ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية  

العودة   ملتقى أهل اللغة لعلوم اللغة العربية > الحلَقات > حلقة فقه اللغة ومعانيها
الانضمام الوصايا محظورات الملتقى   المذاكرة مشاركات اليوم اجعل الحلَقات كافّة محضورة

منازعة
 
أدوات الحديث طرائق الاستماع إلى الحديث
  #16  
قديم 16-10-2011, 10:27 PM
عبد المؤمن أيمن عبد المؤمن أيمن غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Aug 2011
السُّكنى في: المدينة المنورة
التخصص : طالب علم
النوع : ذكر
المشاركات: 231
افتراضي

ليس لي خبرة بهذه المسالة ولكني أتذكر من أن جمعا من العلماء نصوا على أن الشافعيِّ كلامه حجة فى اللغة ما يجيب فضيلة الشيخ المنصور؟؟
منازعة مع اقتباس
  #17  
قديم 17-10-2011, 01:24 PM
فيصل المنصور فيصل المنصور غير شاهد حالياً
مؤسس الملتقى
 
تاريخ الانضمام: May 2008
التخصص : علوم العربية
النوع : ذكر
المشاركات: 719
افتراضي

قد ذكرتُ أن الشافعيَّ من من لا يُحتَجُّ بكلامِه. ومَن زعَم غيرَ ذلك فهو مخطئٌ. ولو أردتُّ بسطَ هذه المسألة، وتناولَ حججِها، ونقضَ شبهاتِ المخالفِ، لطالَ الكلامُ جِدًّا.
__________________
(ليس شيءٌ أضرَّ على الأممِ وأسرعَ لسقوطِها من خِذلان أبنائها للسانها وإقبالهم على ألسنةِ أعدائها)
منازعة مع اقتباس
  #18  
قديم 30-12-2011, 09:08 AM
أبو العقيل القمري أبو العقيل القمري غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Dec 2011
التخصص : الدراسات في اللغة العربية، قسم النحو والصرف وفقه اللغة
النوع : ذكر
المشاركات: 1
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ملحوظة عقدية
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأله وصحبه أجمعين، وبعد:
بادئ ذي بدء أود أن أشكر - بعد شكر الله أولا وآخرا - إدارة هذا المنتدى على ما يقومونه لحفظ اللغة العربية الفصيحة والتي اختارها الله أن تكون لغة الإسلام، وهذا اختيار إلهي ليس للإنسان مجال فيه؛ ليعلم هذا الذين يدعون الناس إلى العامية.
أما ملحوظتي في هذا البحث القيم - جزى الله الباحث خير الجزاء - هو أنه ورد عند تحقيق مادة اللغة - وتحديدا عند تصريفها ( والباحث كتب : تصريفه ) قوله : " والتاء فيها للمبالغةِ. وتكونُ المبالغةُ راجعةً إلى النفي، كما في قولِه تعالَى: وما ربُّك بظلامٍ للعبيدِ [فصلت: 46]" وهذا مما ذهب إليه بعض المفسرين قبل باحثنا، أن ( ظلام ) في الآية الكريمة للمبالغة، وهذا ليس بصحيح؛ إذ أنه لو كان كذلك لقلنا تفسيرا للآية: إن الله لا يبالغ في ظلم العبيد لكن ...، وسبحان الله وجل وتقدس من هذا الوصف السيئ الذي لا يليق بألوهيته وربوبيته وأسمائه الحسنى وصفاته العليا.
والناظر الجيد في كتب اللغة يجد أن من أوجه النسبة وَزْنَ " فَعَّاَل "، وإذا كان الأمر كذلك فيمكن القول تفسيرا لكلمة " ظلَّام " الواردة في الآية الكريمة: إن الله لا ينسب إليه ظلم، وإن كان للباحث أو غيره رد مغاير لهذه الملحوظة فسأكون أول من سيقبله، إذ لست إلا طويلب علم تغرب عن وطنه للعلم والمعرفة. وشكرا
منازعة مع اقتباس
  #19  
قديم 24-12-2013, 10:54 PM
طلع نضيد طلع نضيد غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Dec 2013
التخصص : ربة بيت
النوع : أنثى
المشاركات: 2
افتراضي

بارك الله بكم
منازعة مع اقتباس
  #20  
قديم 24-12-2013, 11:54 PM
أبو طيبة أبو طيبة غير شاهد حالياً
جليس محجوب
 
تاريخ الانضمام: Dec 2010
السُّكنى في: الجزائر
التخصص : لغة عربية
النوع : ذكر
المشاركات: 35
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل فيصل المنصور مشاهدة المشاركة
«اللُّغةُ» اشتِقاقُها، ودَِلالتُها

اختلفت كلمةُ الناس في لفظ (اللغة) من جهة اشتقاقها، ودلالتها اختلافًا طويلاً. وقد دعاني هذا إلى أن أنتحيَها، وأضطلِعَ ببحثِها، ومعالجتِها. ورأيتُ أن يكونَ التأتِّي إليها من خلال تحقيقِ مادَّتها على مَنهجٍ لي كنتُ اختططتُه من قبلُ، ثمَّ بيانِ صلتِها بالمادَّة، وكيفَ تفرَّعت منها.

1- تحقيق المادَّة:
للَّام، والغين، والواو أصول ثلاثة:
الأصلُ الأوَّل: (معنويٌّ)
وهو: سقوطُ القيمةِ.

=تصاريفُه:
(اللغْو) اسمُ عينٍ جامِدٌ. وهو في الأصلِ مصدرٌ لم يشتَقَّ منه فِعلٌ، ثمَّ تنوسِيَ أصلُه، فاشتَقُّوا منه بعدَ أن صارَ اسمَ عينٍ، فقالُوا: لغَا يلغُو، ولغَا يلغَى (لأنَّ ثانيَ الأصولِ فيها الغينُ، وهي من حروفِ الحلْقِ)، ولغِيَ يلغَى (من بابِ نصَرَ، وفتَحَ، وفرِحَ): إذا أتَى باللغوِ. وهو على غيرِ الغالبِ من معاني (فعَل)، لأن الغالبَ أن يكونَ المعنَى (عرضَ له اللغوُ، وهو سقوطُ القيمة). وهذا ليس بمرادٍ هنا، وإنما المرادُ أنَّه (أتَى بما سقطت قيمتُه)، لا أنَّه (سقطت قيمتُه هو)، ألا ترَى أنك تقولُ في نظائرِه مثَلاً: (فسَد الشيءُ): إذا عرضَ له التغيُّر إلى الأسوأ. ولا تريدُ أنه أتَى بما عرضَ له التغيُّر إلى الأسوأ.
والمصدرُ (اللَّغْو)، وهو لـ(لغَا). و(اللَّغَا). وهو لـ(لغِيَ). و(الملغاة). والثلاثة قياسٌ. و(اللَّغوَى) على غيرِ قياس.
وقالُوا: (لاغٍ)، قالَ تعالَى: لا تسمعُ فيها لاغيةً [الغاشية: 11]. و(لاغية) بمعنَى (آتيةٍ باللَّغْو)، لأنَّها اسمُ فاعلٍ من (لغَا) : إذا أتَى باللغْو. والتاء فيها للمبالغةِ. وتكونُ المبالغةُ راجعةً إلى النفي، كما في قولِه تعالَى: وما ربُّك بظلامٍ للعبيدِ [فصلت: 46]، وقوله: ليس لها من دون الله كاشِفةٌ [النجم: 58]. ويُحتمَلُ فيها أيضًا ثلاثةُ وجوهٍ أخَرُ، أحدُها أن تكونَ التاءُ للتأنيثِ على تقدير الموصوف مؤنَّثًا، كأنَّه قالَ: (شَفةً لاغيةً)، أو (نفْسًا لاغيةً). وهو وجهٌ مَقبولٌ، وإن كان دونَ الأوَّلِ. والثاني أن تكون (لاغية) مصدرًا كـ(العافية)، و(العاقبة). وهذا لم يثبت أصلاً، لأنَّ كلَّ ما ادَّعَوا فيه المصدريَّة من هذا البِناءِ محتمِلٌ البقاءَ على الأصلِ، فلا يُحمَل عليه. والثالث أن يكونَ بناءُ (فاعلٍ) هنا للنسبِ، وليس جاريًا على الفعلِ. وذلكَ أنَّه لما طالَ عليهم استِعمالُ (اللَّغْو) اسمَ عينٍ، اشتقُّوا منه، فقالُوا: (لاغٍ)، أي: ذو لغوٍ. كما قالُوا: (دارعٌ) نسبةً إلى (الدرع)، و(تامر) نسبةً إلى التمر، و(لابِنٌ) نِسبةً إلى (اللَّبَن). وهذه النِّسبةُ لم نجدها تصِحُّ في غير اسمِ العين. ويشهَد لهذا الوجهِ الحديثُ: (والحَمولة المائرة لهم لاغيةٌ)، أي: مُلغَاة. فإن (لاغية) في هذا الموضعِ لا تحتمِل غيرَ النسبِ. وإذا صحَّ ثبوتُها بهذا المعنَى في هذا الموضع، جازَ أن تكونَ واردةً في غيرِه.
وقالوا: ألغاه يُلغِيه إلغاءًا، إذا أسقطَ قيمتَه.
واستلغَاه: طلبَ منه أن يلغُو (على القياس).
والملاغاة: المهازَلةُ. وذلكَ أنَّ الهَزْل ضربٌ من اللَّغْو. وقد يأتي بِناءُ (فاعلَ) في المعنَى الذي يكثُر فيه المقابلةُ، وإن لم تقعْ، كما قالَوا: (شاتَمَه) للبادئ بالشتم، وإن لم يقابله المشتومُ بالمثلِ. وكذلكَ (الملاغاة)، ألا تَرى أنَّ الرجلَ قد يهازِلُ صاحبَه، ثمَّ لا يقعُ منه ذلكَ موقِعَه، ولا يصيبُ لديه موضِعَه. فهذا بيانٌ لهذه المسألة، أردنا لكَ أن تحيطَ بصورتِها، وتأنَسَ إليها.

=وجوه استعماله:
وقد سمَّوا بـ(اللَّغْو) ساقطَ القيمةِ على سبيلِ المجاز المرسَلِ، ذي العَلاقةِ التلازميَّة، لأنَّ (اللَّغْو) في الحقيقةِ معنًى، وهم وسمُوا بهِ ما قامَ به هذا المعنَى، كمثلِ تسميتِكَ الشيءَ الفاسِدَ فسادًا. ويجُوز أن يكونَ من بابِ الاستِعارةِ، حيثُ لم يَرضَوا أن يجعلُوا هذه الأشياءَ متلبِّسَةً بـ(اللَّغو)، حتى جعلُوها هي اللغوَ نفسَه إيغالاً في المبالغةِ، والتوكيدِ، كما قالُوا: (هو عَدْلٌ، ورِضًا). ثمَّ تُنُوسِيَ الاستِعمالُ الحقيقيُّ للكلمةِ، وحلَّ الاستِعمالُ المجازيُّ مكانَه، وأصبحَ حقيقةً عرفيَّةً.

=ومن وجوهِ استعمالِه على هذا النحوِ إطلاقُه على:
1-ما لا خيرَ فيه، ولا نفعَ من الكلامِ. ومنه قولُه تعالَى: والذين هم عن اللغوِ معرِضون [المؤمنون: 3]، وقولُه: لا يسمعون فيها لغوًا إلا سلامًا [مريم: 62].
2-ما لم ينعقِد عليه القلبُ من الأيمانِ. ومنه قول الله تعالَى: لا يؤاخذكم الله باللغوِ في أيمانِكم [البقرة: 225].
3-أولاد البهائم ما عدا أولادَ الإبِلِ. وذلكَ أنَّها إذا بِيعت أمَّهاتهنَّ، تبِعنَهنَّ بلا ثَمَنٍ.
4-ما لا يُعدُّ من أولادِ الإبِل في الدِّيَة، قالَ ذو الرمةِ:
ويهلِك بينَها المرَئيُّ لغوًا كما ألغيتَ في الدِّية الحُوارا

=وقد استعملُوه على سبيلِ المجازِ:
1-فسمَّوا به أصواتَ البهائمِ، وخاصَّةً الطيورَ، لأنَّهم لا يَفهمونَ عنها، ولا يفقَهونَ معانيَ أصواتِها، فشبَّهوها بما لا قيمةَ له، ولا نفعَ على جهةِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ، وإن كانت في نفسِها ذاتَ نفعٍ لمن يَفهَم منطِقَها من أبناء أمَّتِها. قالَ ثعلبةُ بنُ صُعيرٍ المازنيُّ:
باكرتُهم بسِباءٍ جَونٍ ذارعٍ قبلَ الصَّباح، وقبلَ لَغْوِ الطائرِ
2-وقالوا: (اللَّغْو)، و(اللغَا)، و(اللغْوَى). وهي مصادر. ثمَّ أطلقُوها على لازِمِها، كإطلاقها على ما لا خيرَ فيه من الكلامِ. وهو مجازٌ مرسَل، عَلاقتُه التلازميَّة. وهو مذهبٌ شائعٌ في كلامِهم. ومنه قولُ العجَّاج:
عن اللَّغَا، ورفَثِ التكلُّمِ

الأصلُ الثاني: (مَعْنويٌّ)
وهو: لزُومُ الشيءِ، واللهَج به.

=تصاريفه:
يقالَ: لغِيَ، ولغَا يلغَى (على مِثال فرِحَ، وفتَحَ) لغًا.

=وجوه استعماله:
من وجوه استِعماله، وكلُّها حقيقةٌ، قولُهم:
1-لغِيَ بالماء.
2-لغِيَ بالشَّراب.
3-لغِيَ بالكلامِ.

=التفريعاتُ الاشتقاقيَّة لهذا الأصل:
خصَّصتِ العربُ بعضَ أفرادِ (اللَّغَا)، وهي لزومُ الكلامِ خاصَّةً، بمصدرٍ لا يشرَكها فيه غيرُها، وهو (اللُّغَة). وذلكَ ما نسمِّيه (التخصيصَ بالوضع)، أي: تخصيصَ بعضِ ما يجُوز دخولُه تحتَ لفظٍ من الألفاظِ بلفظٍ خاصٍّ به، مقصورٍ عليه، ينفصِل به عن غيرِه. وهو طريقٌ مستَتِبٌّ مُعمَلٌ. وفيه ما يؤذِنك ببَراعةِ العربيَّة، ولُطفِ اشتقاقِها، وانفساحِ مطارحِها. ونظيرُ هذا قولُهم: (أثامٌ)، و(إثامٌ) لعقوبةِ الإثمِ، فأفردوها بمصدرٍ معَ أنَّ عقوبةَ الإثمِ من مَّا يشتمِلُ عليه (الإثْمُ) من طريقِ المجازِ. ثمَّ إنهم تصرَّفوا بـ(اللغة) متصرَّفًا آخرَ، فركِبوا بها سبيلَ المجازِ، حيثُ خرجُوا بها من دلالتِها على الحدَث إلى أن سمَّوا بها الألفاظَ المتكلَّمَ بها من طريقِ المَجاز المرسَل ذي العَلاقةِ التلازمية. وذلك أنَّهم ذكرُوا (اللغة) وهي في الأصل دالة على الحدثِ، وأرادوا بها لازِمَها، وهو الكلامُ. وليس هذا بمستنكَرٍ في مذهبِهم، ألا ترى أنَّ معنَى (اللفظ) إخراجُ الشيءِ من الفمِ، وقد سمَّوا به الملفوظَ على هذا النحوِ. ومثلُه (القولُ) أيضًا. فأمسَى معنَى (اللغة) ما يلزَمه الإنسانُ من أصواتٍ، وألفاظٍ، ودلالةٍ يقعُ بها التفاهمُ بينَه، وبينَ قومِه. وقد تراهم بنَوا اشتِقاقَها بالنظر إلى أبْيَنِ صفاتِها، وهو اللزومُ، من حيثُ كانت (اللغة) من الأشياء التي تَجري مجرَى العاداتِ التي تختصُّ امرأ دونَ امرئٍ، وقومًا دونَ قومٍ، ولا تنفكُّ عن صاحبِها، أو تزايلُه.

=تصاريفه:
قالوا: (لُغَة). وأصلُها (لُغْوَة)، ثمَّ حُذِفت الواو منها كما حُذِفت في (قُلَة)، و(بُرَة)، و(ثُبَة)، وغيرِها، وفُتِحت الغينُ لمناسبة التاء. وتُجمَع على (لغات)، و(لُغًا)، و(لُغِينَ)، والثلاثةُ قياس.

الأصل الثالث: (معنَوِيٌّ)
وهو: الميلُ.

=وجوه استعماله:
1-لغَا فلان عن الطريق. (حقيقة)
2-لغَا فلان عن الصواب. (مجاز)

=تصاريفه:
يقالُ: لغَا عنه يلغو (من باب نصر). وقياس المصدر (اللغو). ولم يُسمَع.
وهذا الأصل تفرَّد به ابن الأعرابيِّ (ت 231 هـ). وفي «اللسان»: (التهذيب: لغَا فلان عن الطريق، وعن الصواب: إذا مالَ عنه. قالَه ابن الأعرابيِّ)([1]). بيدَ أنَّا إذا رجعنا إلى «التهذيب»، وجدنا هذا المعنَى غُفْلاً من النِّسبة إلى راوٍ. وذلكَ يوحِي بسقطٍ في المطبوع. وتصديقُ ذلكَ أن أبا منصورٍ الجواليقيَّ (ت 539 هـ) حكَى أيضًا في «شرح أدب الكاتب»([2]) ذلكَ الكلامَ عينَه عن ابن الأعرابيِّ. وابنُ الأعرابيِّ ثِقةٌ عَدْلٌ لا يضرُّه تفرُّدُه إذا عرِيَتْ رِوايتُه من المغامزِ، والرِّيَب.
وقد أثبتَ ابن فارسٍ (ت 395 هـ) من هذه الأصول الأوَّلَ، والثانيَ، ولم يُثبت الثالثَ([1]). ولا مريةَ من ثبوتِه كما هو ظاهرٌ.

2- تعليقات على المادَّة:
1-ذكرَ صاحبُ «العين»([1]) أن (لغَا) في قوله صلى الله عليه وسلَّم: (من قالَ في الجمعة والإمام يخطب: صه. فقد لغاَ) بمعنَى (تكلَّمَ). وهذا قولٌ مردودٌ، فإنَّ (لغَا) لا تكونُ بهذا المعنَى. وقد سُقنا من البيانِ ما يقطَع أنَّ (اللغو) لا يجيء بمعنَى (الكلامِ) عامَّةً. وإنما يأتي بمعنَى (الكلام الساقط المطَّرَح)، إذْ كانَ الكلامُ داخلاً في عمومِ (الشيءِ الساقط المطَّرَح)، فهو يصدُقُ عليه كما يصدُق علَى أولادِ البهائم ما عدَا الإبِلَ، وغيرِها. فانبغَى إذن أن يقيَّدَ هذا التفسيرُ بلفظِ (تكلَّمَ بالباطلِ)، أو نحوِه.
2-زعمَ النضر بن شُمَيلٍ (ت 204 هـ) في «غريب الحديث» (وهو مفقودٌ) كما نقلَ عنه أبو منصور الأزهريُّ (ت 370 هـ) في «التهذيب»([1]) في قوله : (من تكلّم يوم الجمعة والإمام يَخطبُ فقد لغَا) أن تفسير (لغا): خابَ. قالَ: وألغيتُه: خيَّبتُه.
قلتُ:
وهذا لا يسوغُ إلا علَى أن يُحملَ على تفسير اللفظِ بمسبَّبه، لأنَّ من تكلَّمَ بالباطلِ، خابَ.
3-ذكرَ أبو عَمْر الشيبانيُّ (ت 213 هـ) في «الجيم»([3]) أن (اللَّغَا): الصوتُ بلغةِ أهل الحجاز. وهذا قولُ منكَرٍ. وذلكَ من جهةِ مخالفتِه الاشتِقاقَ، لأنَّ اللغوَ يشمَل المطَّرحَ الساقطَ، أو ما شُبِّه به، وليس كلُّ صوتٍ يكونُ كذلك. وإنما الثابتُ الذي تنصرُه الشواهدُ إطلاقُه على أصواتِ الحيَوان، والطَّير. وعلَى أنَّ هذا القولَ من مَّا تفرَّدَ به أبو عَمْرٍ، لم يواطئْه عليه غيرُه من الرُّواة.
4-قالَ أبو منصور الأزهريُّ في «تهذيبه»([1]): (وقالَ أبو سعيد: إذا أردتَّ أن تنتفعَ بالأعراب، فاستلغِهم).
قلتُ:
أبو سعيدٍ هذا هو الضرير البغداديُّ (ت بعد 250 هـ). وليس عبدَ الملكِ بنَ قُريبٍ الأصمعيَّ (ت 216 هـ). وذلكَ أنَّ من دأب أبي منصور في كتابه أن يسمِّيَه (الأصمعيَّ)، ويسمِّيَ (الضريرَ) (أبا سعيدٍ). وقولُه: (استلغِهم) بمعنَى (اطلب لغتَهم). وعلَى أنَّ هذا علَى شرعةٍ من القياسِ تغني عن تطلُّب السَّماع، فإنَّه من كلامِ أبي سعيدٍ، ولم يُحكَ عن فصحاء العربِ الذين يُحتَجُّ بهم. فلذلك لم نذكره في أصلِ الكلامِ، إذْ كان غرضنا قصْرًا على جمع المسموع، وتشقيقه، والاحتجاج له.
5-وردَ في بعض المعاجم ألفاظٌ أُخَرُ غيرُ هذه، كـ(اللَّغَاة) بمعنَى (الصوت)، و(لغا ثريدتَه) إذا روَّاها بالدَّسَم، و(يلغُو) بمعنَى (ينطِق بعامَّةٍ). بيدَ أنَّها لم تُنْمَ إلى راوٍ أُمَنَة موثوق، وبعضُها لم يُنصَّ على سَماعِه عن العرب. فلذلك أسقطنا ذِكْرَها.

3- ذِكْرُ رواةِ الأصل الثاني:
قد علِمتَ أنَّ (اللغة) مشتقَّةٌ من قولِهم: (لغِيَ بالشيءِ) إذا أولِع به. وسنذكرُ لكَ من عرَفْنا من العلماءِ المتقدِّمين الذين روَوا هذا المعنَى، ونعزو ذلك إلى كتبهم، أو كتب من نقلَ عنهم، استيثاقًا في الحجَّة، وإتمامًا للمنفعة. واقتصرنا على هذا الأصل، إذْ كانَ هو الأصلَ الذي اشتُقَّت منه (اللغة).
فقد روَى هذا الفعلَ عن العرب أبو الحسن الكسائيُّ (ت 189 هـ) كما حكَى عنه أبو عبيدٍ (ت 224 هـ) في «الغريب المصنف»([4])، ورواه تلميذه أبو زكرياءَ الفراءُ (ت 207 هـ) كما حكَى عنه الوزير المغربي (ت 418 هـ) في «أدب الخواص»([5])، وأبو عَمْرٍ الشيبانيُّ في «الجيم»([6])، وأبو الحسنِ الأخفشُ (ت 215 هـ) في «معانيه»([7])، وأبو مِسحل الأعرابيُّ (ت بعد المئتين) في «نوادره»([8])، وابنُ الأعرابيِّ كما حكَى عنه الوزير في «أدب الخواص»([5])، وابنُ السكيت (ت 244 هـ) في «إصلاح المنطق»([9])، وأبو سعيدٍ الضريرُ كما حكَى عنه أبو منصورٍ في «التهذيب»([10]).

4- زعمٌ داحضٌ:
زعمَ بعض المحدثين كحسن ظاظا (ت 1420 هـ)، وغيرِه أنَّ (اللغة) كلمةٌ يونانيةُ المنبِت، أصلُها logos ([11]). وهذا باطلٌ، فإنَّ لهذه الكلمةِ وجهًا من الاشتِقاقِ في العربيَّة يَجوزُ أن تُرَدَّ إليه. ولا يوجب تقارب اللفظينِ في المعنَى أن يكون أحدهما أصلاً للآخر، ألا ترَى أن (سَبِطًا) ليس أصلاً لـ(سِبَطْر)، و(دَمِثًا) ليس أصلاً لـ(دِمَثْر)، وإن كانَ بمعناه([12]). فإذا كان هذا بين ألفاظِ اللغة الواحدة، فكيفَ إذا كانَ ذلك بين ألفاظ اللغةِ، واللغاتِ الأخرَى.
وقد كنتُ ذهبتُ هذا المذهبَ زمنًا لخفاء وجه اشتِقاقِها، وقلَّة تعاورِها بينَهم، ثمَّ فُتِحتْ لي مسارِبُ من النظر ردَّتني إلى الصواب إن شاء الله.
وقد حكَى هذه الكلمةَ عن العربِ فريقٌ من العلماءِ هم أكثرُ من أن نحيطَ بهم، ونستقصيَ ذِكْرَهم، من أولهم صاحبُ «العين»([1]).
فإن قِيلَ:
فما لنا لم نجدها في كلام من يُحتَجُّ به من العرب؟
قلتُ:
بلَى. قد وُجِدت في شواهدَ من الشِّعرِ، والنثرِ. فمن الشِّعر قولُ ذي الرمةِ:
من الطنابير يَزهَى صوتَه ثمِلٌ في لحنِه عن لغات العُربِ تعجيمُ
ومن النثرِ قولُهم: (سمعتُ لُغاتَهم)، روَى ذلك الكسائيُّ كما حكَى عنه الوزير المغربي في «أدب الخواص»([13])، والفراءُ في «معانيه»([14]) عن أبي الجرَّاح.

5- من النظائر المستعملة:
ليس خافيًا أنَّ (اللغة) وإنْ كانت مستعمَلةً في كلامِ العربِ الأوَّلِ، فإنَّ ذلكَ على قلَّةٍ. وكانُوا يستعمِلونَ مكانَها كلمتينِ أخريينِ، هما (اللِّسان). ومنه قولُه تعالَى: بلِسانٍ عربيٍّ مبينٍ [الشعراء: 195]، و(اللَّحْن). وقد رواها الأصمعيُّ، وأبو زيدٍ كما حكَى عنهما أبو بكرٍ الأنباريُّ في «الزاهر»([15])، وعنه نقلَ تلميذه أبو علي القالي في «أماليه»([16])، ورواها أيضًا ابن قتيبة في «غريب الحديث»([17]). ومنه قولُ الراجز:
تراطنَ الزنجِ بلحنِ الأزنجِ([18])
ومِن اللُّغويِّين مَن يحتجُّ لذلكَ بمثلِ قولِ الشاعرِ:
باتا على غُصْن بانٍ في ذُرا فنَنٍ يردِّدان لحونًا ذاتَ ألوانِ
ويزعمُ أن (اللحون) في هذا البيت بمعنَى (اللغات). وليس هذا بيقينٍ، فقد يجوزُ أن يكونَ معناها (الأنغام). وهو معنًى صحيحٌ ثابِتٌ، ومحتمَلٌ في هذا الموضع.

____________________

([1]) مادة لغو.

([2]) ص 32.

([3]) 3/ 194.

([4]) 1/ 254.

([5]) ص 117.

([6]) 3 / 194 .

([7]) 1/ 174.

([8]) ص 254.

([9]) ص 205.

([10]) مادة لعو (بالعين المهملة).

([11]) اللسان والإنسان له ص 121.

([12]) راجع كتابي (رسالة في مسألة كل عام وأنتم بخير) ص 20.

([13]) ص 125.

([14]) 2/ 93.

([15]) 1/ 417.

([16]) 1/ 5.

([17]) 2/ 61.

([18]) قولُه: (بلحن) صُحِّف في جميع ما وقفت عليه من كتبٍ، كالمحكم (وهو أصل التصحيف)، واللسان، والتاج، إلى (بزجل)، و(برحل). وقد أقامَه على الصواب أبو عمر الزاهد (ت 345 هـ) في كتابه (العشرات في غريب اللغة) ص 132 روايةً عن المفضل الضبي (ت 178هـ) من طريق ثعلب (ت 291 هـ) عن ابن الأعرابي. وذلك في معرِض حديثه عن (اللحن).

من خلال استقراء المعجمات فقد ذهب الخليل بن أحمد (ت 175ه)، وأبو منصور الأزهري (ت 370ه)، وابن جني(ت 392ه)، وابن سيده(ت 458ه)، والزمخشري(ت 537ه)، وابن منظور (ت 711ه)، إلى أن اللغة مأخوذة من الفعل لَغَا يَلْغُو، بمعنى تكلم.

وذهب ابن فارس (ت 395ه)، ونشوان الحِمْيَري(ت 573ه)، والفيومي(ت 770ه)، إلى أن كلمة لغة مشتقة من الفعل لَغِيَ يَلْغَى بالشيء، بمعنى: لَهِجَ، وأُغري، وأُولع به.
وجمع الجوهري (ت 393ه)، وعنه الرازي (ت 666ه)، والزبيدي(ت1205ه) بين القولين.
وليس هناك قول ثالث.

منازعة مع اقتباس
  #21  
قديم 11-04-2017, 12:23 AM
صالح العَمْري صالح العَمْري غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Oct 2010
السُّكنى في: المدينة النبوية
التخصص : هندسة ميكانيكية
النوع : ذكر
المشاركات: 1,693
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت من قِبَل فيصل المنصور مشاهدة المشاركة
4- زعمٌ داحضٌ:
زعمَ بعض المحدثين كحسن ظاظا (ت 1420 هـ)، وغيرِه أنَّ (اللغة) كلمةٌ يونانيةُ المنبِت، أصلُها logos ([11]). وهذا باطلٌ، فإنَّ لهذه الكلمةِ وجهًا من الاشتِقاقِ في العربيَّة يَجوزُ أن تُرَدَّ إليه. ولا يوجب تقارب اللفظينِ في المعنَى أن يكون أحدهما أصلاً للآخر، ألا ترَى أن (سَبِطًا) ليس أصلاً لـ(سِبَطْر)، و(دَمِثًا) ليس أصلاً لـ(دِمَثْر)، وإن كانَ بمعناه([12]). فإذا كان هذا بين ألفاظِ اللغة الواحدة، فكيفَ إذا كانَ ذلك بين ألفاظ اللغةِ، واللغاتِ الأخرَى.
وقد كنتُ ذهبتُ هذا المذهبَ زمنًا لخفاء وجه اشتِقاقِها، وقلَّة تعاورِها بينَهم، ثمَّ فُتِحتْ لي مسارِبُ من النظر ردَّتني إلى الصواب إن شاء الله.
وقد حكَى هذه الكلمةَ عن العربِ فريقٌ من العلماءِ هم أكثرُ من أن نحيطَ بهم، ونستقصيَ ذِكْرَهم، من أولهم صاحبُ «العين»([1]).
فإن قِيلَ:
فما لنا لم نجدها في كلام من يُحتَجُّ به من العرب؟
قلتُ:
بلَى. قد وُجِدت في شواهدَ من الشِّعرِ، والنثرِ. فمن الشِّعر قولُ ذي الرمةِ:
من الطنابير يَزهَى صوتَه ثمِلٌ في لحنِه عن لغات العُربِ تعجيمُ
ومن النثرِ قولُهم: (سمعتُ لُغاتَهم)، روَى ذلك الكسائيُّ كما حكَى عنه الوزير المغربي في «أدب الخواص»([13])، والفراءُ في «معانيه»([14]) عن أبي الجرَّاح.
وهنا شاهدٌ آخر صريح جاءت فيه اللفظة مفردة إذ كان الشاهدان اللذان ذكرهما الأستاذ فيصل المنصور جاء فيهما الجمع، وهو للكميت بن زيد وهو معاصر لذي الرمة، قال أبو عبيدة في (النقائض): "وقال الكميت بن زيد الأسدي:
وأنمارٌ وإن رغِمت أنوفٌ مَعَدّيُّ العُمومة والخُؤولِ
وعمرو بن الخُثارم كان طَبًّا بنسبته وتصديقًا لقيلي
وليس ابن الخُثارم في مَعَدٍّ بـمَقصيّ المحلّ ولا دخيلِ
لهم لُغَةٌ تُبَيِّنُ مَنْ أَبوهُم معَ الغُرَرِ الشوادخِ والـحُجُولِ"
فهذا شاهد لا مرية فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
وهذا شاهد أيضًا لأبي دهبل الـجُمَحي وهو معاصر لهما، ففي ديوانه برواية أبي عمرو الشيباني:
"حدثنا مـحمد بن خلف عن أبي توبة عن أبي عمرو الشيباني قال: حدثنا موسى بن يعقوب قال: أنشدني أبو دهبل قصيدته التي يقول فيها:
عجب ما عجب أعجبني من غلام حَكَميّ أصلا
قلت حدّث عن أناس نزلوا حضنا أو غيره قال هلا
قلت بيّن ما هلا هل نزلوا قال حوبًا ثم ولّى عجلا
لستُ أدري حين ولى عجلا أنعم ما قال لي أم قال لا
قُلتُ هذي لُغَةٌ أُنكِرُها زادت القلب المعنّى خبلا"
منازعة مع اقتباس
  #22  
قديم 09-02-2021, 02:09 PM
عائشة عائشة غير شاهد حالياً
 
تاريخ الانضمام: Jun 2008
السُّكنى في: الإمارات
التخصص : اللّغة العربيّة
النوع : أنثى
المشاركات: 7,012
افتراضي

بارك الله فيكم.

وفي «سُنَنِ أبي دَاوُدَ» (428) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ فَضالةَ، عن أَبِيهِ قالَ:
(علَّمَني رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فكانَ في ما علَّمَني: «وحافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ الـخَمْسِ»، قالَ: قُلْتُ: إنَّ هذه ساعاتٌ لِي فيها أَشْغَالٌ، فمُرْني بأَمْرٍ جامِعٍ إذا أنا فَعَلْتُه أَجْزَأَ عَنِّي، فقال: «حافِظْ على العَصْرَيْنِ» -وما كانَتْ مِن لُغَتِنا- فقُلْتُ: وما العَصْرانِ؟ فقالَ: «صَلاةٌ قَبْلَ طُلوعِ الشَّمْسِ، وصَلاةٌ قَبْلَ غُروبِها»).
منازعة مع اقتباس
منازعة


الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1)
 
أدوات الحديث
طرائق الاستماع إلى الحديث

تعليمات المشاركة
لا يمكنك ابتداء أحاديث جديدة
لا يمكنك المنازعة على الأحاديث
لا يمكنك إرفاق ملفات
لا يمكنك إصلاح مشاركاتك

BB code is متاحة
رمز [IMG] متاحة
رمز HTML معطلة

التحوّل إلى


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة . الساعة الآن 08:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.5
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd.
الحقوقُ محفوظةٌ لملتقَى أهلِ اللُّغَةِ