|
#16
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
مثل ذلك ما رواه أبو بكر الصوليُّ في كتابه " أخبارِ أبي تمام " قال : " ومن الإفراط في عصبيتهم عليه ما حدثني به أبو العباس عبدُ الله بنُ المعتزِ قال : حَدَّثْتُ إبراهيمَ بنَ المدبِّرِ -ورأيته يستجيد شعرَ أبي تمام ولا يوفيه حقَّهُ - بحديثٍ حدثنيه أبو عمرِو بنُ أبي الحسنِ الطُوسيّ ، وجعلته مثلا له ، قال : وجَّه بي أبي إلى ابن الأعرابي لأقرأَ عليه أشعارًا ، وكنتُ معجَبًا بشعر أبي تمام ، فقرأت عليه من أشعار هُذَيْلٍ ، ثم قرأتُ أرجوزةَ أبي تمامٍ على أنها لبعض شعراء هذيل : وعاذلٍ عذلتُه في عذلِه ![]() حتى أتممتُها ، فقال : اكتب لي هذه ، فكتبتُها له ، ثم قلتُ : أحسنةٌ هي ؟ قال : ما سمعتُ بأحسنَ منها ! قلت : إنها لأبي تمام فقال : خَرِّقْ خَرِّقْ ! " وروي نحو هذا عن أبي الفتحِ بنِ جِنِّي مع شيخِه أبي عليٍّ الفارسيِّ في المتنبي. |
#17
|
|||
|
|||
![]() وقد شطَّ الهوَى أبعدَ الشططِ بأبي الشيصِ الخُزاعيِّ حين قالَ:
أشبهتِ أعدائي، فصِرتُ أحبُّهم ![]() ![]() ![]() وهو في الحقِّ بيتٌ طريفٌ جارٍ على مذهبِ الشُّعراء في حبِّ المبالغة، وتطلُّبِ الإغرابِ!
__________________
(ليس شيءٌ أضرَّ على الأممِ وأسرعَ لسقوطِها من خِذلان أبنائها للسانها وإقبالهم على ألسنةِ أعدائها)
|
#18
|
|||
|
|||
![]() ومنه قول أبي نواس:
أحب اللوم فيها ليس إلا ![]() ![]() وتبعه الناشي ، فقال: أهوى مقاربة العَذُول لأنه ![]() ![]() |
#19
|
|||
|
|||
![]() وقالَ أبو الشِّيص أيضًا قبلَ البيت الذي ذكرتُ آنفًا:
أجِد الملامةَ في هواكِ لذيذةً ![]() ![]() ![]() وهو معاصِرٌ لأبي نُواسٍ، فلا أدريُّ أيُّهما استرقَ المعنَى من الآخَر. فيا عجبا للحبِّ! أنَّى يصيِّرُ العدوَّ حبيبًا، والمكروهَ محبوبًا! ويشبِهُه، وإن كانَ ليس من البابةِ نفسِها قولُ ابنِ الدُّمينة: لَإِن ساءَني أن نلتِني بمساءةٍ ![]() ![]() ![]() وفرقُ ما بينَهما أنَّ الأولَ أحبَّ ما يكرُهه لمَّا كانَ سببًا لمن يُحِبُّه. وهذا أحبَّ ما يكرَهُه- وهو الشَّتم- لأنَّه دلَّه على أنَّ ذِكرَه وقعَ في بالِ من يُحِبُّ، وليسَ لأنَّ الشتمَ هذا سببٌ لوصله بمن يحِبُّ، أو لأنَّ له به علاقةً. وإن كانا جميعًا دالَّين على طغيانِ الوجدِ، وتمكُّنِ العشقِ، وغِيابِ المنطقِ، والعقلِ! ويذكِّرني هذا أيضًا قولَ أعرابيَّة ترقِّصُ ولدَها: يا حبذا ريحُ الولدْ ريحُ الخُزامى في البلدْ أهكذا كلُّ ولدْ أم لم يلدْ قبلي أحدْ فأحبت الرائحةَ، واستطيَبتْها، لأنها رائحةُ ولدِها. ولعلَّها ليست كذلك.
__________________
(ليس شيءٌ أضرَّ على الأممِ وأسرعَ لسقوطِها من خِذلان أبنائها للسانها وإقبالهم على ألسنةِ أعدائها)
|
#20
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
ذكر صاحب الأغاني أنَّ أبا نواس قال لأبي الشيص لَمَّا سمع أبياته: أحسنت والله! لأسرقن هذا المعنى منك ، ثم لأغلبنك عليه ، فيشتهر ما أقولُ ، ويموت ما قلتَ ، قال فسرق قوله: وقف الهوى بي حيث أنت فليس لي ... متأخر عنه ولا متقدم سرقا خفيا ، فقال في الخصيب: فما جازه جود ولا حل دونه ... ولكن يسير الجود حيث يسير فالسَّبْقَ لأبي الشيص إِنْ صَحَّتْ هذه الرواية! والله أعلم. |
#21
|
|||
|
|||
![]() يقولُ عبداللهِ بنُ محمدٍ الأحوص:
يا دِينَ قلبك منها لست ذاكرها ![]() ![]() لا أستطيعُ نزوعًا عن محبَّتها ![]() ![]() وزادني كلفًا في الحبِّ أنْ منعتْ ![]() ![]() ويقول قيسُ بنُ ذَريح: وإني لأهوى النومَ في غيرِ حينهِ ![]() ![]() تُحدِّثني الأحلامُ أني أراكمُ ![]() ![]() |
#22
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
( ومن لطيفِ السَّرق ما جاء به على وَجْهِ القَلْب، وقصدَ به النَّقض؛ كقول المتنبي: أأُحِبُّهُ وأُحِبُّ فيه مَلامَةً ![]() ![]() ![]() إنَّما نقض قولَ أبي الشِّيص: أَجِدُ المَلامَةَ في هَواكِ لَذيذةً ![]() ![]() ![]() وأصلُه لأبي نُواس في قولِه: إذَا غاديتِني بصَبوحِ عَذْلٍ ![]() ![]() ![]() فإنِّي لا أَعُدُّ اللَّومَ فيه ![]() ![]() ![]() وذَكَرَ أسامةُ بنُ منقذٍ أنَّ أبا نُواسٍ تَبِعَ أبا الشِّيص في ذلك؛ قال في كتابه « البديع في نقد الشِّعر »: ( وأحسَنَ أبو الشِّيصِ، وزادَ علَى الإحسانِ لَمَّا مَدَحَ اللُّوَّامَ؛ حِرْصًا علَى سَماعِ ذِكْرِ المحبوبِ؛ فقالَ: أَجِدُ المَلامَةَ في هَواكِ لَذيذةً ![]() ![]() ![]() وزَادَ، وشَرَحَ، حتَّى خَرَجَ عن مذهبِ الشُّعراء، ورَجَعَ إلى مذهبِ العتب، حتَّى ذَكَر أنَّه يُحِبُّ الأعداءَ لَمَّا أشبهوا محبوبَه في نَقْصِ حظِّه منهم؛ فقال: أشْبَهْتِ أعدائي فصِرْتُ أحبُّهم ![]() ![]() ![]() وتَبِعَهُ أبو نُواسٍ؛ فقالَ: أُحِبُّ اللَّوْمَ فِيهَا لَيْسَ إلاَّ ![]() ![]() ![]() وتَبِعَهُ النَّامي؛ فقال: أهْوَى مُقاربةَ العَذولِ لأنَّهُ ![]() ![]() ![]() |
#23
|
|||
|
|||
![]() شكرَ الله لكم جميعًا.
لقد سرتني هذه المذاكرةُ في أشعارِ الفصحاء، والتنقير في معانيهم، وإخراجُها من بطون الكتب إلى ظهر الحياة -وهو أمر قلَّ أصحابه في هذا الزمان-. وإنَّ مِن الشعرِ ما يبلغُ من حسنِ الوصفِ، ودقَّة المعنى ما يشبِه الإعجازَ. وقصيدةُ أبي الشِّيص هذه من بدائع ما قيلَ في الغزلِ. وفيها معانٍ مستطرفةٌ تصوِّر حالَ من شفَّه الوجدُ، وتلبَّس به الهوَى حتى لا يَرى حسنًا إلا ما يراه محبوبُه حسنًا، وحتى يجِد مهانةَ نفسِه في سبيلِ رضا محبوبه أمرًا لا غضاضةَ فيه، ولا حرجَ منه! ولذلك اختارها كثيرٌ من أصحاب المختارات في دواوينِهم. ونعودُ إلى أصلِ البابِ. فمنه قولُ كثيِّر عزة: وأنتِ التي حبَّبتِ كلَّ قصيرةٍ ![]() ![]() ![]() عنيتُ قصيراتِ الحجالِ، ولم أرِد ![]() ![]() ![]() وقد يجوز أن يُلحَق بأصلِ الباب قولُ أبي الطيِّب: إن كانَ سرَّكمُ ما قال حاسدنا ![]() ![]() ![]() لولا أنَّه لم يحِبّ الجرح من أجلِ محبوبه، وإنما نفَى عنه الإحساسَ بالألم الذي يُحدِثُه.
__________________
(ليس شيءٌ أضرَّ على الأممِ وأسرعَ لسقوطِها من خِذلان أبنائها للسانها وإقبالهم على ألسنةِ أعدائها)
|
#24
|
|||
|
|||
![]() ولعل قول أبي فراس الحمداني يدخل في مذاكرة الأحبة :
بدوتُ وأهلي حاضرون لأنني ## أرى أن دارًا لستِ من أهلِها قفْرُ |
#25
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
وما زَادَهُ عندي قَبيحُ فعالِهِ ![]() ![]() ![]() وقوله: عفَّتْ محاسنُهُ عندي إساءَتَه ![]() ![]() ![]() وقرأتُ -قديمًا- قولَ شمس الدِّين بن البديريّ: فما شئتِ كوني إنَّني بكِ مُدْنَفٌ ![]() ![]() ![]() ومنكِ تساوَى عِنديَ الوَصْلُ والجَفَا ![]() ![]() ![]() وقالَ: عذابُها في الهوَى عَذْبٌ ألذُّ بِهِ ![]() ![]() ![]() |
#26
|
|||
|
|||
![]() ويقولُ النميريُّ:
رَاحَـتي في مقـالةِ العُـذَّالِ ![]() ![]() ![]() لا يَطِيبُ الهَوَى ولا يَحْسُنُ الحُبـْ ![]() ![]() ![]() بسَـماعِ الأَذَى وعَـذْلِ نَصـيحٍ ![]() ![]() ![]() وقال الآخَر: دَعِ الصَّبَّ يَصْلَى بالأذَى مِن حبيبِهِ ![]() ![]() ![]() غُـبارُ قطيعِ الشَّـاءِ في عَيْنِ ذِئْبِها ![]() ![]() ![]() والأبياتُ في «زهر الآداب» -للحُصْريِّ-. |
#27
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
وجودك بالمقامِ، ولو قليلاً ![]() ![]() ![]() وقول أشجع: وقوفًا بالمطيِّ، ولو قليلاً ![]() ![]() ![]() وقول إسحاق الموصلي: وحسبي قليلٌ من جزيل عطائه ![]() ![]() ![]() وقول ابن الرومي: ولكنَّها ضنَّت بمنزور وصلِها ![]() ![]() ![]() [من النصف الثاني من المنصف لوكيع، الذي أخرجه محمد العزام]
__________________
(ليس شيءٌ أضرَّ على الأممِ وأسرعَ لسقوطِها من خِذلان أبنائها للسانها وإقبالهم على ألسنةِ أعدائها)
|
#28
|
|||
|
|||
![]() ومن ما يدخل في أصلِ الباب قول المتنبي:
الكائنين لمن أبغي عَداوتَه ![]() ![]() ![]() وقول الآخر: عدوُّ صديقي داخلٌ في عَداوتي ![]() ![]() ![]()
__________________
(ليس شيءٌ أضرَّ على الأممِ وأسرعَ لسقوطِها من خِذلان أبنائها للسانها وإقبالهم على ألسنةِ أعدائها)
|
#29
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
قال أبو عبيدٍ البكريُّ في «اللآلي 471»: ( قال أبو بَكْرٍ الصُّوليُّ: هذا الشِّعْرُ للعبَّاسِ بن قَطَن الهِلاليِّ. وما أخلقَ هذا القولَ بالصَّوابِ؛ لأنَّ هذا الشِّعْرَ لَمْ يَقَعْ في ديوانِ شعر ابن الطَّثْرِيَّة، وقد جَمَعْتُ منه كُلَّ رِوايةٍ: روايةَ الأصمعيِّ، وروايةَ الطُّوسيِّ عن ابن الأعرابيِّ، وعن أبي عَمْرٍو الشَّيبانيِّ. وفيه: أليسَ قليلاً نظرةٌ إن نظرتُها ![]() هكذا الرِّوايةُ هُنا. وروَى غيرُ أبي عليٍّ: ![]() ![]() أي: كلُّ قليل ليس منكِ. ويُرْوَى: ![]() قلتُ: وفي هذه الأخيرةِ إقواءٌ. ويُنظَر: «شعر يزيد بن الطَّثْريَّة» صنعة/ حاتم الضَّامن: 87. |
#30
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
تذكَّرتُ ليلَى والسِّنين الخواليا ![]() ![]() ![]() وإلى قيس بن ذَريح، من قصيدتِه الَّتي مطلعُها: ألا حَيِّ لُبْنَى اليومَ إن كنتَ غاديا ![]() ![]() ![]() وبينَ القصيدتين تشابهٌ. ( يقولُ أبو الفرجِ في ترجمتِهِ لمجنون بني عامرٍ نقلاً عن الجاحظِ: ما تَرَكَ النَّاسُ شعرًا مجهولَ القائلِ في لَيلَى إلاَّ نسبوهُ إلى المجنونِ، ولا شِعْرًا هذه سبيلُه قيل في لُبْنَى إلاَّ نَسَبوه إلى قَيْسِ بن ذَريح ) [ تاريخ الأدب العربي - العصر الإسلامي، د. شوقي ضيف: 360 ]. |
![]() |
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|