|
|
الانضمام | الوصايا | محظورات الملتقى | المذاكرة | مشاركات اليوم | اجعل الحلَقات كافّة محضورة |
|
أدوات الحديث | طرائق الاستماع إلى الحديث |
#1
|
|||
|
|||
مبادئ علم الفرائض لفضيلة الشيخ / جلال بن علي حمدان السلمي - حفظه الله -
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي الله بعده ، وعلى آله وصحبه ، وبعد : فهذه مبادئ علم الفرائض ، وهي الدرس الأول من دروس المواريث التي ألقيتها في جامعة أم القرى ، وهي أول محاضرة ألقيها في الجامعة ، وقد حذفت ما فيها من الاستطراد ، واقتصرت على ما هو مظنة للنفع ، هذا وأسأله سبحانه أن يغفر لي ذنبي ، ويصلح لي شأني ، وأن لا يكلني إلى نفسي ، آمين . مبادئ علم الفرائض : مبادئ العلم : المبادئ لغة : جمع مبدأ ، والمبدأ من حيث الصناعة الصرفية اسم مكان البداية ، والبداية لغة :الشروع في الشـيء ، ويقال في حد مبادئ العلم في الاصطلاح:هي جملة المعارف المراد تحصيلها عند الشروع في الفن . ومبادئ العلوم عشرة ، جمعها محمد بن علي الصبان المكي - - بقوله : إن مبادئ كل علمٍ عشره الحدُ والموضوعُ ثم الثمره ونسبةٌ وفضلُهُ والواضعُ والاسمُ الاستمدادُ حكمُ الشارعْ مسائلٌ والبعضُ بالبعضِ اكتفى ومَنْ درى الجميعَ حازَ الشَّرفَا . المبدأ الأول: حده : والحد لغة :المنع ، ولهذا سمي البواب حدادا ؛لأنه يمنع من الدخول ، وفي الاصطلاح :الجامع المانع ، أي الجامع لجميع أفراد المحدود المانع من دخول غيرها فيه . قال الجلال السيوطي--في الكوكب الساطع : الجامع المانع حد الحدِ وذو انعكاسٍ إن تشا والطردِ. والبحث في الحدود يرجع إلى مبحث التصورات عند المنطقيين ، والتصور لغة :ارتسام الصورة في الذهن، وفي الاصطلاح : إدراك حقيقة المفرد ، وجرت العادة عند أرباب الفنون بتقديم الحد على غيره من المبادئ ، وذلك لأنه من باب التصور ، وبقية المبادئ من باب الأحكام والأحكام جمع حكم ،وهو لغة المنع ،وفي الاصطلاح عند المناطقة : إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه ، والقاعدة : [أن الحكم على الشيء فرع تصوره]، والشأن في الفرع من حيث الترتيب العلمي أن يؤخر في الذكر. وسأتكلم - إن شاء الله - عن هذا المبدأ في ثلاثة مباحث : المبحث الأول: حد علم الفرائض في اللغة : جرت عادة العلماء بتقديم الحد اللغوي على الحد الاصطلاحي ،وذلك لأن اللغة سابقة على الاصطلاح ، والاصطلاح حادث بعدها ، والشأن في الترتيب العلمي تقديم السابق . والفرائض لغة : جمع فريضة ، وفريضة من حيث الصناعة الصرفية فعيلة بمعنى مفعولة ،أي مفروضة ، وهذه اللفظة مشتقة من الفرض ، والفرض لغة يطلق على معانٍ منها : الواجب ، والمقدر ، وشاهد إطلاق الفرض بمعنى الواجب في لغة العرب : ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي قال:( يأيها الناس قد فرض الله عيكم الحج فحجوا )، فقوله قد فرض: أي أوجب . ( والصحيح من أقوال أهل العلم – رحمهم الله - أن سنة النبي حجة في اللغة مطلقا ، سواء كانت من جوامع الكلم ، أو من الطوال خلافا لابن الضائع ، وفي جوهر الأدب للبغدادي : ابن الضائع قوله ضائع ، أي في هذه المسألة ). وشاهد إطلاق الفرض بمعنى المقدر : قوله : ( فنصف ما فرضتم )، فقوله : ما فرضتم : أي قدرتم من المهر ، وذلك فيما إذا طلقتم قبل الدخول وقد سميتم المهر. المبحث الثاني: حد علم الفرائض في الاصطلاح: حُد علم الفرائض في الاصطلاح بعدة حدود منها: 1- علم يعرف به كيفية توزيع التركات على مستحقيها . وقد تضمن هذا الحد لفظة غريبة لا يمكن تصوره على وجهه إلا بعد العلم بمعناها ، وهي لفظة التركات ، وإليك بيان معناها : التركات في اللغة :جمع تركة ، والتركة من حيث الصناعة الصرفية مصدر بمعنى اسم المفعول ، أي المتروك ، والترك : الإبقاء ، وفي الاصطلاح :اختلف العلماء – رحمهم الله - في حدها على قولين اثنين : القول الأول : أن التركة هي : كل ما خلفه الميت من الأموال والحقوق والمنافع ولاختصاصات ، وهذا مذهب الجمهور. ( الأموال : جمع مال : وحده عند الفقهاء :عين مباحة النفع من غير حاجة ، وقولهم : من غير حاجة : قيد يريدون به إخراج نحو الكلب المأذون في اقتنائه ، فإنه لا يسمى مالا بل اختصاصا ) . القول الثاني : أن التركة هي : كل مالٍ خلفه الميت ، وهذا مذهب الحنفية . وسيأتي الكلام عن هذه المسألة - إن شاء الله - عند البحث في أركان الإرث . العلاقة بين الحد اللغوي والاصطلاحي بالنسبة للتركة : -العلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق ، فالحد اللغوي أعم من الحد الاصطلاحي فهو صادق على كل باقٍ ، والحد الإصلاحي خاص بما يبقى من مال الآدمي بعد موته . مسألة /لماذا يبحث العلماء العلاقة بين الحد اللغوي الوضعي والحد الإصلاحي الشرعي؟ . ( العَلاقة والعِلاقة بالفتح والكسر، قيل : معناهما واحد ، وقيل العَلاقة في المعنويات ، والعِلاقة في المحسوسات أو المحسات ، ومثلها الدَلالة والدِلالة ) . الجواب /أن الحد الاصطلاحي الشرعي ضرب من المجاز بالنسبة للغوي ، والتجوز من شرط صحته وجود علاقةٍ بين المعنى الحقيقي والمجازي . 2-وحُد علم الفرائض أيضا بأنه : فقه المواريث وحسابها . وقد تضمن هذا الحد أيضا لفظة غريبة ، لا يمكن تصوره على وجهه إلا بعد العلم بمعناها ، وهي لفظة المواريث ، وإليك بيان معناها : المواريث في اللغة : جمع ميراث ، وهي من حيث الصناعة الصرفية مصدر للفعل وَرِث على زنة مفعال ،أصلها مِوْراث ، فقلبت الواو ياءً ؛ لأنها جاءت ساكنة بعد كسر ، فهي بمعنى الإرث . وفي الاصطلاح :حق قابل للتجزيء يثبت لمستحق بعد موت من كان له لقرابة أو زوجية أو ولاء . وقد تضمن هذا الحد أركان الأرث ، وهذا تضمنٌ لازم لصحته ، لأن الركنَ داخلٌ في الماهية ،وأركان الإرث ثلاثة ، قال البرهاني -- : ووارث مورث موروث أركانه ما دونها توريث . فقوله في الحد : حق قابل للتجزيء ، هذا الركن الأول : ( الموروث ) ، وقوله لمستحق هذا الركن الثاني : ( الوارث ) ، وقوله : من كان له هذا الركن الثالث : ( المورث ) ، وقوله : لقرابة أو زوجية أو ولاء ، هذه أسباب الأرث ، وسيأتي الكلام عليها - إن شاء الله - في محلها . العلاقة بين الحد اللغوي والاصطلاحي بالنسبة للمواريث : -العلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق ، فالحد اللغوي أعم من الحد الاصطلاحي فهو صادق على كل بقاءٍ وانتقال ، والحد الاصطلاحي خاص ببقاء الشيء الموروث ، وانتقاله إلى الورثة . المبحث الثالث: العلاقة بين الحد اللغوي والاصطلاحي بالنسبة لعلم الفرائض : -العلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق ، فالحد اللغوي أعم من الحد الاصطلاحي فهو صادق على كل واجب ومقدر ، والحد الاصطلاحي خاص بالواجب والمقدر في الميراث . المبدأ الثاني : اسمه : والاسم : ما يعرف به الشيء ، واختلف في اشتقاقه ، فقال الكوفيون : مشتق من الوسم وهو العلامة، وقال البصـريون : مشتق من السمو وهو العلو ، وعلى كلٍ فالاسم سمة توضع على الشيء يعرف بها ، والاسم يعلو على المسمى ، ويدل على ما تحته من المعنى . ويظهر مما سبق في المبدأ الأول أن هذا العلم يمكن أن يسمى بعلم الفرائض ، وعلم المواريث ، وعلم التركات ، وعلى هذا جرى اصطلاح أهل الفن ، فهذه الألفاظ الثلاثة : ( علم الفرائض ، وعلم المواريث ، وعلم التركات ) أسماء لمسمى واحد ، ويسمى هذا بالترادف الاصطلاحي ، وهو نظير الترادف اللغوي الوضعي . ( الترادف اللغوي : أن يضع العرب لفظين فأكثر بإزاء معنا واحد ) . والغرض من هذا المبدأ أن يميز المتعلم بين هذا الفن وغيره من الفنون ، وتعدد الأسماء للفن الواحد كما هو الحال في علم الفرائض قد يقتضي حصول اللبس في الفهم بظن المغايرة بين أسمائه في المعنى ، وشواهد الواقع قاضية بذلك. المبدأ الثالث : موضوعه : والموضوع لغة : اسم مفعول من الوضع ضد الرفع ، ويقال في حد الموضوع في الاصطلاح : هو محل بحث العلم ، وعرفه قطب الدين الرازي بأنه :( ما يبحث في ذلك العلم عن عوارضه الذاتية ،كبدن الإنسان لعلم الطب فإنه يبحث فيه عن أحواله من حيث الصحة والمرض ) . وعلم الفرائض يبحث في التركات من جهة قسمتها ونصيب كل وارث منها ، وتقدم معنا بيان معنى التركة لغة واصطلاحا، وسيأتي الكلام - إن شاء الله - عن نصيب الورثة ، وأن هذا النصيب منه ما هو مقدر تقديرا معلوما ، وهو الإرث بالفرض ، ومنه ما ليس كذلك وهو الإرث بالتعصيب . المبدأ الرابع : ثمرته : الثمرة لغة : واحدة الثمر ، وهو في الأصل ما ينتجه الشجر ، ثم تجوز به عن كل نافع ينتج عن الشـيء ، ويقال في حد ثمرة العلم في الاصطلاح بأنها : الغاية المقصودة من العلم. وثمرة علم الفرائض - أي الغاية المقصودة منه - إيصال الحق من التركة لمستحقه ، والمراد بالحق : ( المال الموروث ) ، وتقدم المراد بالتركة ، والمراد بالمستحق : ( الورثة ) سواء كان إرثهم بالفرض أو التعصيب . والبحث في ثمرة العلم وغايته أمر مهم جدا ؛ لأن المرء بهذا ينزه فعله الذي هو الجد في تحصيل علم ما عن العبث ، ويكون حينئذ ( أي حين علمه بثمرة العلم الذي يطلبه ) سائرا على جادة العقلاء . المبدأ الخامس : نسبته : النسبة لغة : مصدر للفعل نَسَبَ ، وهي في الأصل : عزو المرء إلى أبيه وإضافته له ، ثم تجوز بها فاستعملت في كل إضافة وعزو . ويقال في نسبة العلم في الاصطلاح :عزو العلم إلى أصله من العلوم . والعلوم المدركة كثيرة منها ما هو قطعي ، ومنها ما هو ظني ، والقطعي منه ما هو ضروري لا يقع عن نظر واستدلال ، ومنه ما هو نظري يقع عن نظر واستدلال ، وهي أيضا تنقسم إلى علوم جامعة يندرج تحتها علوم كثيرة ، وعلوم جزئية ليست كذلك ، ومن الضروري إرجاع العلم الجزئي إلى العلم الجامع ، وذلك لأنه ثمة معنى كلي بين تلك العلوم الجزئية - أي المندرجة تحت العلم الجامع - يدرك عند النسبة . ونسبة علم الفرائض أنه من العلوم الشرعية ، وبناءا على ذلك فله من الخصائص والأحكام ما لها. المبدأ السادس : واضعه : الواضع لغة :اسم فاعل من الوضع ، وهو في الأصل ضد الرفع ، وتجوز فيه فاستعمل فيمن ابتدأ الشـيء لعلاقة ، وفي الاصطلاح : من ابتدأ العلم تقريرا . والواضع لعلم الفرائض هو الله سبحانه و ، فقد تولى سبحانه قسم المواريث بنفسه في كتابه ، وعلى لسان رسوله ، ويقبح بطالب العلم أن يكون جاهلا بواضع العلم الذي يطلبه ، والعلم بالواضع قد لا يكون ذا أهمية ، وقد يكون مهماً كما هو الحال هنا ، فالعلم بالواضع – هنا - أظهر لنا فضل هذا العلم وشرفه . المبدأ السابع : استمداده : الاستمداد لغة : استفعالُ طلبٍ من المدد ، والمدد العطاء ، وفي الاصطلاح : محل أخذ العلم وموطن استفادته . والغرض من هذا المبدأ العلم بما يصلح أن يكون دليلاً لإثبات مسألة من مسائله ، وما ليس كذلك ، وعلم الفرائض يستمد من : الكتاب ، والسنة ، والإجماع . وعلم الفرائض يستمد من الكتاب بالاتفاق ، وذلك من ثلاث آيات ، الآية الأولى : هي الآية الحادية عشـر من سورة النساء ، وهي قوله : ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... ) ، والآية الثانية : هي الآية لثانية عشـر من سورة النساء ، وهي قوله : ( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ... ) ، والآية الثالثة : هي الآية الأخيرة من سورة النساء ، وهي قوله : ( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ... ) ، واختلف العلماء في استمداده من قوله : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ... ) ، الآية الخامسة والسبعون من سورة الأنفال ، والخلاف في استمداد علم الفرائض منها راجعٌ إلى الخلاف في توريث ذوي الأرحام ، وسيأتي بحث ذلك في محله - إن شاء الله - . وعلم الفرائض مستمدٌ من السنة بالاتفاق ، وذلك من أحاديث كثيرة منها : - حديث ابن عباس ما في الصحيحين مرفوعا : (ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فلأولى رجل ذكر ) ، وفي رواية عند مسلم ( اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله ، فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر ) ، فهذا الحديث أصل في الإرث بالتعصيب ، وأن العصبة يقدم منهم الأولى إلى الميت أي الأقرب ، وسيأتي بيان ذلك - إن شاء الله - في مبحث العصبات ، وعند الكلام على القواعد المنظمة للترجيح بين العصبة ، وهي : الترجيح بالجهة ، والدرجة ، والقوة . - ومنها حديث أسامة في الصحيحين مرفوعا : ( لا يرث المؤمن الكافر ، ولا يرث الكافر المؤمن ) ، فهذا الحديث أصل في أن الكفر مانع من الإرث ، وسيأتي بحثه بالتفصيل في مبحث موانع الإرث إن شاء الله . - حديث عائشة ا في الصحيحين مرفوعا : ( إنما الولاء لمن أعتق ) ، فهذا الحديث أصل في الإرث بالولاء ، وسنبحثه إن شاء الله في مبحث العصبات . ولما كانت السنة يغلب عليها النقل الأحادي احتجنا إلى البحث في ثبوتها قبل البحث في دلالتها ، إذ الدلالة فرع الثبوت ، والأصل مقدم على الفرع ، وسيظهر لكم إن شاء الله بأن جماعة من الفقهاء قد استدلوا بأحاديث ضعيفة على بعض المسائل الفرضية ، وسنبين ضعف تلك الأقوال المبنية على تلك الأحاديث الضعيفة . ومرادي بالإجماع - هنا - الإجماع القطعي ، الذي دلت عليه قطعيات الشريعة من الكتاب والسنة ، فالإجماع دليل مؤكد لا مؤسس ، ومثل هذا ليس بمستغرب في الشريعة ، فإن قيل فما فائدته إذا كان الأمر كذلك ؟ ، الجواب : أن هذا من باب توارد الأدلة ، وشواهد التوارد في الشريعة كثيرة ، لا ينكرها أحد . وسيأتي إن شاء الله بأنه قد ادعي الإجماع في بعض المسائل الفرضية ، وليس هو الإجماع المعتبر ، بل غاية الأمر أنه من باب عدم العلم بالمخالف ، أو قول البعض ، وسكوت البقية ، وهو المسمى بالإجماع السكوتي . وقد اختلف في استمداد علم الفرائض من أقوال الصحابة م ، وهذا الخلاف فرع عن الاحتجاج بقول الصحابي ، وهل هو حجة في إثبات الأحكام الشرعية أم لا ؟ ، الصحيح فيما أعتقد أنه ليس بحجة ، وبحث ذلك في الأصول . ومن المسائل المبنية على قول الصحابي : العمريتان ، والمشـركة ، وتوريث الجد مع الإخوة ، وتوريث ذوي الأرحام وتوريث الغرقى والهدمى ... إلخ . المبدأ الثامن : حكمه : أي حكم تعلمه ، والحكم في اللغة المنع ، وفي الاصطلاح : أثر خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين . ولما كانت أفعال المكلفين لا تنفك عن حكم لله فيها ، وكان التعلم فعلاً من أفعالهم احتجنا إلى معرفة حكم هذا التعلم ، وتعلم علم الفرائض فرض كفاية ، والفرض مرادف للواجب اصطلاحا قاله الجمهور ، وخالف في ذلك الحنفية ، والحنابلة في رواية ، وحد الفرض في الاصطلاح : ما أمر به الشارع على سبيل الإلزام ، وهو ينقسم باعتبار الفاعل إلى قسمين : أ / فرض عين : وهو الذي يطلب من كل مكلف بذاته . ب / فرض كفاية : وهو الذي يطلب تحصيله من مجموع الأمة ، بحيث إذا قام به من يكفي ( ولا يقال البعض لأن مطلق البعض قد لا تحصل به الكفاية ) سقط الإثم عن الباقين ، وإذا تركوه جميعا أثموا جميعا . والدليل على أن تعلم علم الفرائض فرض كفاية : حديث ابن عباس ما في الصحيحين مرفوعا : (ألحقوا الفرائض بأهلها ... ) ، وفي رواية : ( اقسموا المال بين أهل الفرائض ... ) . وجه الاستدلال به على الوجوب من قوله : ألحقوا ، اقسموا ، فهذا أمر ، والأمر المطلق للوجوب ، فيجب القسمة والإلحاق على هذه الصفة ، وهي لا تتم إلا بتعلم علم الفرائض ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ومأخذ كونه للكفاية : هو عدم تصور الشركة فيه ، وما كان كذلك فهو فرض كفاية . المبدأ التاسع : فضله : أي فضل تعلمه ، والفضل في اللغة : المزية الحسنة ، وفي الاصطلاح : المزايا الحسنة الحاصلة للمتعلم . والبحث في فضل العلم قبل الشروع فيه من أعظم البواعث على تحصيله ، فالنفس في الواقع تتطلع لما تحقق فضله ، وحسنت عاقبته ، وفضل علم الفرائض يظهر لنا من جهة نصوص الكتاب والسنة الدالة على فضل العلم الشـرعي عموما ، وقد تقدم معنا أن علم الفرائض من العلوم الشرعية ، ومن ذلك قوله : ( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين ءاتوا العلم درجات ) ، ففي هذه الآية : أن الله يرفع الذين ءاتوا العلم ، ومن رفعه الله فلا خافض له ، وفي تخصيص الذين ءاتوا العلم بالذكر مع دخولهم في عموم المؤمنين مزيد تأكيد لحصول الرفعة لهم ، ثم إن الرفعة درجات ، وليست درجة واحدة ، ومن ذلك أيضا حديث معاوية في البخاري مرفوعا : ( من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ) ، ففي هذا الحديث : أن الفقه في الدين ومن ذلك العلم بالفرائض علامة على إرادة الله الخير بالعبد ، والنصوص الواردة في هذا الباب كثيرة ، ولا سبيل لحصرها هنا . وقد ورد في فضل تعلم علم الفرائض على جهة الخصوص عدة أحاديث لكن كلها ضعيف لا تثبت عن النبي ، ومنها : - حديث ابن مسعود عند الترمذي والحاكم مرفوعا : (تعلموا الفرائض وعلموه الناس ، فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان من يقضي بها ) ، وهو ضعيف ، في إسناده : سليمان بن جابر الهجري مجهول ، قال الذهبي : لا يعرف . - حديث أبي هريرة عند ابن ماجة وغيره مرفوعا : ( تعلموا الفرائض وعلموها ، فإنه نصف العلم وهو ينسى ، وهو أول شيء ينزع من أمتي ) ، وهو ضعيف جدا ، في إسناده : حفص بن عمر بن أبي العطاف رماه يحيى النيسابوري بالكذب ، وقال البخاري : منكر الحديث . المبدأ العاشر : مسائله : المسائل في اللغة : جمع مسألة ، وهذه اللفظة من حيث الصناعة الصرفية اسم مكان السؤال ، والسؤال معلوم ، والمسألة في الاصطلاح : ما يبرهن له في مبحاث العلم . وقولنا : يبرهن له : أي ينصب عليه البرهان ، وهو الدليل . ومسائل علم الفرائض ما يذكر في كل باب من أبوابه . قاله / جلال بن علي حمدان السلمي . |
#2
|
|||
|
|||
بارك الله فيك .
|
الذين يستمعون إلى الحديث الآن : 1 ( الجلساء 0 والعابرون 1) | |
أدوات الحديث | |
طرائق الاستماع إلى الحديث | |
|
|
الأحاديث المشابهة | ||||
الحديث | مرسل الحديث | الملتقى | مشاركات | آخر مشاركة |
مسائل في صيام المحرم، دراسة حديثية أصولية لفضيلة الشيخ/ جلال بن علي السلمي | ابو حمزة المكي | حلقة العلوم الشرعية | 1 | 10-12-2010 12:07 AM |
وقفات مع الكلباني في رسالته في الغناء، للشيخ جلال بن علي بن حمدان السلمي | أبو المقداد | حلقة العلوم الشرعية | 0 | 27-06-2010 11:13 PM |
فتوى في رضاع الكبير، وبيان نوع الخلاف في المسألة، والموقف منه، للشيخ: جلال بن علي السلمي، حفظه الله | أبو المقداد | حلقة العلوم الشرعية | 4 | 26-06-2010 08:10 PM |
دراسة أصولية تطبيقية لقوله تعالى: [ويسألونك عن المحيض..] لفضيلة الشيخ: جلال بن علي السلمي، حفظه الله | أبو المقداد | حلقة العلوم الشرعية | 6 | 20-06-2010 04:34 PM |