|
#1
|
|||
|
|||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم
إن كنتَ لقيتَ من بعض أضراسك يومًا من الدهر جهدًا وشدة فقد يجذبك الحديث عن الأضراس، وهو شيء كنتُ قيدتُّه ولعل إخواني من الأدباء يشاركون بما يحضرهم، فلا يتم طيب الحديث إلا بهم. اعلم أنهم يضربون المثل في الشدة والصعوبة بقلع الضرس، قال الفرزدق: قد علم الناس أني فحل الشعراء، وربما أتت علي الساعة لقلع ضرس من أضراسي أهون علي من قول بيت شعر. وقال البحتري: لَـحِزٌ يُقيمُ المالَ يُرزَؤُهُ ![]() وقال دعبل يهجو امرأة: حَديثٌ كقَلعِ الضرسِ أو نَتفِ شارِبٍ ![]() وقال ابن غلبون الصوري في أبيات طريفة: لقَلعُ ضرسٍ ومَضغُ كِلسِ ![]() ولذعُ نارٍ وحملُ عارٍ ![]() وقَتلُ عَمٍّ وشُربُ سَمٍّ ![]() وقتلُ خالٍ وعُدمُ مالٍ ![]() وطولُ يَأسٍ وعُدمُ كأسٍ ![]() وطولُ طَيشٍ ولبسُ خَيشٍ ![]() أهوَنُ مِن وَقفةٍ بِبابٍ ![]() وقال الأخطل: كأَنَّ أَبا مَروانَ يُنزَعُ ضِرسُهُ ![]() وإلى الضرس يُنسب الأكل والنهم، وإن كان يشاركه في الأكل الأسنان والأنياب، قال ابن سُكَّرة: أَكرَهُ أَن أَدنو إلى داركم ![]() ضِرسي طَحُونٌ وعلى خُبزكم ![]() وقال ابن قلاقس: أسقَمَهُ اللهُ فما فيهِ ما ![]() لم يُبْقِ فَرُّوجًا حَكَى جسمُهُ ![]() وقال هُدبَةُ بن الـخَشرَم: ولا تَنكِحي إِن فَرَّقَ الدهرُ بينَنا ![]() مِن القوم ذا لَونَينِ وَسَّعَ بَطنَهُ ![]() كليلًا سوى ما كانَ مِن حَدِّ ضِرسِهِ ![]() ولذلك قال المتنبي: العَبدُ لا تَفضُلُ أَخلاقُهُ ![]() ولذلك أيضا قال ابن الهبارية: الـمَرءُ دُنيا نَفسِهِ ![]() يَسعَى لأَجلِ عرسِهِ ![]() ومن ألطف ما وقع فيه ذكر الضرس قول المزرِّد بن ضرار: ولو أَنَّ شَيخًا ذا بَنينَ كأَنَّـما ![]() وقد فَنِيَتْ أَضراسُهُ غَيرَ واحِدٍ ![]() تُبَيِّتُ فيه العنكبوتُ بناتِـها ![]() لَظَلَّ النهارَ رانِيًا وكأَنَّهُ ![]() والبيت الثالث من العجائب المضحكة، وهو من أغرب أبيات الشعر القديم. والثور في البيت الرابع: القطعة من الأقط، والكريص: الأقط، والمنمِّس: المنتن. قال الحريري في قصيدة ألغاز: وطالما مرّ بي كلبٌ وفي فمه ![]() ومن الطريف أيضًا قول صفي الدين الحلي: قُلتُ لِلكَلبَتَينِ إِذ عَجَزَت عن ضِرسِ يَحيى مِن بَعدِ جُهدٍ عَنيفِ كَيفَ أَعياكِ نَزعُ ذَلِكَ والكَلبُ بِسَلبِ العِظامِ غَيرُ ضَعيفِ فَأَعادَت مِنَ الصَّليلِ جَوابًا ![]() لا تُطيقُ الكِلابُ تَنزِعُ عَظمًا ![]() ومن أعجب التشبيهات للأسنان وأكثرها إضحاكًا قول حسان: كأَنَّ أَسنانَـهم مِن خُبثِ طعمَتِهم ![]() وأما بيت ابن قلاقس في الفَرُّوج فهو يناسب حديث الألغاز والأحاجي الشعرية، ولم أستطع حل لغزه ولا فهمتُ مراده، فلعل أحدًا يوضحه لنا ويكشف مبهمه. |
#2
|
|||
|
|||
![]() أحسن الله إليكم ونفعَ بكم، حديثٌ ظريفٌ طريف
بالنّسبة لبيتَي ابن قلاقس، يظهرُ لي أنَّ تصحيفَ كلمة (فرُّوج) مع عكسها هو: جَورَق، والجورَقُ: الظَّليم، الذَّكَرُ من النَّعام فيذكر ابنُ قلاقس أنَّ صاحبَه نهِمٌ قويُّ الضّرس أكل فروجًا في حجم الظليم ولم يُبق منه شيئًا، والله أعلم وعلى ذكر الألغاز والأضراس، فممّا يُستحسنُ في هذا الباب قول أسامة ابن منقذ في (ضرس): وصاحبٍ لا أمَلُّ الدَّهرَ صُحبتَهُ ![]() لم ألقَهُ مُذ تَصاحَبنا فحينَ بَدا ![]() وقولهُ فيهِ أيضًا: أعجِبْ بمُحتَجبٍ عَن كُلّ ذِي نَظرٍ ![]() حتَّى إذا رابَني قابَلتُهُ فقَضى ![]() وقولهُ فيهِ أيضًا: وصاحبٍ صاحَبَني فِي الصِّبا ![]() لم يَبدُ لي ستّينَ حولًا ولا ![]() أفسَدهُ الدَّهرُ ومن ذا الذي ![]() مُنذ افْتَرقنا لم أُصِبْ مثلَهُ ![]() ونختم بقول ابن الرّومي في بعضِ الأكَلَة: يخالفُ إخوانهُ في الطريقِ ![]() فبَينا كذاك إِذَا هُمْ بِهِ ![]() يلينُ الطَّعامُ عَلَى (ضِرسِهِ) ![]() ويأكلُ زادَ الورى كُلَّهُ ![]() وبورك فيكم |
#3
|
|||
|
|||
![]() أحسنتم أستاذنا الأديب، أحسن الله إليكم.
وقد بدا لي رأي آخر في توجيه بيت ابن قلاقس، وهو أنه أراد خروف، فإذا عكست فروج صار جورف، ثم تصحف الجيم فيصير خورف، ثم تصحف الواو فتجعل راءًا وتصحف الراء فتصير واوا فذلك خروف، وهذا مبني على عدم التفريق بين التصحيف والتحريف، وهو رأي بعض العلماء، فيسمون التغيير بالنقط تصحيفا كما في تصحيف الجيم خاءًا، ويسمون التغيير في الحروف المتشابهة في الرسم تصحيفا أيضا كما في تصحيف الواو راءًا والراء واوًا، وبعضهم يجعل التصحيف خاصًا بالنقط، ويسمي الثاني تحريفًا، وابن قلاقس استعمل التصحيف في لغزه، فإن أخذنا بالرأي الأول صح تفسير الأستاذ أحمد بالجورق وصح تفسيري بالخروف، وإن أخذنا بالرأي الثاني لم يصح إلا تفسير الأستاذ أحمد. وبالله التوفيق. |
#4
|
|||
|
|||
![]() بورك فيكم.
. - قال مصطفى البابي يرثي ضرسَه بعد قلعِه من قصيدةٍ: [ من الخفيف ] . أبيضُ الوَجْهِ في اللِّقا ليِّنُ الـمَلْـمَسِ صَعْبُ الـمِراسِ حِينَ الصِّدامِ كاسِرٌ طاحِنٌ إذا اصْطَدمَ الصَّفَّانِ ماضي الشَّبا ألَدُّ الخِصامِ ضَعْضَعَتْ رُكْنَه الخُطوبُ وثَلَّتْ ![]() أينَ منِّي وأينَ هَيهاتَ أنَّى ![]() يا رَفيقي مُذْ كُنتُ طِفْلًا إلى أَنْ ![]() وصَدِيقي الَّذي تخوَّلْتُ مِن جَدْواه قُوتي وقُوَّتي وقَوامي مَن يَروضُ الصِّعابَ بَعْدكَ مَن لِلبَطْشِ مَن لِلقِراعِ مَن لِلصِّدامِ رُبَّ قِشْرٍ مَحَضْتَهُ عن لُبابٍ ![]() وجُلودٍ مزَّقتَها باقتِدارٍ ![]() ما قَدَرْناكَ حَقَّ قَدْرِكَ حَتَّى ![]() . [ «ديوانه» (ص46) ضمن «العقود الدرية في الدواوين الحلبية» ]. |
#5
|
|||
|
|||
![]() وقال مبذولٌ العذريّ:
ومَوْلًى كضِرْسِ السَّوْءِ يُؤذِيكَ مَسُّهُ ![]() دَوِي الجَوْفِ إِن يُنْزَعْ يَسُؤْكَ مَكَانُهُ ![]() [ البيان والتبيين 4/ 56 ] |
![]() |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|