|
#1
|
|||
|
|||
شرح مبحث التعلق
أخي الفاضل خبيب، حفظك الله ورعاك، أود منك أن تشرح لي قولا يكثر في كلام المعربين؛ وهو قولهم:( يتعلق بكذا )، فمثلا: عند إعراب البسملة يقولون عن الجار والمجرور له تعلق بمحذوف تقديره (كذا) ، . |
#2
|
|||
|
|||
التعلق يكون في المعنى وليس في اﻹعراب ومع كون السؤال غير موجه لى ولكن من باب المشاركه فقط ولكن السؤال هل يؤثر التعلق باﻹعراب الجواب فيه تفصيل والله أعلم
|
#3
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا أخي الفاضل، إن كان لديك ما تجيبني به فأنا بانتظاره، ولَك مني الشكر الجزيل.
|
#4
|
|||
|
|||
أخي حسّان! وفّقك الله، وفتح لك ينابيع العلم، والحكمة، وقادك إلى العمل.
تخصيصُ أخيك، والتّوجُّه إليه بالسّؤالِ لا مفهومَ له؛ ففي الملتقىٰ مَن هو أولىٰ بالإجابةِ. وأحسِبُ أنّك لم تُرِد بـ(خبيبٍ) العَلَمَ، وإنّما لَمحتَ إلىٰ أصلِ اشتقاقِه، و(خُبيبٌ) - كما لا يخفىٰ - تصغيرٌ خَبَبٍ، والتّصغيرُ يُورِد في الاسمِ معنى الوصفِ، والخبَبُ في لسانِ العربِ: مصدرٌ، يعني السّرعةَ في الأمرِ، وفعلُه: خَبَّ في الأمرِ يَخُبُّ، فأنت تقولُ متحبِّبًا، علىٰ مذهبِ المصغِّر المتحبِّب: أخي السُّرَيِّعُ في الإرفاد... إليك خطابي. كما قال الآخر: ما قلتُ حُبَيْبِيٌّ مِن التّحقيرِ بل يَعْذُبُ اسمُ المرءِ بالتّصغيرِ وقد صدقتَ في ما ذكرتَ مِن شأنِ التّعلُّقِ، فالتّعلُّقُ يدورُ في كلامِ المعربين كثيرًا. وهو اصطلاحٌ لهم، يلحظونَ فيه معنى التّعلُّقِ في اللّغة، فهم يريدُون به: الارتباطَ المعنويَّ، فإذا ارتبطتْ كلمةٌ بكلمةٍ أخرىٰ في المعنىٰ كانتْ المرتبطةُ متعلِّقةً، والكلمةُ الأخرىٰ متعلَّقًا بها. ويختصُّونَ بهٰذا الوصفِ شبهَ الجملةِ؛ مِن جارٍّ ومجرورٍ، أو ظرفٍ، فيقولون: كلُّ شبهِ جملةٍ لا بدّ أن يتعلَّقَ بفعلٍ، أي: يَرتبِطَ معناه به، ويقع عليه. وقد يتعلَّقُ بما يشبه الفعلَ ... ويسمّون شبهَ الجملةِ متعلِّقًا، والفعلَ العاملَ فيه متعلَّقًا بفتحِ اللّام، أي: مكانَ تعلّق، أو يريدون: متعلَّقٌ به، فأسقطوا (به). وإذا أعربوا بيّنوا المتعلَّقَ؛ ليَظْهَرَ الكلامُ. والمثالُ يوضِّحُه: تقولُ في الجارِّ والمجرورِ: «خرجتُ إلى المسجدِ»، فـ(خرجتُ) فعلٌ، والفعلُ أصلُ العوامل، فهو المتعلَّقُ، و(في المسجد) جارٌّ ومجرورٌ، ومعناه مرتبطٌ بـ(خرجتُ)؛ لأنّه يبيّن غايةَ خروجِك ما هي؟ فهو متعلِّقٌ به. فأنت تقولُ: الجارُّ والمجرورُ متعلِّقٌ بـ(خرج)؛ لتوضِّح معناه. وتقولُ في الظّرف: «ختمتُ القرآنَ ضحوةً»، فـ(ختمتُ) فعلٌ، و(ضحوةً) ظرفٌ، وهو هنا وعاءُ الختمِ، وظرفُه الّذي وقع الختمُ فيه، فتقولُ: (ضحوةً) ظرفُ زمانٍ، متعلِّقٌ بـ(خرجتُ)؛ لأنّه مرتبطٌ به في المعنىٰ. ولعلَّك تسألُ فتقولُ: شأنُ التّعلُّقِ علىٰ هٰذا قريبٌ واضحٌ، فلماذا يبرزونه ويَحفِلون به ؟ والجوابُ عنه ـــ والله أعلم ـــ: أنّه يقتضيه أمران: أحدُهما: صناعةُ تأليفِ الكلامِ، وبناءُ ملكةِ النّحوِ، فالنّحويُّ - كما تعلم - يبحثُ في كلِّ موضعٍ يرجعُ إلىٰ تركيبِ الكلامِ، ويبيِّن علائقَ الكلِم بعضِها ببعضٍ، ويعيِّن كيف تركّبت؟ وما هو عاملٌ، وما هو معمولٌ ...، ومِن ذٰلك: التّعلُّقُ، فالتّعلُّقُ عملٌ للفعلِ في محلِّ شبهِ الجملةِ، فدخل في وظيفةِ النّحويِّ، فهو محتاجٌ أن يعرفَ العاملَ في التّعلُّق، والمتعلِّق، وأحكامَ كلٍّ منهما. والآخرُ: تعيينُ المعنى الدّقيق، وذٰلك حيثُ تَشْتَبهُ المتعلِّقات، وتكثرُ العواملُ، وتتداخلُ الألفاظ، فلولا أنّهم ذكروا هٰذا البابَ لَاختلطت الأمور، ولَفاتَ تعيينُ المعاني الصّحيحة. ومثالُ ذٰلك ـــ وهو مِن أقربِها ـــ قولُ الحقِّ سبحانه: ﴿وكلُّ شيءٍ فعلوه في الزّبر﴾، فـ(في الزّبر) جارٌّ ومجرورٌ، ولا بدَّ له مِن متعلَّقٍ، وتجيزُ صورةُ اللّفظِ أن يكونَ متعلِّقًا بـ(فعلوه)؛ لأنّه فعلٌ يصلُح التّعلُّقُ به. ولٰكن! تعلُّقُه به ممنوعٌ مِن جهةِ المعنىٰ؛ فهو ليس مرتبطًا به في مقصودِ الآيةِ، ثمّ هو يَذَر الكلامَ بلا خبرٍ! وإنّما المعنىٰ أنّ: كلَّ ما فعله المجرمون هو مكتوبٌ عند الله ٰ، فكان (فعلوه) ـــ علىٰ هٰذا ـــ صفةً لـ(شيءٍ)، و(في الزّبر) هو محطَّ الفائدةِ، فهو متعلِّقٌ بمحذوفٍ هو الخبر، كأنّه قال ـــ والله أعلم ـــ: كلُّ شيءٍ مفعولٍ لهم: موجودٌ في الزُّبُر. فأنت إذا قلتَ: (في الزّبر) متعلِّقٌ بمحذوفٍ هو الخبر: انتفى الوهم الّذي قد يبدو. والمثلُ كثيرةٌ، والغرَض التّقريبُ. وأريدُ أن تحفظَ عنّي ثلاثَ كلماتٍ: أنّ حقيقةَ التّعلُّقِ أنّه ارتباطٌ معنويٌّ، وأنّه مختصٌّ بشبِه الجملةِ، وأنّه عملٌ في محلِّ شبهِ الجملةِ. وإذا علمتَ هٰذا: جئنا إلى البسملةِ، وسهُل علينا معرفةُ كلامِهم فيها، وقد استقرَّ عندنا أنّ كلَّ جارٍّ ومجرورٍ فهو متعلِّقٌ لا محالةَ، ووجدنا لفظَ البسملةِ: (بسم الله الرّحمٰن الرّحيم)، وهي مبدوءةٌ بـ(بِسْمِ) وهو جارٌّ ومجرورٌ، الباءُ حرفُ جرٍّ، و(اسم) اسمٌ مجرورٌ به، فنقولُ: هو متعلِّقٌ، ولا نشكُّ فيه. والسّؤالُ: أين المتعلَّقُ؟ والجوابُ: أنّه حُذِفَ هنا؛ للعلمِ به، واكتفاءً باللّفظِ المحصِّل للبركةِ، وتعميمًا له ليكونَ صالحًا أن يقالَ في كلِّ موضعٍ. وأنت إذا شرعتَ تأكلُ وقلتَ: باسمِ الله، فإنّما تعني: آكُلُ باسمِ الله، فكان (باسمِ الله) متعلِّقًا بـ(آكُلُ)، غيرَ أنّك تحذِفُ المتعلَّقَ؛ للعلمِ به بقرينةِ المقامِ. وهٰكذا إذا ذبحتَ: تقولُ: باسمِ الله، وإذا توضَّأتَ تقولُ: باسمِ الله، وإذا رَقَيْتَ نفسَك تقولُ: باسمِ الله الّذي لا يضُرُّ مع اسمِه شيءٌ، وتقدِّرُ في كلِّ موضعٍ العاملَ المناسِبَ له. ولك أن تقدِّرَ عاملًا واحدًا يشمَلُ كلَّ حدثٍ، فتقولُ: أبدأُ باسمِ الله، فهٰذا صالحٌ للأكلِ، والذّبحِ، والرُّقيةِ، وهلمّ جرًّا. ولٰكنّا نَجِدُ الأوّلَ أَولىٰ؛ لأنّ فيه تعيينًا للفعلِ المناسبِ، وهو الّذي ورد في القرآن: ﴿اقرأْ باسمِ ربِّك﴾، وفي السّنّة: «باسمِ الله أَرْقِيك»، فعُيِّن لكلِّ موضعٍ ما يناسِبُه، وكذٰلك: ﴿بِسْمِ اللهِ مُجرَىٰها﴾ أي: إجْرَاؤُها، لم يقل: ابدأْ باسمِ الله، ولا: باسمِ اللهِ افتتحتُ، ولا: باسمِ الله ابتداؤُها. هٰذه مسألةٌ. ثمّ هم يقولون: الْأَوْلىٰ أن يُقَدَّرَ المتعلَّقُ متأخِّرًا؛ لإفادةِ معنى التّبرُّكِ والتّعظيمِ والتّنويهِ والحصرِ، وأضرابِ ذٰلك؛ لأنّ تأخيرَ المتعلَّقِ ـــ وإن كان حقُّه التّقديمَ ـــ يُفيدُ عند أربابِ المعاني نُكَتًا، تُحتَسَبُ في كلِّ موضعٍ بحسَبِها. ثمّ إنّه يشهدُ لهذه الأولويّةِ ما تلوتُ لك مِن قولِ الحقِّ سبحانه: ﴿بِسْمِ اللهِ مُجرَىٰها﴾، وما في الحديثِ: «باسمِ الله أَرْقِيك»، فانظرْ كيف أخّر العامل! وأمّا ﴿اقرأْ باسمِ ربِّك﴾ فالمتعلَّقُ فيه مقدَّمٌ؛ على الأصلِ، وأجابوا بأنّ المناسبَ هنا أن يُقدَّم الفعلُ؛ لأنّ المقصودَ هو تحصيلُ القراءَةِ، فبدأَ بالمقصودِ، ثمّ جاء الجارُّ والمجرورُ تبَعًا. وفي غيرِه أنت تهتمُّ بشأنِ الاستعانةِ، والبركةِ، والأمرُ عندك معيَّنٌ، فتقدِّمُ اللّفظَ الأسمىٰ، والاسمَ المبارك، وتؤخِّرُ العاملَ المنويَّ إذا قدَّرتَه. وهٰذه مسألةٌ ثانيةٌ. وفي البسملةِ بحثٌ آخر، في نوعِ المتعلَّقِ: أهو فعلٌ، أم اسمٌ؟ فبعضُهم يرجِّحُ هٰذا، ويقولُ: الأصلُ في العملِ للأفعال، وقد برَز الفعلُ في: ﴿اقرأْ باسمِ ربِّك﴾، و«باسمِ الله أَرْقِيك»، وبعضُهم يقولُ: الأَوْلىٰ أن يكون المحذوفُ اسمًا، علىٰ نحوِ: ﴿بِسْمِ اللهِ مُجرَىٰها﴾. ويبحثون في تعيينِ ما يصلحُ للتّعليقِ، وهو الفعلُ، وما يشبهه. ويبحثون في ما مِن شبهِ الجملةِ يقعُ خبرًا، أو حالًا، أو نعتًا، أو صلةً، بم يتعلَّقُ؟ ويبحثون ما مِن شبه الجملةِ لا يحتاجُ إلىٰ تعلُّقٍ. وفي البابِ فنونٌ أخر، لعلّه يجزئُ فيها هٰذا. وتجد إلمامًا بهٰذه المسألةِ في البابِ الثّاني مِن أبوابِ "نظم قواعد الإعراب = الثَّمَر المستطاب"، وهو في هٰذه الحلْقة. والله أعلم. |
#5
|
|||
|
|||
ما شاء الله ، اللهم بارك ، شرح نافع جدا ، ومؤصل أيما تأصيل ، وصدقني ، هذا المبحث طالما بحثت عن شرح له ولم أجد؛ فأحمد الله أن يسرك لي ، وأظنني لم أخب في تعيينك بالسؤال ؛ فأنت بإذن لها جدير، وبالإجابة حقيق، والله أعلم.
|
#6
|
|||
|
|||
ما شاء الله ! تفصيل ماتع مفيد
|
#7
|
|||
|
|||
سبحان الله! مر زمان على هذا الشرح الممتع لمسألة التعلق، ولا زلتُ أطرب كلما قرأته.
بارك الله فيك أستاذنا ونفع بك وزادك من فضله |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
الأحاديث المشابهة | ||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
سؤالان عن ( كان ) : تمييز التام عن الناقص وجواز التعلق بهما | العزيزي | حلقة النحو والتصريف وأصولهما | 5 | 02-11-2012 08:34 PM |
مجاز مرسل علاقته التعلق الاشتقاقي | فريد البيدق | حلقة البلاغة والنقد | 0 | 04-08-2012 06:01 PM |
أبحث عن .... | أبو جهاد | أخبار الكتب وطبعاتها | 0 | 25-08-2008 09:53 PM |