار فهذا إثم إلى إثم ، لأن في ذلك تشبهاً بهم ونوع موالاة لهم وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز وثبت عن النبي أنه قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) . وعيد الحب هو من جنس ما ذكر لأنه من الأعياد الوثنية النصرانية فلا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يفعله أو أن يقره أو أن يهنئ بل الواجب تركه واجتنابه استجابة لله ورسوله وبعداً عن أسباب سخط الله وعقوبته ، كما يحرم على المسلم الإعانة على هذا العيد أو غيره من الأعياد المحرمة بأي شيء من أكلٍ أو شرب أو بيع أو شراء أو صناعة أو هدية أو مراسلة أو إعلان أو غير ذلك لأن ذلك كله من التعاون على الإثم والعدوان ومعصية الله والرسول والله جل وعلا يقول : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب . ويجب على المسلم الاعتصام بالكتاب والسنة في جميع أحواله لاسيما في أوقات الفتن وكثرة الفساد ، وعليه أن يكون فطناً حذراً من الوقوع في ضلالات المغضوب عليهم والضالين والفاسقين الذين لا يرجون لله وقاراً ولا يرفعون بالإسلام رأساً ، وعلى المسلم أن يلجأ إلى الله بطلب هدايته والثبات عليها فإنه لا هادي إلا الله ولا مثبت إلا هو سبحانه وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ عضو صالح بن فوزان الفوزان عضو عبد الله بن عبد الرحمن الغديان عضو بكر بن عبد الله أبو زيد فتوى فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين في عيد الحب السؤال : فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد : فقد انتشر في الآونة الأخيرة الاحتفال بعيد الحب ــ خاصة بين الطالبات ــ وهو عيد من أعياد النصارى ، ويكون الزي كاملاً باللون الأحمر الملبس والحذاء ويتبادلن الزهور الحمراء .. نأمل من فضيلتكم بيان حكم الاحتفال بمثل هذا العيد ، وما توجيهكم للمسلمين في مثل هذه الأمور والله يحفظكم ويرعاكم . بسم الله الرحمن الرحيم فلا يحل أن يحدث في هذا اليوم شيء من شعائر العيد سواء كان في المآكل أو المشارب أو الملابس أو التهادي أو غير ذلك وعلى المسلم أن يكون عزيز بدينه ولا يكون إمَّعَةً يتبع كل ناعق . أسأل الله أن يعيذ المسلمين من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يتولانا بتوليه وتوفيقه .الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته . الاحتفال بعيد الحب لا يجوز لوجوه : الأول : أنه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة . الثاني : أنه يدعو إلى العشق والغرام . الثالث: أنه يدعو إلي اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح رضِي الله عنهم . كتبه محمد الصالح العثيمين في 5/11/1420هـ نقلتها من مشاركة لبعض الأخوات -جزاها الله خيرًا- في "كل السلفيين" وأسلوب نسخ الفتاوى في بطاقات جاهزة للطباعة أسلوب جميل، ويُسهل توزيع ونشر هذه الفتاوى للعامة، ولعله أكثر قبولاً عندهم: |
#8
|
|||
|
|||
عيد الأمِّ والأسرة قال سماحةُ الشَّيخ عبد العزيز بن باز: اطلعتُ على ما نشرتْه صحيفة (النَّدوة) في عددِها الصَّادر بتاريخ 30/11/1384هـ تحت عنوان: (تكريم المرأة.. وتكريم الأسرة)؛ فألفيتُ الكاتب قد حبذ من بعض الوجوه ما ابتدعتْه الغربُ من تخصيص يوم في السَّنة يُحتفل فيه بالأم، وأورد عليه شيئًا غفل عنه المفكِّرون في إحداث هذا اليوم؛ وهي ما ينال الأطفال الذين ابتُلوا بِفقدِ الأم من الكآبةِ والحُزن حينما يَرون زُملاءَهم يحتفلون بتكريم أمَّهاتِهم، واقترحَ أن يكونَ الاحتِفال للأسرةِ -كلِّها-، واعتذر عن عدم مجيء الإسلام بهذا العيد؛ لأن الشَّريعة الإسلاميَّة قد أوجبت تكريم الأم وبرها في كل وقت فلم يبقَ هناك حاجة لتخصيص يوم من العام لتكريم الأم. ولقد أحسن الكاتب فيما اعتذر به عن الإسلام، وفيما أورده من سيئة هذا العيد التي غفل عنها مَن أحدَثه، ولكنَّه: لم يُشِر إلى ما في البدع من مُخالفة صريح النُّصوص الواردة عن رسول الإسلام -عليه أفضلُ الصَّلاة والسَّلام-، ولا إلى ما فيه ذلك من الأضرار ومُشابهة المُشرِكين والكفار؛ فأردتُ بهذه الكلمة الوجيزة أن أُنبِّه الكاتب -وغيرَه- على ما في هذه البدعة وغيرها مما أحدثه أعداءُ الإسلامِ والجاهِلون به مِن البدع في الدِّين؛ حتَّى شوَّهوا سُمعتَه ونفَّروا النَّاس منه، وحصل بسبب ذلك من اللَّبس والفُرقة ما لا يعلم مدى ضرَره وفسادَه إلا الله -سُبحانه-. وقد ثبت في الأحاديث الصَّحيحة عن رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- التَّحذير من المحدَثات في الدِّين، وعن مُشابهة أعداء الله من اليهود والنَّصارى وغيرهم من المُشرِكين؛ مثل قولِه -صلى اللهُ عليهِ وسلم-: " مَن أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليس مِنه؛ فهو ردٌّ " (1) متَّفق عليه، وفي لفظٍ لـ"مُسلم": " مَن عملَ عملًا ليس عليه أمرُنا؛ فهو ردٌّ " (2)؛ والمعنى: فهو مردود على من أحدَثه، وكان -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول في خطبتِه يوم الجمعة: " أمَّا بعدُ: فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمَّدٍ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، وشرَّ الأمور محدَثاتها، وكل محدَثة بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النَّار " (3) خرَّجه مسلم في "صحيحه". ولا ريب أن تخصيص يوم من السَّنة للاحتفال بتكريم الأم أو الأسرة مِن محدَثات الأمور التي لم يفعلها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولا صحابتُه المرضيُّون؛ فوجب تركُه، وتحذيرُ النَّاس منه، والاكتفاء بما شَرَعه الله ورسولُه. وقد سبق أن الكاتب أشار إلى أن الشَّريعة الإسلاميَّة قد جاءت بتكريم الأم والتَّحريض على بِرِّها كلَّ وقتٍ، وقد صَدَق في ذلك؛ فالواجب على المسلمين: أن يَكتَفُوا بما شرعه الله لهم مِن بِرِّ الوالدة وتعظيمها والإحسان إليها والسَّمع لها في المعروف كلَّ وقت، وأن يَحذَروا مِن محدثات الأمور التي حذَّرهم الله منها، والتي تُفضي بهم إلى مُشابهة أعداء الله، والسَّير في ركابهم، واستِحسان ما استحسنوه مِن البدع، وليس ذلك خاصًّا بالأم؛ بل قد شرع الله لِلمسلمين برَّ الوالِدَين -جميعًا- وتكريمهما، والإحسانَ إليهما، وصِلة جميع القرابة، وحذَّرهم -سُبحانَه- مِن العقوق والقطيعة، وخصَّ الأمَّ بمزيد العناية والبِر؛ لأن عنايتَها بالولد أكبر، وما ينالها مِن المشقة في حَملِه وإرضاعِه وتربيتِه أكثر. قال الله -سُبحانه-: وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (4)، وقال -تَعالَى-: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (5)، وقال -تَعالَى-: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (6). وصحَّ عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه قال: " ألا أُنبِّئكم بأكبر الكبائر؟ "، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: " الإشراكُ بالله وعقوق الوالِدَين "، وكان متكئًا فجلس وقال: " أَلا وقول الزُّورِ، ألا وشهادة الزُّور " (7). وسأله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- رجلٌ فقال: يا رسولَ الله؛ أي النَّاس أحق بِحُسن صحابتي؟ قال: " أمُّك "، قال: ثم مَن؟ قال: " أمُّك "، قال: ثم مَن؟ قال: " أمُّك "، قال: ثم مَن؟ قال: " أبوك، ثم الأقرب فالأقرب " (8). وقال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: " لا يَدخل الجنَّة قاطع " (9)؛ يعني: قاطع رحم. وصحَّ عنه -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- أنه قال: " مَن أحبَّ أن يُبسَط له في رِزقِه، ويُنسَأ له في أجلِهِ؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَه " (10). والآيات والأحاديث في بِر الوالِدَين وصلةِ الرَّحِم وبيان تأكيد حقِّ الأم كثيرة مشهورة، وفيما ذكرنا منها كفاية ودلالة على ما سواه. وهي تدل مَن تأمَّلها دلالة ظاهرة على وجوب إكرام الوالِدَين -جميعًا-، واحترامِهما، والإحسانِ إليهما، وإلى سائر الأقارب في جميع الأوقات، وتُرشد إلى أن عقوق الوالِدَين، وقطيعةَ الرَّحِم مِن أقبح الصِّفات والكبائر التي توجب النَّار وغضب الجبار -نسأل الله العافية مِن ذلك-، وهذا أبلغ وأعظم مما أحدثه الغرب مِن تخصيص الأم بالتَّكريم في يوم مِن السَّنَة -فقط-!! ثم إهمالها في بقيَّة العام!! مع الإعراض عن حقِّ الأب وسائر الأقارب!! ولا يخفى على اللَّبيب ما يترتب على هذا الإجراء من الفساد الكبير، مع كَونه مخالفًا لِشرع أحكم الحاكمين، وموجبًا للوقوع فيما حذَّر منه رسوله الأمين. ويلتحق بهذا التَّخصيص والابتداع: ما يفعله كثير من الناس من الاحتِفال بالموالد، وذِكرى استقلال البلاد، أو الاعتلاءِ على عرش المُلك، وأشباه ذلك؛ فإن هذه -كلَّها- مِن المحدَثات التي قلَّد فيها كثيرٌ من المسلمين غيرَهم من أعداء الله، وغفلوا عما جاء به الشَّرع المطهَّر مِن التَّحذير مِن ذلك، والنَّهي عنه؛ وهذا مصداق الحديث الصَّحيح عن رسول الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-؛ حيث قال: " لتتبعُنَّ سَنَنَ مَن كان قَبلَكُم حَذو القذَّةِ بالقذَّةِ، حتى لو دَخَلُوا جُحرَ ضَبٍّ لدَخلتُموهُ "، قالوا: يا رسول الله؛ اليهود والنَّصارى؟ قال: " فمَن؟ " (11)، وفي لفظٍ آخر: " لتأخذُنَّ أمَّتي مأخذ الأمم قبلَها شبرًا بشبرٍ، وذِراعًا بذراع "، قالوا: يا رسول الله؛ فارس والروم؟ قال: " فمَن؟ " (12)؛ والمعنى: فمَن المراد إلا أولئك. فقد وقع ما أخبر به الصادق المصدوق -صلَّى الله عليه وسلَّم- مِن متابعة هذه الأمة -إلا مَن شاء الله منها- لمن كان قبلهم مِن اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم مِن الكفرة في كثير من أخلاقهم وأعمالهم، حتى استحكمت غربة الإسلام، وصار هدي الكفار وما هم عليه من الأخلاق والأعمال أحسنَ عند الكثير مِن الناس مما جاء به الإسلام! وحتى صار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والسُّنةُ بدعةً والبدعة سُنةً عند أكثر الخلق؛ بسبب الجهل والإعراض عما جاء به الإسلام من الأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة المستقيمة!! فإنا لله وإنا إليه راجعون، ونسأل الله أن يوفِّق المسلمين للفقه في الدِّين، وأن يصلح أحوالهم، ويهدي قادتهم، وأن يوفِّق علماءنا وكُتّابنا لنشر محاسن دينِنا والتَّحذير من البدع والمحدثات التي تُشوِّه سمعته وتُنفر منه؛ إنه على كل شيء قدير. وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله محمَّد وآله وصحبه ومَن سلك سبيله واتبع سنته إلى يوم الدين . ("مجموع فتاوى ومقالات متنوِّعة"، 5/189، الشيخ ابن باز) _________________ (1) البخاري (2697)، ومسلم (1718). (2) مسلم (1718)، (18). (3) مسلم (867). (4) سورة الإسراء، الآية: 23. (5) سورة لقمان، الآية: 14. (6) سورة محمد، الآيتان: 22-23. (7) البخاري (2654)، (5976)، (6273)، (9619)، ومسلم (87). (8) أبو داود (5139)، والترمذي (1898)، ومسند الإمام أحمد (5/3)، و"صحيح سُنن أبي داود" (4285)، وانظر: البخاري (5971)، ومسلم (2548). (9) البخاري (5984)، ومسلم (2556). (10) البخاري (5986)، ومسلم (2557). (11) البخاري (3456)، ومسلم (2669). (12) البخاري (7319). [نقلًا من كتاب: "البدع والمحدَثات وما لا أصلَ له"، ص212-217، مع اختلاف في ترقيم الحواشي] |
#9
|
|||
|
|||
|
#10
|
|||
|
|||
بدع شهر رجب.... والتنبيه على ما صح من السنن-فيه- لفضيلة الشيخ علي بن حسن الحلبي -حفظه الله- إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يضللْ فلا هاديَ له. وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ -وحده لا شريك له-. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه. أمَّا بعدُ: فإنَّ أصدقَ الحديثِ كلامُ الله، وخيرَ الهَدْي هديُ محمد -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدَثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النَّار. وبعدُ: فنحن -اليوم- في الأول مِن شهر رجب، سَنَة اثنتين وثلاثين بعد الأربعمِئة والألف.. مِن أجل هذا: أحببتُ أن يكون كلامُنا -في هذا اليَوم- متعلقًا بشيءٍ مِن الفوائد الفِقهيَّة والعلميَّة المتعلِّقة بهذا الشَّهر الكريم؛ فالله -تَبارَك وتَعالَى- يختصُّ مِن الأزمنةِ أزمنةً، ومِن الأمكنةِ أمكنةً، ومِن الأشخاص أشخاصًا. فشهرُ رجب هو أوَّل الأشهر الحُرم، وهو الذي يُسمَّى «رجبَ الفَرد». لذلك: اعتقدَ العربُ في الجاهليَّة فيه عقائدَ -أقرَّ بعضَها الإسلامُ، وخالفَ بعضًا آخر-، وكذلك في هذه الأزمنة -كما هو في أزمنةٍ سبقتْ-؛ فإن كثيرًا من المسلمين يَفعلون أفعالاً في رجبٍ يَظنُّونها هَديًا شرعيًّا، وسُننًا دينيَّة، وليست هي مِن ذلك في شيء. لذلك: اعتنى أهلُ العلمِ -قديمًا- في بيانِ ما يتعلَّقُ برَجَب؛ فألَّف الإمامُ ابن دِحيةَ كتابًا سمَّاه :«أداء ما وَجَب مِن بيان وَضعِ الوضَّاعين في رجب»، وألَّف الحافظُ ابنُ حجر العسقلاني كتابًا سمَّاه «تَبيينُ العَجَب فيما ورد في فَضلِ رجب». وسنُحاول -في هذه العُجالة السَّريعة-إن شاءَ اللهُ- إلقاءَ الضَّوء على مُجمَل ذلك -مما ثبتَ؛ فنحض عليه، ومما لم يثبتْ؛ فننهَى عنه-. أول ذلك: ما يتوهَّمُه النَّاسُ مِن صحَّةِ حديثٍ فيه: أنَّ النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- قد دعا: «اللهمَّ! بارِك لَنا في رجَبَ وشَعبان، وبَلِّغنا رمضان»؛ فهذا حديثٌ لا يَصِح، قد بَنى عليهِ بعضُ النَّاسِ دعاءً خاصًّا في فضلِ رجب، دعاءً خاصًّا في المبارَكةِ بشهرِ رَجب، ولا شكَّ ولا ريبَ أن (رجب)شهرٌ مبارَك -باعتبارِه من الأشهر الحُرُم-؛ ولكنْ: لا يعني ذلك أن يُخصَّ بأمورٍ لم تَرِدْ في سُنَّة النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-. أمَّا الدُّعاءُ المطلَق؛ فلا أحدَ ينهَى عنه، ولا أحدَ يَكرهُه، فما أطلقَه الشَّرعُ نُطلِقه، وما قيَّده الشرعُ نقيِّدُه، وما خصَّصَه الشَّرعُ بِفضائلَ نُخصِّصه . . وهكذا في سائر أحكامِ هذه الشَّريعةِ الغرَّاء. كما أنَّهم خصَّصوا شهر (رجب) بِدُعاء؛ فإنهم خصَّصوه بِصلاة، وسمَّوها «صلاةَ الرَّغائب»، وهي: ثِنتا عشرة ركعة بسِتِّ تسليماتٍ، تُصلَّى بين المغربِ والعشاء في أوَّل ليلةٍ من شهرِ رجب، وهذه الصَّلاة لا تَصِح، ولا تَثبتُ في السُّنة. ونحن -دومًا-على اعتقادٍ راسخٍ، ويقينٍ ظاهِر-: أنَّه لا تَثبتُ الأحكامُ إلا بالنُّصوصِ الصَّحيحةِ، وكذلك: لا تَثبتُ الفضائلُ إلا بالنُّصوصِ الصَّحيحةِ، ونحن على خِلاف قولِ مَن يقولُ بأنَّ الفضائلَ يجوزُ الاستِدلالُ عليها بِما لم يَصِحَّ من الحديثِ، حتى مَن قال ذلك مِن أهل العلم؛ وضع له شُروطًا، وهذه الشُّروط قلَّ أن يَضبطَها أحدٌ، أو أن يُتقنَها شخصٌ -إلا في أضيق مجال-. وقد كانت -هنالك- مُساجلة علميَّة بين بعضِ أهلِ العلم في صَلاة الرَّغائب -هذِه-، والحقُّ فيها كان لمن نَهَى عنها؛ لعَدم الثُّبوت فيها، وقد نشرَ هذهِ المساجلةَ بعضُ الأفاضل -في هذا العَصر-. وإذْ قد ذكرنا الصَّلاةَ بين المغربِ والعشاء -تخصيصًا-، وبيَّنَّا أنَّها لا تَثبتُ عن النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- في رجب؛ فكذلك نقول: لا تَثبت -كذلك- في غيرِ رجب؛ إلا ما وَرَد مِن سُنَّة المغرب البَعديَّة، أو النَّفل المُطلَق. أمَّا ما اعتادهُ بعضُ النَّاس مما يُسمَّى «صلاة الأوَّابين»؛ فهذا لا يَثبت. و«صلاة الأوَّابين» -الثَّابتةُ-: هي صلاة الضُّحى، وفي ذلك حديثٌ صحيحٌ صَريح، قال فيه النَّبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «صلاةُ الأوَّابين: صلاةُ الضُّحَى»، وأمَّا اعتقادُ أنَّ صلاةَ الأوَّابين هي صلاةٌ بعددٍ معيَّن مِن الرَّكعات -يوميًّا- بين المغرب والعشاء؛ فهذا ما لا يَصِح، ولا يَثبتُ عن النَّبي -صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم-. كما أنَّه لا يجوزُ تخصيصُه بالدُّعاء، وكذلك بالصَّلاةِ؛ فكذلك لا يجوزُ تخصيصُه بالصِّيام، أو بعضِه. فبعضُ النَّاس يصومُ أوَّل رجب، أو نصفَ رجَب، أو آخرَ رجَب، أو أيامًا معيَّنة في رَجب؛ كلُّ ذلك ليس مشروعًا، وليس عليه دليلٌ صحيحٌ في سُنَّة النَّبيِّ -عليه أفضلُ الصَّلاةِ وأتمُّ التَّسليم-. نقول: نعم؛ مَن كان مُعتادًا صيامَ الأيَّام البِيض -الثَّالث عشر، والرَّابع عشر، والخامِس عشر-مِن كلِّ شهر-، أو مَن كان مُعتادًا صيام الاثنين والخَميس -مِن كلِّ أسبوع-؛ فصام (رجب)، كما صام جُمادى، كما صام غير ذلك -مِن الأيام الفاضلة في الشُّهور الهجرية-؛ فهذا لا نُنكر عليه؛ إنَّما الإنكار -كما قُلنا- على مَن خصَّص فِعلًا خاصًّا؛ لاعتقادٍ خاصٍّ، بلا دليلٍ خاصٍّ؛ وهنا موضع النَّكير، وموضِع الخَلل! وكذلك -أيضًا- نقول بالنِّسبة للعُمرة: وقد توهَّم بعضُ الصَّحابةِ -رضيَ اللهُ عنهُم-وهو عبـدُ الله بن عُمر-بحضرة السَّيدة عائشةَ- أنَّ الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- اعتمر في رجب؛ فأنكرتْ ذلك السَّيِّدةُ عائشةُ -رضيَ اللهُ--عنها-، وقالت: لم يَعتمِر رسول الله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- إلا أربَع عُمَر -أو عُمرات-، وكنتُ معه فيهن -جميعًا-؛ فسكتَ ابنُ عمر -رضيَ اللهُ--عنه-. لكن: مَن وافقتْ عمرتُه (رجَب) لمجردِ الفِعل -ليس لمزيدِ الاعتِقاد-؛ فلا نُنكرُ عليه -أيضًا-، كما لو وافقَ صيامُه صِيامًا في رجَب -مِن غيرِ مَزيد اعتقاد-؛ أيضًا: لا نُنكرُ عليه، وبخاصَّةٍ: أنَّ شهر رجبٍ قد أتَى في هذه الأيَّام -مثلًا- في العُطلةِ، وفي الإجازة، والنَّاس يَستغلُّون ذلك للسَّفرِ إلى العُمرة؛ فهم لا يَستغِلُّون ذلك لمزيد فضلِ شَهرِ رجبٍ؛ وإنَّما يَستغلُّون ذلك؛ بسببِ ظَرفِهم، وبسببِ عُطلتِهم وإجازتِهم -التي يكونُ لهم فيها فُسحةٌ في السَّفر، وما أشبه ذلك-. وكذلك -أيضًا- نقولُه في الإنفاق -صَدقات، وزَكوات-؛ فإنَّه لا يُشرع تخصيص رجب بالزَّكاة لاعتقاد مَزيَّة فَضل، أو مَزيدِ أجرٍ؛ لكنْ: مَن وافق حَولُه شهرَ رجبٍ؛ فهذا لا مانِع مِن ذلك؛ وإن كان وردَ عن عددٍ من الصَّحابةِ أنهم كانوا يجعلون حَوْلَهم في الصَّدقات والزَّكَوات شهر رمضان؛ لِما فيه مِن البِرِّ، ولما فيه مِن الأجر، ولِما فيه مِن حال الرَّسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-وأنه كان أجودَ ما يكون في رمضان-؛ ففعل ذلك الصَّحابةُ -رضيَ اللهُ--عنهُم-، وكانوا يُخصِّصون شهر رمضانَ لأداء زكاتِهم. هذا -أيضًا- لا ينفي ما سواه؛ يعني: لو أن أحدًا لم يُخصِّص شهرَ رمضان، ولم يتَّبع السَّلف في ذلك؛ هل نقول له: أحدثتَ، أو ابتدعتَ؟! نقول له: لا؛ فالأمر فيه سعة. لكن: بعض الصَّحابةِ الذين جعلوا زكواتِهم مخصوصةً بشهر رمضان؛ إنَّما فعلوا ذلك؛ مُراعاةً لحال النَّبيِّ الكريم -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-كما قُلنا- باعتبارِه -صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه- كان أجودَ مِن الرِّيحِ المُرسَلة، وكان أجودَ ما يكونُ -كذلك- في شهرِ رمضان. ومما -أيضًا- يُعتقدُ ويُتوهَّم في شهر رجب -وبخاصَّة في يوم السَّابع والعشرين-أو في ليلة السَّابع والعشرين منه-: اعتقادُ ثُبوت الإسراءِ والمعراج، وليس هنالك دليلٌ قاطِعٌ على أنَّ الإسراء والمعراجَ حَدثَ في هذا اليَوم، أو في هذه اللَّيلة، مع ثُبوت الإسراءِ والمعراج مِن نُصوص الآيات والأحاديث المتواترة عن النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- في ذلك -بما لا شكَّ فيه-؛ لكنْ: نتكلَّم عن تحديد اليوم، وعن تحديد الوقت والزَّمان؛ أمَّا المكان: فمعروف؛ من مكَّةَ إلى بيت المقدِس إلى السَّماء سُبْحَانَ الَّذِي أسْرَى بِعَبْدِهِ ليلًا مِن المسجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَه لِنُرِيَهُ مِن آياتِنَا، وهكذا -أيضًا- في آيات «سورة النَّجم» -في موضوع المعراج-. ونحن على مَبدأ مُستقيم ومُستقِرٍّ: أنَّ الاحتفالاتِ بالمناسَبات، وقد عُرفتْ هذه المناسَبات في الأزمنةِ الفاضِلات، وفي الأيَّام المبارَكات، ومع ذلك: لم يَفعلها مَن هُم أحرصُ منَّا على الأعمال الصالِحات -كالصَّحابة، والتَّابعين، وأتباعهم، والأئمَّة الأربعة، ومَن بَعدَهم-مِن فُحولِ الأُمَّة وعُلمائِها والأئمَّة-؛ وبالتَّالي: فإن مثلَ هذا الاحتِفال ليس مِن الهدْيِ النَّبويِّ، وليس مِن الخيرِ المَرجوِّ، ونحنُ -دائمًا وأبدًا- نقولُ: (وخيرُ الهديِ هديُ محمدٍ -صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِه وصحبهِ أجمعين-)، ولو كان خيرًا لَسبقونا إِليه، وكما قال مَن قال مِن الصَّحابةِ -رضيَ اللهُ عنهُم-: «اتَّبِعُوا ولا تَبتَدِعُوا؛ فقد كُفِيتُم، عَليكم بالأمرِ العَتِيق». فدِينُنا دِين اتِّباع، ودِينُ تَسليمٍ، ودِينُ استِسْلام، ودِينُ تَسنُّنٍ، وليس دِينَ إحداثٍ، ولا ابتِداعٍ، ولا اختِراعٍ، ولا اجتهادٍ في غيرِ نصٍّ؛ كما قال عبد الله بن مسعود -رضيَ اللهُ عنه-: «اقتصادٌ في سُنَّة خير مِن اجتهادٍ في بدعة». فنحن نقتصدُ، أو نتَّبع السُّنة -بل نقتَصِد فيها- أولَى وأولى مِن أن نجتهدَ ونقعَ فيما يُخالف السُّنَّة، أو فيما يكونُ بِدعةً في الدِّين. هنالك سُنَّةٌ وحيدةٌ مهجورةٌ في شهرِ رجبٍ: فكما قُلنا؛ نرى كثيرًا من النَّاس يتهافتونَ على المحدَثات -في الوقتِ الذي يَزهدُون فيه في السُّننِ النَّبويَّات-وبخاصَّة منها المَهجورات-، وإن كانت هذه المسألةُ -التي سأقولُها- مسألةٌ خِلافيَّة بين أهلِ العلم؛ لكنْ: أنا أذكرُ لكم تَرجيحَ شيخِنا الشَّيخِ الإمامِ أبي عبدِ الرَّحمن محمَّد ناصِر الدِّين الألباني -رحمَهُ اللهُ-؛ فقد كان يُرجِّح استحبابَ (العَتِيرةِ) في شهر رجب. و(العَتِيرةُ): هي ذبيحةٌ يُتقرَّب بها إلى الله في شهرِ رَجب. وكان شيخُنا -رحمَهُ اللهُ- يُضعِّف الحديثَ المرويَّ في «سُنن أبي داود»: «على كلِّ أهلِ بيتٍ في كل عامٍ أضحِيةٌ وعَتِيرةٌ»، المشهورُ في الحديثِ: «عَلى كلِّ أهلِ بيتٍ في كلِّ عامٍ أُضحِيةٌ»؛ لكن: جاءت زيادةٌ في أسانيدَ صِحاح تقول: «وعَتِيرة». فهذا الحديثُ ظاهرُه يفيدُ الوُجوب؛ ولذلك: القولُ الصَّحيحُ في الأضحيةِ -عند بعض أهلِ العلم-بحسبِ هذا الدَّليل- أنها واجبة، وإن خالف آخَرون فقالوا: هذا النَّص لو لم يَرد ما يُبيِّن الاستحبابَ فيه؛ لكان الحُكمُ واجبًا مِن خلالِ هذا النصِّ؛ لكن: أبو بكر وعُمر -رضيَ اللهُ--عنهُما- ما كانا يُضحِّيان؛ حتى لا يَعتقدَ النَّاسُ أنَّها فريضةٌ -أو كما ورد عنهُما-رضيَ اللهُ--عنهُما-، وهُما اللَّذانِ قال فيهما نبيُّ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «اقتَدُوُا باللَّذَيْن مِن بعدي: أبي بكرٍ وعُمرَ»، فكما قال النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-فيهما-رضيَ اللهُ عنهُما-: «هُما السَّمعُ والبَصرُ» -رضيَ اللهُ--عن أبي بكر وعمر-. أقولُ: كما ورد ما يَرفع وُجوبَ الأُضحية؛ ورد ما يَرفع وُجوبَ العَتِيرة، فقد صحَّ عن النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنه قال: «لا فَرَعَ، ولا عَتِيرة». بعض أهلِ العِلم حَكَم على هذا الحديثِ بأنَّه ناسِخٌ لذاك الحديثِ؛ لكنْ: عُلماء آخَرون -ومنهم شيخُنا الشَّيخ الألباني-رحمهُ اللهُ- قال: هذا ليس بِناسِخ؛ وإنَّما هذا يَرفع الوُجوب؛ فلا فَرَع ولا عَتِيرة طالما أنَّه وَرد في العَتيرةِ حضٌّ -بل أمرٌ-، ثم جاء هذا الحُكم: «لا فَرَعَ ولا عَتِيرة»؛ فإن هذا -حينئذٍ- ينفي الوُجوبَ ولا يَنفي الحُكم، و(إعمالُ الدَّليلَين أَولى مِن إهمالِ أحدِهِما)؛ هذا مِن قَواعد أُصولِ الفِقه -عند أهل العلم-. أما (الفَرَع): فهو ما كان أهلُ الجاهليَّةِ يتقرَّبون به بأوَّل ما تُنتِجُه بهائِمُهُم؛ أوَّل ما تُنتجه البَهيمةُ -من بهائِمهم-في الموسِم-؛ فإنَّهم كانوا يتقرَّبون به، ويتعبَّدون بذَبحِه لأصنامِهم وأوثانِهم؛ فجاء الشرعُ في النَّهيِ عنه وعدم إقرارِه. لكن (العَتِيرةَ): طالما أنه قد أمرَ الشَّرعُ بها؛ فهذا جاء نفيًا للوُجوب، وليس نهيًا عن أصلِ الحُكم. هذه سُنَّة مهجورة قال بها بعضُ أهلِ العِلم -كما قلتُ-، وشيخُنا الشَّيخ الألباني -رحمَهُ اللهُ- كان يحضُّ عليها. ومِن بابِ ذِكرِ الشَّيءِ بِمثالِه، مِن السُّنن المهجورة -أيضًا-ولعلنا ذكرنا ذلك في بعضِ المجالِس-، مِن السُّنن المهجورة -أيضًا-وإن كانت في غيرِ هذا المقام؛ لكن ذكَّرني بها الذَّبح والتقرُّب كما قال اللهُ --: لَن يَنالَ اللهَ لحومُها ولا دِماؤُها ولكنْ ينالُهُ التَّقوى مِنكم: الهَديُ في العمرة. نحن معروف -عندنا- الهدي في الحج؛ لكن مِن السُّنن المهجورة: الهَدي في العُمرة؛ فقد وَرَد عن النَّبي، وعن ابن عُمر، وعن عددٍ مِن الصَّحابة: (أنهم كانوا يَهدُون ويَذبحون إذا اعتَمَرُوا)؛ لكن -كما قُلنا- هذا -أيضًا- على الاستِحباب وليس على الإيجاب، وإحياءُ السُّنةِ له فضل عظيم. أسألُ الله -عزَّ وجلَّ- أن يوفِّقَنا -وإيَّاكم- لأن نكونَ مِن أهلِ السُّنة المُلتزِمين بها، الحَريصين عليها، الدَّاعين إليها؛ إنَّه -سبحانَه- وليُّ ذلك والقادِر عليه. وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبِه. تفريغ وضبط أختكم: أم محمد قام بمراجعته والتعديل عليه فضيلة الشيخ علي الحلبي -حفظه الله- |
#11
|
|||
|
|||
|
#12
|
|||
|
|||
|
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
الأحاديث المشابهة | ||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
من نماذج التخلص في القرآن الكريم | فريد البيدق | حلقة البلاغة والنقد | 2 | 25-01-2011 02:08 PM |
المشروع الإسلامي لتعريب العلوم المعاصرة | شادى الظاهر | مُضطجَع أهل اللغة | 0 | 13-12-2010 04:36 AM |
أيها الذليل ارفع رأسك قليلا لترى فإن البيع مرتخصٌ وغال | سلسبيل | مُضطجَع أهل اللغة | 3 | 22-06-2009 12:34 PM |