|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
![]() |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
![]() السلسلة الرابعة[[تقريرات المعاصرين في مسألة تقسيم الكلام إلى حقيقة المجاز]]
فهذا جمع مختصر لأقوال المعاصرين من أهل العلم والباحثين في مسألة المجاز فيه تحريرات بديعة وتقريرات نفيسة، وفيه إجابات عن الإشكالات الواردة في مسألة المجاز من جهة المنع والإيجازة. وأذكر بعضها على سبيل غير الحصر وهي كالتالي: 1/هل آخر قول شيخ الإسلام في المجاز إثباته مع القيود؟ 2/تحرير مذهب شيخ الإسلام في مسألة المجاز وبيان موقفه؟ 3/منتهى رأي شيخ الإسلام في مسألة المجاز ؟ 4/هل من المسالك الضعيفة في الرد على المتكلمين الإلتجاء لنفي المجاز ؟ 5/هل البحث في هذه المسألة عقلي عقدي وليس لغوي؟ 6/ هل هناك من السلف في القرن الثالث من تكلم بالمجاز بالمعنى الإصلاحي؟؟ 7/هل تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز هو مثل تقسيمه إلى خبر و إنشاء؟ 8/هل المجاز اشتهر في القرن الثالث في المنتصف الأول منه؟ 9/هل إنكار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم للمجاز خشية تذرع المعطلة لإنكار صفات الله؟ 10/هل الخلاف بين المثبتين والنافين للمجاز من أهل السنة من الخلاف اللفظي؟ 11/في حكم الاعتراض على أثر الخلاف بين أهل السنة في مسألة المجاز؟ 12/في محلِّ المجاز من القسمة اللفظية؟ 13/في صحَّةِ نقلِ إنكار ابنِ القيِّم للمجاز مطلقًا؟ 14/هل الخلاف بين مثبتي المجاز ومنكريه له ثمرة عملية ؟ 15/ هل نفي الصفات نتيجة حتمية للقول بالمجاز ؟ 16/ماصحة ما نقله القاسمي في تفسيره لكلام لشيخ الإسلام وفيه القول بالمجاز؟ 17/هل مبحث المجاز أصله مبحث عقدي؟ الأول/ عبدالرحمن البراك 1/سئل مانصه::ما قولُكم في نفيِ المجازِ في القرآنِ واللُّغةِ، وكلامِ الإمامِ ابنِ تيميةَ وابنِ القيِّمِ والشَّيخِ الشَّنقيطيِّ؟ الجواب : ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() 2/وسئل أيضا: ما الراجح في وجود "المجاز" في القرآن وفي اللغة؟ الجواب: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() الثاني/ صالح آل الشيخ قال حفظه الله: ![]() ![]() والتأويل والمجاز يُستخدَمَانِ في مباحث الصفات والأمور الغيبية بعامة، يستخدمها أهل البدع الذين لم يُسَلِّمُوا للنصوص دِلَالَتِهَا. (المجاز) لم يأتِ هذا اللفظ لا في القرآن ولا في السنة ولا في كلام الصحابة ولا في كلام التابعين ولا في كلام تابعي التابعين. يعني انقضت القرون الثلاثة المفضلة ولم يُستعمل هذا اللفظ، فلفْظُهُ حادث. والألفاظ الحادثة بحسب الاصطلاح: إن كان هذا المصطلح أُسْتُخْدِمَ في شيءٍ سليم، في شيء مقبول شرعاً، فلا بأس به إذ لا مُشَاحَّةَ في الاصطلاح، مِثْلْ ما قالوا التأويل هو كذا وكذا فَعَرَّفُوهُ، ومثل ما تَعَارَفُوا على أشياء كثيرة في العلوم. ولهذا اسْتَعْمَلَ لفظ المجاز بعض العلماء في معاني صحيحة؛ فَكَتَبَ أبو عبيدة مَعمَر بن مثنى كتاباً سَمَّاهُ مجاز القرآن، وتجد في ألفاظ لابن قتيبة أيضاً ذِكْرَاً للمجاز -للمجاز العام-؛ يعني المجاز المقبول؛ وله هو نَظَرْ في المجاز لا نَعْرِضُ له الآن. إذاً هذا تاريخ اللفظ أنَّ اللفظة حادثة ما كانت مستعملة. ماذا يُقْصَدْ بلفظة (مجاز) من حيث اللغة؟ المجاز يعني: ما يجوز، هذا في اللغة. ولهذا قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه مجاز القرآن ![]() ![]() ![]() ![]() يعني هذا مجازه اللفظي في اللغة وما أجازته العرب من المعنى. إذا نظرت لذلك وجدت أَنَّ استعمال من استعمل لفظ المجاز غير استعمال المُحَرِّفين. لهذا نقول: المجاز عند أهل التّحريف عَرَّفُوهُ بما يلي: قالوا: المجاز هو نقل اللفظ من الوضع الأول إلى وَضْعٍ ثانٍ لعلاقة بينهما. وعَرَّفَهُ آخرون بقولهم: المجاز هو استعمال اللفظ في غير ما وُضع له. مثاله عندهم، يقول مثلا: أَلْقَى فلان عَلَيَّ جناحه. فمجاز الجناح هنا قالوا: الجناح يعني كنفه ورعايته ويده إلى آخره. قالوا: أصل الجناح للطائر، جناح الطائر. فلما اسْتُعْمِلَ في الإنسان صار استعمال اللفظ لغير ما وُضِعَ له، لهذا سَمَّوهُ مَجَازَاً. إذا تبين لك ذلك فنقول: أولاً قولهم في تعريف المجاز: إنَّ المجاز هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له مَبْنِيٌّ على أنَّ الألفاظ موضوعة لمعاني. ومن الذي وَضَعَ المعنى أو اللفظ للمعنى؟ من الذي وضع؟ يقولون العرب وَضَعَتْ. التعريف الأول -وهو المشهور عند الأصوليين- المجاز نقْلُ اللفظ من وضع أول إلى وضع ثاني. يعني أنَّ العرب وضعت للألفاظ شيئاً ثم نقلته من الوضع الأول إلى الوضع الثاني. هذا التصور مبني على خيالٍ في أصله. وهو أنه يُطَالَب من عَبَّر هذا التعبير بأن يقال له: من الذي وَضَع الوضع الأول؟ هذا أَوَّلَاً في التعريف لهذا لا تدخل مع الذين يبحثون في المجاز أصلاً، يعني في الغيبيات أما في الأمور الأدبية، هذا الأمر سهل؛ يعني الخلاف الأدبي سهل. لكن إذا أتى المجاز في الأمور الغيبية والصفات فَنَاقِشْهُ في التعريف. الآن ما هو تعريف المجاز؟ استعمال اللفظ في غير ما وُضِعَ له، أو نَقْلُ اللفظ من الوضع الأول إلى الوضع الثاني. هذا الوضع الأول والوضع الثاني كيف عرفنا أَنَّ هذا هو الوضع الأول؟ الجواب: لا سبيل إلى الجواب. ليس ثَمَّ أحد يمكن أن يقول هذا اللفظ وُضِعَ لكذا، إِذْ معنى ذلك أَنَّ العرب اتفقت، عَقَدَتْ مُؤْتَمَرَاً، اجتمعت جميعاً وقالت: الآن نحدد لغتنا في الوضع الأول. هذا السقف السماء وضعها الأول هو ما علا. الأرض هي هذه هذا الوضع الأول. السَّيْرُ، جَرَى، مَشَى، معناه كذا. جَنَاحْ هُوَ لهذا الطائر، حَمَامْ هو لهذا الطائر، وهكذا. فَيُتَصَوَّرْ من التعريف أنَّ العرب اجتمعت وجَعَلَتْ لكل لفظٍ معنىً في لغتها. وهذا خيال؛ لأنّ من عَرَفَ ودرس نشأة اللغات لا يمكن أن يتصوّر أنَّ اللغة العربية نشأت على هذا النّحو. لهذا نقول: أولاً التعريف غير صحيح، لأنَّ الوضع الأول يَحْتَاجُ إلى برهان لإِثْبَاتِ أَنَّهُ وَضْعٌ أول. أَثْبِتْ لي أَنَّ هذا هو الوضع الأول ولا بأس. ولا سبيل إلى الإثبات. لهذا نقول: إنَّ المعاني في اللغة العربية كثيرٌ منها كُلِّيَّةْ. وكلما ذهبت إلى المعنى الكلي كلما كنت أحْذَقْ وأَفْهَم للغة. وهذا ما جرى عليه العالم المحقق ابن فارس في مقاييس اللغة، كتاب سماه (معجم مقاييس اللغة) جَعَلَ الكلمات لها معاني كلية ثم تندرج التفريعات تحت المعنى الكلي، وليس وضعاً أول ثم وضعاً ثانيا، وهذا حقيقة وهذا مجاز، ليس كذلك. إذا تبين ذلك فنقول: لفظ التأويل ولفظ المجاز يُسْتَعْمَلَانِ كثيراً. الظاهر: يقابله التأويل. والحقيقة: يقابلها المجاز.فيُقَال هذا حقيقة وهذا مجاز، ويُقَالْ هذا ظاهر وهذا تأويل. ولا يقال في التأويل مجاز وللمجاز تأويل، لا، التأويل يختلف عن المجاز كما ذكرته لكم مراراً. المجاز كتطبيق لأجل أن تفهم كيف يطبقون المجاز على قاعدتهم وكيف أنَّ هذا الكلام الذي طبقوه غير جيد غير صحيح. يقولون مثلاً: الرحمة مجاز عن الإنعام. طيب مجاز عن الإنعام يعني أنَّ لفظ الرحمة وضعته العرب للمخلوق للإنسان. فلما أسْتُعْمِلَ في صفات الرب - ![]() فإذاً الرحمة تشمل رحمة الأم بولدها، ورحمة الوالد بولده، ورحمة الإنسان بمن يتعرض لشيء أمامه من المكروهات، وتشمل الإنعام. رَحِمَهُ يعني أنْعَمَ عليه. قالوا الإنعام هذا وضع ثاني والرحمة التي يجدها الإنسان في نفسه هذا الوضع الأول. ففي صفات الرب - ![]() قالوا لأنَّ الرحمة لا تحصل إلا بضعف، إلا بانكسار، وهذا منزه عنه الرب - جل جلاله -. فإذاً نقلوا من الوضع الأول إلى وضعٍ ثانٍ لعلاقة. العلاقة بينهما هي مناسبة هذا لله - ![]() يعني الإنعام مناسب في هذا وفي هذا. العلاقات عندهم في المجاز نحو ثلاثين علاقة، وأُلِّفَتْ فيها كتب، يعني من باب الذكر وليست مهمة. طيب، عندكم الرحمة بمعنى الإنعام، والرحمة حينما فسرتموها قلتم الوضع الأول في الإنسان لماذا؟ الرحمة هذا اللفظ وُجِدَ مع الإنسان، أليس كذلك؟ وُجِدَ مع الإنسان، أحَسَّ بهذا الشيء الذي في نفسه وهذا الشيء سُمِّيَ رحمة. فهل هذه الرحمة حينما وُضع لها هذا المعنى هي في لغة العرب أو هي في اللغات جميعاً؟ الجواب أنها في لغة العرب؛ يعني من حيث لفظ (رحمة) . وأما المعنى المُشْتَرَكْ لهذه الصفة فهذا عام في جميع اللغات؛ يعني موجود في كل لغة ما يدل عليه. اللغة هل تضع الأشياء محدودة أو كلية؟ اللغة المفروض فيها أنها تجعل الألفاظ للمعاني الكلية، لا لمعانٍ محدودة. فنأتي للرحمة فنقول الإنسان عنده هذه الرحمة، وَجَدَ هذه الصفة في نفسه فَسَمَّاهَا رحمة. لكن لا يوجد تعريف في أي كتاب من كتب اللغة للرحمة بتعريف جامع مانع محدود. كذلك الرأفة، كذلك الوُد، كذلك المحبة، ونحو ذلك، فالمعاني النفسية هذه الموجودة في داخل نفس الإنسان هذه لا يوجد تعريف محدّد لها حتى في كتب اللغة. إذاً فهي ليست موضوعة لما يحسُّهُ الإنسان، وهي إذاً موضوعة لمعانٍ كلّية تشمل هذه الصفة. ولهذا نجد أنّ كل الصفات المعنوية لا يمكن تعريفها. لو أتاك أحد وقال عرف لي هذه الرحمة التي في قلبك؟ لا يُحْسِنْ حتى هؤلاء الذين يَحْكُمُون بالمجاز وبالتأويل لا يُحْسِنُونَ أَنْ يُعَرِّفُوا الرحمة بشيءٍ جامعٍ مانع. هات الرحمة بتعريف جامع؟ فيُفَسِّرْ الرحمة بأثر الرحمة، فيُفَسِّرْ الرأفة بأثر الرأفة، فيُفَسِّرْ المحبة بأثر المحبة. لكن كل إنسان في أي لغة إذا طَرَقَ سمعه الرحمة هو يعرف مدلول الرحمة بما يجده في نفسه. إذاً فالمعاني النفسية هذه التي هي ليست ذوات هذه كليات، والكليات ليست مفردات، الكليات للجميع. فإذاً جَعْلُ الكلية اللغوية مُفْرَدَاً في حال الإنسان، وجَعْلُ هذه المفْرَدَةَ وضْعَاً أول هذا لاشك أنه ليس له دليل في اللغة وليس له أيضاً برهان وهو تَحَكُّم. فإذاً لكل شيء يناسبه. إذا قلت للعربي رحمة الطير، الطير حينما رَحِمَ، هل كانت الرحمة في الإنسان واستعار للطَّيْرِ الرحمة؛ أي جَعَلَهَا في الطير مجازاً؟ الجواب: لا، يقول لا، الطير فيه رحمة، طيب هذا المعنى الكلي بين الطير والإنسان هل كان في الوضع الأول خاصَّاً بالإنسان ثم عُدِّيَ أو كان للجميع؟ فإن قال للإنسان وحده فإنه لن يقوله؛ لأنه لا يُسَلَّمْ له. وإن قال للإنسان والطير وللحيوان فيما يَرْحَمْ، قيل له فإذاً العرب وضعت هذا اللفظ بالوضع الأول للجميع لهذين فقط، أو وضعت كُلِّيَّة فَطُبِّقَتْ على الإنسان والحيوان وعلى الطير؟ فَمُؤَدَّى الأمر أَنَّ هذه الكلمات مبنية على برهانين: 1 - البرهان الأول: معرفة نشأة اللغات، وأنَّ الوضع الأول للأشياء في الإنسان أو في الطير فقط أنَّ هذا غير جارٍ؛ لأنه ما يُتَصَوَّرْ -كما قلت لك خَيَالٌ أنَّ العرب اجتمعت ووضعت هذه الأشياء على هذا النحو-. 2 - البرهان الثاني: أن يُقَال المعاني الكلية المشتركة هذه لها تعريف عام لُغَوِي، وإذا كان لها تعريف عام، ووجودها في الإنسان تمثيل، ووجودها في الطير تمثيل ووجودها في الأم من الحيوان لولدها تمثيل، وهكذا، فإذاً القضية الكلية أو التعريف الكلي لا يُسَلَّط عليه المجاز بالأمثلة. هذه القضية كبيرة بلا شك، ولابد منكم لمن أراد التحقيق في علوم العقيدة وفي علوم اللغة أن ينتبه إلى هذه المسألة؛ وهي نشأة اللغات. كيف نشأت اللغات؟ كيف نشأت اللغة العربية؟ في اللغة العربية أتى العرب موجودون فكانت أمامهم لغة؟ لا، الأسماء عُلَّمها آدم ![]() ![]() لا، كانت بلغة، ثم بعد ذلك تداخل أولاد آدم تنوعت لغاتهم، اكتسبوا أشياء من الأصوات، اكتسبوا أشياء من الرؤية. كلمة كانت بسبب الصوت مثلاً. مِثْلْ كلمة جَرَّ، جَرَّ هذه أنْتَ لو حَمَلْتَ جذع شجرة تحتاجه في إيقاد النار، تأتي به من مكان بعيد عن المكان الذي تطبخ فيه، تسمع صوته في الأرض بهذه الكلمة جَرْرْرْرْ، فتسمع هذه. مثل كلمة خرير؛ خرير الماء هذا الصوت. مثل كلمة وسوسة الصوت هذه الوسوسة مأخوذة بالسمع. إذاً اللغة تَشَكَّلَت من أشياء، ومَنْ دَرَسَ نشأة اللغات يقول: إنَّ البرهان على الوضع الأول الذي أعْتُمِدَ عليه بالمجاز ممتنع. وأنا أريد الحقيقة من باب طلب الحق أن يأتي باحث ممن يبحث في اللغة ويُثبت لي هذا الوضع الأول كيف جاء؟ كيف تواضعت العرب على أنّ الكلمة بهذا المعنى في الإنسان المحدَّدْ أو في الحيوان إلى آخره. خذ مثلا كلمة جناح. جناح في اللغة فيها دِلَالَة على المَيْلْ، ميل واستطالة في الميل؛ يعني مَالَ وثَمَّ زيادة واستطالة في الميل، ليس ميلاً خفيفاً لكن فيه استطالة، لهذا قال ![]() ![]() ![]() ![]() إذاً فتسمية جناح الطائر بجناح، هل هو لأنهم أطلقوا على هذا الجزء؛ يعني قَسَّمُوا الطائر إلى أجزاء، وقالوا هذا سَمُّوهُ جناح، أو هو لمعْنىً كلي موجود قبل وَجَدُوهُ في هذا الجزء من الطائر فَسَمَّوهُ بِهِ. هم عندهم الميل، رأوا أَنَّ جناح الطائر فيه استطالة وميل، يمتد يستطيل ويميل إلى آخره، نفس الجناح، لكن جسم الطائر ثابت، لكن هذا الذي يذهب ويجيء هذا الجناح، فسمّوا هذا الجناح بهذا الاسم. طيب جاء في الإنسان: الإنسان فيه أيضاً شيء يميل وهو اليد، فاليد تميل. إذاً اليد أيضا جناح، ولذلك قول الله - ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() اليد ليست استعارة لأنها المعنى الكلي. إذن في هذه المسائل تطول. يعني العنق سُمَّيَ عنق يعني هكذا أم ثَمَّ معاني نشأت منها اللغات ثم تَوَسَّعَتْ؟ لهذا نقول اللغة كليات جاءت أمثلة عليها تطبيقات في الواقع، قواعد عامة. لهذا من عَرَفَ أَقْيِسَةَ اللغة فَهِمَ حقيقتها، أما وجود وضع أول يُبْنَى عليه المجاز فهذا غير ممكن ![]() ![]() 2/وقال أيضا: ![]() ![]() فإن استعملت العرب هذا المعنى التركيبي صح استعماله، وهو حقيقة في المعنى المركب، لا في المعنى الإفرادي، ومن أراد أن لا يفرق بين ما استعملوه مركباً وما استعملوه في وضعه الأول، فسيعكر عليه ذلك نصوص كثيرة. فما يسميه المجيزون مجازاً هو عند النافين أسلوب من أساليب اللغة العربية، واللغة العربية كلها حقيقة، والحقيقة تكون لفظية أي: يدل اللفظ على معناه بمفرده، وتكون تركيبية أي: تدل الألفاظ على معناها بتركيبها. والفرق بين هذا وبين القول بالمجاز: أن المجاز أعم، وقول المحققين أخص، فالمدعون للمجاز يجوزون عباراتٍ وأساليب لم تعهدها العرب في كلامها، بتقدير محذوفاتٍ في الكلام وتقدير نسبٍ لا ضابط لها. والعقل ليس أصل اللغة جزماً، بل أصل صحة الاستعمال السماع، فما جاء عنهم مستعملاً في موارده قبل، وسمي:حقيقة، وما لم يستعملوه فلا يستعمل في دلالات الألفاظ ومفرداتها، ولا في قواعدها وأبنيتها. والمسألة معروفة مشهورة، ولا تحتمل أكثر من هذا في مثل هذه الردود المختصرة ![]() ![]() الثالث/د.عبدالكريم الخضير. قال حفظه الله: ![]() ![]() ونفاه مطلقاً في القرآن والسنة وفي غيرهما آخرون كأبي إسحاق الاسفراييني وأبي علي الفارسي، ونصره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وسمى المجاز :طاغوتا. ورد الأمين الشنقيطي -رحمة الله عليه- على من يقول بالمجاز بكلام طويل في مذكرته الأصولية وفي رسالةٍ خاصة في ذلك. وقد بين شيخ الإسلام - رحمة الله عليه - أن هذا التقسيم مخترع حادث بعد القرون المفضلة؛ فلم يتكلم به أحد من الصحابة والتابعين، ولا أحد من الأئمة ولا علماء اللغة، من المتقدمين . ولا يمكن أن نقول: إن هذا مجرد اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح؛ كغيره من التقسيمات الموجودة في العلوم الأخرى والذي يظهر أن القول بالمجاز إنما أحدثه المبتدعة ؛ ليتوصلوا به إلى نفي صفات الله عزوجل بادعاء أنها مجاز . ومن أقوى ما يستدل به على إنكار المجاز أن علامة المجاز ما جاز نفيه، وليس في النصوص ما يجوز نفيه، مثال ذلك: أنه عند قدوم رجل شجاع، إذا قيل: <جاء أسد>، فلسامع أن يقول للقائل : <كذبت، ما جاء أسد، الذي جاء رجل>، لأن حقيقة الأسد الحيوان المفترس، فإذا كان يجوز نفيه هنا توسعا، فليس في النصوص الشرعية ما يجوز نفيه. فهم أطلقوا الأسد على الشجاع، فهل نقول: إنه مجاز في غير النصوص ونلتزم بلازمه وهو أنه وإن جاز فيه فإننا نقول به كما يقول بعضهم، أو نقول : إنه استعمال حقيقي ، فالأسد كما يطلق على الحيوان المفترس يطلق على الرجل الشجاع؟ المسألة محل خلاف كما سبق، وبالجملة فالكلام في المجاز طویل الذيل، وقد فصله ابن القيم ![]() ![]() ![]() المصدر: كتاب: تحبير الصفحات بشرح الورقات(ص:102/100) الرابع/د. يوسف الغفيص. قال حفظه الله: ![]() ![]() ابن القيم ؛ وإن كان ابن القيم تارة يخلط بعض المعاني مع بعض، ولكن باعتبار كلام شيخ الإسلام ![]() ![]() ![]() والتحقيق أن أكثر ما أثبته الإمام ابن القيم حين يذكر الحقيقة والمجاز هو من باب التقسيم اللفظي، ولكنه أحياناً قد يُدخل عليها شيئاً من الأثر المتعلق بمعاني الألفاظ، وليس بمجرد صورها اللفظية. أما فيما يتعلق بـشيخ الإسلام فإن منهجه في هذه دقيق، وشيخ الإسلام له كلمات أحب أن تكون مقدمة بين يدي الجواب عن مسألة الحقيقة والمجاز، فهو يقول: (مسألة الحقيقة والمجاز إما أن يُنظر فيها باعتبار كونها من عوارض الألفاظ، فهذا اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح، وإما أن يُنظر فيها باعتبار كونها من عوارض المعاني، فهذا هو القدر الذي ينازع فيه أرباب النظر من المعتزلة وغيرهم). إذاً: القدر المنكر عند شيخ الإسلام في مسألة الحقيقة والمجاز ليس هو صورها اللفظية، أو مصطلحها اللفظي؛ ففي قوله ![]() فتسمية ما يقع من هذا النوع مجازاً هو اصطلاح، كما أن المصطلحين سموا الفاعل والمفعول والحال والتمييز .. إلى غير ذلك. وإنكار شيخ الإسلام لذلك هو باعتبار كون هذا التقسيم من عوارض معاني اللغة، وهذا هو مراد المتكلمين في تقريرهم. فنقول: إن هذه النظرية نظرية الحقيقة والمجاز- لا تصح لغةً، بل هي ممتنعة من جهة اللغة، وامتناعها حين تتأمل تعريف المتكلمين للحقيقة والمجاز، فقد قالوا: إن الحقيقة هو اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له. هذا التعريف للحقيقة والمجاز تضمن ذكر الوضع وذكر الاستعمال، وكأن بين الوضع والاستعمال اختلافاً، فإذا قرأت تعريف المجاز تبين لك أن هؤلاء يفرقون بين وضع اللغة وبين استعمالها .. فهم يفرضون أن ثمة فرقاً بين وضع اللغة وبين استعمالها، والسؤال هنا: من الواضع للغة؟ ومن المستعمل؟ السؤال الثاني: أيهما أسبق الوضع، أو الاستعمال؟ السؤال الثالث: ما مثال الوضع في اللغة؟ وما مثال الاستعمال؟ هذه سؤالات ترد على النظرية وتشكل عليها، فيتبين أنها فاسدة من جهة اللغة. السؤال الأول: ما الفرق بين الوضع وبين الاستعمال؟ السؤال ليس له جواب محصِّل لنتيجة؛ فإذا قالوا: إن الواضع للغة هم العرب، وإن المستعمل للغة هم العرب؛ قلنا: لا يمكن أن يحصل فرق في الخارج بين الوضع وبين الاستعمال؛ فما الذي يجعل هذا النطق العربي وضعاً، وذلك النطق العربي الآخر استعمالاً؟! ومن هنا احتاج القوم -ولا سيما منظِّري المعتزلة من أهل اللغة- إلى البحث في مبدأ اللغات، ومن أين جاءت اللغة. ففي كتب أصول الفقه -ناهيك عن كتب علم الكلام وبعض كتب اللغة- نجد بحثاً في مسألة مبدأ اللغة، فقيل: إنها من آدم، وقيل: إنها من تعليم الله لآدم، وقيل: إنها من تعليم الملائكة، وقيل: إنها من الجن. وسائر هذه الأقوال غاية ما يقال فيها: أنها أقوال ممكنة، لكن يمتنع الجزم بواحد منها. وقول الله ![]() ![]() وقد يقال: إن الاستعمال هو استعمال العرب، وعلى الترتيب الزماني: الوضع يسبق الاستعمال؛ فالوضع هو الأول ثم جاء الاستعمال؛ وغاية ذلك أن الاستعمال معلوم وهو استعمال العرب، أما الوضع فهو مجهول، ولا يمكن أن يبنى المعلوم على المجهول؛ فإن المجهول لا يفيد بذاته؛ فمن باب أولى ألا يكون مفيداً لغيره. وإذا تتبعت كلام محققي المعتزلة -وهم أئمة النظر في هذا الباب- وجدت أنهم يقولون: إن الوضع هو الكلمة المفردة، وإن الاستعمال هو الكلمة المركبة، بمعنى أنك تقول: اللفظة كاليد -مثلاً- هي التي يسمونها وضعاً، والمركب يسمونه استعمالاً، فهم حتى لا يلتزموا مسألة القدم التاريخي التي لا يستطيعون اكتشافها، قال بعض محققيهم: إن المسألة ليست مبنية على التعاقب التاريخي، إنما هي مبنية على أننا نريد بالاستعمال الجمل المركبة كقولك: جاء زيد، فهذا يسمونه استعمالاً، وأما كلمة: (زيد) أو كلمة (جاء) فيسمونها وضعاً. فيقال لهم: إن هذا أيضاً من باب الممتنع تحصيلاً؛ لأنه لا يعقل أن عربياً يقول: يد، ويسكت؛ بل لا يوجد في لسان بني آدم لا من العرب ولا من غيرهم كلام على هذه الطريقة. علاقة المعتزلة بنظرية المجاز في اللغة فإن المعتزلة -وهم أخص من نظم نظرية المجاز في اللغة، وكثير منهم أساطين في العربية- نفوا الصفات بدلائل كلامية مولدة من الفلسفة، فلما انتهوا من النفي وانتهى مذهب المعتزلة إلى أن الرب سبحانه يمتنع قيام الصفات به، رأوا أن نصوص القرآن تعارض النتيجة التي قرروها، فلما وصلوا إلى هذا وهم قوم يسلمون بالقرآن وأنه حق؛ تأولوه حتى لا يعارض النتيجة التي انتهوا إليها. فهذا تكلف على اللغة، لا حقيقة له في الخارج؛ لأنه لا أحد ينطق بلسان لا عربي ولا غير عربي إلا وهو يتكلم بجملة، ولا يعقل أن أحداً يتكلم بلفظ مفرد، إلا في حالة واحدة: إذا قال حرفاً مفرداً، سواء كان اسماً أو فعلاً أو صفة؛ لأن بقية الجملة معلوم تقديراً؛ فإذا قيل له: كيف زيد؟ قال: حسن. فإنه قال: حسن؛ ولكن التقدير: زيد حسن، وحَذْفُ ما يعلم جائز باتفاق ألسنة بني آدم، ولا أحد ينازع في هذه البديهة العرفية، فعند بني آدم كلهم أن المعلوم من الكلام يحذف، وهذا ليس خاصاً بلغة العرب، بل هو في كل لغات بني آدم. إذاً: على هذه الطريقة لا يوجد لغة إلا استعمالاً، ولا يوجد لغة تسمى وضعاً. وقال بعض محققيهم لإثبات الوضع: إننا إذا نظرنا اللغة وجدنا أن العرب تقول: اليد، وتريد بها الجارحة، وتقول: اليد، وتريد بها في سياق آخر النعمة، والجواب عن هذا ليس مشكلاً، فنقول لهم: ما المانع عقلاً ولغةً أن يراد بهذا اللفظ أكثر من معنى، والسياق نفسه هو الذي يحدد واحداً من هذه المعاني. فإن قالوا: إن اللفظ الواحد لا يكون إلا لمعنىً واحد، ولا يكون لبقية المعاني، قيل: هذا تحكم على اللغة، فإن اللفظ الواحد يمكن عقلاً ولغةً أن يدل على أكثر من معنى؛ أما عقلاً فإن العقل لا يمنع ذلك، وأما لغةً فإن العرب إذا تأملت كلامها وجدت أنها تستعمل الحرف الواحد أو الكلمة المفردة الواحدة في أكثر من سياق، وفي كل سياق تدل على معنى. فإن قالوا: الدليل على أن هذه اللفظة تستعمل في معنىً واحد كحقيقة وفي البقية كمجاز، أن اللفظ إذا أطلق تبادر منه معنىً أخص، فإذا قيل: يد، لا تتبادر النعمة، وإنما تتبادر اليد الجارحة، قيل: إن اليد إذا أطلقت فالتحقيق العقلي يقول: إنه لا يتبادر أي معنى منها، فالعقل لا يعين لها معنى لكونها لفظاً مجرداً، ثم لو سُلِّم جدلاً أن الذهن يتبادر إليه ابتداءً -إذا قيل: يد اليد الجارحة- فهذا باعتبار أن استعمال هذا اللفظ بهذا المعنى هو الأكثر في اللغة، فلكثرته ولشيوعه صار هو المتبادر، والكثرة والقلة ليست ميزاناً لمسألة: وضع اللفظ لهذا المعنى أو ذاك. وما المانع أن لفظ (اليد) وضع في اللغة لأكثر من معنى، فاللغة لا تمنع ذلك، والعقل لا يمنع ذلك. إن قالوا: إذا كان وضع لأكثر من معنى فما الذي يحدده؟ نقول: الذي يحدده السياق، ولن نحتاج عندها إلى دليل صارف؛ فإن اللفظ إذا وضع لمعاني مختلفة، فإن السياق نفسه يستلزم تحديد واحد من المعاني، قد يكون المعنى المحدد هو الشائع كاليد الجارحة، وقد يكون غيره. فحين قال عروة بن مسعود لـأبي بكر : (لولا يد لم أجزك بها لأجبتك). ما تبادر إلى ذهن أحد ممن سمعوا هذه الكلمة أو قرءوها أن عروة يقصد اليد الجارحة التي يزعم القوم أنها هي الحقيقة في لفظ اليد، وهي الأكثر استعمالاً، بل إن حَمْلَ كلام عروة بن مسعود على اليد الجارحة حمل ممتنع؛ بمعنى أن تفسير الكلام به ممتنع. ولهذا يمتنع أن كلاماً عربياً يقبل أكثر من معنى مختلف إلا لأحد موجبين: إما أن يكون الناظر فيه ليس عنده كمال في تحقيقه؛ فربما تردد في أكثر من معنى، وإما أن يكون المتكلم بهذا السياق لم يذكره فصيحاً بيِّناً، ومعلوم أن القرآن يمتنع أن يقال فيه: إنه ليس فصيحاً بيِّناً، ويمتنع أن يقال: إن المسلمين عجزوا عن فهم كلام الله على معنىً مناسب؛ لأنه إذا كان كذلك، فإن الكلام بذاته لا يكون بيِّناً. وأصل نظرية المجاز والحقيقة باعتبار كونها من عوارض المعاني من المعتزلة، وأما باعتبار كونها من عوارض الألفاظ، فهذا استعمله قوم كـأبي عبيد القاسم بن سلام وأبي عبيدة معمر بن مثنى ، واستعمله الإمام أحمد وجملة من الناس، وهذا -كما أسلفت- اصطلاح، وهم يريدون بقولهم: (مجاز اللغة) ما تجوزه اللغة وتأذن به، أما باعتبار كونها من عوارض المعاني فهو منطق اعتزالي أُدخل على اللغة. ومن هنا يتبين أن هذه مسألة مفتاتة على اللغة، فإذا قال: فما يقول القوم فيه أنه حقيقة ومجاز ما حقيقته في اللغة؟ أقول: إن عامة ما قال أصحاب نظرية الحقيقة والمجاز باعتبارها من عوارض المعاني أنه من باب المجاز هو في اللغة لا يخرج عن نوعين: النوع الأول: لفظ مشترك اسُتعمل في غير معنى باعتبار تعدد السياق، كلفظ اليد؛ فإنه وضع لأكثر من معنى، وكلفظ العين وضع لأكثر من معنى .. وهلم جراً. وقد يكون هذا اللفظ له ثلاثة من المعاني هو في أحدها أظهر، وقد يكون متساوياً بين المعاني. فأحياناً قد يكون الاشتراك اشتراكاً محضاً يستلزم قدراً من التساوي في المعاني، وقد يكون اللفظ في أحد المعاني أظهر. إذاً: القسم الأول مما قال القوم فيه أنه من باب المجاز هو ألفاظ من جهة كونها مفردةً مقطوعةً عن التركيب تحتمل في اللغة أكثر من معنى، ولكن إذا جاء السياق قطع هذا التردد والاحتمال ضرورةً. ونحن نعلم أن القول في عقيدة المسلمين ليس مبنياً على ألفاظ مجردة، وإنما هو مبني على جمل ومعانٍ مركبة، وعليه: فآيات القرآن الواردة في الأفعال والصفات ليست مشكلة، حتى لو فرض أن اللفظ الذي ذكر فيه اشتراك، ففي قوله سبحانه و ![]() أولاً: أنتم تقولون: إنها حقيقة في الصفة، فإذاً ينبغي ابتداءً أن تحمل على حقيقتها. ثانياً: أننا نحقق أنه يمتنع من السياق نفسه أن تحمل على غير ذلك؛ لأن اليد هنا جاءت مثناة ومضافة إلى الله، والعرب لا يمكن أن تستعمل اليد بمعنى النعمة على طريقة التثنية المضافة. ولهذا إذا أردنا أن نرد على القوم فإننا نعتبر السياقات، وهذه قاعدة مهمة. وقد يقول قائل من المخالفين: إن الدليل على تفسيرها بالقدرة أو بالنعمة قول عروة بن مسعود لـأبي بكر . فنقول: هات من لغة العرب سياقاً كسياق القرآن، فيه تثنية اليد مضافة إلى معيِّن، أريد باليد فيه النعمة أو القدرة أو ما إلى ذلك من المعاني التي تخرج عن الصفة. النوع الثاني: مما سماه القوم مجازاً وأشكلوا به على اللغة وعلى الاستعمال والوضع أسهل من الأول، وهو سياقات في لغة العرب، بل وفي القرآن نفسه، وغاية ما فيها أن فيها حذفاً لما هو معلوم، قال الله ![]() نقول: هذا من باب حذف المعلوم، وحذف المعلوم كذكره، فإن المقصود من الألسنة الآدمية كلها عقل المعاني، فإذا ما تيسر عقل المعاني بإيجاز، فإن هذا أنسب للمخاطب وأكثر دلالة له، وحذف ما يعلم جائز في كل لغات بني آدم، فهذا الحذف أو الاختصار موجود في كل اللغات الفصيحة أو الملفقة أو المركبة أو المخترعة أو حتى اللغات العلمية المستحدثة كمصطلحات العلوم؛ فمسألة الاختصار للمعلوم بديهة عند العقلاء أجمعين. وقسم واسع مما قال القوم فيه أنه مجاز؛ هو من باب حذف المعلوم، وحذف المعلوم كذكره، فإذا قالوا: وَجَاءَ رَبُّكَ [الفجر:22]كقوله: وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ [يوسف:82]التقدير: وجاء ملك .. قيل: كلا، هناك فرق بيِّن .. لأن قول الله ![]() فنقول: الدليل على أن ما أضيف إلى الباري من الصفات والأفعال يمتنع أن يقال: إنه من باب حذف المضاف، أن العرب لا تحذف المضاف إلا إذا كان معلوماً علماً قطعياً لسائر المخاطبين، أما المحذوف هنا فإن العلم به ممتنع، والدليل على امتناعه: أنه يمكن أن يُقَدَّر بأكثر من معنى. فإذا قيل في قوله ![]() فإذا قيل: إن مجيء جبريل ممكن، نقول: نعم ممكن، ولكن ما الذي أدراك أن المقصود جبريل؟! لعله ملك مختص بهذا المجيء، لعله أمره، لعله رحمته، لعله جملة من الملائكة. فلما كان المحذوف يمتنع العلم به دل هذا على أن الله سبحانه و ![]() وقد وقفنا كثيراً عند هذا المعنى؛ لنفقه كيف نفى القوم الصفات، وأنه فرع عن عقلهم الفلسفي وليس فرعاً عن النصوص، وكيف ردوا على النصوص بما سموه تأويلاً، ولنعرف أن التأويل فاسد من اللغة والعقل والشرع، وهذا مما لا بد لطالب العلم الناظر أن يحصله، وبه يتبين صدق مذهب أهل السنة والجماعة، وأنه مبني على العقل، ومبني على اللغة، ومبني على الشرع، وأن المخالفين لا حصلوا عقلاً ولا لغةً ولا شرعاً ![]() ![]() ![]() ![]() 2/حقيقة موقف شيخ الإسلام من نظرية المجاز. وقال أيضا: ![]() ![]() ![]() وقد تكلم بعض المعاصرين في هذه المسألة، وقال: إن شيخ الإسلام يتناقض؛ فإنه تارةً يطلق في كتبه عبارة المجاز فيقول: وهذا من المجاز اللغوي، وهذا من مجاز اللغة. مع أن له رسائل ومواضع من كلامه يصرح فيها بإبطال المجاز؛ وبعضهم فرض هذا حتى في ابن القيم ، مع أن ابن القيم ![]() والصحيح أن القول في المجاز يقع على جهتين: الأولى: المجاز باعتباره من عوارض الألفاظ. الثانية: المجاز باعتباره من عوارض المعاني. والذي أنكره شيخ الإسلام ، واشتد في دفعه وإبطاله هو المجاز باعتباره من عوارض المعاني، أما إذا كان من عوارض الألفاظ فهذا يقال: إنه مجرد اصطلاح، وهذا هو الذي جعل شيخ الإسلام ابن تيمية ![]() مثلاً: القول بأن عبارة: رأيت أسداً يخطب . من باب مجاز اللغة.. هذا كاصطلاح لا بأس به، كما أنك تقول: جاء زيد. جاء: فعل ماض، وزيد: فاعل. فإنه لا أحد يستطيع أن يقول لك: هات دليلاً على أن امرؤ القيس سمى زيداً فاعلاً، وأن هذا حال، أو تمييز، أو مفعول به؛ فإن هذه اصطلاحات، وقطعاً أنه لا مشاحة في الاصطلاح، ولا يمكن أن شيخ الإسلام يعارض في اصطلاح لغوي؛ لأن عندنا اصطلاحات شرعية ما عارض فيها لا شيخ الإسلام ولا غيره. كذلك الصيغ المستعملة في علم الحديث، مثلاً: هذا مقطوع، وهذا منقطع، وهذا مرسل، وهذا موقوف، وهذا إسناد صحيح، وهذا إسناد حسن.. هذه اصطلاحات ما تكلم بها الصحابة، لكن لا يمكن لأحد أن يقول: أين تصريح الصحابة بها؟ إذاً: لم يكن شيخ الإسلام ![]() وقد يقول قائل: إننا نرى شيخ الإسلام ![]() وهذا نقد قوي في كلام شيخ الإسلام للمجاز، حيث إنهم يقولون: إن الحقيقة هو اللفظ المستعمل فيما وضع له، والمجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له. فلابد إذاً أن نعرف الوضع ونعرف الاستعمال. ومن المعلوم أن الاستعمال هو استعمال العرب، لكن الوضع وضع من؟ ولهذا اعتنى علماء المعتزلة الذين دافعوا عن مسألة المجاز ببيان أصل اللغة.. هل هي قياسية، أو سماعية، أو أنها علِّمت لآدم، وكيف اختلف لسان البشر.. إلخ. فـشيخ الإسلام ![]() فهو أراد أن يجوز إبطال المجاز حتى كاصطلاح لفظي ليتحقق بطريقة الأولى إبطاله باعتباره من عوارض المعاني. والنتيجة أن شيخ الإسلام ليس لديه موقف حاسم من المجاز كاصطلاح لفظي، وإن كان أحياناً ينقده استتباعاً، إنما موقفه الخاص من المجاز باعتباره من عوارض المعاني ![]() ![]() ![]() ![]() الخامس/د. صالح العصيمي. 1/ ![]() ![]() وهذا التقرير المذكور في حقيقة حكم المجاز،وأنه لا يطلق القول بإثباته ، ولا يطلق القول بنفيه؛بل الممكن منه ما كان مصحوبا بالقرينة الدالة عليه، هو منتهى ، مذهب العباس بن تيمية الحفيد(صرح به في الرسالة المدنية والتحفةالعراقية)فما ينسب إليه في إبطال المجاز فيه نظر،فإن ظاهر كلامه القول بالمجاز المحقق بالقرينة،وقد صرح به في التحفة العراقية، ووُجِد له كلام أوسع في الرسالةالمدنية،من نسخة نقل منها الجمال القاسمي في تفسيره، ولا توجد في شيء من كتبه المطبوعة، إلا أن الجمال القاسمي الشامي ،كان من أوسع الناس معرفة بكتب أبي العباس ابن تيمية، في القرن الماضي، وكان له ولع هو ومحمود شكري الألوسي العراقي، في جمع كتب أبي العباس بن تيمية، والسعي في طباعتها ؛ ولهذين الرجلين،مع محمد نصيف الجداوي الحجازي،فضيلة السبق بالعناية بالمتفرق من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية،والمبادرة إلى طباعتها،فشكر الله لهم جهدهم ، ورحمهم فيما أحسنوا فيه للمسلمين في زمانهم. وإذا تقرر هذا ، فلا بد من عقل قاعدة مهمة، وهي التفريق بين موارد أهل السنة وموارد أهل البدع،في استعمال ألفاظ ما، فمثلا :المجاز المتقدم تقريره، هو القائل به عند أهل السنة، محمول على حال ومعنى خاصة به، وفق ما تقدم، وأنه المصحوب بالقرينة في المواضع الممكنة،وليس في كل موضع. ولا يورد عليهم، كون المجاز من آلة بعض نفاة الأسماء والصفات لإبطالها، فإن هذا تصرف المبتدع في مواردهذا اللفظ؛وأمالسّنيُّ ، فإنه لا يقبل منه ذلك، وإن شاركه في المصطلح الموضوع للدلالة على هذا المعنى؛ونظير ذلك ماذكره المتكلمون من أهل السنة،في علوم الحديث من المتواتر والآحاد،فإنهم لا يريدون بذلك ما يريده من ينكر الأخذ بأحاديث الآحاد؛وفعلة هذا المنكر للأخذ بأحاديث الآحاد،من تقسيمه الحديث إلى متواتر يؤخذ به وآحاد لا يؤخذ به،لا ينبغي أن ينشأ منها إبطاء القول ،بالمتواتر والآحاد لكون بعض المبتدعة يجعل هذا،مأخذا يبطل به الأحاديث الكثيرة المنقولة عن النبي- ![]() والمقصود أن تعلم ، أنه قد يقع من موارد الألفاظ،مصطلحاتٌ،اشتراك بين أهل السنة وأهل البدع والضلال، لكن لا ينبغي أن يوجب هذا إبطال المصطلح والألفاظ الموضوعة له، لكون بعض ذلك موجودا عند أهل البدع؛ونظير ذلك مما هو أبين وأعلا، هو أن الخوارج يشاركون أهل السنة، في:كون الإيمان اعتقاد وقول وعمل، ويشاركونهم أيضا في كونه يزيد وينقص فلا ينبغي أن توجب هذه المشاركة، ترك ما عند أهل السنة من المعاني الصحيحة المقررة من الإيمان وإن كان يوجد من بعدُ خلاف بينهم بالنظر إلى تأثير الكبيرة في الإيمان فإن الخوارج يجعلون لها تأثيرا في إخراج العبد من الإيمان بالكلية اما أهل السنة فلا يوافقونهم على ذلك فبين أهل السنة والخوارج في حقيقة الإيمان و بعض متعلقاته اشتراك ،ولم يحمل هذا محققي أهل السنة على مباعدةالخوارج في تقرير المعنى الصحيح،فينبغي أن تعمل هذا الأصل في المعارف والعلوم؛فلا يحملك مثلا: كون المجاز طاغوتا،كما قال ابن القيم ،لأنه استعمل في مواضعَ على خلاف طريقة أهل السنة،أن يحمل كذلك على نفي المجاز بالكلية،فإن هذا غير ممكن،والمسألة من متجاذبات الأنظار،ومعترك الأفكار،لكن تحقيقها الذي يبدر بحسب الوضع اللغوي ، والاستعمال الشرعي،وما جرى عليه عمل السلف والأئمة -رحمهم الله ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() 2/ ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() المصدر/ ![]() ![]() السادس/د.صالح السندي. السؤال/هل آخر قول شيخ الإسلام - ![]() الجواب: ![]() ![]() ![]() في التحفة العراقية لايوجد شيئ من هذا إطلاقا، إنما شيخ الإسلام ![]() ![]() حينما تثبت أن قولهم بتأويل ونفي هذه الصفة باطل حتى بالقول باءثبات المجاز لاشك أن هذا أقوى من أن تعلق الأمر على نفي المجاز ، فاءذا نفينا المجاز أصبح نفي الصفة باطلا،إذا أثبتنا المجاز صار الأمر خلاف ذلك ، لأن الخصم سيقول أنا لا أسلم بنفي المجاز مثلا أو يقول على الأقل المسألة خلافية. لكن أن تثبت له أن تأويل المحبة باطل حتى على إثبات المجاز لاشك أن هذا أقوى. أما بالنسبة للرسالة المدينة.فأولا ليس فيها ما يدل على أن شيخ الإسلام رجع عن القول بنفي المجاز. شيخ الإسلام ![]() فالسؤال وجه عن شيئ معين تحديدا فأجاب في أثناء الرسالة عن ذلك ، وحكى المناظرة مع المتكلمين، أيضا في أنه مع ثبوت المجاز و أن ذلك لايكون إلا بعدة مقامات لابد أن نثبتهاحتى يثبت أن هذه الكلمة أو أن هذه الجملة مجاز، فاءذا طبقنا هذا على باب الصفات فاءن هذا لايستقيم وابن القيم ![]() مختصر الصواعق من أوسع المواضع التي فيها نفي المجاز ومع ذلك ما رأى ابن القيم أن هذا الكلام يتنافى مع القول بنفي المجاز هذا شيئ. الشيئ الآخر سلمنا جدلا أن مافي الرسالة المدنية إثبات من شيخ الإسلام للمجاز، فاءن كان ولابد من القول بهذا، فالرسالة المدنية متقدمة عن تقرير شيخ الإسلام بنفي المجاز ، وليست من آخر ما ألفه الشيخ قطعا، بدليل أن الشيخ ![]() ![]() ثم هو ما أرسل له هذه الرسالة وهو عنده في دمشق .هو أرسل له هذه الرسالة يوم أن كان مجاورا في المدينة، وإذا قرأت أول جملة في الرسالة المدنية تدرك ذلك ، أرسلها لشمس الدين لما كان شمس الدين في المدينة، وشمس الدين ![]() ![]() ![]() الذهبي ![]() ![]() ![]() لاحظ معي توفي كم؟؟ سبعمائة وإحدى عشر ،وقبل هذا هناك بضعة عشر عاما كان فيها في دمشق،وقبل ذلك كان في المدينة . إذن أنت تتكلم عن كم؟؟تتكلم عن أقل شيئ عن ثلاثين سنة أرسلت فيها هذه الرسالة. طيب. ماذا عن المؤلفات التي ألفها الشيخ ![]() وكذلك رسالة تسمى رسالة الحقيقة والمجاز، رد فيها على الآمدي ، وقرر فيها بالأدلة والبراهين بطلان المجاز. دعنا في الكتاب الأول ، كتاب( الإيمان) ألفه شيخ الإسلام ![]() ثم إنه يقال الذي يقرأ كلام شيخ الإسلام ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وعلى كل حال مسألة المجاز مسألة أعمق مما يظن كثير من الناس ، البحث فيها عميق. شيخ الإسلام يقرر أن البحث في هذه المسألة بحث عقلي لا لغوي، والكلام هذا يحتاج إلى بسط طويل، شيخ الإسلام لايتكلم عن كلمة المجاز. شيخ الإسلام يتكلم عن نظرية المجاز ، انتبه إلى هذا. شيخ الإسلام يتكلم عن نظرية لها أصولها ولها أحكامها، ليس يتكلم عن كلمة مجاز، أو أن الكلمة يمكن أن يكون لها عدة استعمالات ، شيخ الإسلام لايناقش في هذا، شيخ الإسلام متسامح جدا في مسألة الإصطلاحات وهو لايتكلم عن مصطلح المجاز من حيث هو، ماعنده إشكال في هذا ،هو يتكلم عن نظرية متكاملة ومخالفة لكلام العرب ، وهي في نفسها تفتقد لما يثبتها لايوجد ضابط مطرد لهذا الأمر، ومن فهم أن كلام العرب كلام مركب سهل عليه فهم هذا الموضوع، يكفي أن أشير إليك بهذه الإشارة، من فهم أن كلام العرب كلام مركب سهل عليه فهم هذا الموضوع ، أما أن يؤتى إلى كلمة تنتزع من سياقها ومن تركيب الجملة فيها ثم يقال والله هذه الكلمة مجاز وخلافها هو الحقيقة هذا من حيث هو ليس بمتجه ، وهذا ما قرره شيخ الإسلام ![]() ![]() ![]() المصدر:(شرح كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث/المجلس 26) السابع/د.سليمان الرحيلي. ![]() ![]() المسألة الأولى : وقوع المجاز في أسماء الله وصفاته ؟هل وقع المجاز في أسماء الله وصفائه ؟ الثانية : وقوع المجاز في القرآن و السنة . والثالثة: وقوع المجاز في اللغة. ![]() و أن القول بالمجاز في الأسماء و الصفات بدعة محدثة أحدثها أهل البدع ، انتبهوا ما في نزاع بين أهل السنة و الجماعة في نفي المجاز عن الأسماء و الصفات اتفق أهل السنة و الجماعة اتفاقا قطعيا و إجماعا يقينيا على أن المجاز غير واقع في الأسماء و الصفات و أن القول بالمجاز في الأسماء و الصفات بدعة محدثة أحدثها أهل البدع ![]() المجاز في اللغة : هو الطريق . فنحن لا نتكلم عن كلمة المجاز من حيث المعاجم لكن نتكلم عن هذا المصطلح التي سُمي مجازا هذا الأسلوب الذي سُمي مجاز لم نجده في كلام السلف أبدا. و ذهب بعض المالكية و بعض الشافعية و بعض الحنابلة من الأصوليين إلى أن المجاز غير واقع في القرآن و السنة، الذين يقولون بالمجاز في القرآن و السنة قالوا إن القرآن عربي و إن المجاز أسلوب عربي ماذا قالوا ؟ قالوا القرآن عربي و المجاز أسلوب عربي، إذن لابد أن يكون في القرآن مجاز، قلنا لهم هذا غير صحيح لا يلزم من كون الأسلوب عربيا على التسليم بأنه أسلوب عربي أن يوجد في القرآن، فإن من الأساليب العربية ما لا يوجد في القرآن قطعا و منه ما يسمى بأسلوب العود ما معنى أسلوب العود ؟ يعني أسلوب الرجوع و إنكار المتقدم ،أن أقول كلاما ثم أغيره هذا أسلوب عربي لإظهار أني من شدة شوقي و حبي تحيرت ،كما قال الشاعر: قف بالدیار التي لم يعفها القدم بلى وغيرتها الأرياح و الديم. قف بالديار، تعرفون أن الشعراء المتقدمين من العرب كانوا يقفون على الإطلال، قف بالديار التي لم يعفها القدم لم يعفها لازالت قائمة لا زالت رسومها قائمة، إذن ماذا يقول في الأول ؟ يقول إن الديار لا زالت قائمة ثم ماذا قال ؟ بلا وغيرتها الرياح و الديم ، يعني ماذا ؟ يريد الشاعر أن يقول إنه من حبه لحبيبته التي كانت تسكن في هذه الديار لما وصل إلى المكان رأى الديار كما هي، و من شدة تمنيها أن تكون موجودة رآها هكذا ثم عاد و هذا أسلوب يمدحونه في الشعر لكنهم متفقون على أنه لا يجوز في القرآن، و فيه أيضا أسلوب الجد، التعبير عن الجد أو الجِد بأسلوب الهزل، التعبير عن الجِد، أمر جد بأسلوب الهزل، مثل ما قال الشاعر: إذا ما تميمي أتاك مفاخرا فقل عدي عن هذا كيف أكلك للضب إذا ما تميمي أتاك مفاخرا، إذا جاء شخص من بني تميم وقبيلة بني تميم قبيلة محمودة شرعا، حتى لكن الشاعر ماذا يقول؟ : يقول إذا ما تميمي أتاك مفاخر بنفسه، فقال له عدي عن هذا أترك هذا ،عدي عن ذا ،أترك الكلام الذي تفتخر به،كيف أكلك للضب ؟ كيف أكلك للضب هذا أسلوب هزل، وهو يريد أن يذمه بأكل الضب وهذا الأسلوب متفق على أنه ليس في القرآن إذن هدمنا القاعدة ،أن كل أسلوب عربي يكون في القرآن. قالوا : نستدل على وقوع المجاز في القرآن و السنة بالوقوع. قلنا: مثلوا، قالوا مثلا: ![]() ![]() ![]() قالوا: ![]() ![]() فقلنا : كل عاقل يدرك أن القرية تطلق على الأهل و البيوت وما في القرية كله يسمى قرية و إذا قلنا للعاقل اسأل القرية لن يذهب للجدران و يقول هل رأيتم أخي، في عاقل يفهم هذا، يذهب للجدران و يقول هل رأيت فلانا ؟ ما في عاقل فهذا من العام الذي أريد به الخاص بدلالة السياق ![]() ![]() و هكذا في بقية الأمثلة ،لأن درسي مشترط أن لا أتوسع لكن هذه المسألة يعني تحتاج شيئ فقط من البسط القليل الذي يكفي، نفات المجاز في القرآن و السنة ؛قالوا أولا: إن السلف الصالح رضوان الله عليهم وهم الذين فسروا القرآن كاملا لم يرد عنهم أنهم قالوا هذه حقيقة و هذا مجاز. ثانيا: أن الكلام إنما يستفيد معانيه من سياقاته و هذه إن شاء الله سيأتي و نناقش في المسألة الثالثة . قالوا أيضا أنتم متفقون على أن المجاز يجوز نفيه باتفاق، لو قلت لك :رأيت أسدا يضحك يصح باتفاق أهل المجاز أن تقول لي: ما رأيت أسدا بل رأيت رجلا ولا شك أنه لا يجوز نفي شيء مما في القرآن . فالراجح أن القرآن و السنة لا مجاز فيهما. تبقى المسألة الثالثة: و هي هل المجاز واقع في اللغة، جمهور الأصوليين و أهل اللغة يرون أن المجاز واقع في اللغة، و ذهب داود الظاهري و بعض الشافعية و شيخ الإسلام ابن تيمية و شيخ الإسلام ابن القيم و الشيخ الأمين صاحب أضواء البيان إلى أن المجاز غير واقع في اللغة أصلا، و المثبتون يقولون :الدليل الواقع، تقول شربت النهر ،هل شربت النهر كله؟ لا شك أنك لم تشرب النهر كله، إذن هذا مجاز أكلت النخلة، هل أكلت النخلة بما فيها من جذع و ما فيها من ؟ ولا أكلت الرطب ؟ أكلت الرطب. قالوا إذن هذا مجاز، و الذين نفوا المجاز في اللغة، قالوا: إن الكلام كله حقيقة غير أن الكلمة تكتسب معانيها من السياق ، بدليل أن القائلين بالمجاز يقولون: إن الحقيقة ما تبادر إلى الذهن وإن الذي يتبادر إلى الذهن يختلف بحسب السياق قلت: لكم يد إنسان يد زيد، ما الذي يتبادر إلى أذهانكم ؟ هذه اليد الجارحة المعروفة صحيح أم لا ؟ إذا قلت يد النملة ،ما الذي يتبادر ؟ هذه اليد ؟ أم يد لائقة بالنملة ؟ إذا قلت يد النملة و يد الفيل،هل هما بمعنى واحد في الذهن ؟ قطعا لا و إنما بحسب السياق و العلماء متفقون على أنها كلها حقيقة، على أن يد الإنسان حقيقة يد النملة ،حقيقة يد الفيل حقيقة، مع أنها تختلف في الذهن بحسب السياق، لو قلت لكم شربت النهر. هل في واحد منكم يفكر يقول الشيخ كيف شرب النهر ؟ النهر كبير كيف الشيخ شرب النهر ؟ حتى يأتيه واحد يقول له: لا ، هذا مجاز و القرينة كذا، بمجرد أن يسمع أني أقول شربت النهر يعني أني أخذت من النهر و شربت، يعني أصبحت الحقيقة في هذا السياق خيال، الحقيقة التي يقولوها و هي أن المعنى الأول أني شربت النهر كله، بهذا السياق خیال مايمكن أن يكون حقيقة، و إنما الحقيقة التي تتبادر إلى كل ذهن أني أخذت من الماء فشربت ،لو قلت لكم :رأيت أسدا. ستفهمون الحيوان المفترس، إذا قلت رأيت أسدا يضحك، أو رأيت أسدا حاملا سيفه، لن يأتي في ذهن أحدكم أن هذا الأسد الذي يمشي على أربع وحامل السيف على ظهره ،ثم تأتي القرينة فتقول له لا ،ليس الأسد الذي هو الحيوان المفترس، و إنما هو الرجل الشجاع، بمجرد ما يسمع السياق سيفهم أنه الرجل الشجاع، فليس له إلا معنى واحد ،ليس هناك معنى يأتي في الذهن ثم ننتقل إلى معنى جديد، و الكلام لا يأخذ معانيه إلا من سياقه ،و لذلك نقول :إن الراجح أن المجاز غير واقع، بل كل الكلام حقيقة لكنه يختلف باختلاف السياق ،و كلما أدخل في سياق اكتسب معنى بحسب سياقه، فهذا هو الراجح في هذه المسائل بقيت مسألة هل الخلاف لفظي؟؟: لأنه أحيانا يتفق على معنى، مثلا رأيت أسدا يضحك كلنا نقول هذا هو الرجل الشجاع ،فهل خلافنا لفظي فقط في الاسم ؟ الجواب لا. لماذا ؟ لأننا نختلف في الأحكام. فالقائلون بالمجاز يجيزون النفي ولو كان الكلام في السياق، ونحن لا نجيز النفي ،فإذا قلت لك رأيت أسدا حاملا رمحه لا يصح لك أن تقول : ما رأيت أسدا حاملا رمحه، أما إذا قلت ما رأيت أسدا ،فأنا أثبت شيء و أنت تنفي شيئا آخر أنا أثبَتُ أسدا ماذا ؟ حاملا رمحه وأنت تنفي أسدا مجردا فلم يرد النفي و الإثبات على شيء، إذن الخلاف ليس لفظيا. ثم هل المسألة عقدية ؟ و الجواب أنه بالنسبة للمجاز في اللغة و المجاز في القرآن ليست المسألة عقدية بإطلاق، بل من العلماء من يثبت المجاز وهو يثبت عقيدة السلف، لأنه كما قلنا أهل السنة متفقون على أن المجاز لا يدخل الأسماء و الصفات، و من أهل البدع من جعل المجاز مطية لتأويل الأسماء و الصفات، فلا نجَرِمُ هذا لجُرم هذا ،و لا نُبرأ هذا لبراءة هذا ،بل ننظر إلى حال المتكلم بالمجاز، يعني مايصلح أنك بمجرد ما تجد عالما يقول بالمجاز تنفر منه ،و تقول إنه من أهل البدع لا ما يلزم، و في نفس الوقت يجب أن تحذر ،مثلا ابن جني تعرفونه، من كبار علماء النحو ،معتزلي و يقول أكثر اللغة مجاز، من أجل أن يتوصل إلى إثبات عقيدة المعتزلة، و ابن قدامة صاحب عقيدة سلفية و مع ذلك يقول بالمجاز ،أنا أقول هذا لننظر نظرة علمية مجردة، ترجيحنا و تحقیقنا هو مبني على الدراسة العلمية، النظر إلى الناس القائلين بالمجاز ليسوا على درجة واحدة،بحسب عقيدته من كان من أهل السنةو الجماعة في العقيدة ،فنحن ما نبدعه بقوله في المجاز، أو ننفر منه و لكننانقول هو أخطأ و عندنا أن المجاز غير واقع، أما من كان من أهل البدع و يستعمل المجاز في هدم العقيدة السلفية فهذا مبتدع استعمل هذا السلاح في هدم عقيدة السلف ![]() ![]() المصدر: (شرح كتاب الأصول من علم الأصول لابن عثيمين/ الدرس08/). ![]() ![]() ![]() قال الشيخ سليمان الرحيلي: ![]() ![]() ما رأي الشيخ ابن عثيمين ![]() و الجواب: أن رأي الشيخ ابن عثيمين ![]() فيقول قائل منكم ما دام أن الشيخ يرى أنه لا مجاز فلماذا عقد هذا المبحث ؟ و الجواب أن السبب يعود إلى أمرين: الأمر الأول : أن الشيخ عند تأليف الكتاب لم يكن قد تبين له أنه لا مجاز و بعد أن بحث و قرأ و ازداد علما تبين له أنه لا مجاز و لذلك ألحق بأخر هذا المبحث كلاما يدل على هذا ،و هذا قد صرح به الشيخ بنفسه ![]() و الأمر الثاني : أن هذا الكلام موجود في كتب أهل العلم الذين يقولون بالمجاز فناسب ذكره ليُفهم و إن كان المجاز غيرواقع ![]() ![]() |
#2
|
|||
|
|||
![]() الثامن/ د. محمد علي فركوس.
1/: ![]() ![]() • قال الباجي - ![]() «وَاحْتَجُّوا بأَنَّ القُرْآنَ كُلَّهُ حَقٌّ، وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ حَقًّا مَا لَيْسَ بحَقِيقَةٍ…». [م] في مسألة وقوع المجاز في القرآن الكريم خلافٌ، وما عليه جمهور العلماء وقوعه مُطْلَقًا في القرآن والحديث واللغة. وذهب محمَّد بن خويز منداد، وابن القاص،وابن حامد، وأبو الحسن التميمي،وغيرُهم إلى عدم وقوعه في القرآن الكريم وواقعٌ في غيره، ويرى المذهب الثالث عدمَ وقوعِه في القرآن والحديث وواقع فيما عداهما، وهو محكيٌّ عن داود الظاهري وابنه أبي بكر، وإن كان المشهور عنهما القول بمنع وقوعه في القرآن خاصَّة. وبالغ ـ في إيضاح منع المجاز ـ أبو العباس بن تيمية، وتلميذه ابن القيم، بل أوضحَا منعه في اللغة أصلًا، وبه قال أبو إسحاق الإسفرائيني، وأبو علي الفارسي، كما عزاه لهما ابن السبكي في «جمع الجوامع». قال الشنقيطي في «منع جواز المجاز»: «وأوضح دليل على منعه في القرآن: إجماع القائلين بالمجاز على أنَّ كلَّ مجاز يجوز نفيه ويكون نافيه صادقًا في نفس الأمر، فتقول لمن قال: رأيت أسدًا يرمي ليس هو بأسد، وإنما هو رجلٌ شجاع، فيلزم على القول بأنَّ في القرآن مجازًا أنَّ في القرآن ما يجوز نفيه، ولا شكَّ أنه لا يجوز نفي شيء من القرآن، وهذا اللزوم اليقيني الواقع بين القول بالمجاز في القرآن وبين جواز نفي بعض القرآن قد شوهدت في الخارج صحَّتُه، وأنه ذريعة إلى نفي كثير من صفات الكمال والجلال الثابتة لله ![]() قلت: مَن تأوَّل صفات الله ![]() ![]() ![]() المصدر: )الإنارة شرح كتاب الإشارة/ص:32/28). 2/ وسئل أيضا في حكم الاعتراض على أثر الخلاف في مسألة المجاز السؤال: قد جاء في فصل المجاز مِنْ كتابِ «الإنارة» أَنْ حملتم ـ شيخَنا حَفِظكم الله ـ تسميةَ ابنِ القيِّم ـ ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() فالحاصل ممَّا سَبَق أنَّ في كلامكم إيهامًا في نقلِ ابنِ القيِّم للخلاف وجعلِه محصورًا في كلام المُثبِتين للمجاز مِنْ أهل البِدَع لا للمُثبِتين للمجاز مِنْ أهل السنَّة؛ فالرجاء منكم ـ حَفِظكم الله ـ توضيح ما أَشكلَ مِنِ اعتراضي على هذه الجزئيةِ مِنْ كلامكم بما يُزيلُ هذا الإشكالَ؛ و ![]() الجواب: ![]() ![]() فلا يخفى أنَّ القول بالمجاز القسيمِ للحقيقة مِنْ أوسع الأبواب وأعظمِ الطُّرُق التي سَلَكها المؤوِّلون للصفات في كتاب الله وسنَّةِ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد عَمِل ابنُ القيِّم ـ ![]() ![]() ولا شكَّ أنَّ ابنَ القيِّم ـ ![]() ![]() والمُثبِتون للمجاز في القرآن والسنَّة فريقان: أحدهما: مذهب المُثبِتين للمجاز مِنْ أهل السنَّة، سواءٌ مَنْ يُسمِّيه مجازًا أو مَنْ يعدل عن هذه التسميةِ فيُسمِّيه أسلوبًا عربيًّا؛ دفعًا لتوهُّمِ المعنى الفاسد الذي عليه الجهميةُ والمعتزلة ونحوُهم مِنْ أهل البِدَع؛ فهذا الفريقُ يُثبِتُه في القرآن والسنَّة فيما عَدَا آياتِ الصفات وأحاديثَها، حيث لم يحمله إثباتُه للمجاز على نفي الصفات أو تأويلِها، بل المجازُ عند هذا الفريقِ مُنتَفٍ عن آيات الصفات وأحاديثِها فلا يدخل فيها؛ إذ لا يَلْزَمُ مِنْ حملها على حقيقتها مُحالٌ؛ لذلك أَثبتَ ما في القرآن والسنَّةِ مِنْ صفات الله على حقيقتها اللائقةِ به ![]() ![]() ![]() ثانيهما: مذهب المُثبِتين للمجاز مِنَ المتكلِّمين ومَنْ وافقهم، فإنَّ هذا الفريقَ يُثبِت وقوعَ المجاز في القرآن والسنَّة، ويحمل آياتِ الصفات وأحاديثَها على التأويل أو نفيِ حقيقتها؛ لورودِ ما تقرَّر عنده مِنْ شُبُهاتٍ عقليةٍ جَعَلها قرائنَ مانعةً مِنْ حمل اللفظ على حقيقته؛ لأنَّ حَمْلَها على حقيقتها ـ في مذهبه ـ يَستلزِم تشبيهَ الله بمخلوقاته، وهي ـ كما لا يخفى ـ الشبهةُ المعهودةُ للمعطِّلين لصفات الله ![]() وممَّا تقدَّم يظهر ـ جليًّا ـ أنَّ إثبات المجاز مطلقًا مِنْ غيرِ تفصيلٍ خطأٌ وخطرٌ، لكِنْ مِنْ حيث الآثارُ المعنويةُ التي بيَّنها ابنُ القيِّم ـ ![]() ![]() ![]() هذا، وأمَّا ابنُ قدامة ـ ![]() أوَّلًا: مَنْ ينفي المجازَ ولا يقول بالتأويل، بل يُجرِي اللفظَ على ظاهره، ويريد ـ جاهدًا ـ أَنْ يبيِّن ورودَ اللفظ في اللغة بالمعنى المرادِ مِثلَ أَنْ يقول: القريةُ في قوله ![]() ![]() ثانيًا: مَنْ يُثبِت المجازَ ويقول بالتأويل، ولكنَّه لا يُسمِّيه مجازًا، وإنَّما هو ـ عنده ـ أسلوبٌ مِنَ الأساليب العربية لِئَلَّا يُوهِمَ المعنى الفاسدَ ويصيرَ ذريعةً لمَنْ يريد جَحْدَ حقائقِ الكتاب والسنَّة ومدلولاتِها كما أشار إلى ذلك ابنُ رجب ![]() ![]() والخلافُ ـ إذن ـ بين هؤلاء والجمهورِ لفظيٌّ في التسمية والعبارة، فلا حَجْرَ في العبارات والمُصطلَحاتِ، ولا مُشاحَّةَ فيها بعد فهمِ المعنى. وعليه، فإنَّ القائلين مِنْ أهل السنَّة بانتفاء المجاز عن آيات الصفات وأحاديثِها ـ سواءٌ مِنَ المُثبِتين للمجاز أو مِنَ المُثبِتين للتأويل مِنْ غيرِ تسميتِه مجازًا بل هو أسلوبٌ عربيٌّ، أو ممَّنْ ينفي المجازَ أصلًا ـ لا يختلفون في نفي المجاز عن آيات الصفات وأحاديثِها، بل هم مُتَّفِقون على الإقرار بها وإمرارِها على الوجه اللائق بها وإثباتها مِنْ غيرِ تعرُّضٍ لتأويلها بالمجاز أو غيرِه؛ فهؤلاء جميعًا بريئون مِنَ التشبيه والتعطيل، فلا ينفون ما أَثبتَه اللهُ لنفسه ولا يُثبِتون ما نَفَاهُ اللهُ عن نفسه، ولا يحرِّفون الكَلِمَ عن مواضعه، ولا يُلحِدون في أسماء الله وآياتِه، ولا يمثِّلون صفاتِه بصفاتِ خَلْقه؛ قال ابنُ عبد البرِّ ـ ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() المصدر/(الموقع الرسمي /فتاوى الأصول والقواعد الفقهية- الأصول/الفتوى رقم(1211). 3/وسئل عن صحَّةِ نقلِ إنكار ابنِ القيِّم للمجاز مطلقًا. السؤال: في شرحكم للإشارة الموسوم ﺑ «الإنارة» ذكرتم ـ حفظكم الله ـ أنَّ ابنَ القيِّم ـ ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: ![]() ![]() ![]() ![]() وأمَّا ما ذكره ابنُ القيِّم ـ ![]() ![]() ![]() هذا، والمعلوم عن ابنِ القيِّم ـ ![]() ذَكَره مِنَ الدليل؛ فإنَّ المجاز لو صحَّ كان خلافَ الأصل، والظاهر ولا يجوز الشهادةُ على الله سبحانه ولا على رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه أراد بكلامه خلافَ ظاهره وحقيقتِه، ولا في موضعٍ واحدٍ ألبتَّةَ، بل كُلُّ موضعٍ ظَهَر فيه المرادُ بذلك التركيبِ والاقترانِ فهو ظاهره وحقيقتُه، لا ظاهِرَ له غيرُه، ولا حقيقةَ له سواه». ومع ذلك يُحتمَل مِنْ عبارةِ ابنِ القيِّم ـ ![]() ![]() ![]() المصدر/الموقع الرسمي/فتاوى الأصول والقواعد الفقهية- الأصول /الفتوى رقم (1212) 4/ مسألة في محلِّ المجاز من القسمة اللفظية. السؤال: قسَّم العلماءُ الحقيقةَ إلى ثلاثة أقسامٍ: (شرعيةٍ، لغويةٍ، عرفيةٍ) فهل -على رأيهم- أنّه لا مجازَ؟ و ![]() الجواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد: ![]() ![]() ![]() ![]() التاسع/الدكتور عبدالله الفوزان. ![]() ![]() ![]() والحق أن تذرع أهل البدع بالمجاز لنفي الصفات يفسده عليهم وجوه أخرى من الاستدلال ليست هي إبطال القول بالمجاز. وذهب الجمهور من أهل العلم إلى وقوع المجاز في القرآن کوقوعه في اللغة، ونصره ابن حزم، والآمدي، والشوكاني ، واستدلوا بوقوعه في آيات كثيرة؛ كقوله تعالی ![]() ![]() ![]() ![]() والأظهر في هذه المسألة هو التفصيل. وهو أن المجاز واقع في القرآن ما عدا آیات الصفات، وهو قول الشافعي وإن لم يسمه مجازا، وقول الخطيب البغدادي، ولعل ذلك هو مراد من قال من أهل السنة بوقوع المجاز في القرآن، ذلك أنه لا يلزم من إثبات المجاز في القرآن دخوله في آيات الصفات، إذ يمكن إثبات صفات الله ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() والذي يظهر أن منكري المجاز طائفتان : فطائفة ترى أنه أسلوب من أساليب العرب، ففي قوله ![]() ![]() ![]() والطائفة الثانية : تنكر حقيقة المجاز، وترى أنه لم يرد في القرآن لفظ مستعمل في غير موضوعه الأصلي، والخلاف مع هؤلاء حقيقية، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، كما تقدم . قال ابن رجب: (من أنكر المجاز من العلماء فقد ينكر إطلاق اسم المجاز، لئلا يوهم هذا المعنى الفاسد، ويصير ذريعة لمن يريد جحد حقائق الكتاب و السنة ومدلولاتها).ويقول: (غالب من تكلم بالحقيقة والمجاز هم المعتزلة ونحوهم من أهل البدع، وتطرقوا بذلك إلى تحريف الكلم عن مواضعه، فيمتنع من التسمية بالمجاز، ويجعل جميع الألفاظ حقائق). ويقول - أيضا -: (اللفظ إن دل بنفسه فهو حقيقة لذلك المعنى، أو دل بقرينة فدلالته بالقرينة حقيقة للمعنى الآخر، فهو حقيقي في الحالين) ![]() ![]() العاشر/ د.عبدالسلام الشويعر. ![]() ![]() لهم مسالك فبعضهم يقول: إنها حقيقة في الوضعين أي الوضع الأول والوضع الثاني، وإنما قُيدت بقيود، وبعضهم يقول: إنه من باب المتواطئ، فيكون من باب المتواطئ وقد تقدم معنا معنى المتواطئ. وقال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة: إن ما يُعد مجارا فهو في الحقيقة من الحقيقة العرفية، فلما جعلنا الحقائق نوعين أو ثلاثة هي حقيقة عرفية سميتموها مجازا، وإلا فالحقيقة هي حقيقة. المسألة الثانية عندنا لما عرفنا أن نفي إيقاعهم المجاز ليس معنى ذلك إبطال المعنى، وإنما جعلوا المعنى إما من باب المتواطئ، أو من الحقيقة العرفية، أو من باب الحقائق جميعا. | الشيخ تقي الدين ![]() ![]() ![]() ![]() لأن للشيخ ![]() ![]() بينما له کلاه آخر يصرح بالمجاز، وقد يأتي بقواعد القائلين به من وجود العلاقة ونحو ذلك من الأمور التي سبق ذكرها في الدرس الماضي. وقد ألف عدد من المعاصرين كتبا مفردة جاوز بعضها مائتي صفحة في بيان حقيقة رأي الشيخ، والذي يتبين والعلم عند الله ، أن الشيخ ينكر المجاز، ومع إنكاره المجاز فإنه قد يعبر بهذا التعبير وهو المجاز إما من باب استخدام مصطلح الخصم، وهذا كثير عنده. ومن قرأ كتب الشيخ وخاصة التي هي من باب الردود؛ ک«بيان تلبيس الجهمية» تجد أنه يستخدم مصطلح المجاز وإن كان غير مؤيد له. من باب التنزل معه في اللسان، وقد أشار لذلك في بيان تلبيس الجهمية في بعض المواضع أنه ربما استخدم اللفظ في اصطلاح خاص يقصده . الأمر الثاني: أنه يحتمل أنه استعمل المجاز بمعنى الجائز كما وجهه هو في كلام الإمام أحمد وسيأتينا إن شاء الله ![]() ![]() ![]() وقال أيضا: ![]() ![]() ![]() ![]() قوله: (قال أبو العباس)؛ يعني به الشيخ تقي الدين كما تعلمون، والنص الذي نقله موجود في أكثر من مرجع من كتب الشيخ ومن غيرها. وقول الشيخ تقي الدين:( المشهور) يعني بالمشهور ليس مشهور المذهب، وإنما يعني به المشهور عند علماء الأصول وعند علماء اللغة كما صرح بذلك في بعض المواطن التي ذكر فيها هذا المعنى. فقصده بالمشهور؛ أي المشهور عند علماء الأصول واللغة. قال: (أن الحقيقة والمجاز)؛ يعني أن وصف اللفظ بالحقيقة والمجاز قال: من عوارض الألفاظ . لنأخذ ثلاث مسائل متعلقة بقول الشيخ: أن الحقيقة والمجاز من عوارض الألفاظ. المسألة الأولى: أن معنى قوله: إنه من عوارض الألفاظ؛ أي من صفات اللفظ، فاللفظ هو الذي يوصف بأنه حقيقة أو أنه مجاز. ويقابل ذلك أننا أحيانا نصف المعنى بالحقيقة والمجاز؛ فحينئذ يكون الحقيقة والمجاز من عوارض المعاني لا من عوارض الألفاظ. إذن العلماء إما أن يصفوا اللفظ بكونه حقيقة أو مجازا وهو المشهور والأكثر، وإما أن يصفوا المعني بكونه حقيقة أو مجارا. وهناك طريقة ثالثة: وهو الاستعمال، فيصف الاستعمال بالحقيقة أو المجاز. هذه الاستعمالات الثلاث ذكرها ابن القيم ![]() ![]() لفظ و معنی واستعمال، فمنهم من جعل مورد التقسيم إلى حقيقة ومجاز هو اللفظ، ومنهم من جعله المعنى، ومنهم من جعله الاستعمال. فمن قال: إنه من عوارض اللفظ تجده يقول: هذا اللفظ حقيقة أو مجاز . ومن جعله من عوارض المعنى قال: حقيقة اللفظ كذا، ومجازه كذا. ومن جعله من توابع الاستعمال فإنه يقول: حقيقة الأسد مثلا هو الحيوان المفترس، ومجاز الرجل الشجاع فجعله من توابع الاستعمال، فجعل الحقيقة والمجاز متبعا. هذا كلام ابن القيم ![]() ![]() أنا أريد نقف هنا، مسألة واحدة وهو الأهم عندي، عندما نقول: إنه من عوارض الألفاظ، أو أنه من عوارض المعاني؛ بمعنى أنه، هل هو من صفات الألفاظ أو من صفات المعاني؟ فهل الذي يوصف بالحقيقة والمجاز هو اللفظ أم المعنى؟ أكثر أهل العلم يرونه من عوارض الألفاظ فتصف به اللفظ لا المعنى؛ وبناء عليه فلا يصح أن تقول: إن المعنى مجاز، فلا تقول مثلا: إن ذهاب فلان مجاز، فالذهاب ليس مجازا، وإنما اللفظ الذي يوصف به الشخص هو المجاز، فلابد أن يكون اللفظ هو الذي يوصف بالمجاز لا المعنى. هل ينبني على هذه المسألة أثر أم لا أثر لها؟ نقول: نعم، إن لها أثرا، فإن من قال: إن الحقيقة والمجاز من عوارض الألفاظ فإنه يقول: إن الخلاف في هذه المسألة خلاف لفظي، ولذا فإن المرداوي جزم بأنها من عوارض الألفاظ. الشيخ تقي الدين قال: المشهور أنها من عوارض الألفاظ، بينما المرداوي جزم جزما أنها من عوارض الألفاظ. ثم بعد ذلك قال: والخلاف في هذه المسألة لفظي، بينما من قال: إنها من عوارض المعاني فربما يوهم استعماله لها معنى سيئا فاسدا کاستعمال المعتزلة حينما نفوا دلائل الأسماء، فقال: إن لله عزوجل أسماء لكن ليس لها معنى، وأشار لهذا الأمر الذي ذكرته لكم قبل قليل ابن رجب. فإن ابن رجب ![]() ![]() هذا هو الذي يفهمه كثير من الناس مع أن استعمال الأصوليين واللغويين إنما هم يقصدون به الألفاظ في المشهور كما قال الشيخ تقي الدين. يقول ابن رجب: فإن قيل إن هذا مجاز فهموا أنه ليس تحته معنی، وليست له حقيقة؛ فحين ذلك ينكرونه ويفرون منه. فهو إذن لما كان احتمال أنه من عوارض المعاني قد يوهم هذا المعنى الفاسد فإنه في هذه الحال قد يكون الخلاف فيه مؤثرا من جهة المعنى أشار لذلك ابن رجب في بعض مصنفاته ![]() إذن هذه المسألة التي نقلها الشيخ عن الشيخ تقي الدين أنه من عوارض الأسماء يدلنا على أن الخلاف في هذه المسألة أغلبه هو الحقيقة من الخلاف اللفظي الذي ثمرته ليست كبيرة، والشيخ تقي الدين وتلميذه ابن القيم هم أشهر من نفى المجاز، ثم جاء من بعدهم عدد من المحققين هم الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي عليه رحمة الله وغيره. هو في الحقيقة عندما نفوا المجاز لا لأن المجاز في نفسه ممنوع، وإنما لأن الإكثار من استعمال المجاز قد يفضي إلى ممنوع فهو من باب سد الذرائع ولذا فإن ابن القيم في كتابه الصواعق المرسلة ذكر أن الطواغيت التي يبني عليها أهل التأويل مذهبهم أربعة: وذكر منها المجاز، ومنها كلامهم في الآحاد ودلالته وحجيته، وهكذا. فأراد الشيخ تقي الدين أن يقول: إن الأصل الذي تستندون إليه باطل من أساسه ثم إن أثبتناه فإننا نناقشكم في صحة استدلالكم به على نفي معاني أسماء الله وصفاته -جل وعلا-... ![]() ![]() وقال أيضا: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() في قوله ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() هذا النص عن الإمام أحمد، استخدم مصطلحين: الأول: عبر بالمجاز. والثاني: عبر بالجائز. لذا فإن الشيخ تقي الدين نقل عنه المصنف أنه قال: وأوله أبو العباس؛ يعني الشيخ تقي الدين على الجائز في اللغة، لأن أحمد استعمل اللفظين في سياق واحد، بل في جملة متصلة؛ فكأن المجاز عنده بمعنى الجائز في اللغة. ولذلك فإن الشيخ تقي الدين يقول: لا يُعرف هذا المصطلح -وهو مصطلح المجاز - عند العلماء المتقدمين حتى الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبوعة لا يوجد في استخدامهم. وأول من استخدمه استخداما ظاهرا هو: أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه مجاز القرآن المطبوع في مجلدين، ومراده بالمجاز غير المراد الذي يقصده من بعده من المجاز وهو الاستعمال الأول والوضع الثاني... ![]() ![]() وقال أيضا: ![]() ![]() قبل أن نقول إن له ثمرة فإن بعضا من أهل العلم وهو أبو حامد الغزالي في كتابه أساس القياس قال: إن الخلاف بين المثبتين والمانعين يكاد أن يكون أي في وقوع المجاز في القرآن- خلافا شكليا، ولذلك يقول: وكلا القائلين بالقولين محق، قال: ولو شرح كل واحد ما أراده بالمجاز الذي نفاه أو أثبته لم يخالفه صاحبه. إذن فالمثبت والنافي يتكلمون عن أشياء مختلفة وهذا الذي تكلم عنها كثير من علماء أهل الكلام لما قالوا: إن أغلب اختلاف العقلاء بسبب الاشتراك في الألفاظ، فلذلك أن تبين ما مرادك بما تناظر عنه، وما تستدل له قد يرفع عن كثير من النزاع الذي لا حاجة إليه. هل في ذلك ثمرة؟ ربما فيه ثمرة أشار إليها الموفق في المغني في قول الله ![]() ![]() ![]() قول الله ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وقيل - وهو كلام ابن عقیل -: إن المراد بالمحيض هو مكان الحيض، وبناء على ذلك فيرى أن الآيات الأخر كأول الآية ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() 2/ وقال أيضا: ![]() ![]() النظر لها من جهتين: الجهة الأولى: من جهة اللغة، فهل في اللغة حقيقة ومجاز أم ليس فيهما ذلك؟ - أكثر اللغويين يرون أن اللغة فيها مجاز. - وبعضهم ينفي المجاز،مثل طريقة ابن فارس وغيره فإنهم يرون نفي المجاز، ويقول: لا مجاز في اللغة، والحقيقة: أن من تأمل صور المجاز التي تكلم عنها من عدٓد أنواعها مثل: العز بن عبد السلام في كتابه [الإيجاز لبيان أنواع المجاز] فإنه يجد أن كثيرا من أنواع المجاز مسلمة عند الجميع؛ فهم على سبيل المثال يعدون حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه مجارا؛ كقول الله -جل وعلا-: ![]() ![]() ولذلك فإن بعض الناس يقول: إن هذا الخلاف يكاد أن يكون خلافا لفظيا من حيث الاستخدام اللغوي، سواء سمیت حذف المضاف مثلا، أو حذف المضاف إليه مثلا، أو المبالغة في الصفة، وهكذا، سميتها مجازا أو لم تسمها مجازا، وإنما سميتها استعمالا لغويا سائغا على لسان العرب، فالنتيجة فيها واحدة. إذن هذا من جانب تسمية اللغة، ولذلك فإن أغلب اللغويين يقولون: فيه مجاز . لكن النزاع في الحقيقة في حقيقته في اللغة لفظي. أما في ألفاظ الشرع: فهنا يجب الانتباه لهذه المسألة: الأصل في كلام الشرع أنه يخاطبنا بالحقائق ولا يخاطبنا بالمجاز مطلقا، وإنما كل ما كان في كتاب الله - عزوجل - فهو حقيقة، وقد يؤتى ببعض الألفاظ التي يسميها بعض الناس مجازا، ولكنها هي في الحقيقة حقيقة، إذ ليس من المناسب أن يسمى تعبير لفظ الشارع مجازا، فمن باب التأدب مع الشارع يُسمى لفظه حقيقة من جهة، ومن جهة أخرى لکي لا يكون خاطبنا الشارع بما هو خفي وترك ما هو ظاهر. وخاصة أن كثيرا من الناس جعل هذا الأسلوب اللغوي والذي يُسمى بالمجاز شماعة يُعلق عليها ما يريده من نفي صفات الجبار -جل وعلا- وصرفها عن ظواهرها، بحجة أن المجاز مستخدم، فإذا كان كذلك فإننا ننفي، فجعل أكثر ما في كتاب الله - ![]() ولهذا معنی کلام ابن القيم لما جاء في [الصواعق ] فقال: "إن الطواغيت أربعة التي يستخدمها المؤولة، ومن هذه الطواغيت المجاز"؛ أي أنهم يتوسعون في استخدام المجاز، حتی حكموا على كثير من الأشياء بأنها مجاز وليست كذلك، فإن صفات الجبار -جل وعلا- في كتاب الله -عزوجل - حقيقيه لا شك بذلك، ولذلك نؤمن بحقيقتها كما أخبر الله -جل وعلا-، وكما أخبر رسوله - ![]() ![]() ![]() إذن مؤدى الكلام: أن العلماء الذين أنكروا المجاز كالشيخ تقي الدين وتلميذه ابن القيم إنما أنكروه لسببين: السبب الأول: التأدب مع ألفاظ الوحي من الكتاب والسنة . والسبب الثاني: سدا للذريعة فيما يستخدمه كثير من المؤولة في التوسع في الاستخدام حتى جعلوا المجاز أصلا، والحقيقة هي الاستثناء وهذا خطأ. وعلى العموم لا محذور شرعي من القول بوجود المجاز أو بنفيه، ولكن الشيخ تقي الدين طريقته يُبين أن المسألة باطلة من أصلها كما قال في مسألة التسلسل، وإمكان إثبات التسلسل في القدم، کما يمکن إثبات التسلسل في النهاية، ومثله إبطاله لبعض المقدمات المُسَلمة عند المنطقيين، فأراد أن يقول: إن أصولهم باطلة حتى من أصلها وهكذا ![]() ![]() المصدر/ ![]() ![]() |
#3
|
|||
|
|||
![]() الحادي عشر/د.سعد الشثري.
1/ ![]() ![]() الذي يُنسب إلى أكثر المتأخرين: أن القرآن فيه مجاز، ويستدلون على ذلك ببعض النصوص التي اشتملت على ألفاظ في غير ما وضعت له ؛ كما في قوله - ![]() ![]() ![]() وقوله - سبحانه-: ![]() ![]() ويستدلون على ذلك ثانيا : بأن المجاز استعمال لغوي، والقرآن قد جاء بلغة العرب ؛ فيكون المجاز موجودا فيه. وهذا الاستدلال فيه ضعف بین؛ وذلك لأن القرآن لم يحتو على جميع أساليب العرب. والقول الثاني ينفي المجاز في القرآن، وقد اختاره جماعات من العلماء ،منهم الظاهرية، وبعض المالكية كابن خویز منداد، ومحمد بن سعيد البويطي، وبعض الشافعية، واستدلوا على ذلك بأن القرآن يجب الإيمان به، والمجاز يجوز نفيه ، والقرآن لا يصح نفي شيء منه ؛ فدل ذلك على أن القرآن ليس فيه مجاز؛ إذ لو وُجد فيه مجاز ، لجاز نفيه. واستدلوا على ذلك - أيضا - بأن القرآن كله حق، وحينئذ لا يمكن أن يقال : إن القرآن فيه ما ليس بحقيقة. وقد ألف الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان، رسالة في تأیید هذا القول سماها: «منع المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز›› ونفوا المجاز عن الآيات التي ذهب أصحاب القول الأول إلى أن فيها مجازا، وأجابوا عنها بأجوبة تفصيلية ، فقالوا: قوله - ![]() ![]() ![]() وإذا تقرر هذا وعرفنا الخلاف في وجود المجاز في القران الكريم فهل في لغة العرب مجاز أم لا؟ أكثر الأصوليين والبلاغيين على إثبات المجاز في لغة العرب، وقد أثبته بعض من نفاه في القرآن. واستدلوا عليه بوجود ذلك في لغة العرب، في كلامهم وحديثهم. وذهب جماعة إلى نفي المجاز في لغة العرب، ومن أشهرهم أبو علي الفارسي من كبار علماء اللغة، وأبو إسحاق الإسفراييني من كبار الأصوليين، وقد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية - كما ذكر المؤلف - واختاره ابن القيم، وخصص له ربع كتابه : «الصواعق المرسلة»، فجعله من الطواغيت التي يستند إليها أهل العقائد الفاسدة. واستدلوا على نفي المجاز في لغة العرب بأن قالوا : إن كون اللفظ مجازا معناه : ترك للحقيقة، ومخالفة للصدق، والواقع، ولا يصح لأهل لغة أن يكون الكذب وترك الصدق منهجا لهم في لغتهم. وقالوا بأن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز : لم يوجد في العصور الأُوَل، ولو كان هذا التقسيم ثابتا، لتكلم به السلف، ولتكلم به أهل اللغة، ولانتشر بينهم، ولعرفوه ، ولكن هذا لم يوجد. وإذا تأمل الإنسان في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ، ومن نحا نحوه في نفي وجود المجاز في اللغة، وقارنه بكلام جمهور الأصوليين والبلاغيين في إثبات المجاز في لغة العرب - وجد أن من أثبت المجاز، نظر إلى اللفظ مفردا، فقال: لفظ (الأسد)، في قولنا: «رأيت أسدا يأكل فريسته»، استعمل في حقيقته ، وهو الحيوان المفترس، ومن قال : «رأيت أسدا يخطب»، استعمله في غير حقيقته ، وهو الرجل الشجاع ؛ فيكون مجازا ؛ فهم نظروا إلى اللفظ مجردا. وأما شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه فقد ذهبوا إلى أنه لا يصح لنا أن ننظر إلى الألفاظ مجردة، وإنما ننظر إلى الجملة كاملة بحيث ينظر للفظ وما اقترن معه من القرائن ؛ بدليل أن العرب تأتي باللفظ المفرد ، فتضع معه حرف جر، أو تضع في سياقه من الأدوات ما يقلب معناه ، فأنت تقول: «ذهبت معه»، بمعنی: رافقته ، وذهبت إليه، بمعنى: وصلت إليه، و«ذهبت به»، بمعنى: أخذته معك، وذهبت من السوق، بمعنى: أن السوق كان ابتداء انتقالك وتحركك من مكان إلى مكان ، فاختلف اللفظ الواحد باختلاف المتعلق الذي يكون معه. وكذلك نجد أن العرب تستعمل اللفظ الواحد في معان مختلفة، لا يدل عليها إلا السياق، فتقول: «قال» بمعنى: تكلم، وكذلك «قاله»، بمعنی : نام القيلولة ، وتأتي التفرقة بين اللفظين بالمدلول من جهة السياق ؛ فحينئذ قالوا : إن العرب لا تلتفت إلى الكلمة مجردة، وإنما تلتفت إلى السياق کاملا ؛ فحينئذ إذا التفتنا إلى السياق كاملا في قولك: «رأيت أسدا يخطب»، لا يمكن أن نقول: إن المراد بالأسد: الحيوان المفترس ؛ فيكون هذا من باب الاستعمال الحقيقي ؛ لأن العرب لا يمكن أن تتكلم بمثل هذا الإسناد ، وتريد به الحيوان المفترس. وهذا المنهج أصح من المنهج الأول ؛ لأننا إذا وضعنا اللفظ مفردا، لم يأخذ منه معنی وحده ، ولأن العرب لا يتكلمون باللفظ المفرد الذي ليس معه ألفاظ أخر، سواء كانت هذه الألفاظ مُظهرات أو مُضمرات ؛ فلا يقولون: «أسد»، ویسکتون إلا بتقدير محذوف ، أي : هذا أسد، ونحو ذلك ؛ فحينئذ ينبغي أن ننظر إلى جميع السياق، ولا ننظر إلى مجرد اللفظ المفرد. ويدل على ذلك أن المعنى يختلف باختلاف السياق، كما أنه يترتب على السياق العديد من الأحكام. ويمثلون لتأثير السياق على أخذ الحكم من الألفاظ بما ورد عن الإمام الشافعي وأحمد - رحمهما الله - أن الإمام أحمد قال : لا يجوز للإنسان أن يبتلع القيء الخارج منه، ولا يجوز أن يرجع في هبته، واستدل عليه بقول النبي ![]() وقال الإمام الشافعي: الكلب لا يحرم عليه العود في قيئه ؛ فكذلك العائد في هبته،فقال له الإمام أحمد: في بقية الحديث : ![]() ![]() المشبَه به. فهنا التفت الإمام أحمد إلى دلالة السياق في قوله - -: «ليس لنا مثل السوء». ![]() ![]() 02/ وقال أيضا حفظه الله: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() والخلاف في هذه المسألة له سبب، فالجمهور نظروا إلى اللفظ مفردا ، قالوا : لفظ الأسد في لغة العرب يطلق على الحيوان المفترس ، فإذا أطلق على الرجل الشجاع يصبح مجازا. والذين نفوا المجاز في لغة العرب قالوا: ينبغي أن ننظر إلى الجملة ككل؛ لأن الجملة الواحدة كالكلمة الواحدة تتبدل معانيها بانضمام غيرها إليها، لو قلت : له علي مائة إلا عشرة، لو نظرنا إلى مائة وحدها كانت تدل على معنى ، فلما زدنا إليها لفظة: إلا عشرة ؛ أصبح لها معنى آخر، فينبغي أن ننظر إلى الجملة ككل، فإذا نظرنا إلى لفظة الأسد مع القرينة وهي رأيت أسدا يخطب. لا يمكن أن يراد بها الحيوان المفترس ، فالمراد بها الرجل الشجاع بدلالة جميع الجملة. فالذين نفوا المجاز نظروا إلى الجملة ككل. والذين أثبتوا المجاز نظروا إلى اللفظ مفردا. ولذلك يقولون: أنت تطلق اللفظة وتريد بها معان تختلف باختلاف الحرف الذي معها، فتقول: آمن به، وآمن له، وتقول: ذهب إليه، وذهب منه، هل المعنى واحد؟ لا. ذهب منه بمعنى: أنه انطلق من ذلك المكان ، ذهب من البيت بمعنى أنه انطلق من البيت، وابتدأ في مشيه من البيت وإذا قلت : ذهب إلى السوق بمعنى أنه انتهى إلى السوق، فاختلف المعني باختلاف الحرف المعدی به ، فهذا هو سبب الاختلاف في هذه المسألة. ويقول شيخ الإسلام ومن وافقه: كلا الاستعمالين مستخدم في لغة العرب، فالعرب استعملوا لفظ (الأسد) في الحيوان المعروف، وفي الرجل الشجاع، فحينئذ هذا استعمال عربي، وقال بأن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز هذا لم تقسمه العرب، ولم يعهد من كلامهم. فالمقصود أن سبب الخلاف في هذه المسألة هو هل يكون النظر إلى الكلمة المجردة؟ أو النظر يكون إلى الجملة ككل؟ وسيأتي عدد من المباحث المتعلقة بهذا في مبحث المتخصصات المتصلة ، هل هي مع العموم كالكلمة الواحدة ؟ أو كل منها له حكم مستقل؟ فقوله ![]() ![]() ![]() وقد تقدم من هذا قوله ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() نقول: إن نظرنا إلى لفظه مجردا فالمكر المجرد حینئذ يكون مجازا، وإن نظرنا إلى المقابلة ومكروا ومكر الله ، فإنه يكون حقيقة، لأننا نظرنا إلى الجملة ككل؛ لأن لفظ المكر حينما يؤتى به في مقابلة مكر يراد به في الحقيقة معنى آخر مغاير لمعنى المكر المجرد. ولعل هذا يأتي في المتشابه ، وهل آیات الصفات من المتشابه أو لا؟ نتكلم فيه هناك إن شاء الله.. والمقصود أن الأصل في الألفاظ هو الحقيقة حتى عند الذين يثبتون المجاز ولا يحكم على اللفظ بأنه مجاز إلا إذا وجد دليل صحيح قوي يقاوم ظاهر الحقيقة ، فإذا لم يوجد فإنه لا يجوز في هذا اللفظ أن يكون مجازا ![]() ![]() فائدة(01)/ مسألة : هل إثبات المجاز في اللغة أو في القرآن يلزم عليه أن يكون المثبت ممن ينفي الصفات؟ نقول: لا يلزم، فقد يُثبت الإنسان المجاز في اللغة أو في القرآن ، ومع ذلك يقول بإثبات الصفات ؛ فلا يلزم من إثبات المجاز أن يكون المرء مبتدعا، أو صاحب بدعة، لكنه قد يقال فيه بأنه أخطأ، ولم يُوفق إلى الصواب في ذلك ، فإذا كان خطؤه مع اجتهاده، وتحرِيه للصواب، فإنه حينئذ لا يأثم، كما هو مقرر ![]() ![]() فائدة(02)/مسألة: ذكرنا فيما مضى أن من علماء اللغة والأصوليين من يقول بالمجاز، وفي المقابل هناك من أنكر ذلك، فهل إنكار من أنكر هو فقط من أجل أن أهل الأهواء والبدع قد اتخذوا من المجاز ذريعة إلى تأويل الصفات أم ماذا؟ والحق - كما ذكرنا آنفا - أن من أنكر المجاز التفت فيه إلى الجملة كاملة ؛ لأن العرب لا تتكلم بالألفاظ مفردة، ومن أثبت وجود المجاز ، نظر إلى دلالة اللفظ مجردا ؛ وحينئذ فالقول بأن نفي المجاز لما قد يترتب عليه من نفي الصفات ليس بصحيح؛ لأنه لا يصح أن ننفي الشيء بآثاره ؛ لأن الآثار نتيجة، والنتيجة ليست سببا في نفي المقدمة، وحينئذ فالتفات من نفى المجاز إلى قضية : هل المعتبر في لغة العرب الالتفات إلى الألفاظ مجردة أو النظر فيه إلى سياق الكلام وجملته؟ وليس نفيه للمجاز مبنيا على أن بعضهم نفى الصفات بدعوى أن نصوصها من المجاز ![]() ![]() المصدر/شرح مقدمة التفسير لعبدالرحمن بن قاسم(ص:124). فائدة(03)/ ![]() ![]() الفرق الأول: الحقيقة وضع لغوي والمجاز استعمال للفظ . الفرق الثاني: الحقيقة لا تحتاج إلى قرينة فالحقيقة تتبادر إلى الذهن فإنني عندما أقول: أسد، يتبادر إلى ذهنك الحيوان المعروف لا الرجل الشجاع . الفرق الثالث: المجاز يحتاج إلى قرينة، فقولك: رأيت أسدا يخطب، احتجت إلى كلمة : يخطب، لبيان أن المراد ليس الحيوان المفترس بل المراد الرجل الشجاع الفرق الرابع: الحقيقة يصح أن نشتق منها بخلاف المجاز فإنه لا يصح أن نشتق منه، يقال : هذا أسد كبير، وهذا أسيد صغير، لكن الرجل الشجاع لا يقال فيه مثل ذلك. الفرق الخامس: أن الحقيقة يصح تصريفها بحيث نأخذ منها مصدر وفعل مضارع إلى غير ذلك، بخلاف المجاز فإنه لا يصح تصريفه، مثال ذلك: كلمة الأمر، الأمر حقيقة في الطلب حينئذ نقول: أمر، يأمر ، أمرا. ونحو ذلك، بخلاف إطلاق لفظة: الأمر، في الشأن كما في قوله ![]() ![]() ![]() الفرق السادس: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() وقوله: ![]() ![]() وطائفة تقول بأن المراد بالمكر الكيد الخفي وهو ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: مكر محمود، إذا استعمل في محله، ولا يلزم أن يكون على جهة المقابلة. القسم الثاني: مکر غير محمود، إذا استعمل في غير محله، وبالتالي يكون هذا عند الجمهور من باب الحقيقة لا من باب المجاز، لأن المجاز يجوز نفيه، فعند قولك: رأيت أسدا يخطب. قد يقال لك: هذا ليس أسدا، بل هذا رجل، فهذا يجوز نفيه لأنه مجاز والحقيقة لا يجوز نفيها. ووصف المكر لا يجوز نفيه عن الله. الفرق السابع: ![]() وقوله: واللفظ قبل استعماله ليس حقيقة ولا مجازا: هذه مسألة جديدة، المراد بها أنه إذا جاءنا لفظ قبل استعماله هل يسير حقيقة أم مجاز؟ يقول: لا يسمى حقيقة ولا مجازة؛ لعدم وجود رکن الحقيقة أو رکن المجاز أو جزء الحقيقة أو جزء المجاز الذي هو الاستعمال، وهذا فيه نظر ![]() ![]() الثاني عشر/ د.سلطان العميري. ![]() ![]() والنظر في هذا التقسيم مشابه للنظر في التقسيم للمثال الأول - تقسيم الدين إلى أصول وفروع . فننظُر إليه باعتبار مقامین الأول : باعتبار كونه مصطلحا مجردا . الثاني : باعتبار كونه مصطلحا بمعنى محدد. فبالنظر في المقام الأول يقال : الأصل في تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز الإباحه ، ويمكن أن يُقبل إذا ذُكر له معنى صحيح. وأما النظر إليه باعتبار المقام الثاني، فإننا نحكم على هذا المصطلح بناء على المعنى الذي حُدد له، إن ذُكر له معنى صحيح، قُبل، وإن ذكر له معني خاطئ،رُفض.وقد نقل عدد من المعاصرين وبعض المتقدمين عن ابن تيمية أنه ينكر تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز. وهذا النقل غير صحيح، فابن تيمية لا ينكر أصل تقسيم الكلام إلى حقيقة و مجاز . وإنما ينكر معنى محددا ذكر في ذلك التقسيم. فلو نظرنا إلى كلام ابن تيمية تجد أنه استخدم لفظ المجاز في كثير من كلامه ، وأعلن إنكار المجاز كثيرا في كلامه، فاضطرب الناس في تحرير مذهبه: فمنهم من ذهب إلى أن ابن تيمية ينكر أصل التقسيم، وقد استغل هذا القول بعض المخالفين لابن تيمية، فأخذوا يشنعون عليه باعتباره ينكر حقيقة بَدَهية. ومنهم من ذهب إلى أن ابن تيمية كان ينكر المجاز في أول عمره ثم تراجع عنه . ومنهم من ذهب إلى أن ابن تيمية مضطرب في هذه المسألة، وغير محرر للقول فيها ،والحقيقة أن ابن تيمية ليس كذلك، وإنما هو يفرق بين المقامات، فهو لا ينكر تعدد المعاني التي يدل عليها اللفظ، ولا ينكر أن دلالة اللفظ على بعض المعاني تكون أظهر من دلالتها على البعض الآخر، ولا ينكر أن دلالة اللفظ هي التي قد تكون متبادرة إلى الذهن على معنى دون معنى آخر، وإنما ينكر شيئا واحدا مُحددا؛ وهو تقسيم الكلام إلى حقيقة و مجاز بالمعنى الذي يقرره جمهور المتکلمین، وحاصل ذلك المعنى : أن الحقيقة هي: اللفظ المستعمل فيما وُضع له أولا. والمجاز هو: اللفظ المستعمل في غير ما وُضع له أولا لقرينة تدل على ذلك. وهذه الحقيقة المذكورة عند المتكلمين تقتضي عدة أمور : الأول: أن هناك معنى أصليا للفظ ومعنی ثانويا للفظ. الثاني: أن دلالة اللفظ على المعنى الأصلي تكون بغير قرينة «الحقيقة»، ودلالة المجار بقرينة. وإنكار ابن تيمية لتقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز کما هو عند جمهور المتکلمین : يقوم على ثلاثة أصول أساسية: الأول: استحالة الإثبات . ومعناه: أن مقتضى تقرير المتکلمین وجود معنی حُدد أولا للفظ، ثم انتقل عنه إلى معنى آخر لقرينة، وهذا الكلام يقتضي وجود المواضعة ؛ بمعنى أن هناك أناسا تواضعوا على تحديد هذا المعنى باعتبار أنه المعنى الأصلي أو الأول للفط والاستحالة تقع في كيفية إثبات هذه المواضعة، فمن الذي اجتمع وحدد المعنى الأصلي للفظ ؟! ومتى اجتمعوا؟! وأين اجتمعوا؟؟ الثاني : مناقضة حقيقة الكلام. فمقتضی تقسیم جمهور المتكلمين أن بعض الألفاظ قد تدل على المعانی بغير قرينة؟ وهو «الحقيقة »، وابن تيمية - وغيره - يذهب إلى أنه لا يمكن للكلام أن يدل إلا بقرينة، سواء كانت قرينة كلامية لفظية، أو حالية، فلا يوجد لفظ يدل بنفسه على المعنى، وإنما لا بد أن يتركب مع غيره، سواء كان تركيبا لفظيا أو تركيبا حاليا. فالمنطلق الذي ينطلق منه مَن يقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز - كما هو عند المتكلمين - منطلق غير صالح؛ لأنه لا ينسجم مع حقيقة الكلام. فالكلام لا يكون مفيدا إلا إذا كان مركبا، والحقيقة والمجاز لا يتصوران إلا في السياق الذي هو حالة التركب، والتركيب في حقيقته قرينة من القرائن، فلا يوجد إذن لفظ يدل على المعنى المرتبط به من غير قرينة. الثالث: عدم اطراد المقتضيات، فالذين قدموا الكلام إلى حقيقة ومجاز ذكروا مقتضيات للمجاز، وهذه المقتضيات لا تطرد. ومنها : أن كثيرا من المتكلمين يذكرون أن الكلام إذا كان مؤكدا بالمصدر لا يدخل فيه المجاز، ومع ذلك هم يدعون المجاز في بعض الكلام المؤكد بالمصدر؛ كما في قوله ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ومنها: أنه يجوز نفي المجاز، وأن النافي له ليس كاذبا ، وهذا لا يصح مثلا فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته. فعدم اطراد المقتضيات يدل على أن هذا التقسيم ليس مستقيما . فهذه الأصول الثلاثة هي من أكثر الأصول التي اعتمد عليها ابن تيمية في إنكار المجاز الذي يقرره جمهور المتكلمين. فابن تيمية لا يعترض على المتكلمين من أجل أنهم قسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز، وإنما يعترض عليهم من أجل أنهم قسموا الكلام إلى ذينك القسمين بطريقة خاطئة ، فهو لا يقول لهم: أنتم مخطئون لأنكم ذكرتم تقسيما للكلام ليس موجودا في القرآن ولا في السنة ولا في لغة العرب، وإنما يقول: أنتم مخطئون لأنكم ذكرتم تقسيما خاطئا ويقوم على مقدمات خاطئة. فمن أراد أن ينتقد قول ابن تيمية فعليه أن يراعي هذه الأصول، والمشكل الذي وقع فيه بعض المخالفين لابن تيمية في إنكاره للمجاز أن نقده تلبس بعدد من الإشكاليات المنهجية، ومن ذلك : الأول: أنه غفل عن الأصول التي انطلق منها ابن تيمية. الثاني: ظن إنكار ابن تیمة للمجاز يقتضي أن دلالة اللفظ على المعاني لا تتعدد أو لا تتفاضل. وقد ذكر بعض المعاصرين أن من الأصول التي اعتمد عليها ابن تيمية في نقض الحقيقة والمجاز أن هذا التقسيم غير موجود عند الأئمة المتقدمين من السلف لا من الصحابة ولا من جاء بعدهم، وجعل ذلك أصلا لابن تيمية. والصواب: أن هذا البناء غير صحيح؛ فابن تيمية مع أنه ذكر أن هذا التقسيم لم یکن موجودا عند المتقدمين، وذكره أيضا في سياق الإنكار على المتكلمين، إلا أنه لم يذكره على أنه أصل له، وإنما ذكره على أنه توصيف للحقيقة ![]() ![]() الثالث عشر/ د.محمد بازمول. 01/ ![]() ![]() أولا: أنه لا يُعرف عن أهل اللغة ولا عن علماء السلف إلى القرن الثالث استعمال كلمة المجاز بهذا المعنى، فهو معنی حادث، فكيف تُحمل عليه ألفاظ القرآن العظيم و السنة النبوية؟؟. الوجه الثاني: مبنى هذا التقسيم على أن اللفظ وضع أصلي، فإذا استعمل اللفظ فيه فهو استعمال للفظ في معناه الحقيقي، بمعنى أنه الحقيقة. فإن لم يستعمل اللفظ في معناه الذي وضع له أصلا فهذا استعمال للفظ في غير ما وُضع له، وهو المجاز، وهذا الكلام يحتاج صاحبه أن يثبت أن اللفظ وضع لهذا المعنى أصلا ،ودول ذلك خرط القتاد؛ إذ لا يستطيع أحد إثبات ذلك في ألفاظ اللغة لفظة لفظة، وما صنعه الزمخشري في كتابه "أساس البلاغة" تحكم وادعاء لأنه لا يستطيع أحد أن يثبت أن اللفظة بهذا المعنى حقيقة وبهذا المعنى مجاز. ويوضحه الوجه الثالث، أن الألفاظ إنما تكتسب معانيها بحسب سياقها، وإضافتها، وهي بدون السياق أو الإضافة تدل على معنى مبهم في الذهن ، فمثلا كلمة (اليد) لا تستطيع أن تتصور معناها إلا بإضافة أو في سياق، وبدون ذلك يكون لها معنى مبهم في الذهن، فإذا أضيفت اليد إلى الإنسان تخيلت (يد الإنسان)، وتصورتها، وإذا قيل (يد السكين) تصورتها، وإذا قيل (يد إبريق الشاهي) تصورتها، وهكذا، فلم تستطع تصور شكل اليد إلا بالإضافة، وهكذا سائر ألفاظ اللغة تكتسب معانيها يحسب الإضافة أو السياق. مثال آخر كلمة (عین) استحضرها في ذهنك هل تستطيع أن تستحضرها بدون إضافتها إلى شيء؟ أنت تتصورها وتستحضرها إذا أضفتها إلى إنسان، فتستحضر (عين إنسان)، أو إذا اضفتها إلى الماء فتستحضر(عين ماء)، أو إذا اضفتها إلى الذهب والفضة، فتستحضر (عين الذهب و الفضة) وهكذا، فإذا كان الحال كذلك فإن دعوى أن اللفظة وضعت أصلا لهذا المعنی، دون غیره، بحيث أنها فيه حقيقة وفي غيره مجاز، كان هذا التحكم والادعاء. والذي عليه أهل اللغة ، أن دلالة كل لفظة على معنى بحسب إضافتها أو سياقها دلالة حقيقية لا مجازية؛ فإن اللفظ في هذا السياق يدل على هذا المعنى لا على غيره، ولا يفهم العربي منها إلا هذا المعنى، وفي سياق آخر لايفهم منها العربي إلا المعنى الذي دل عليها السياق الآخر فقوله ![]() ![]() ![]() فإذا كانت اللفظة إنما تكتسب معناها من السياق التي تأتي فيه كان حملهافي هذا على الحقيقة وفي هذا على المجاز دعون ينقصها الدليل، إذ أن الألفاظ في اللغة لاتكتسب معانيها إلا بحسب السياق الذي تأتي فيه. الوجه الرابع، مما يدل على بطلان تقسيم الكلام إلى حقيقة و مجاز أنهم قالوا :مما يستدل به على أن هذا مجاز أو حقيقة: جواز تکدیب من استعمل اللفظة في غير معناها الأصلي، فإذا سمعت رجلا يقول: رأيت أسدا يقاتل. لك أن تقول له : كذبت إنما رأيت رجلا شجاعا يقاتل. فإذا صح التكذيب، كان هذا دليلا على أنه مجاز. والسؤال :هل يسوغ لمسلم أن يقول: إن في القرآن مجاز و قرينته آنه يجوز تكذيبه؟!،والله سبحانه و ![]() ![]() وقد استند على هذا الوجه بمفرده الشيخ محمد الأمين المختار الجنکي الشنقيطي في كتابه "منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز". الوجه الخامس: أن يقال: القرآن العظيم حق وهدى، ونور، وبيان وشفاء لما في الصدور، فهل يصح فيما هو كذلك أن يأتي فيه كلام بغير معناه؟! والقرآن العظيم إنما جاء على أساليب كلام العرب، والعرب لا تعرف تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، ولا يستطيع أحد أن يثبت أن لفظة ما وضعت لمعنى، إذا استعملت في غيره فهي مجاز، ومن أراد الاستزادة في هذا البحث فليطالع ما كتبه ابن قيم الجوزية في كتابه "الصواعق المرسلة" حينما ذكر الطاغوت الثالث من طواغيت الجهمية والمعول الثالث من معاول الجهمية التي أرادوا أن يهدموا بها القرآن والسنة ![]() ![]() المصدر/قطف الثمرات بشرح متن الورقات ( ص:90/86). 02/ ![]() ![]() أو بعبارة أخرى: حمل اللفظ على غير معناه الذي وُضع له بقرينة. والمجاز له أسباب، وذكر المصنف من أنواعه: مجاز الحذف:ومثاله: حذف المضاف في قوله ![]() ![]() ![]() قال: ![]() ![]() وأما المجاز بالمعنى الذي ذكرناه أولا؛ وهو صرف اللفظ عن معناه الذي وُضع له بقرينة، فأقول: بهذا التقييد - أي: كونه فيه قرينة - يكون الخلاف بين نفاة المجاز ، وبين الذين يقولون به خلافا لفظيا، و محل ذلك إذا صحت القرينة. أما المجاز بمعنی: صرف اللفظ عن معناه، بدون قرينة صحيحة؛ فهذا الذي نُنكره. والمسالة تنبني على أصل كبير؛ وهو: أن الألفاظ في اللغة العربية إنما تكتسب دلالتها بحسب السياق،فلا يمكن تفسير لفظة في اللغة العربية من غير سياقها، فمثلا: لو قلت: (يد)، ولم أجعلها في جملة، ولا أضفتها إلى شيء، إنما قلت لك كلمة (ید)مجردة، فإنه لا يفهم منها المراد، ويصح أن تقول: ماذا تقصد باليد؟ هل تقصد يد الادمي؟ هل تقصد يد الباب؟ هل تقصد، يد الإبريق؟ هل تقصد باليد معنى آخر؟ فكلمة (يد) يُحَدد معناها بالإضافة أو بالسياق، إذن الألفاظ بلا إضافة ليس لها معنى إلا معنى مبهم في الذهن لا يوجد عينا. فاءذا تقرر هذا الأصل؛ اتضح أن دعون أن لألفاظ اللغة معنى وُضعت له أصالة، فإذا جاءت بغيره فهو مجاز؛ أن هذا مجرد دعوی لا دليل عليها. وللزمخشري كتاب اسمه (أساس البلاغة)، قضى في هذا الكتاب بأشياء تحكما بلا دلیل؛ بحيث يذكر اللفظ في اللغة العربية، ويقول: أصل وضعه كذا، وجاء بكذا وكذا مجازا! وهذا كله تحكم منه؛ لأنه بلسان الحال يقول: قد اطلعت أن أهل العربية أول ما تكلموا وضعوا هذا اللفظ لهذا المعنى، فمن أين لك هذا يا زمخشري؟! وهل أحد يملك هذا؟! افالزمخشري الذي توفي سنة (۵۳۸ هـ) من أين له أن يحكم بشيء لم يسبق إليه؟! ولا أحد من أهل اللغة تجرأ على هذا؟ ونقول له: كل الذي تقوله باطلاعك في اللغة، أنه جاءت أكثر أشعارهم أو أكثر كلامهم أن هذه اللفظة في هذا المعنى، هذا الذي تقدر أن تقوله لكن أن تزعم أن هذا اللفظ بهذا المعنى هو الذي تواضعوا عليه في الأصل،وأنه إذا جاء بهذا المعنى وبهذا المعنى هو مجاز؛ هذا تحكم جريء، وبهذا تسقط فكرة كتاب (أساس البلاغة )؛ لأنه قائم على دعوى أن اللفظ وُضع لمعنى هو الأساس والحقيقة، ثم استعمل في معان أخرى هو فيها مجاز، هذا هو التحكم الذي حصل من الزمخشري في كتابه (أساس البلاغة). فما دام الحال كذلك؛ فقولهم في تعريف المجاز: (صرف اللفظ عما وُضع له دعوى! فمن أين لكم أنه وُضع اللفظ لهذا المعنى، لا سيما أن ألفاظ اللغة تكتسب معانيها بحسب الإضافة والسياق؟! بهذه الطريقة سقطت فكرة تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز، وصار عندنا دلالة للفظ بحسب السياق، نقول: هذا اللفظ بهذا السياق هذا معناه واللفظ نفسه في هذا السياق الثاني هذا معناه؛ لأن المؤثر في معنى اللفظ عندنا هو السياق، فهذا كلام أهل السنة والجماعة، وليس للفظ عندهم حقيقة و مجاز، إنما للفظ عندهم في كل موطن معنى يدل عليه حقيقة؛ لأن الألفاظ تكتسب معانيها بحسب السياق، وليس عندهم دعوى المواضعة التي يدعيها الزمخشري وغيره ممن تكلم في الحقيقة والمجاز؛ فإنها دعوی لا يستطيعون إثباتها، ودون إثباتها خرط القتاد! إذا فهمت هذا؛ فقولهم في تعريف المجاز: (صرف اللفظ عما وُضع له) فيه نظرا ! لأنه لا دليل على أنهم تواضعوا على معنى معين للفظ أصلا. وفيه نظر آخر؛ إذ صرف اللفظ عن معناه بدون مراعاة القرينة الصحيحة؛ تحكم ودعوى غير مسلَمة! وأمر آخر إذا ترتب على المجاز نفي حقيقة العبار؛ فهذا فيه نظر؛ لأن القرآن الكريم كلام الله ، ![]() ![]() فمثلا: في أسماء الله الحسنى وفي صفاته العليا، يقول مدعي المجاز : القرينة في صرفها عن حقيقتها: أن إثباتها لا يليق بالله! ونحن نقول له: أثبت لله أسماءه وصفاته بما يليق بجلاله، كما قال ![]() ![]() ![]() فإن قال: فما تقول في بقية القرآن؟ فالجواب: الكلام لا يختلف، في كل محل أقول: ![]() ![]() وقد توسعوا في المجاز، وأدخلوا فيه الاستعارة والتشبيه، وليس عندنا مانع من هذا، إذا كان كل شيء، مضبوطا بقاعدته فإننا نقبله؛ لذلك أقول: خلافنا لفظي معهم، إذا قالوا: المجاز هو صرف اللفظ عن معناه الذي وُضع له، لكن بقرينة. فنقول: إذا كانت القرينة صحيحة؛ فأنتم تسمُونها قرينة، ونحن نسميها دلالة السياق، ولذلك: قد تجد العالم أحيانا يقول: هذه الآية معناها كذا. فتقول: لقد قال فيها آخرون: هذا مجاز . فنقول لك: لا، هذا عندنا حقيقة، وهم يسمونه مجازا؛ حسب اصطلاحهم، لكن هذا المعنى دلت عليه الآية كذا بحسب السياق هو حقيقة، فمثلا قوله ![]() ![]() ![]() ![]() والشيخ محمد الأمين الجكني الشنقيطي ![]() ![]() ولا شك أنه لا يجوز نفي شيء من القرآن، وهذا اللزوم اليقيني الواقع بین القول بالمجاز في القرآن وبين جواز نفي بعض القرآن، قد شوهدت في الخارج صحته، وأنه كان ذريعة إلى نفي كثير من صفات الكمال والجلال الثابتة لله في القرآن العظيم، وعن طريق القول بالمجاز؛ توصل المعطلون لنفي ذلك فقالوا: «لا يد، ولا استواء، ولا نزول»، ونحو ذلك في كثير من آیات الصفات؛ لأن هذه الصفات لم ترد حقائقها؛ بل هي عندهم مجازات،فاليد مستعملة عندهم في النعمة أو القدرة، والاستواء في الاستيلاء، والنزول نزول أمره، ونحو ذلك؛ فنفوا هذه الصفات الثابتة بالوحي عن طريق القول بالمجاز، مع أن الحق الذي هو مذهب أهل السنة و الجماعة إثبات هذه الصفات التي أثبتها تعالی لنفسه، والإيمان بها من غير تکييف ولا تشبيه، ولا تعطيل، ولا تمثيل. وطريق مناظرة القائل بالمجاز في القرآن، هي أن يقال: لا شيء من القرآن يجوز نفيه. وكل مجاز يجوز نفيه. ينتج من الشكل الثاني: لا شيء من القرآن بمجاز . مقدمة صادقة يقينا، لكذب نقيضها يقينا؛ لأن نقيضها هو قولك: بعض القرآن يجوز نفيه، وهذا ضروري البطلان. والكبري منهما - وهي قولنا: وكل مجاز يجوز نفیه - صادقة بإجماع القائلين بالمجاز، ويكفينا اعترافهم بصدقها؛ لأن المقدمات الجدلية يكفي في قبولها اعتراف الخصم بصدقها، وإذا صح تسليم المقدمتین صحت النتيجة التي هي قولنا: لا شيء من القرآن بمجاز؛ وهو المطلوب) اهـ، هذا أصل دليل الشيخ الشنقيطي ![]() والكلام الذي قررته قريبا، وهو نقض دعوى المواضعة، هو أصل تقرير شيخ الإسلام ابن تيمية ![]() ![]() ![]() 03/لا مجاز في القرآن العظيم والحديث الشريف. ![]() ![]() والْحَقِيقَةَ هِيَ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ. وهذه المسألة من المسائل التي يحتاج إليها المتفقه في معاني القرآن العظيم والسنة النبوية، وحتى أقرر نفي المجاز أسوق النقاط التالية: أولاً : أن القول بالمجاز يقوم على أساس أن للفظ معنى وضع له، فإذا استعمل في غيره يكون مجازاً. فيحتاج من يقول بالمجاز أن يثبت أن هذا اللفظ في هذا المعنى وهو الحقيقة التي وضع عليها، فإذا جاء في غيره كان مجازاً؛ ودون إثبات ذلك خرط القتاد؛ فهذه دعوى لا دليل عليها. والزمخشري أقام كتابه (أساس البلاغة) على مثل هذه الدعاوى، بدون دليل! ويؤكد هذا التالي. ثانياً : أن ألفاظ اللغة إنما تكتسب معانيها بحسب السياق، ويكون معناها في سياقها هو معناها حقيقة لا مجاز. فالعربي لا يفهم من قولنا: (اسأل القافلة) إلا اسأل أهل القافلة. ولا يفهم من قولنا: (رأيت أسداً يقاتل العدو) إلا رأيت رجلاً شجاعا يقاتل العدو. فاللفظة هنا أو هنا معناها حقيقي لا مجازي. وبدون السياق تكون معاني مبهمة في الذهن، و لا تكتسب معناها إلا بسياقها، كما لو قيل: (يد)؛ فإنه لا تعرف لهذا اللفظ معنى، إلا إذا أضفت إلى سياق فقلت يد الإنسان، أو الباب، أو الكأس، أو الإبريق، أو نحو ذلك. ثالثاً : المعنى المجازي الذي يذكر للفظ إن قام الدليل على صحته فلا يمنع حمل اللفظ عليه إذا توفرت ضوابطه، لكن لا يسمى مجازاً، فلا ننكر معاني الألفاظ فيما جاءت به، وإنما ننكر أن يقال عن هذا المعنى للفظ أنه مجاز، ووجه الإنكار لأنه يتسور بذلك إلى القول بأَنَّ فِي الْقُرْآنِ والسنة أَلْفَاظًا اسْتُعْمِلَتْ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَتْ لَهُ، وَأَنَّهَا يُفْهَمُ مِنْهَا خِلَافُ حَقَائِقِهَا. رابعاً : ضوابط حمل اللفظ على معنى هي التالية: أَحَدُهَا: أن يقيم الدليل على أن هذا من معاني اللفظ في اللغة. ثانيها : أن يبرز الدليل الذي يصرف من معنى إلى معنى. ثالثها : أن يستقيم المعنى مع السياق الذي جاء فيه اللفظ. فَلَيْسَ كُلُّ مَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ يَحْتَمِلُهُ هَذَا السِّيَاقُ الْخَاصُّ. وَهَذَا مَوْضِعٌ غَلِطَ فِيهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَوْ يُمَيِّزْ بَيْنَ مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ بِأَصْلِ اللُّغَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ الْخَاصِّ وَبَيْنَ مَا يَحْتَمِلُهُ فِيهِ. رَابِعُهَا: بَيَانُ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى المعنى الَّذِي عَيَّنَهُ بِأَنَّهُ الْمُرَادُ إِذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ فِي اللَّفْظِ تَدُلُّ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ. (انظر مختصر الصواعق المرسلة ص391). فإذا توفرت هذه الضوابط صح المعنى ، و لا يكون مجازاً إنما يكون من دلالة اللفظ حقيقة، وهذا من أساليب اللغة وما يجوز فيها . خامساً : من علامات المجاز عند القائلين به؛ أنه يسوغ رده وتكذيبه، فيقال لمن يقول: (رأيت قمراً في النافذة)؛ كذبت، إنما رأيت فتاة جميلة. وهذا لا يسوغ في حق كلام الله وكلام رسوله ![]() ![]() ![]() فائدة01/ استحالة ثبوت دعوى المجاز بالمواضعة. ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
![]() |
||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
سلسلة التقاسيم/السلسلة الثالثة/تقريرات وتحريرات المعاصرين في مسألة تقسيم السنة إلى متواتر وآحاد. | أبو علي زين العابدين بن علي | حلقة العلوم الشرعية | 0 | 28-01-2021 12:42 PM |
سلسلة التقاسيم/السلسلة الثانية/تقريرات وتحريرات المعاصرين في مسألة تقسيم الدين إلى لب وقشور | أبو علي زين العابدين بن علي | حلقة العلوم الشرعية | 0 | 26-01-2021 11:00 AM |
سلسلة التقاسيم/السلسلة الأولى/تقريرات وتحريرات المعاصرين لمسألة تقسيم الدين إلى أصول وفروع. | أبو علي زين العابدين بن علي | حلقة العلوم الشرعية | 0 | 25-01-2021 12:25 PM |
بديل المجاز قبل المجاز | فريد البيدق | حلقة البلاغة والنقد | 0 | 29-01-2010 11:39 AM |